وتقوم الوكالات الفيدرالية الآن بإنشاء فئات جديدة من المعلومات \"شبه السرية\" تحمل تصنيفا غامضا مثل \"معلومات أمنية حساسة\". \r\n وهذه السرية الغامضة التي تسارعت بحدة بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 يُقدر لها أن تكلف دافعي الضرائب أكثر من ثمانية بلايين دولار سنويا، وتتعرض لاحتجاجات من منظومة متزايدة من السياسيين والنشطاء، ومن بينهم الأعضاء الجمهوريون في الكونجرس، ورؤساء اللجان المستقلة التي قامت بدراسة اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، وحتى من المسئول الفيدرالي الذي يقوم بالإشراف على مسألة السرية. \r\n وفي غضون هذا تزايدت المطالبات بهذه الوثائق أكثر من أي وقت مضى بموجب قانون حرية الإعلام، في حين أن الحكومة تأخذ وقتا أطول من ذي قبل لتجيب على هذا، أو تدعي الحصانة بحجة الأمن القومي وبهذا لا تجيب على الإطلاق. وكان قانون حرية الإعلام قد تم تشريعه في 1968 ليعطي فرصة أكبر للوصول إلى الوثائق الحكومية. \r\n لكن وحتى في هذه البيئة المبهمة لا زالت الحكومة الأمريكية أكثر شفافية من الأكثرية، ويرجع الكثير من الفضل في هذا إلى اثنتين من الوكالات الفيدرالية، وهما: مكتب المحاسبة الحكومية، وهيئة المفتشين العموم، والذين يعملان بالفعل في كل الوزارات الرئيسية في الحكومة. \r\n وبحسب ستيفن أفترجود، الذي يرأس مشروع السرية الحكومية لاتحاد العلماء الأمريكيين، فإن \"كلا المنظمتين غالبا ما يكون لهما تأثير مباشر على سياسات وبرامج معينة، كما أنهما تلعبان دورا حيويا في تغذية الوعي العام\". \r\n وأفترجود هو جزء من مجموعة صغيرة من الوكالات غير الحكومية التي تقوم بمراقبة منظمات المراقبة، وقد صرح ل آي بي إس قائلا: \"إن كلا المجموعتين من المنظمات تقوم بطريقة روتينية ب'صناعة الأخبار‘ والمساعدة في تقديم المعلومات النقاش العام\". \r\n وفي أول هذين المقالين تقوم آي بي إس بالبحث حول مكتب المحاسبة الحكومية: \r\n فقد قام الكونجرس بإنشاء مكتب المحاسبة الحكومية عام 1921 مستقلا عن القطاع التنفيذي للحكومة. وبحسب جيف روتش، والذي يرأس وكالة أخرى من وكالات مراقبة منظمات المراقبة، وهي مشروع المراقبة الحكومية، فإن \"مكتب المحاسبة الحكومية يقوم بمعدل شهري بكشف عدد من المشاكل داخل الوكالات التنفيذية أكثر مما يقوم به كل المفتشين العموم في خلال سنة\". \r\n وأضاف في حديثه ل آي بي إس: \"وفي حين أن مكتب المحاسبة الحكومية من إنشاء الكونجرس فإن هذه المراقبة تصل إلى ما يقوم بالبحث فيه وحجم ميزانيته، ونحن لم نسمع أبدا بمسودة تقرير لمكتب المحاسبة الحكومية قام الكونجرس بالتدخل لتخفيف تأثيرها أو حدتها\". \r\n ويضم مكتب المحاسبة الحكومية عددا من العاملين يبلغون 3200 فردا، وتبلغ ميزانيته السنوية 463.6 مليون دولار، ويرأسه المراقب العام للولايات المتحدة، وهو حاليا ديفيد م. ووكر، والذي وصل إلى هذا المنصب بخبرة واسعة في الحكومة والقطاع الخاص. \r\n وفي محاولة لإبعاد الصبغة السياسية عن عمليات مكتب المحاسبة الحكومية وضمان الاستمرارية، يتم تعيين المراقب العام لمدة عشر سنوات، وكان الرئيس بيل كلينتون (1992-2000) هو الذي قام بتعيين المراقب العام الحالي. \r\n ومهمة مكتب المحاسبة الحكومية هي المساعدة في تحسين أداء محاسبة الحكومة الفيدرالية وضمان هذه المحاسبة. وفي العام الماضي مَثَل موظفيون من بين هيئة مكتب المحاسبة الحكومية 217 مرة أمام الكونجرس للإدلاء بشهادات، وفي السنوات الأربع الماضية قام مكتب المحاسبة الحكومية بتقديم 2700 توصية من أجل تحسن عمليات الحكومة، وقد تم تنفيذ 83 بالمائة من هذه التوصيات. ويقول المكتب إن عمله في عام 2004 أدى إلى توفير 44 بليون دولار على دافعي الضرائب. \r\n وقد كانت