عبد الحكيم عبدالناصر ومصطفى بكري أبرز الحضور لإحياء ذكرى ثورة يوليو بضريح الرئيس الراحل    أسعار السمك اليوم في مطروح الأربعاء 23 يوليو 2025    23 يوليو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    حماس تدعو إلى أوسع حراك شعبي عالمي حتى كسر الحصار وإنهاء المجاعة في غزة    رئيس تونس يواجه مستشار ترامب بصور أطفال غزة ضحايا التجويع الإسرائيلي    استشهاد 17 فلسطينيا بينهم صحفية في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    أوسكار رويز يعود للقاهرة بعد انتهاء إجازته الصيفية    تفاصيل اتفاق الصفاقسي مع معلول    مصرع 4 أشخاص في مشاجرة مسلحة بين عائلتين في حفل زفاف بقنا    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025.. الموعد والخطوات والرابط المباشر    تستمر 6 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد    تفاصيل الكليات والتخصصات المتاحة ضمن نظام البكالوريا الجديد من العام الدراسي 2025-2026    تكليف محمد عبدالحافظ ناصف مستشارا للشئون الفنية والثقافية بهيئة قصور الثقافة    «الصحة»: 1.3 مليون خدمة طبية وعلاجية بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 6 أشهر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الصناعة والنقل يشارك في الملتقى الاستثماري المصري الكويتي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب الجامعات الحكومية جميع المحافظات    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    ننشر أسعار الذهب اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025.. عيار 21 يسجل 4700 جنيه    تشييع جثمان الطفلة السادسة المتوفية لأسرة ديرمواس بالمنيا وسط صدمة الأهالي    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 23 يوليو    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    تحرك مفاجئ في أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري "الضخم" بين واشنطن وطوكيو    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    «يكرموه».. رد ساخر من أيمن عبدالعزيز بشأن تصرف الزمالك مع أحمد فتوح    تنسيق الجامعات .. مؤشرات الكليات والمعاهد التي تقبل من 55% علمي وأدبي (تفاصيل)    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    مشكلة قديمة عادت للظهور.. حظ برج الدلو اليوم 23 يوليو    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤسسة الأوروبية.. أثر تاريخي أم ورشة تموج بالنشاط؟البرلمان الأوروبي الجهة الأك
نشر في التغيير يوم 29 - 05 - 2004


ثر شباباً لكنه معرّض لتأثير جماعات الضغط
\r\n
\r\n
إن المؤسسات الاوروبية قد جرى تأسيسها منذ حوالي خمسين سنة، وقد قدّمت البراهين على تماسكها وكذلك على قدرتها على التطور. وتستحق هذه النتيجة الاحترام، لاسيما وان هذه المؤسسات لم تكن مكرسة لبلد واحد أو لأمة واحدة ولاختيار صيغة التمثيل فيها وعمّا إذا كانت برلمانية أو رئاسية أو شبه رئاسية، وإنما هي مكرسة بالاحرى لأوروبا في طور التكوّن.
\r\n
\r\n
نظام عبقري
\r\n
\r\n
إن البناء الاوروبي الفريد هو عمل عبقري، وقد كان ل «الآباء المؤسسين» هدفاً هو «سلام القارة وازدهارها»، وكان لهم فكرة لا تبارح أذهانهم وهي «الوصول الى مصالحة فرنسية ألمانية»، وكانت لهم ايضاً طريقة هي طريقة «جان مونيه». ومونيه هذا هو «ملهم أوروبا»، وكان قد أدرك بأنه من المستحيل الشروع بالبناء الاوروبي بواسطة الثقافة أو السياسة، خاصة بعد فشل مشروع إقامة «المجموعة الاوروبية للدفاع» عام 1954. كان يريد أن يبني أوروبا خطوة بعد خطوة على أساس سياسات ملموسة في ميدان الطاقة أولاً، ثم في اطار السوق المشترك الذي بدأ بستة بلدان بناء على توقيع معاهدة روما.
\r\n
\r\n
لقد تمثلت العملية بنقل صلاحيات خاصة تتعلق بالسياسة الزراعية والتضامن الاقليمي وسياسة المنافسة والمفاوضات التجارية الدولية الى سلطة عليا أصبحت المفوضية الاوروبية التي تحضّر القرارات لمجلس وزراء تحت رقابة مجلس برلماني تحوّل الى برلمان أوروبي حقيقي من خلال انتخاب أعضائه بواسطة الاقتراح العام المباشر.
