\r\n وعلى أية حال, فإن المهمة بعيدة عن الإنهاء. فبالرغم من التدخل الأميركي وسقوط طالبان وميلاد الحكومة الجديدة, إلا أن أفغانستان مازالت في حالة اضطراب.\r\n وهذا الوضع بالطبع لا يأتي كمفاجأة. ففي أفضل الظروف, تصنف أفغانستان بين أفقر الدول وأقلها تقدما. وبعد عقود من الصراع, الذي يتراوح من الاحتلال السوفيتي السابق إلى الحرب الأهلية, بقيت الدولة الأفغانية مخفقة وضعيفة. \r\n وكل ذاك كان معلوما عندما شرعت إدارة بوش في مشروعها لإعادة بناء الدولة في أفغانستان. كان يجب أن يكون واضحا أن الظروف كانت تسوغ التزاما قويا مثابرا طويل المدى من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها. وإلا لما كان الأفغان لديهم فرصة حقيقية لصياغة مصائرهم, ولكانت فلول طالبان وأنصارهم وأشياعهم في دوائر الإرهاب قد استطاعوا إعادة تأكيد وتثبيت أنفسهم من جديد. \r\n إن الرئيس الأفغاني حميد قرضاي لديه كل الأسباب لحث المجتمع الدولي على ألا يدير ظهره لأفغانستان في هذه المرحلة. على أن الصعوبة, لاسيما بالنسبة للولايات المتحدة, تنبع من تحديين كبيرين صرفا الأنظار وحولا الانتباه عن أفغانستان ألا وهما: الحرب على العراق والدمار الذي خلفه إعصار كاترينا (ناهيك عن إعصار ريتا وربما أعاصير أخرى هذا الموسم). وقبل إعصار كاترينا كان كثير من الأميركيين متشككين من تعامل الولاياتالمتحدة مع العراق وقلقين من الخسائر المتصاعدة. وبعد كاترينا, ومع وجود احتياجات ضاغطة كثيرة جدا في الداخل, ازدادت الكراهية والاستياء من التدخلات الأجنبية المكلفة على نحو مفهوم. \r\n ولسوء الطالع, فإن الولاياتالمتحدة لا يمكن ببساطة أن تنفض يدها عن أفغانستان والعراق. ففي كلتا الحالتين, أخذت واشنطن زمام المبادرة لإزالة نظام مهدد نزاع إلى القتال, مع قولها ضمنا إنها ستؤسس أنظمة بديلة سلمية ومستقرة. \r\n ولكن هذا لم يحدث.. \r\n ولذا فعندما تحدث وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد عن إمكانية نقل بعض الجنود الأميركيين من أفغانستان خلال الشهور العديدة المقبلة, أصاب القلق بعض المسئولين الأفغان وأظهر أعداء الحكومة الوليدة تلهفا ورضا. \r\n على أن رامسفيلد لديه فكرة جديرة في رغبته أن يفكر (الناتو) في دور مدعوم وقوي في افغانستان. فعلى العكس من الوضع في العراق, حيث كان التدخل الأوروبي محدودا, شهد المشهد الأفغاني تعاونا أميركيا أوروبيا وثيقا. فقوات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) منتشرة في مهمة حفظ السلام, بينما لدى القوات الأميركية مسئولية قمع المسلحين. \r\n وحتى إذا كان (الناتو) يسارع ويظهر امتعاضه وكراهيته للمشاركة في العمليات ضد المسلحين في أفغانستان, فإنه (أي الناتو) يجب أن يفكر في اقتراح آخر لرامسفيلد وهو تطوير قدرات وإمكانيات مكافحة الإرهاب عموما. إن الجدل والنقاش حول دور حلف (الناتو) في أفغانستان أو العراق, بالنسبة لذلك الموضوع, حيث أنه قاصر على التدريب هو حقيقة عن دور الحلف المستقبلي وصلته في القرن الحادي والعشرين. \r\n لقد دافعت طويلا عن الحاجة إلى وجود متزايد للقوات الأجنبية في العراق لمصلحة إرساء استقرار الوضع بشكل أسرع. وحلف (الناتو) يمكن أن يشغل بسهولة ذلك الدور. \r\n وبالمثل, يجب أن يضطلع الناتو في أفغانستان بمهمات جديدة في الوقت الذي تتطور فيه التحديات, وألا يترك العمل الأصعب للولايات المتحدة. إن المهمات والأعمال نصف المنجزة إنما تعني عالما نصف آمن.. عالما لا تستطيع الولاياتالمتحدة وحلفاؤها تحمله. \r\n جون بيرسيا \r\n حائز على جائزة (بوليتزر) الأميركية في الكتابة الصحفية عن كتاباته في صحيفة (أورلاندو سينتينل) الأميركية في عام 2000, وهو أيضا مساعد خاص للرئيس الأميركي لشئون وجهات النظر والرؤى الدولية وأستاذ بجامعة سنترال فلوريدا \r\n خدمة (كيه آر تي) خاص ب(الوطن)