\r\n وهذا المؤتمر, الذي يعقد مرة كل خمس سنوات, كان ينظر اليه في يوم من الايام, على انه مناسبة لمعالجة الثغرات المتعمقة في المعاهدة, والتي ادت الى التجدد في انتشار الاسلحة النووية. \r\n \r\n وفي الاشهر التي سبقت انعقاد هذا المؤتمر, كان واضحا ان تقدما بسيطا سيتحقق, لكن التماحك بين الولاياتالمتحدة, التي تريد له التركيز على كوريا الشمالية وايران, وبين البلدان التي تطالب واشنطن تقليص مخزونها النووي, كان عميقا لدرجة انه لم تجر مفاوضات حقيقية, في نهاية الامر, حول كيفية استئصال جذور هذا الانتشار. \r\n \r\n وقد كانت الهوة واسعة جدا الى حدّ جعلت رئيس المؤتمر يتفكر في مسألة فيما اذا كانت المعاهدة الاساسية, التي جرى التوقيع عليها عام ,1970 بغرض الحدّ من انتشار الاسلحة النووية, قد زادت هذه الجلسة من ضعفها في واقع الحال. ولما سئل دوارتي عن السبب الرئيس لهذا الفضل قال: »اعتقد ان بامكانكم وضع كتب عديدة عنه«. \r\n \r\n فعلى الرغم من الاعلان المتكرر للرئيس بوش بان الانتشار النووي, بما في ذلك مخاطرة حصول الارهابيين على اسلحة نووية, يشكل التهديد الاكبر الاوحد للولايات المتحدة, الا ان ادارته قررت عدم ارسال وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى هذا المؤتمر, تاركة مجال الجدال في ذلك الى دبلوماسيين من المستوى المتوسط. ويذكر في هذا السياق ان ممثلي 150 دولة تقريبا شاركوا في المؤتمر, وامضت بضعة شهور في المجادلة حول جدول اعماله. \r\n \r\n وقد وصفت رايس, في حديث لها يوم الجمعة الماضي من سان فرانسيسكو, المعاهدة النووية بأنها »وثيقة بالغة الاهمية«, مضيفة »واننا سنستمر في تأييدها« لكنها حذرت, في الوقت ذاته, »من انها مهترئة في جوانب عديدة«. ثم تحولت في حديثها الى برامج الادارة الخاصة »بمناهضة الانتشار« والتي تتراوح بين اعتراض الشحنات النووية المشتبه بها, وحتى القضاء على الشبكات الدولية لمبيعات المواد النووية. وقالت رايس في هذا الشأن, »على الدول الاخرى في العالم ان تدرك تماما ان الانعزال هو كل ما ستحصل عليه من امتلاك سلاح نووي«. \r\n \r\n وفي الختام, انتقد المشاركون في المؤتمر, الولاياتالمتحدة, دون ذكرها »بالاسم على تجاهلها لالتزاماتها. كما انتقدوا دولا اخرى على فشلها في ربط مشكلتي ايران وكوريا الشمالية. فقال ممثل كندا, بول ماير, »لقد تركنا السعي الى المصالح الضيقة وقصيرة الاجل يطغى على المصالح الجماعية بعيدة المدى, ونحن نحاول تثبيت سلطة المعاهدة وتكاملها«. وقال الدكتور محمد البرادعي, مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية, الذي اقترح آليات جديدة لضبط المواد النووية, وبالتالي الحيلولة دون تمكن الدول من انتاج الوقود اللازم للاسلحة, انه لم »يتمخض شيء على الاطلاق« من هذا المؤتمر, مضيفا »لقد انتهى الاجتماع بعد شهر من المشاحنات الساخطة - في وقت يتفق الجميع على ان هذا النظام مريض, ولكنه لم يمت - بينما ظلت القضايا ذاتها ماثلة امام عيوننا«. \r\n \r\n وعلى مدى القسم الاعظم من الاسابيع الاربعة من المؤتمر, اصرت الدول غير النووية على ان تركز الولاياتالمتحدة ودول نووية اخرى على التخفيض الجذري لاسلحتها, مذكرة اياها بالتزاماتها التي تعهدت بها قبل خمس سنوات في عهد ادارة الرئيس كلينتون. \r\n \r\n اما الولاياتالمتحدة فتمسكت بموقفها بان الظروف تغيرت منذ ذلك الحين, وقد حذف تقرير, يؤرخ لنقاط بارزة في التصدي لانتشار الاسلحة, ونشره الوفد الامريكي, اشارات مرجعية لالتزاماتها رفضتها ادارة الرئيس بوش, وحاول جرّ المؤتمر للتركيز على كيفية التعامل مع قضايا مثل كوريا الشمالية, التي انسحبت من المعاهدة قبل عامين, واعلنت حيازتها لمخزون صغير من الاسلحة النووية. \r\n \r\n وقال مسؤولون امريكيون, في مقابلات اجريت معهم, بأنهم فقدوا الامل, خلال الاسابيع الماضية, في ان يحقق المؤتمر اي شيء, ولذلك دافعوا