\r\n
\r\n
وهذه الصفة «التقنية» والاقتصادية أولاً هي التي تفسر البنية الخاصة للمؤسسات الاوروبية البعيدة جداً عن الاشكال التقليدية، مع ان طموحها الأساسي كان دائماً هو المضي بأوروبا تدريجياً نحو التوحيد السياسي والذي يعكس شرعية ثنائية. الشرعية الدولية هي شرعية الدول الأمم، أما الشرعية الثانية فإنها أصعب إلماماً بها وتخص أوروبا ذاتها.
\r\n
\r\n
المفوضية الاوروبية هي بدون شك السلطة الرئيسية في الاتحاد الاوروبي، انها في أصل جميع القرارات الاوروبية، وهي التي تمتلك «احتكار المبادرات»، كما انها المسئولة عن تنفيذ السياسات الاوروبية المشتركة ومهما كانت طبيعتها تشريعية أو ادارية أو تتعلق بالميزانية. وهي إذن في الوقت نفسه «حارسة المعاهدات» وضامنة حسن تطبيقها وأفضل من يعبّر عن المصلحة الأوروبية العامة والمسئولة عن إدارة تمويلات الاتحاد الأوروبي.
\r\n
\r\n
أما المجلس الموزّع إلى مجموعة لجان وزارية للشئون العامة الخارجية والشئون الاقتصادية والمالية وللعدالة والشئون الداخلية وللسوق الداخلي وللزراعة... الخ، فإنه يمثل الدعامة الحكومية المشتركة للاتحاد الأوروبي، وحامل شرعية الدول الأمم. وهو في الوقت نفسه، وهذه إحدى نقاط تفرده، المصدر الأول للسلطة التشريعية وصاحب القرار السياسي لأوروبا، أي الذي يتولى قسماً مهماً من السلطة التنفيذية.
\r\n
\r\n
والبرلمان الأوروبي هو الأكثر «شباباً» بين المؤسسات الأوروبية، إذ انه لم يحصل على صفة المؤسسة الحقيقية إلا عندما جرى انتخاب أعضائه بواسطة الاقتراع العام المباشر عام 1979. وفي إطار هذا البرلمان تجري النقاشات حول السياسة الأوروبية بكل ميادينها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقليمية.
\r\n
\r\n
وإذا كان هذا المجلس قد وقع إلى حد كبير تحت تأثير مجموعات الضغط المختلفة، إلا انه بصدد أن يبلغ سن النضج كبرلمان كامل الصلاحيات وكمصدر قرار آخر إلى جانب المجلس الاوروبي في الميادين التشريعية والميزانية. وهو بدون شك في اطار المنظومة الأوروبية بمثابة المؤسسة التي تتنامى سلطاتها بسرعة أكبر فأكبر.
\r\n
\r\n
وإلى جانب المؤسسات الثلاث المتمثلة في المفوضية والمجلس والبرلمان، هناك لقاء يتم على مستوى القمة التي تضم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي وتمثل رأس السلطة، لكن دون أن تكون مدرجة بهذه الصفة في إطار مؤسسات الاتحاد الاوروبي. وتُطلق على هذا اللقاء القمة تسمية المجلس الاوروبي الذي غدا شيئاً فشيئاً هيئة القرار العليا في أوروبا. ولقد تم تأسيسه عام 1974 كلقاء حر وغير رسمي بين رؤساء دول وحكومات الاتحاد يصبح اليوم بمثابة «رئيس دولة جماعي» لأوروبا الموحدة. تتم دعوته للاجتماع حالياً مرتين كل ستة أشهر، حيث يقوم بتحديد السياسة العامة لأوروبا وخياراتها الاستراتيجية الخاصة بالتوسع والمؤسسات والمفاوضات المالية.
\r\n
\r\n
ويبدو انه بصدد أن يصبح المرجعية في القرارات التي لا يمكن اتخاذها من قبل المجلس الذي يضم اللجان الوزارية والمفوضية.
\r\n
\r\n
إن البنى الاوروبية قد تطورت بالتأكيد منذ عام 1957، أي منذ توقيع معاهدة روما. وذلك بمقدار توسيع اطار الاتحاد الاوروبي وتعميقه. لكن في الوقت نفسه تمت المحافظة على مصدرين أساسيين للشرعية الاوروبية عبر التوليف بين العمل الحكومي المشترك وبين منطق تجاوز المصالح الوطنية الضيقة. وهي بهذا تمثل، أردنا أم لم نرد، فيدرالية من الدول الأمم.
