\r\n مفهوم الانتخابات النزيهة!\r\n ان الإدارة الأميركية على بينة من ان انتخابات نزيهة في أي بلد عربي او اسلامي ستنقل الى السلطة فيه قوى معادية للسياسة الأميركية‚ لذلك هي مسبقا تعد «الانتخابات النزيهة» هي تلك التي تنقل دفة الحكم الى قوى مؤهلة لتنفيذ السياسة الأميركية في المنطقة ولذا كانت ضد نتائج الانتخابات التي كرست الرئيس الراحل ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية‚ ورفضت التعامل مع نتائج هذه الانتخابات بل تآمرت عليها بتسميم «أبو عمار» من أجل الإتيان بمرشح تعتقد انه يستيجب لإملاءاتها‚ \r\n وعندما يعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون انه لن يقبل بنتائج انتخابات تشريعية فلسطينية تنقل حركة «حماس» الى السلطة او المشاركة فيها فانه يرتكز على دراية عميقة بطبيعة وحقيقة ومرامي الديمقراطية الغربية التي يتم تصديرها الينا بكثير من الترهيب وبقليل من الترغيب‚ \r\n وأيا كانت الذرائع فإن تأجيل الانتخابات الفلسطينية محاولة لكسب الوقت من أجل «ترتيب انتخابات نزيهة» اي تضمن الاتيان بأغلبية برلمانية تتفاعل ايجابيا مع السياسة الأميركية ورؤيتها الاسرائيلية بخصوص حل المسألة الفلسطينية من خلال تفكيكها وتصفيتها بدلا من تمكين الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة في العودة وتقرير المصير واقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشريف إثر انسحاب اسرائيلي تطالب به قرارات الشرعية الدولية منذ عقود الى حدود 4 يونيو 1967‚ \r\n استقرار اسرائيل بزعزعة أمن جيرانها! \r\n ولتحقيق الرؤية الاسرائيلية لحل الصراع العربي «ومن ضمنه الفلسطيني الاسرائيلي» والقائمة اساسا على احتفاظ اسرائيل بما تعتقد ان أمنها الشامل «بما فيه العسكري والمائي» يحتاجه من أراض عربية والانسحاب من الجزء الذي يكلفها البقاء فيه المزيد من الخسائر‚ لا بد من تحقيق مناخ عربي اسلامي يضغط لصالح الرؤية الاسرائيلية‚ وهذا يكون بتغيير الانظمة السياسية القائمة عبر «اصلاحات ديمقراطية» مزعومة هي ليست حقا اريد به باطل بقدر ما هي عمليا كلمة السر لوضع نظام سياسي ما تحت المجهر الأميركي بغية اطاحته والاتيان ببديل عنه أكثر استعدادا للمساهمة في تنفيذ المشروع الصهيو أميركي لإعادة صياغة وهيكلة الشرق الأوسط واطاحة النظام العربي الرسمي غير المرغوب به صهيو أميركيا‚ يكون اما بالحرب العدوانية ولو خارج الشرعية والقانون الدوليين كما حصل للعراق من أجل اطاحة نظامه الوطني والاتيان ببديل يرضي السياسة الصهيو أميركية التوسعية على حساب مصالح شعوب البلدان المستهدفة‚ أو بمحاولة دفع العلاقات بين القوى السياسية الى التأزم والتوتر ومن ثم ادارتها من وراء ستار الى ان ينضج الوضع ويسقط النظام ثمرة ناضجة في السلة الصهيو أميركية كما هو الوضع في لبنان او بتجميع أوراق الضغط الخارجية والداخلية لاحاطة النظام بمشاكل اقليمية ودولية بحثا عن مقاتل في الوضع الداخلي كما هو حال السياسة الأميركية إزاء سوريا‚ \r\n وفي كل حالات وأشكال الضغط يتم استهداف استقرار الدول العربية والاسلامية والعبث بأمنها بغية حرمانها من تقرير مصيرها لحساب تأمين استقرار وأمن اسرائيل ليس لأن هذه الدول تهدد أمن اسرائيل‚ بل لانها تربط هذا الأمن بايجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وللنزاع العربي الاسرائيلي بأسره بينما تريد تل أبيب ان تنشغل هذه الدول بأمورها الداخلية وتتحسس أعناقها