\r\n ففي عام 2004 سجل حجم المعلومات السرية لدى الحكومة الأميركية رقما قياسيا بلغ 15.6 مليون وثيقة بزيادة 10% عن المعلومات السرية عام 2003 وما يناهز ضعف عام 2001 وفق ما ذكرته المعلومات الصادرة عن الأرشيف الوطني. \r\n فلتتخيل إذا ما كنت أحد المواطنين الناشطين في مجال ما ويهمك أي خطر يتهدد مجتمعك سواء وجود أو انتشار ملوثات سامة أو متفجرات قد تأتي من مصنع كيماوي قريب ثم تأتي الحكومة وتحول دون اطلاعك على المعلومات المتعلقة بهذا الخطر ومن ثم لا يمكنك الوقوف على طبيعته أو مدى خطورته كيف يتسنى لك حينئذ أن تضغط على المسؤولين المحليين للتصدي لتلك المشكلة حتى يصبح أولادك في مأمن منها سواء في المدرسة أو في المنزل؟ \r\n ولنفترض أنك عملت مترجما في مكتب التحقيقات الفيدرالي ( إف بي آي ) وفصلك المكتب عن العمل لأنك قمت بالإبلاغ عن نقاط ضعف وقصور رأيتها في الوكالة وأن هناك أدلة لو أحسن استخدامها لحالت دون وقوع هجمات 11 سبتمبر مع أن المفتش العام في وزارة العدل قد ساند قضيتك فكيف يمكنك الحصول على الوثائق اللازمة لاستعادة وظيفتك عندما تكون قضيتك برمتها قد ضرب عليها طوق من السرية؟ \r\n \r\n \r\n وهناك آلاف القضايا المماثلة تقع كل عام ومن دواعي السخرية أنه في الوقت الذي بلغ حجم المعلومات السرية لدى الحكومة الأميركية رقما قياسيا نجد أن الرأي العام قد ضرب رقما قياسيا بدوره ، وهذ الرقم سجل تحت القانون الخاص بحرية المعلومات الذي لجأ إليه مواطنون هذا العام أكثر من أي عام آخر في السابق ففي العام الماضي تقدم أميركيون ب 3 ملايين طلب في هذا الصدد وهو رقم قياسي ونخلص من ذلك إلى وجود رابط مؤكد وعلاقة وثيقة ، فكلما زاد حجم المعلومات المحظورة وجد المواطنون أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إلى استخدام ذلك القانون المرهق للحصول على المعلومات الخاضعة للسرية. \r\n بالطبع من المتوقع في وقت الحرب أن يكون هناك عدد أكبر من الأسرار إلا أن المسؤولين والمؤسسات تسارع في فرض السرية على المعلومات دون النظر بعين الاعتبار إلى مدى حاجة المواطنين إلى الاطلاع على تلك المعلومات . وغالبا ما تفرض السرية في محاولة لمنع الحرج أو إخفاء أخطاء كما حدث في فضيحة الانتهاكات التي وقعت في سجن أبوغريب . \r\n والمعلومات الأخيرة تظهر أن الحكومة الأميركية قد شرعت في تسريب معلومات قديمة عن عمد ، فقد كشفت عن 70 % من 100 مليون صفحة من المعلومات عام 2000 أما عام 2004 فلم تمط اللثام سوى عن 24 مليون صفحة فقط وهي أدنى نسبة على امتداد عقد من الزمان. \r\n والحقيقة أن فرض السرية عملية مكلفة يتحملها دافعو الضرائب ففي عام 2003 كانت نسبة ما أنفقه الفرع التنفيذي لحفظ الوثائق السرية 120 دولارا مقابل دولار واحد حال ما لم تفرض السرية على تلك المعلومات وسوف تعاني الميزانية الفدرالية المجملة أشد المعاناة إذا لم تحكم قبضتها وتبحث في الوقت نفسه عن مصادر للتمويل . \r\n وأهم النقاط التي تبرز أمامنا في هذا الصدد أن البيروقراطيين الفدراليين قد اتبعوا منذ سنوات عديدة نهجا معينا وهو فرض السرية على معلومات لمجرد أنهم يعتبرونها ( ذات حساسية خاصة ) وعلى أية حال إذا ما كان إطلاع الرأي العام على تلك المعلومات من شأنه أن يضر بالأمن القومي يجب أن تفرض عليها السرية أما إذا لم تكن كذلك فيجب ألا تكون محظورة . \r\n وأعتقد أنه يجب على الكونغرس والهيئات التنفيذية أن تعيد فحص الطريقة التي تقيم بها الحكومة سرية المعلومات ، فأمن وأمان الديموقراطية الأميركية من التهديدات الموجهة للأمن القومي والصحة العامة يرتبط ارتباطا وثيقا بأن تقوم الحكومة بحظر ما يستحق السرية بالفعل والتأكد في الوقت نفسه أن المواطن الأميركي يمكنه الاطلاع على ما سوى ذلك وقد تأخر الكونغرس والهيئات التنفيذية كثيرا في إجراء مثل هذه الفحوصات وموازنة كل ما يتعلق بالحظر المفروض على المعلومات. \r\n \r\n ريك بلوم \r\n مدير إحدى منظمات مراقبة الحكومة الأميركية