\r\n
\r\n
مع ذلك ومهما بدا البناء الأوروبي متفرداً وبراقاً فإن له ايضاً مواطن ضعفه «منذ الولادة»، الأمر الذي يفسر إلى حد كبير عدم فهم الاوروبيين بل ترددهم، إذ ان أوروبا تبقى وكما عبّر عن ذلك جاك دولور المفوض الاوروبي السابق، بمثابة «موضوع سياسي غير محدد الهوية». أوروبا بعيدة في الواقع عن مبدأ فصل السلطات» كما حدده المفكر الفرنسي الكبير مونتسكيو قبل عدة قرون، أي الفصل بين سلطة تشريعية منتخبة وسلطة تنفيذية مسئولة أمامها.
\r\n
\r\n
هناك في الواقع خلط بين السلطات الثلاث التي تتشكل منها المؤسسات الاوروبية، فالسلطة التشريعية الموزعة بين مبادرة المفوضية وقرارات المجلس والبرلمان الاوروبي ليست واضحة تماماً بالنسبة للمواطن الاوروبي العادي. وسلطة الميزانية العائدة للبرلمان الاوروبي لاتزال غير مكتملة. اما بالنسبة للسلطة التنفيذية فانها تعود جزئياً، واحيانا على قاعدة المناقشة، الى المفوضية والمجلس والمجلس الأوروبي. هذا الاخير، وحيث أنه يخص رؤساء الدول والحكومات، هو الذي يتخذ القرارات السياسية المهمة..
\r\n
\r\n
وفي المحصلة لايمكن للسلطة مجزأة الى هذا الحد ان تكون سلطة تنفيذية فاعلة. فكيف يمكن في هذه الظروف ان يندهش المرء امام واقع عدم معرفة الاوروبيين وعدم فهمهم لأوروبا السياسية وان يبتعدوا عنها، بل وان يحذروا منها؟!
\r\n
\r\n
أزمة المؤسسات المشتركة
\r\n
\r\n
ان حالة التشوش القائمة تتضاعف مع أزمة المؤسسات الأوروبية المشتركة. وتأتي هذه الازمة أولاً من نضوب المسيرة التي ولدت هذه المؤسسات، فالطريقة التي انتهجها جان مونيه قد أعطت ثمارها ولكن اخذت وقتها واستنفذت طاقاتها. إنها كانت مكرّسة لاوروبا صغيرة، ذات طابع تجاري. اما اوروبا الحالية فإن بناءها لم يعد ممكناً بواسطة خطوات صغيرة؟ إذ هناك مسائل التوسيع واليورو والدفاع الاوروبي والعدالة الاوروبية والشرطة الاوروبية..
\r\n
\r\n
من هنا نرى ان اوروبا الجديدة بحاجة إلى قفزة سياسية هائلة وليس لمجرد عملية ترميم صغيرة. وينبغي أيضاً أن يتم فهمها بشكل افضل من قبل مواطنيها. لهذا لم يعد كافياً تطبيق المباديء والقواعد التي حكمت عمل أوروبا الموحّدة في بداياتها. ان الامر يتعلق بولادة جديدة لأوروبا مما يستدعي اعادة تأمل جذرية بمنظموتها السياسية. ولعل المؤسسات الأوروبية القائمة ليست موضع اتهام في وجودها أو في بنائها، لكنها لم تعد قادرة على «السير» أو لكل مؤسسة من هذه المؤسسات الاوروبية ازمتها الخاصة، الامر الذي يساهم في اعاقة عمل البناء الأوروبي بمجمله.
\r\n
\r\n
إن المفوضية الاوروبية تعرف ازمة نمو وزعامة وشرعية. لقد كانت تجمع في البداية لتسعة اعضاء بواقع عضوين على الدول الأكثر سكاناً وعضو واحد عن الدول الأصغر. واصبح عدد اعضائها عشرين عضواً لأوروبا الخمسة عشرة بواقع وجود عضوين عن الدول الخمس الكبرى وعضو واحد عن الدول الباقية.
\r\n
\r\n
وبقدر ما يزداد عدد أعضاء المفوضية تجسد بدرجة أمل المصلحة الاوروبية العامة. فكل مفوض يمثل بلاده أكثر مما يمثل مؤسسة «ما فوق وطنية» تتولى مهمة «ما فوق وطنية» ايضاً. ثم ان ازدياد عدد الاعضاء يجعل من الصعوبة أكثر فأكثر امكانية الوصول الى اتفاق حول القرارات والى اتفاق داخل المفوضية نفسها. باختصار أنها تصبح اقل «عملياتية».