التي تدفعها الارادة الصهيو أميركية الى المقصلة كلما رشقت العنق الفلسطيني الذي يُذبح منذ قرابة السبعة عقود بنظرة عطف‚ كما هو حال العراق الذي يدفع ثمن وقفته المتميزة الصلبة الى جانب الحق الفلسطيني‚ فبعد اطاحة نظام الرئيس صدام حسين وما كان يمثله من قوة عسكرية راديكالية تحقق نوعا من التوازن الاقليمي مع القوة الاسرائيلية ازدادت سياسة الاحتلال الصهيوني في قمع الفلسطينيين شراسة ودموية في الضفة الغربية وقطاع غزة‚ وفي الوقت نفسه تقلصت بشدة فرص تحقيق السلام العادل والشامل‚ \r\n بعد الاختراق الأفقي \r\n ان اسرائيل مدعومة بالادارة الأميركية لا سلام على أجندتهما المشتركة‚ بل تجريد دولنا وشعوبنا من كل عناصر وامكانات المقاومة‚ وإلا فإن السلام الشامل والعادل في المتناول وعلى أساس متين هو الأرض مقابل السلام‚ وقد فصلته مبادرة السلام العربية التي اقرتها قمة بيروت وأكدتها قمة الجزائر‚ لكن الالتفاف دائما على أي مبادرة سلام هو ديدن السياسات الاسرائيلية المدعومة دائما من الادارات الأميركية فالديمقراطية التي يحاول الرئيس جورج دبليو بوش تصديرها الى المنطقة تهدف الى تحقيق الأمن الاستراتيجي لدولة اسرائيل وفق منظور واشنطن وتل أبيب من خلال تجريد العرب والمسلمين من اي قوة عسكرية رادعة كالجيش العراقي الذي تم حله والجيش السوري الذي أخرج من لبنان والمؤامرة مستمرة لإلحاقه مصيريا بالجيش العراقي ولن يكون الجيش المصري لاحقا في مأمن‚ وفي الوقت نفسه تجريد ايران «المسلمة الشيعية» وباكستان «المسلمة السنية» من ترسانتيهما النوويتين لأن اسرائيل تجد فيهما ايضا خطرا استراتيجيا على أمنها! \r\n وهذه «الديمقراطية» الأميركية اخترقت العرب والمسلمين أفقيا فانشغلوا عن وجود الاحتلال الأجنبي في فلسطين والعراق والجولان ومزارع شبعا بآلهية الاصلاحات الديمقراطية لدرجة ان منظمة المؤتمر الاسلامي مثلا والتي أسست إثر حريق المسجد الأقصى سنة 1969 باتت منشغلة بان تتكيف مع الدعوة الأميركية الى الاصلاح وحين سئل أمينها العام الجديد عن وضع العراق تجاهل تماما ان هذا البلد الاسلامي تحت الاحتلال بل كل أزمته حسب «أكمل الدين أو غلو» انه لم يكمل العملية الديمقراطية التي بدأها بالانتخابات الأخيرة! \r\n نحو الاختراق العمودي! \r\n بعد النجاح النسبي في تشويش الخطاب الرسمي العربي الاسلامي الذي صار يخلط بين الارهاب ومقاومة الاحتلال الأجنبي لدرجة ان شجرة الزرقاوي في العراق صارت تحجب غابة المقاومة العراقية عن هذا الخطاب وملحقاته الإعلامية والدبلوماسية‚ وبعد ان تمكن الخطاب الليبرالي الموجه اميركيا القائم على الثنائيات «الاستبداد مقابل الاستعمار‚ والتغيير من الداخل مقابل التغيير من الخارج» لضرب الثوابت الوطنية والقومية في الوجدان والعقل الجمعيين يتوجه المشروع الصهيو أميركي الآن الى محاولة اختراق مقاومة هذا المشروع عموديا‚ مستخدما ما يسمى الاسلام المعتدل في مواجهة الاسلام المقاتل الذي نأى بنفسه عن المحاولات الصهيو أميركية لربطه بالارهاب الذي يمثله تنظيم «القاعدة» مثلا ونعني خصوصا الفصائل الاسلامية الشيعية «في لبنان» والسنية في فلسطين والعراق والتي تقاوم الاحتلال الأجنبي بقوة السلاح‚ وهي مقاومة مشروعة استنادا الى القانون والشرعية الدوليين والشرائع السماوية والوضعية كافة‚ إلا ان الإدارة الأميركية التي أصرت في السنوات الماضية على عد «حماس» و«الجهاد» و«حزب الله» والمقاومة العراقية منظمات ارهابية