عن قرارهم بعدم ارسال كوندوليزا رايس للضغط على المؤتمر باتباع جدول الاعمال الذي يريده بوش. وبدلا من ذلك, قالت الممثلة الامريكية, جاكي ساندرز, ان الولاياتالمتحدة ترغب في مواصلة النقاش »في منابر اخرى«, ولكنها لم تحدد زمنها ومكانها. \r\n \r\n وتنوي رايس ان تتحدث, في وقت لاحق من الاسبوع, عن واحدة من المقاربات المفضلة لدى الادارة, لضبط الرقابة على تجارة الاسلحة, وخاصة »المبادرة الامنية لانتشار الاسلحة«, التي هي عبارة عن محاولة لضمّ عشرات الدول الى شبكة فضفاضة لايقاف السفن والقطارات والطائرات, التي يعتقد بأنها تحمل بضائع ذات صلة بالمواد النووية. وقد جاء افضل نجاح لها في هذا المضمار, عام ,2003 عندما اجبرت احدى سفن الشحن المتجهة الى ليبيا, »بي.بي.تشاينا«, على الرسّو في ميناء تارانتو, بايطاليا وتفريغ المعدات الخاصة بتخصيب اليورانيوم. \r\n \r\n ويذكر هنا ان ليبيا تخلّت عن برنامج تسلحها النووي في وقت قصير لاحق. لكن هذه المحاولة لم تعالج تماما كيفية التعامل مع بلدان تبيح لها المعاهدة الدولية صناعة المواد النووية لاغراض الطاقة المدنية, ومن ثم الاشراف على برامج تسلح سرية. \r\n \r\n ويقول سيرغيو دوارتي ان الموقعين على المعاهدة لا يمكنهم الاتفاق على »افضل وسائل تحقيق اهداف المعاهدة وغاياتها. وان الدول الوحيدة غير الموقعة على هذه المعاهدة هي اسرائيل والهند والباكستان, وهي دول ذات اسلحة نووية. وكذلك كوريا الشمالية. \r\n \r\n وبعد عدة اسابيع من التماحك حول جدول الاعمال, طالبت دول عديدة, وفي مقدمتها ايران ومصر, بان يبدأ اي تغيير في النظام بضمانات بألا تهاجم الولاياتالمتحدة, واي دول نووية اخرى, دولة غير نووية ابدا, كما طالبت ايضا واشنطن بالمصادقة على »معاهدة الحظر التام على التجارب النووية«, التي قالت عنها ادارة الرئيس بوش انها ستضعف الولاياتالمتحدة. ولهذا اعلنت الادارة انها معاهدة ميتة, ولم يتناولها مجلس الشيوخ بالبحث قطعيا. \r\n \r\n وقالت مجموعات الدول, التي كانت تضغط باتجاه وضع تقييد اكبر على المواد النووية, انها اصيبت بخيبة امل, ولكنها لم تتفاجأ. فقال سام نون, عضو مجلس الشيوخ سابقا, والذي كان على رأس الجهود الرامية الى ضبط سلامة المواد النووية في الاتحاد السوفياتي السابق, »ان مؤتمر حظر انتشار الاسلحة النووية يعتبر فرصة ضاعت لتدعيم اسس التعاون الدولي لتقليص الاخطار النووية. ولا يمكننا التسليم بذلك كقرار نهائي. فعلى الولاياتالمتحدة الاضطلاع بدور قيادي في فترة ما بعد المؤتمر, من حيث توحيد المجتمع الدولي على هذه الاجندة الهامة«. \r\n \r\n لقد صرف المسؤولون الامريكيون قسما كبيرا من وقتهم في الجدال حول ان التقليص في مخزونها النووي, المتفق عليه مع روسيا عام ,2002 قد ثبت انه منسجم مع متطلبات المعاهدة, بأن تتجه الدول النووية نحو نزع السلاح. \r\n \r\n لم تقنع هذه المحاججة الا القليل من الناس. فقال المندوب الكندي, وهو يشير بوضوح الى ادارة الرئيس بوش, »اذا تجاهلت الحكومة, او هي انسحبت من التزامات حيثما اعتبرتها غير ملائمة لها, فلن نتمكن ابدا من بناء صرح متين للتعاون الدولي«. \r\n \r\n وقبل انعقاد هذا المؤتمر, قال مسؤولون في الادارة ان الرئيس بوش اراد للمباحثات ان تنتقل الى مجموعات اصغر حيث يستحيل على دول مثل ايران الخروج على الاجماع. وذكر هؤلاء المسؤولون, الذين رفضوا نشر اسمائهم بسبب كون الموقف التفاوضي غير ثابت, اسم »مجموعة الثمانية« من الدول الصناعية, و »مجموعة التزويد النووية« الغامضة. \r\n \r\n ووفقا للسجلات غير الرسمية, تسيطر هذه المجموعة على تدفق التكنولوجيا المتصلة بالمواد النووية الى الدول التي تسعى الى بناء البنى التحتية النووية. فبالعمل من خلال هذه المجموعة, يبدو ان الرئيس بوش يأمل بفرض قوانين واحكام جديدة لاعادة التفاوض والاتفاق على هذه المعاهدة. \r\n \r\n \r\n عن: »نيويورك تايمز«