\r\n
\r\n
كذلك تعرف المفوضية مشكلات جدية على مستوى التنظيم والادارة. ومن الصعب عليها أولاً، بسبب العدد الكبير لأعضائها، ان تجد وظيفة محددة لجميع هؤلاء الاعضاء. ثم من الصعوبة بمكان ادارة أية منظمة أو مؤسسة ينبغي ألا يديرها عدد كبير من الاشخاص المتساوين نظرياً في الصلاحيات. إن مثل هذا الواقع في ممارسة السلطة يفسّر الى حد كبير واقع ان المفوضية قد اصبحت عرضة للتنافس بين الاشخاص داخلها.
\r\n
\r\n
وينظر المواطنون الاوروبيون للمفوضية غالباً على أنها هيئة «تكنوقراطية» يديرها موظفون لا يمثلون الشرعية بالقياس الى المسئوليات الكبيرة الملقاة على عواتقهم، هذا لا سيما وان تعيين هؤلا الموظفين يتم بناء على اقتراح الدول الاعضاء وليس بواسطة الانتخابات. وفي المحصلة فقدت المفوضية الاوروبية من وزنها خلال السنوات السابقة خاصة في مواجهة الصعود الكبير لقوة المجلس الاوروبي. وهذا ما دفعها احياناً الى اقامة نوع من الائتلاف غالباً مع البرلمان الاوروبي على قاعدة «غامضة» من المصالح العائدة للمؤسسات الاوروبية.
\r\n
\r\n
اما المجلس الذي تتحدد سلطاته على مستوى وزراء الدول الاعضاء فإنه يكتسب قوة متنامية ولكنه مشلول الى حد كبير بسبب أنه محكوم بمبدأ الاجماع «كما ان اللجان التي يتشكل منها كثيرة ولا تتسم بدرجة عالية من التنسيق فيما بينها مما يجعل القرارات الوزارية جزئية وبطيئة بالوقت نفسه. وهكذا مثلاً، كان على المؤسسسات ان تنتظر عشرين عاماً من اجل معرفة المكانة القانونية للشركات الاوروبية. ومن جهة اخرى نقدت المجالس الرئيسية للوزراء من قوتها.
\r\n
\r\n
فمجلس الشئون الخارجية الذي يضم وزراء خارجية ووزراء الشئون الاوروبية في الدول الاعضاء تتمثل مهمته في تحديد الاستراتيجية الاوروبية على صعيد السياسة الخارجية ومعالجة المشكلات الخاصة بالمجموعة الأوروبية مثل التمويل والمؤسسات واعطاء المفوضية حق التفاوض مثلاً مع منظمة التجارة العالمية..
\r\n
\r\n
هذان المشربان في اختصاصات مجلس الشئون الخارجية يتطلبان كفاءات مختلفة ومتنوعة مما يؤدي إلى واقع انه لا تتم معالجة اي منهما بصورة صحيحة تماماً. ويشير مؤلف الكتاب في هذا السياق إلى أنه شارك من موقعه كوزير للشئون الاوروبية في فرنسا سابقاً بحوالي خمسين اجتماعاً لمجلس الشئون الخارجية ولا يتذكر انه تمّ اتخاذ سوى قرار واحد مهم خلالها كلها.
\r\n
\r\n
المجلس الآخر «الكبير» المهم هو مجلس الاقتصاد والتمويل. انه قوى وفعال ولكن توجب عليه ان يضمحل امام اجتماع خاص ل «المجموعة الاوروبية» والذي يضم وزراء الاقتصاد والمال في منطقة اليورو.
\r\n
\r\n
في المحصلة وجد المجلس «العام» ان آلياته في اتخاذ القرارات قد اصبحت معاقة خاصة بالنسبة للقرارات التي يتم اتخاذها بالاجماع. اذ من الصعب الوصول الى اتفاق بين خمس عشرة دولة ومن المستحيل تحقيق ذلك في اطار اتحاد اوروبي يضم خمسة وعشرين عضواً لا يتمتعتون بتجانس كامل فيما بينهم، بل العكس هو الصحيح.