استهدفتها في حربها العالمية التي قادتها ولا تزال على الارهاب تحاول مؤخرا تخفيف حدة لهجتها إزاء هذه الفصائل بل اختارت طريق الحوار معها بدلا من الصدام‚ لكنه حوار مشروط بان تنزع هذه الفصائل أسلحتها وتنخرط في «العملية الديمقراطية» السلمية التي تحاول الإدارة الأميركية‚ انها نجحت في ارساء نماذج لها في العراق ولبنان بدون ملاحظة‚ \r\n المفارقة المؤلمة هنا‚ وهي ان ضحايا الديمقراطية الأميركية في العراق ولبنان «ناهيك عن ضحايا الديمقراطية الاسرائيلية في فلسطين وضحايا الديمقراطية الأميركية في العالم» فاقوا بما لا يقاس بعددهم وبشاعة استهدافهم ضحايا ما يسمى انظمة «الاستبداد الوطني» ناهيك عن انسداد آفاق «الاصلاح» في هذه الدول التي تصدر اليها الديمقراطية الغربية التي تعيد مجتمعاتنا العربية والاسلامية بعد تفكيكها الى عناصرها البدائية الدينية والاثنية والمذهبية والعشائرية‚ وبالتالي يعاد انتاج العنف الذي كان موجها الى الاحتلال الأجنبي لصالح عنف توجهه اطراف المجتمع المفكك «ديمقراطيا» بعضه الى البعض الآخر‚ وهذا بالضبط ما تريد اسرائيل رؤيته في فلسطين ولبنان وسوريا خاصة‚ \r\n استسلام ديمقراطي \r\n لقد «نجحت» الإدارة الأميركية الى الآن بجعل العراق الذي مثل ويمثل به امثولة تطالب الأنظمة والشعوب التي تتمرد على سياساتها ان تعتبر بها‚ ولكن بلا ريب نجحت المقاومة الوطنية العراقية الى الآن بتقديم الأمثولة المضادة‚ وكما نلاحظ جميعا فإن أنظمة عربية واسلامية كثيرة تفكر وتعمل جديا لتفادي الاصطدام بالوحش الأميركي الجريح في العراق‚ بل ان بعضها ذهب بعيدا في مسايرة هذا الوحش من خلال مساعدته على ترويض فريسته ليكون افتراسها أسهل! بدون ان يستحضر القول المأثور: أُكلت يوم أُكل الثور الأسود! \r\n وإذا كان ما يقدم للانظمة العربية مقابل حجز مقاعدها في القطار الصهيو أميركي الشرق أوسطي هو ابقاؤها في الخدمة وتجميد العقوبات المسلطة عليها «السري منها والمعلن» فإن ما يقدم لفصائل المقاومة المسلحة لا يعدو تجريدها من سلاحها الذي يحول الى الآن دون ذبحها‚ ودون مواراة الحقوق الفلسطينية والعربية والاسلامية الثرى‚ ومقابل ذلك لن تحصد السلطة الفلسطينية والنظام العربي الرسمي غير الرماد‚ فما لا شك فيه انه إذا جرد حزب الله من سلاحه ستعود اسرائيل لتسيطر على موارد لبنان المائية سيطرة مطلقة‚ ولن يصل الفلسطينيون ابدا الى مفاوضات الحل النهائي مع الاسرائيليين في حال تجريد «حماس» و«الجهاد»وغيرهما من السلاح‚ \r\n ان رفع شعارات الديمقراطية و«الاصلاحات» في ظل الاحتلال‚ والقاء السلاح قبل الوصول الى الحقوق هي مصيدة سافرة وفخ لا يقع فيه إلا الساذج او المتخاذل الذي يبحث عن مبرر للاستسلام‚ \r\n وإذا كنا فعلا بحاجة الى إسلام معتدل‚ فإن الاعتدال المطلوب هو في النظرة الاسلامية الى الداخل الوطني وليس الى الخارج المعتدي والغازي والمحتل‚ \r\n وكما كانت اسرائيل ولا تزال ترى ان العربي الجيد أو الصالح هو العربي الميت‚ فإن الإدارة الأميركية ترى ان المسلم المعتدل هو المسلم الذي يدير ظهره للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة والنجف الأشرف ويوجه وجهه ويقوم الليل وأطراف النهار في خدمة المصالح الأميركية‚ ألم يكن هذا هو حال تنظيم القاعدة وزعيمه أسامه بن لادن عندما كانوا «مقاتلين من أجل الحرية» ولا تعرف وصمة الارهاب اليهم سبيلا‚ أعني عندما كانت القدس والنجف ومكة خلف ظهورهم و«كابول» قبلتهم؟! \r\n