والآن فهناك الكثير من الأمور ما زالت معلقة فيما يخص الاتزان في تلك الدولة التي تقع على بحر قزوين ويحكمها الرئيس الهام علييف نجل الرئيس حيدر علييف الذي دام في الحكم لوقت طويل.والآن فاذربيجان على مشارف تحول عن الماضي العصيب ,فالحريات السياسية الواسعة قطعا جزء من احتياجات الدولة بالإضافة إلى الشفافية والحاجة الماسة لدولة يسود فيها حكم القانون .فضبط النفس يجب أن يكون من الأولويات التي يتم النظر إليها حيث يجب على المعارضة ضبط النفس بعد الاحتجاج على نتائج التصويت ومن جانب الحكومة التي تتوعد بعدم السماح بتكرار نموذج أوكرانيا ( الثورة البرتقالية ) .ويجب أن يكون الأساس الجلي لمجريات الأمور هو حكم الدستور وحكم القانون .واذ تحرص كل من أوروبا والولايات المتحدة على هذه الجمهورية الغنية بالنفط وعلى تعميق العلاقات مع أذربيجان ,فان بامكانهم بل ويتحتم عليهم لعب دور مهم بكل حزم ونزاهة. فالإصلاحات تحتاج إلى الوقت وأي تقدم في هذا الشأن يتطلب قدرة دستورية وقدرة بشرية ومستوى من الاستقرار الاجتماعي .ويجب أن تلاحظ أوروبا وأميركا أوجه القصور في تلك العملية الانتخابية ونتائجها مع الاعتراف بالتقدم الحادث على ارض الواقع والضغط على الحكومة للمضي في إصلاحات أكثر وأسرع .ولكن الحكومة في أذربيجان لا يمكن ترك الحبل لها ولكن يجب أن لا تغفل تلك النزعة نحو الإصلاح .وعلى أوروبا وأميركا الإسراع والعمل سويا في هذا المسار فالمجتمع الدولي أخذ على غرة في أحداث جورجيا وأوكرانيا وقرغيزستان وضاع الكثير من الوقت الثمين .ومن المهم في أذربيجان التأكيد على كبح الجماح في تطورات ما بعد الانتخابات ذلك انها لا تتحمل الأن أي فترة جديدة من القلاقل وعدم الاستقرار الداخلي والذي يمكن أن يؤدي إلى تقليص فرص أي حوار استراتيجي بين باكوا والغرب ,وبغض النظر عن اهتمام الغرب بدعم الديموقراطية في منطقة البلقان فأذربيجان تحمل أهمية استراتيجية عالية بالنسبة للغرب ,فالنفط هو جزء رئيسي من القصة .فخط الأنابيب الذي انتهى العمل به مؤخرا والمار بين باكوا وتبليسي وجيهان يضخ اكثر من مليوني برميل يوميا للأسواق الغربية.وجدير بالذكر أن أذربيجان تملك احتياطيا كبيرا من النفط الذي لم يتم اكتشافه بعد إضافة إلى احتياطيات الغاز ,وعلى عكس دول الشرق الأوسط وروسيا فان أذربيجان ترحب باستثمارات الطاقة الأجنبية . وليس غريبا أن اكبر المسيطرين على مصادر الطاقة في العالم يتنافسون على الوصول الى اذربيجان.ولكن هناك ما هو أهم من النفط في أذربيجان حيث تعد دولة فقيرة من ناحية الموارد البشرية المؤهلة والبنية الأساسية بعد أن تعرض الكثير للدمار بسبب النزاع مع أرمينيا في أوائل التسعينيات على إقليم ناغورنو كاراباخ ,وبقي هذا النزاع دون حل ليلقي بظلاله على المنطقة بأكملها معوقا بذلك حركة التجارة بالمنطقة وواضعا العقبات أمام الاستثمار الخارجي المباشر ,وهناك مؤشرات على أن الرئيس علييف في طريقه إلى حل مشكلة الإقليم بحلول العام القادم ولكن قدرته على إنجاز تلك المهمة تعتمد بشكل كبير على شرعية سلطته, وعلييف يعرف هذا جيدا ولكن السؤال هل أعضاء الحرس القديم سيساعدونه على هذه المهمة أم لا .وهذا ما يفسر العمل الملقى على عاتق علييف في المحافظة على التوازن بين الضغط من اجل الإصلاح والعمل على كبح المفسدين .ومن أهم الأولويات الآن في أذربيجان الإصلاحات الاقتصادية والسياسية إذا ما أرادت أذربيجان زيادة دخلها الكبير من عائدات النفط والذي بدوره سوف يملأ الخزائن بحلول العام القادم .ولكن بدون الاستقرار السياسي يكون التخطيط الاقتصادي شبه مستحيل وتصبح التعديلات القطاعية صعبة الحدوث إلى جانب الشكوك حول الاندماج الأذربيجاني مع المجتمع اليورواطلسي. أما التحول الإيجابي هناك فسيدعم الى حد كبير التقدم الوليد في دول جنوب القوقاز مثل جورجيا وأرمينيا ,علاوة على ذلك فعلييف يرأس حكومة علمانية في دولة ذات أغلبية إسلامية .وسيرسل التحرك نحو التقدم والإصلاحات برسائل إيجابية إلى دول الشرق الأوسط ووسط أسيا حيث تسعى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية إلى تعزيز الديموقراطية في تلك الدول ,حيث سيخدم كنموذج للتغير في إيران وغيرها. فالنخبة الأذربيجانية ذات توجه غربي وعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو من الأهداف طويلة الأجل لديهم ,ولذا فان من مصلحة أوروبا وأميركا العمل مع أذربيجان خلال السنوات القادمة لتدعيم الديموقراطية وإصلاحات السوق في جنوب القوقاز ولكسب الدفعة للتغيير في دول وسط أسيا .فالأولوية الملحة حقا هي الانضباط السياسي ,وفي نفس الوقت ربما يكون هذا أخر إنذار لعلييف بأن الإصلاحات الواسعة أصبحت حتمية ومطلوبة . \r\n بوريوت جرجيك ودوف لينتش \r\n بوريوت جرجيك هو مدير معهد الدراسات الاستراتيجية \r\n دوف لينتش عضو أبحاث بارز بمعهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الامنية بباريس. \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون بنيويورك تايمز خاص ب ( الوطن )