\r\n
\r\n
ويعاني البرلمان الاوروبي من عدة نقاط ضعف. فبناه لاتزال في الطور الجنيني في الحياة السياسية الاوروبية بسبب غياب آليات موحّدة في الانتخابات وضعف الاحزاب السياسية الاوروبية وصعوبة الوصول الى تمثيل حقيقي للمواطنين. هذا كله يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في التنظيم السياسي للبرلمان الاوروبي. وبسبب عدم امتلاك البرلمان الأوروبي لاغلبية يعطي هامشاً كبيراً من الحرية للنقاشات لكنه لايسهل ابداً امكانية «قراءة» الخيارات التي يتبناها.
\r\n
\r\n
كما أن هناك صعوبة كبيرة في آليات اتخاذ القرارات الاوروبية، خاصة فيما يتعلق بالميزانية. ولعل «الخطيئة» الاساسية للبرلمان الاوروبي تكمن في «نرجسيته». ذلك ان المعيار الأول من اجل تقويم مكانته بالنسبة لاعضائه انما يكمن في تحقيق مصالحهم الخاصة. وما يهم النواب الاوروبيين انما يتمثل بالدرجة الأولى في تأكيد سلطاتهم وليس اقامة حوار متوازن مع المؤسسات الاوروبية الاخرى وخاصة المجلس.
\r\n
\r\n
هل الاصلاح ممكن؟
\r\n
\r\n
هل أوروبا لاتزال قابلة للاصلاح؟ انها تدرك منذ عشر سنوات ضرورة التغيير، لكنها لا تستطيع تحقيق ذلك. ان محاولات الاصلاح تتعاقب الواحدة تلو الأخرى ولكن مصيرها باستمرار هو الفشل، ان الاسباب نفسها تؤدي الى نفس النتائج. كما ان اوروبا تعرف منذ بداية عملية توسيع اطار الاتحاد الأوروبي كي يشمل بلدان اوروبا الشرقية والجنوبية، بانه ينبغي عليها تطوير مؤسساتها.
\r\n
\r\n
لكنها لم تستطع ان تتوصل الى عقد عدة اجتماعات كان قد تم تحديد مواعيدها من اجل تلك الغاية. وكانت اتفاقية «امستردام» لعام 1997 قد شهدت تصديق بريطانيا، بعد وصول توني بلير إلى الحكم بشهر واحد، على الميثاق الاجتماعي الذي تضمنته معاهدة ماستريخت، ما سمح بتقريب التشريعات فيما بينها وتطوير الحوار الاجتماعي.
\r\n
\r\n
واعترفت اتفاقية امستردام ايضا بدور المصالح العامة مصالح الفائدة الاقتصادية العامة من اجل تعزيز التلاحم الاجتماعي وحددت «استراتيجيات مشتركة» باتجاه الجيران الجدد لأوروبا الموسّعة مثل روسيا واوكرانيا وبلدان حوض المتوسط. ونصت على توحيد السياسات الاوروبية حول مسائل منح تأشيرات الدخول الى البلدان الأوروبية والهجرة وشروط اللجوء السياسي.
\r\n
\r\n
ثم انها اخيراً، وربما خاصة، كرست بعض الملامح المشتركة للسياسة الخارجية وسياسة الأمن الاوروبية عبر تعيين «ممثل سامي» في هذا المجال، هو اليوم «خافيير سولانا» وزير الخارجية الاسباني الاسبق والامين العام السابق للحلف الاطلسي في اوروبا.
\r\n
\r\n
لكن اتفاقية امستردام مثلت فشلاً بالنسبة لاوروبا السياسية لان المجلس الاوروبي لم ينجح في القيام باصلاح المؤسسات الاوروبية. ولم يتم التوصل الى تحديد عدد المفوضين البولنديين او عدد النواب الاوروبيين التشيكيين او الاصوات التي سيتم منحها لهنغاريا في المجلس. وكان هذا سبباً في فشل قمة المجلس الاوروبي. ومن جهة اخرى وقعت فرنسا وبلجيكا وايطاليا، بمبادرة من الحكومة الفرنسية، بياناً ملحقاً باتفاقية امستردام طالبت فيه باستكمال الاصلاحات المطلوبة قبل التوقيع على معاهدات الانضمام للاتحاد الأوروبي.
