ومتعصبين سيكونون أكثر خطورة في حال رأوا أنفسهم يحققون النصر في العراق. لكن الرئيس بوش يخطئ تماما عندما يقدم النصر على المتمردين كخيار وحيد أمام احتلال عسكري يعاني من خلل في التوازن, ذلك أن الأمر يتعلق, في هذه الحالة, بالنتيجة الأقل احتمالية من بين جميع النتائج المحتملة. \r\n \r\n وكسفير كفؤ للولايات المتحدة في العراق, لا يتوقف زلماي خليل زاده عن تذكيرن, في حينه, بأن حوالي 80% من العراقيين ليسوا من السنة أو من عملاء صدام, الذين يكرسون أنفسهم هناك لقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص غير السنة . \r\n \r\n تلك الأغلبية من إل 80% من كل سكان العراق مكونة بالدرجة الأساسية من عرب شيعة وأكراد من جميع الطوائف والمذاهب والذين يسيطرون بشكل مشترك على صفوف الجيش والقوات الأمنية العراقية, التي ما زالت غضة العود . \r\n \r\n وبما أن كلتا القوتين (الجيش والأمن) تفتقران للعنصر المعنوي والموارد والتثقيف, فان الاحتمال المرجح هو أن يمتلك الشيعة والأكراد على حد سواء ميليشياتهم الخاصة, المسلحة جيدا كما القوات الرسمية لكن المتماسكة أكثر . \r\n \r\n من هذه الفكرة الأخيرة, يستخلص أنه في حال سحبت الولاياتالمتحدة قواتها من العراق, فليس هذا هو الذي سيجعل المتمردين يبدون منتصرين ومظفرين على الأرض ,بل على العكس تماما . \r\n \r\n حيث سيتعين عليهم القتال ضد ميليشيات شيعية وكردية أكثر عددا وكذلك ضد غالبية القوات المسلحة والأمنية العراقية الجديدة, التي تفتقر للوحدات المجهزة جزئيا أو كليا بعناصر من السنة . \r\n \r\n المتمردون سيجدون أنفسهم في أقلية صريحة وستتراجع إمكانيات الهجوم لديهم, لأنهم كانوا قد أثاروا حفيظة وغضب أولئك الذين اضطهدوا في الماضي وكذلك في الآونة الأخيرة وارتكبوا بلا تمييز عدة اعتداءات ضد السكان من المدنيين . \r\n \r\n ومن السخرية بمكان أن الأميركيين, الموجودين في العراق لمحاربة المتمردين, يقومون عمليا بحماية المتمردين أنفسهم من أعدائهم الأكثر تعداداً... فالحقيقة هي أنه في كنف الفئة الشيعية لا يسود التناغم والوحدة . \r\n \r\n وأنه حتى ميليشيات المهدي التابعة للمشاغب مقتدى الصدر وميليشيات بدر, الذراع العسكرية للمجلس الأعلى للثورة الإيرانية, قد تبادلتا إطلاق النار وصحيح أيضا أن ميليشيات البشمرغة الكردية لا تتصرف تحت قيادة موحدة . \r\n \r\n وأن القوات الشيعية والكردية على اختلاف مشاربها ما زالت تشكو من أكبر نقص في التنسيق. وليس في ذلك ما يستدعي الاستغراب, فلقد قامت القوات الأميركية حتى الآن بالتوسط بينها وبين المتمردين, أما بالنسبة للباقين، فإن الدوافع والظروف لم تنضج بعد للقيام بعمل مشترك . \r\n \r\n ومع ذلك فان البانوراما ربما تتغير بسرعة اكبر بكثير إذا تجاهلت القوات الأميركية المسألة ولم تعبأ بها. ومثلما هو حال المتمردين أنفسهم، الذين اصطفوا في أحزاب وجماعات مختلفة . \r\n \r\n فإن القوات الأكثر عددا بكثير سواء الرسمية منها أو ميليشيات فئة الغالبية بالكاد تعمل في الواقع على تحقيق درجة من الوحدة الصحيحة ساعة قتال المتمردين, ما عدا ذلك المستوى الفعال التي تظهره حاليا القوات الأميركية طبعا . \r\n \r\n في غضون ذلك وبينما تواصل القوات الأميركية عملياتها العسكرية في العراق, يدعي المتمردون لأنفسهم وضعا شرعيا تحت شعار المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الأجنبي, مما يؤهلهم في الوقت ذاته للحصول على دعم ملحوظ من الداخل والخارج على السواء . \r\n \r\n والولاياتالمتحدة تدفع بالنتيجة ثمنا سياسيا باهظا بسبب عملياتها العسكرية فضلا عن التكلفة الباهظة في الحياة البشرية والنفقة الاقتصادية المرتفعة. ومع ذلك, فان أحدا لا يستطيع الإدعاء بأن التكلفة اليومية لمواقع السيطرة والدوريات والغارات الحربية لتدمير البؤر المعادية التي تشنها القوات الأميركية بدرجة عالية من الاحتراف تمس أو تنقص صفوف المتمردين الشرسين . \r\n \r\n أو أنها تقلص قدرتهم على القتل والتدمير. وفي اللحظة الراهنة لا بد من الاعتراف وقبول حقيقة أنه طالما يستطيع المتمردون دعم السكان الأصليين أو الحصول بالقوة عليه . \r\n \r\n كما هو حاصل في المناطق التي تعيش فيها أغلبية سنية في العراق فإنه من الصعوبة بمكان أن يكون هناك تكتيكات أو عمليات أو استراتيجيات قادرة على هزيمتهم وأقل منها المسلك الحالي الذي تعتمده القوات الأميركية في العودة إلى الإمساك بزمام الأمور في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون ... لتعود وتتركها أو تخسرها لاحقا . \r\n \r\n يمكن استنتاج أن هناك مجالاً لاختزال تدريجي لوتيرة العمليات العسكرية الأميركية في العراق من دون خسارة كبيرة, حيث يتعلق الأمر بشكل وحيد بواحدة من الإمكانيات بين المستويات الحالية المرتفعة للنشاط العسكري والطرف المعارض لانسحاب فوري . \r\n \r\n وفي هذا السياق, يخطئ الرئيس بوش كذلك, ذلك أنه من الضرورة بمكان أن يكون واعيا بأن هذه السياسة تفتح الباب أمام موجة من البدائل للسياسات التي تطبق في الوقت الحالي وان أي من تلك البدائل سيحقق انتصارا أمام المتمردين . \r\n \r\n أما الخيار الأكثر حصافة وحكمة فربما يكمن في انسحاب منظم وتدريجي للقوات الأميركية وذلك حسب الأصول وبتنسيق مسبق مع جميع قوى الغالبية سواء الرسمية أو غير الرسمية منها, بهدف إعطائها الوقت الكافي للقيام بما يترتب عليها من تحضيرات . \r\n \r\n وعلى سبيل الحيطة والحذر, يمكن إعادة نشر القوات الأميركية مجددا في قواعد بعيدة في الصحراء, بعيدا عن المناطق الآهلة بالسكان, قبل انسحابها الكامل من البلاد. بالإضافة إلى أن بعض القوات الأميركية تستطيع البقاء هناك بصورة غير محددة بهدف إرساء الاستقرار في البلاد . \r\n \r\n وردع أي نوع من العدوان أو التدخل الأجنبي طالما أن تلك هي رغبة الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية على حد سواء. آخرون يفضلون نوعا آخر من الانسحاب, لكن المكابرة والعناد والإصرار على عملية عسكرية ناقصة أو فاشلة يشكل المسلك والدرب الأقل فطنة وحكمة على المدى الطويل .\r\n \r\n