غير ان الامور سرعان ما افسدت الى حد كبير. ففي الاسابيع الاخيرة تقاذفت نيودلهي واسلام أباد الاتهامات حول كل شيء, ابتداء من تسلل المقاتلين الى اقليم كشمير المتنازع عليه, وانتهاء بسلامة الترسانات النووية ومستقبل مباحثات السلام. \r\n \r\n ففي الباكستان, يتزايد نفاد الصبر حيال ما ينظر اليه عدم رغبة الهند في مجرد مناقشة موضوع كشمير, هذا ناهيك عن حلّه, وكذلك الامتعاض من موافقة واشنطن في الاسبوع الفائت, على مشاركة الهند في التكنولوجيا النووية. \r\n \r\n وعبر الحدود, يتساءل زعماء الهند بصوت عال حول فيما اذا كانت هجمات رجال العصابات المتواصلة والتي يزعمون انها مدعومة من الباكستان, ستحرف مفاوضات السلام عن مسارها. اما كشف النقاب عن احد المشتبه بهم في تفجيرات لندن, ربما امضى بعض الوقت في احد معسكرات التدريب في باكستان , فقد اثار حفيظة النقاد في الباكستان - ولا اقل منهم في الهند - لان يرفعوا صوتهم مجددا حول احتضان الباكستان للمقاتلين. \r\n \r\n لقد مرت العلاقات بين الهند والباكستان في حالة من الفوضى والاضطراب منذ انفصالهما في نهاية الحكم البريطاني عام ,1947 وتراوحت بين مشاعر الهوس المتطرف والعداء. اما اليوم, فالامور طبيعية بينهما اكثر من اي وقت مضى في العديد من الجوانب. فبدأت الشاحنات بنقل الدجاج والبندورة من نقطة عبور »واجه« هذا الاسبوع. وما تزال الهدنة المبرمة منذ 20 شهرا سارية المفعول على طول »خط المراقبة« الذي يقسم كشمير. كما تعهد المسؤولون من الجانبين امام الملأ بأن يواصلوا عقد مباحثات السلام وفق ما هو مخطط لها. ومع هذا ما يزال الدبلوماسيون الاجانب, والمحللون في جنوب اسيا, قلقين من التآكل البطيء الحاصل. \r\n \r\n ولعل احدى مناسبات تزايد حدة التوتر بين البلدين, مد خط انابيب الغاز الطبيعي المقترح, من ايران عبر الباكستان, الى الهند, وهو مشروع قد يربط الهند والباكستان مع بعضهما على نحو اقوى من اي وقت سابق. ففي الاسبوع الفائت, اوحى رئيس الوزراء الهندي ماغوهان سينغ, بان هذا المشروع ينطوي على »مخاطر عديدة«. اما المسؤولون الباكستانيون فأشاحوا عن هذا التصريح المقلق, وتعهدوا بمواصلة المباحثات حوله مع ايران على اية حال. واما المسؤولون الهنود والباكستانيون المضطلعون بهذه المباحثات, فبذلوا جهودا مضنية كي يصرحوا بمواصلتها كما هو مرسوم لها. \r\n \r\n على ان الرئيس الباكستاني, الجنرال برويز مشرف, يخضع حاليا لتدقيق جديد, منذ انفجارات السابع من تموز في لندن, ولتساؤلات النقاد المحليين والاجانب المتشككة في رغبته ومقدرته على لجم الراديكاليين. اضافة الى شجب المتشددين في اسلام أباد له, على ما يعتبرونه تقربا وممالأة للغرب. \r\n \r\n غير ان اكثر تبادل للاتهامات حدة قد طال سلامة الموجودات النووية. اذ شكك سينغ, خلال زيارته لواشنطن, في قدرة الباكستان على حماية وصيانة ترسانتها النووية مما يسميه العناصر الجهادية. فقال في مقابلة اجرتها معه محطة »سي.إن.إن« يوم 21 تموز المنصرم, »انني اعتقد ان سلامة الموجودات التي في حوزة الباكستان, وتحت سيطرتها, تثير القلق فينا فعلا«. \r\n \r\n وبعد يومين من تعليقات سينغ, ردّ مشرف بتصريح صارم قال فيه: »لا يحق لاي كان ان يتكهن في كفاءة وجدارة القيادة والبنى الهيكلية الاشرافية في الباكستان, وهي الاعرق تاريخيا من جيرانها فيها«. \r\n \r\n ومثل الباكستان, رفضت الهند توقيع الاتفاقيات الدولية حول خطر الانتشار النووي. ولهذا, فان الموافقة الامريكية على مساعدة الهند في توسيع برنامجها النووي, يشكل تخليا عن سياستها الثابتة - وهي اشارة لم يكن متوقعا ارسالها الى الباكستان. وهكذا, فان توسيع واشنطن لعلاقتها مع الهند, تنطوي على امكانية التظليل على تحالفها العميق مع الباكستان, الامر الذي يفاقم عدم الثقة بين الدولتين الجارتين. \r\n \r\n في هذا الصدد, كتب ستيفان كوين, العضو البارز في معهد بروكينغز في رسالة رد بالبريد الالكتروني »ان ما يثير القلق لدي هو احتمال ان يؤدي التدهور في العلاقات الهندية - الباكستانية »وان كان بطيئا, ولكنه مؤكد«, اضافة الى الموقف الضعيف جدا لمشرف في الباكستان الى ازمة, او ازمات جديدة. فقد تتوقع الهند دعم الولاياتالمتحدة لها, وقد نستفز نحن, ومن ثم نحاول ثانية لعب دور المصالح .. اي اننا نتوقع حدوث الكثير من الاشياء, لكن معظمها سيئ«. \r\n \r\n صحيح ان مباحثات سرية, تجري على نحو متواصل بين مسؤولين هنود وباكستانيين رفيعي المستوى, غير ان ما سيتمخض عنها يظل رهن المستقبل. فالجولة التالية من المباحثات ستجرى في شهر اب, وعلى اجندتها بند صيانة الترسانة النووية وحمايتها. \r\n \r\n وفي كشمير, حيث مصدر المتاعب الهندية - الباكستانية, تصاعدت اعمال العنف الهمجية المتواصلة في الاسابيع الاخيرة, مع وقوع اشتباكات شبه يومية بين القوات الهندية والمشتبه بهم كمجاهدين. فعلى سبيل المثال, قتلت عائلة من ستة افراد, يوم 19 تموز على ايدي متمردين كما قتل الجنود الهنود اربعة اشخاص وصفوهم بأنهم اعضاء في مجموعة مقاتلين تقيم في الباكستان. \r\n \r\n وفي اليوم التالي, انفجرت سيارة ملغومة امام قافلة للجيش الهندي في »سريناغار« عاصمة القسم الهندي من كشمير. وصباح يوم الاحد الماضي, اطلق الجنود الهنود النار على ثلاثة من الكشميريين, واردوهم قتلى, زعموا انهم اخطأوا فيهم كرجال عصابات, وقد اشعل هذا الحادث يومين من الاحتجاجات العامة. كما انه دفع برويز عمر فاروق, كبير رجال الدين السنة في كشمير, ورئيس ائتلاف من الجماعات الانفصالية التي تطالب بالاجتماع مع سينغ, لان يتساءل ان كانت المباحثات ستستمر بينما القوات الهندية ترتكب ما اسماه »ابادة مسلمي كشمير«. اما مشرف, فاتخذ ما يعتبره الكثيرون في الباكستان خطوة راديكالية, في فترة ما بعد 11 ايلول, تتمثل في التنصل من الجهاد في كشمير. \r\n