\r\n
\r\n
الدورة الثانية للمفاوضات التي جرت في ظل رئاسة فرنسا للاتحاد الاوروبي يتم تداول الرئاسة دورياً كل ستة أشهر، جرت في مدينة نيس جنوب فرنسا خلال ديسمبر 2000، وكانت تلك المفاوضات غاية في الاساءة لاتفاقية امستردام التي وصل الأمر الى وصفها بأنها سخيفة، كما انها شهدت مجابهات صريحة على قاعدة الدفاع عن المصالح الوطنية الخاصة وموازين القوى القائمة. ولابد من الاعتراف بان الاتفاق النهائي الذي أمكن الوصول اليه بعد نقاشات صعبة ومضنية استمرت ثلاثة ايام بلياليها، لم يحقق أي تقدم باستثناء حل مقبول بالنسبة للبرلمان الاوروبي يعطي وزناً راجحاً لألمانيا.
\r\n
\r\n
كما تم الشروع بالبحث في مسألة اعادة التوازن الديمغرافي لتحديد عدد الاصوات داخل الاتحاد الاوروبي. فقبل اتفاق نيس، كان هناك صوتان للكسمبورغ مقابل عشرة اصوات للبلدان الكبيرة، أما بعد نيس نقد اصبح لمالطة ثلاثة اصوات مقابل 29 صوتاً بالنسبة للكبار، وحصلت اسبانيا وبولندا على نفس العدد من الاصوات تقريباً.
\r\n
\r\n
وشهد لقاء نيس ايضاً بعض التنافر في الموقفين الفرنسي والألماني اذ ان المستشار الالماني الغربي غيرهارد شرويدر طلب بزيادة عدد الاصوات الممنوحة لالمانيا وكان ذلك الطلب يحدث للمرّة الاولى وخلافاً للالتزامات التاريخية التي قطعها المستشار الالماني الاسبق «اديناور»، الذي رأى انه ينبغي على فرنسا وألمانيا ان يعيشا في كنف المساواة المستديمة وحتى بعد التوحيد الالماني وقد أجاب الرئيس الفرنسي جاك شيراك على ذلك بموقف صلب رفض فيه القبول بأية زيادة أو بأن يأخذ باعتباره الوضع الجديد الذي أوجدته عملية اعادة التوحيد الالماني، وبالتالي لم تثمر اجتماعات نيس الشيء الكثير.
\r\n
\r\n
مع ذلك يتم غالباً نسيان السياق الذي جرى فيه لقاء نيس، حيث كانت عملية توسيع الاتحاد الاوروبي تقترب، وكان لابد من تأمين افضل الشروط لذلك. كان الضغط كبيراً وكان لابد من القيام بتعديلات «تقنية» لكنها حيوية. ثم ان الفشل في «نيس» أي عدم الوصول الى اتفاق، ربما كان له نتائج لم يكن الاوروبيين مستعدين لقبولها.
\r\n
\r\n
كان المطلوب هو الوصول الى الاتفاق حول توسيع اطار الاتحاد الاوروبي. وبالفعل سمح لقاء نيس بذلك، لكن كان الجميع يدرك ان ماحدث لم يكن كافياً من اجل وضع الاتحاد الأوروبي الموسع في وضع يستطيع معه ان يكون فاعلاً وأن يخلق المشروع المطلوب منه.
\r\n
\r\n
وفي المحصلة ظهر أن الطرق القديمة في تشغيل وتفعيل المسيرة الأوروبية في بداياتها لم تعد صالحة بالنسبة للاتحاد الاوروبي الموسع، لاسيما وأنه لم يكن بامكان الطرق القديمة، ان تتوصل الى أكثر من اتفاقيات اقل من المستوى المطلوب اذ ان المنطق الذي يحركها لا يصبو الى أكثر من المحافظة على الحالة القائمة كما هي اوروبا مع بعض التحسينات الطفيفة.
\r\n
\r\n
ان الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي تطمح الى رؤية الاعتراف بسلطتها في صياغة القرارات على اساس وزنها الديموغرافي والدول «الصغيرة» تريد تجنب سيطرة الكبار وتحاول التصدي لهذه السيطرة عبر استخدام سلاح المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات. بكل الاحوال، ومن الاتحاد الأوروبي ان يوسع اطاره بعد عشر سنوات من سقوط جدار برلين لكن لم يتم تحضير المستقبل بشكل كامل.
\r\n
\r\n
بل على العكس تشير دلائل كثيرة إلى أن شروط شلل النظام السياسي الاوروبي. وجموده قد اجتمعت. وبالتالي لابد من «اختراع شيء اخر» وايجاد طرق جديدة من اجل تجاوز جميع اشكال الانانية كي يستطيع الاتحاد الأوروبي ان يتقدم في مسيرته إلى الامام.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.