وزارة الدفاع هدفا مألوفا لانتقاد مكتب المحاسبة الحكومية بسبب حجمها وميزانيتها الهائلة. وفي هذا العام اتهم مكتب المحاسبة الحكومية البنتاجون بإنفاق أكثر من 13 بليون دولار من أجل صيانة وشراء برامج وأنظمة كمبيوتر مقلدة غالبا. \r\n وفي تقرير آخر قال مكتب المحاسبة الحكومية إنه في خلال السنوات الثلاث الماضية تصرف البنتاجون في 33 بليون دولار في معدات زائدة عن الحاجة، بفارق سنتات لكل دولار. وقد نُقل أن حوالي 4 بليون دولار من هذه المعدات كانت في حالة جديدة أو غير مستعملة أو ممتازة. \r\n وفي تقرير آخر شن مكتب المحاسبة الحكومية هجوما على البنتاجون بسبب \"إدارته المالية الرديئة\"، قائلا إن وزارة الدفاع لم تكن قادرة على تقديم حساب كامل لمسئولي المراقبة الفيدراليين بخصوص مبلغ البليون دولار الذي يُصرف كل أسبوع على الحرب في العراق. \r\n وقد صرح ووكر رئيس مكتب المحاسبة الحكومية قائلا: \"إذا كانت وزارة الدفاع مشروعا تجاريا، فإنها ستتوقف؛ فلديهم بالتأكيد إدارة مالية رديئة\". \r\n وقد أصدر مكتب المحاسبة الحكومية أيضا تقريرا قال فيه إن وكالة الحماية البيئية تفشل في حماية الشعب من عشرات الآلاف من المركّبات السامة؛ لأنها لم تقم بجمع بيانات عن المخاطر الصحية لمعظم المواد الكيميائية الصناعية. \r\n وقام المكتب أيضا بانتقاد مكتب الإدارة والميزانية بسبب نقاط الضعف في تقارير توجيهه الأمني، كما أبلغ عن مواضع النقص في سياسات وممارسات الأمن المعلوماتي في 24 وكالة من أكبر الوكالات الفيدرالية، وهذا من خلال تعريض المعلومات الأمنية لخطر التدمير أو التعديل غير المسموح به، وكذلك بتعريض المعلومات الحساسة لخطر الإفشاء غير الملائم. \r\n كما وجد مكتب المحاسبة الحكومية أيضا أن التقارير غير الدقيقة التي تقدمها وزارة الطاقة كانت تغطي فشل الوكالة في ضمان أن 50 بالمائة من العقود الفرعية ذهبت إلى مشاريع صغيرة. \r\n وبالإضافة إلى ذلك قال المكتب إن عددا كبيرا من ال8.8 مليون جواز سفر التي أصدرتها وزارة الخارجية ذهبت إلى قاتلين ومرتكبي جرائم اغتصاب وتجار مخدرات وحتى إلى إرهابيين؛ وهذا بسبب أن مكتب التحقيقات الفيدرالية \"إف بي آي\" لم يقم بشكل روتيني بإعطاء وزارة الخارجية الفرصة في الاستفادة المشتركة من قائمته الخاصة بالهاربين المطلوبين من قِبل الدولة والوكالات الفيدرالية. \r\n ومن بين هؤلاء الذين سقطوا في شقوق المخابرات تسعة من المشتبه في ارتكابهم جرائم قتل، وستة من مرتكبي جرائم جنسية، وثلاثة من تجار المخابرات، وأحد المشتبه بهم في حادث تفجير. وقد نجح أحد الهاربين الموجودين على القائمة في الحصول على جواز سفر أمريكي بعد أقل من عام ونصف من وضعه على قائمة أكثر عشرة أشخاص مطلوبين ل إف بي آي. \r\n لكن مكتب المحاسبة الحكومية لا يقوم دائما بإخراج قصص ناجحة؛ ففي عام 2001 طالب المكتب برؤية مذكرات قوة مهام خاصة بالطاقة كان يرأسها نائب الرئيس ديك تشيني، في أعقاب ادعاءات بأن المجموعة تم حشدها بموظفي صناعة الطاقة. ولأول مرة منذ تأسيس إنشاء مكتب المحاسبة الحكومية قام المكتب برفع دعوى قضائية ضد تشيني من أجل تنفيذ حق الوصول إلى السجلات. وبعد عدة سنوات قضت المحكمة العليا أن المذكرات متاحة لاطلاع محدود. \r\n ويضيف أفترجود، رئيس اتحاد العلماء الأمريكيين، ملاحظة تحذيرية أخرى، إذ إنه يعترض على \"وضع المفتشين العموم أو مكتب المحاسبة الحكومية في وضع مثالي باعتبارهم 'لا يقولون إلا الحقيقة‘\". \r\n ويضيف أفترجود في حديثه ل آي بي إس: \"إن ما يمثلونه بدلا من ذلك هو تحقيقات وموازنات عتيقة، فهم عبارة عن منظمات حكومية ومسئولين لهم درجة من الاستقلالية ويتمتعون بحصانة التحقيق، وإذا كان هذا يبدو بطوليا فإن هذا يشي بشيء عن الزمن الذي نعيشه\".