ان وصف الوثيقة المهزومة بالدستور هو مجرد رمز.فهي تقدم اقل بكثير من الاتفاقيات السابقة التي افرزت الاتحاد الاوروبي الموجود اليوم .في الحقيقة ان الدستور فشل في جزء منه بسبب عدم اهميته .فالمصوتون الفرنسيون والهولنديون يمكن ان يكونوا قد اربكوا حكوماتهم دون ان يخسروا شيئا. \r\n ان الاتحاد الاوروبي هو اتحاد للعادات مع اشياء اضافية .انه بعيد جدا عن الوحدة الدستورية للولايات المتحدة وان كان اكثر اندماجا وديمومة من اتفاقية التجارة الحرة بين الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا. \r\n ان السلع والعمال يتحركان بشكل حر في الاتحاد الاوروبي واليورو العملة الاوروبية الموحدة يحكمها المجلس الاوروبي ووراءه رقابة وطنية مباشرة .واحيانا تدخل المحكمة الاوروبية العليا في معارك مع المحاكم الوطنية. \r\n ولايزال هناك بعض العقبات امام التجارة داخل الاتحاد الاوروبي المتحد ظاهريا .فبعدما وصل فتح الحدود اوجه في التسعينيات فان توسيع الاتحاد الاوروبي في عام 2004 الى شرق اوروبا ادى الى احياء الحواجز القديمة مثل منع الاعضاء الاوروبيين الغربيين الهجرة القادمة من الاعضاء الاوروبيين الشرقيين الافقر. \r\n ان دستور 2004 بدأ بطموحات واسعة .فقد وصف مناصروه الاوائل محادثاتهم بانها معاهدة دستورية وليس مفاوضات على اتفاقية اشارة الى التحول الكبير في القوى الوطنية للاتحاد الاوروبي .وسرعان مااصلح الاعضاء ال25 سلطاتهم واعلنوا ان الدستور تقريبا على وشك الاقرار به .ولم يتوقف احد عن وصف ذلك \r\n بالدستور.واقنعت النخب السياسية الاوروبية نفسها بان اتفاقيتهم اكثر اهمية من حجمها او وضعها الحقيقي .بينما رأت الجماهير الامر بشكل اخر. \r\n ان الاتحاد الاوروبي يتمتع بالفعل بنظام دستوري مترسخ في اربع معاهدات رئيسية في نصف القرن الماضي اذا اخذ المرء في اعتباره المعاهدات التي وسعت عضوية الاتحاد من الاعضاء الستة الرئيسيين الى 25 عضوا.فهذه المعاهدات نظمت بشكل جماعي او طوعت جزءا من السيادة الوطنية سيما في الشئون الاقتصادية والمالية .واي واحدة من هذه المعاهدات تستحق ان تنعت بالدستور قبل ان يتم سحب هذا الوصف على اتفاقية روما 2004. \r\n بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة رسخت فرنساوالمانيا صلحا مذهلا في اتحاد الفحم والصلب الاوروبي .فمع تأسيسه مع اربعة بلدان اخرى في سنة 1951 اقام الاتحاد ادارة مشتركة وبرلمان ومحكمة عليا ومؤسسات تحكم الاتحاد الاوروبي حتى يومنا هذا .والسنوات القليلة التالية جعلت اوروبا اقرب كثيرا من التوحد السياسي . \r\n ودفعت تهديدات الاتحاد السوفيتي في عهد جوزيف ستالين بستة بلدان الى التوقيع على جيش موحد في اتحاد الدفاع الاوروبي عام 1952.وصدقت اربعة منها عليه .وفي النهاية رفضه البرلمان الفرنسي في عام 1954 حيث لم يكن يرغب في حل الجيش الفرنسي في الوقت الذي قد يتم فيه اعادة تسليح المانيا .وانهار المشروع ومعه المفاوضات بين الولاياتالمتحدة واوروبا. \r\n وسرعان ما اعادت هذه البلدان تجميع نفسها في كتلة اقتصادية وهي الاتحاد الاقتصادي الاوروبي او السوق المشتركة الذي تشكل اتفاقية روما له في عام 1957 المحور للاتحاد الاوروبي الحالي .وبعد عقود من الصعود والهبوط حظيت السوق المشتركة بدفعة قوية من القانون الاوروبي الموحد عام 1986 الذي سهل حركة السلع والأيدي العاملة.وجاءت الابتكارات الاحدث في اتفاقية ماستريخت عام 1992 التي ابتكرت عملة موحدة واقامت الاتحاد الاوروبي لتنسيق السياسة الخارجية والهجرة اضافة الى الاقتصاد. \r\n وبالمقارنة فان الاتحاد الاوروبي في العقد الماضي انتج قليلا من الابتكار وتوقعات مبالغ فيها.فالسنوات منذ 1996 كانت اشبه بمعاهدات دستورية مستمرة حيث اسفر ذلك عن ثلاث معاهدات كليلة في بحر 7 سنوات.وهي معاهدات امستردام 1997 ونيس 2001 وروما 2004 وهذا يعد تطورا ضعيفا مقارنة بالانجازات العظيمة في العهود السابقة . \r\n يعالج دستور 2004 امورا هي في اغلبها ذات اهمية ثانوية .فهو يتجاهل المشاكل الاكثر اهمية لاسيما المعونات المالية الزراعية الضخمة والعجز المؤسسي والمحسوبية. \r\n وعلى الرغم من ان التعديلات المتواضعة في المعاهدة كانت محل امل فانها لم تكن تتوازى مع الحملات الدعائية المتخمة التي كانت تواكبها وفي كل بضع سنوات يستشهد الساسة بمعاهدة جديدة لتحقيق ادعاءات زائفة بتحقيق اختراقات في مسيرة الاندماج الاوروبي .ان الاحساس بالازمة فيما بعد الاستفتاء هو احساس فارغ تماما مثل الانتصارات المدعاة منذ اتفاقية امستردام. \r\n وباختصار كان هناك قليل جدا مما كان يمكن الرهان عليه في الاستفتاء الفرنسي والهولندي اللذين تما مؤخرا.ان الاتحاد الاوروبي لديه منذ زمن قاعدة دستورية .ويرجع النجاح الرئيسي للاتحاد الاوروبي في توحيد الاقتصاديات الاوروبية الى الستينيات من القرن الماضي وهي امنة .ان مشاكله الخطيرة يتم تجاهلها بشكل كبير في الوقت الذي يقلص فيه الساسة الاوروبيون مصداقيتهم في الادعاء بأهمية معاهدة بعد معاهدة دستورية .وقد كشف المصوتون الفرنسيون والهولنديون خداعهم هذا. \r\n جيفري فانك \r\n استاذ تاريخ مساعد في جامعة كابلان وكاتب في هيستوري نيوز سيرفيس