وكان جمع كبير من المراقبين السياسيين قد أكدوا في عام 1980 على رفضهم لتولى ريغان منصب الرئاسة الأميركية معللين رفضهم بأنه مسن ومحافظ وأخرق جداً.وقد استمر بعض المراقبين في تشككهم حيال السياسات التى انتهجها ريغان. يقول (أنتونى كامبانيا) أستاذ الاقتصاد بجامعة فيرمونت : لقد فشلت السياسات الريغانية تماما، وتركت عددا كبيرا من المشاكل الخطيرة دون حل بصورة توحي أن البرنامج الذى كان يتبناه فشل تماماً في التعامل مع المشاكل الاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية.ويصف (كورال بيل) الاستاذ بالجامعة الاسترالية الوطنية السياسة الخارجية للرئيس ريغان بأنها كانت مفرطة في البساطة والسذاجة.وفي الذكرى الأولى لرحيل ريغان ،ألمح (بيتر جينينجز) في البرنامج الذى يقدمه على شبكة ABC الاخبارية الأميركية إلى أن عددا كبيرا من الناس يعتقدون بأن ريغان جعل الغنى يزداد غناً ولم يحقق أى تحسينات على مستوى معيشة الطبقة المتوسطة. وقال (مورلى سافير) في أحد البرامج التى عرضت على شبكة CBS الأميركية :لا اعتقد أن ثمة أى سبب يجعل التاريخ يتسامح مع ريغان. وإنى لأشعر برغبة ملحة في طرح السؤال التالى: على أى كوكب كان يعيش هؤلاء المحللون خلال عقد الثمانينيات؟ولكن دعونا نحلل سجل الرئيس ريغان من واقع 3 نقاط. الأولى إشرافه على عملية التحول الاقتصادى للولايات المتحدة خلال عقد الثمانينيات.الثانية قيادته الفاعلة لقواتنا المسلحة ، والثالثة قيادته الحكيمة للولايات المتحدة. ولكن الى أى مدى نجح ريغان في لعب هذه الأدوار الهامة؟ فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية ، كانت السياسة الريغانية تقوم على فرض ضرائب مخفضة حتى يتمكن الأفراد من انفاق أو إدخار قدر كبير من مرتباتهم. و كانت ادارة الرئيس ريغان قد سنت في عام 1981 قانوناً يقضى بتخفيض الضرائب المحصلة على الدخل بنسبة 25% إضافة الى فهرسة معدلات الضرائب في خطوة كانت تهدف الى تحاشى حدوث أى تضخم في الاقتصاد الأميركى. وكان النمو الاقتصادى الذى تحقق خلال فترة حكم ريغان هو أكبر توسع اقتصادي مستمر في القرن العشرين. وبنهاية عام 1987 ، كانت الولاياتالمتحدة تنتج حوالى سبعة أضعاف ونصف ما كانت تنتجه خلال السنة الأخيرة من فترة حكم الرئيس الأميركى الأسبق جون كينيدى. وساهم ريغان في توفير حوالى 17 مليون فرصة عمل جديدة للأميركيين في الفترة ما بين عامى 1981 : 1989 الى جانب إسهامه في تحقيق طفرة كبيرة بالبورصات الأميركية. أما فيما يتعلق بمنصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة : قرر الرئيس ريغان أن الوقت قد حان للتغلب على الشيوعية وليس احتواءها فقط. وبناء على ذلك، ضاعف ريغان الميزانية المخصصة للقوات المسلحة خلال فترة حكمه التى استمرت لثماني سنوات. ودشن أيضا المبدأ الريغانى الذى يقوم على مساعدة الولاياتالمتحدة للدول التى تتوق للحرية ، فساعد الأفغان في حربهم ضد الاتحاد السوفيتى وساعد حركات المعارضة في دول مثل نيكاراغوا و أنغولا وكامبوديا. وقد نتجت عن هذه الخطوات انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، وانتخاب حكومة ديمقراطية في نيكاراغوا، وخروج 40 ألف جندى كوبى من أنغولا. وفي نفس الوقت، تبنى ريغان سياسة خارجية ذكية ذات أوجه متعددة. وعمد الرئيس الراحل وقتها الى تقديم الدعم لمشاريع التبادل التجاري مع بولندا في خطوة نفسية كانت ترمى الى بث مشاعر القلق في نفوس القادة السوفيت إضافة الى تبنيه لبرنامج دبلوماسي موسع ، وقيادته لحملة عالمية هدفت في الأساس الى الحد من اطلاع القادة السوفيت على التقنيات الغربية المتطورة. وسعى ريغان الى اضعاف الاقتصاد السوفيتي من خلال خفضه لأسعار النفط وتقليله لحجم الصادرات السوفيتية من الغاز الطبيعي الى الغرب. وبعد ذلك كان هناك برنامج الدفاع الصاروخي الذى عرف أيضا باسم مبادرة الدفاع الاستراتيجية. وقد أقنع التزام ريغان الكامل بهذا البرنامج أعضاء البرلمان السوفيتي بأنهم لا يستطيعون الصمود أمام الولاياتالمتحدة في سباق التسلح، وهو ما دعا الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف الى الموافقة على انهاء الحرب الباردة بطريقة سلمية.وفيما يتعلق بقيادته الوطنية للولايات المتحدة ، نجح ريغان في التغلب على الأزمة النفسية التى ألمت بالشعب الأميركى في أعقاب اغتيال الرئيس الأميركى الراحل جون كينيدى والزعيم الروحى مارتين لوثر كينغ وذلك بعد سلسلة من الاخفاقات المتوالية التى تمثلت في خسارة الولاياتالمتحدة لحرب فيتنام والكشف عن فضيحة ووترجيت. ونجح ريغان في إقناع الشعب الأميركى بالايمان والثقة في أنفسهم ومستقبلهم من جديد. وقد وقع ريغان في بعض الأخطاء مثل تسببه في حدوث عجز ضخم بالموازنة الفيدرالية، ولكنه أكد في خطابه الوداعي للشعب الأميركى أن رجال ونساء الثورة الريغانية حققوا انجازات كبيرة وساهموا في أن تصبح اميركا أكثر قوة وحرية من ذى قبل وأكد على أنه سوف يترك الولاياتالمتحدة في أيد أمينة. وإحقاقا للحق ، يمكننا القول بأن الرئيس ريغان حقق ما لم يحققه كثير من الرؤساء في تاريخ الولاياتالمتحدة وترك سجلا ناصعاً ومستمراً على معظم المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. \r\n لى إدواردز \r\n زميل بارز بمؤسسة (هيريتدغ) الأميركية للدراسات والأبحاث.