غير ان اسلام كاريمأف ذلك الاستبدادي المقيم في طشقند لا يظهر اي رغبة في المغادرة بهدوء‚ هذا الطاغية يمسك بزمام السلطة في بلاده منذ 15 عاما اي منذ استقلالها‚ عامل هذا الطاغية الشعب الاوزبكي بوحشية كتعامل السادة مع العبيد ونظر الى أوزبكستان كلها كما لو كانت ممتلكات خاصة به ومنع تطور حقوق الملكية والتجارة حتى لا تتأثر احتكاراته بل ستثمر بالتنامي‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي ازدهرت اعمال وتجارة كاريموف وشلته فان الاوزبك العاديين انغمسوا اكثر فأكثر في الفقر‚ مستوى المعيشة تدهور اكثر فأكثر واصبح اقل مما كان عليه في العهد السوفياتي في الوقت الذي فرض النظام على المواطنين قيودا شديدة على السفر حتى لا يحتكوا بالشعوب الاخرى ويدركون مدى الشقاء الذي يعيشون فيه‚ \r\n \r\n ولم يكتف كاريموف وأزلامه بكل هذا بل عمدوا الى ذبح عشرات المحتجين دون اكتراث‚ انهم على استعداد لقتل المزيد‚ \r\n \r\n ان جرأة هذا النظام على القتل والذبح والتدمير والحرق يمكن تفسيرها بالموقف الاميركي منه‚ فالاميركيون رعوا حركات المعارضة في جورجيا وأوكرانيا كما صوت الكونغرس مؤخرا على تخصيص مبلغ 40 مليون دولار للنشطاء العاملين في المجال الديمقراطي في روسيا البيضاء‚ اما عندما يتعلق الامر بأوزبكستان فان الموقف الاميركي هنا مختلف بمقدار 180 درجة‚ \r\n \r\n الموقف الاميركي الداعم للنظام في هذا البلد مخجل‚ وكل ما عملته الادارة الاميركية بعد كل هذه المجازر التي ارتكبت هو توجيه الدعوة لكلا الطرفين لممارسة ضبط النفس بالرغم من ذلك الكم الهائل من الادلة على قيام قوات الامن الاوزبكية باطلاق النار على الجماهير المدنية غير المسلحة‚ \r\n \r\n الموقف الاميركي تجاه أوزبكستان غريب وعجيب‚ فالادارة الاميركية تبنت موقفا يقول ان افضل طريقة لحماية المصالح الاميركية يتمثل في نشر مفاهيم الحرية والمبادئ الديمقراطية‚ \r\n \r\n ومع ذلك يتم تدليل كاريموف بنفس الاسلوب العتيق البالي‚ فالولاياتالمتحدة تتعامل معه على اساس «انه ابن زنا ولكنه ابننا في النهاية»‚ \r\n \r\n بعد هجمات 11 سبتمبر بوقت قصير أعلن كاريموف نفسه معارضا للاسلاميين وأقدم على منح الولاياتالمتحدة قاعدة جوية لاستخدامها في دعم عملياتها في افغانستان‚ وهذه المبادرة مكنته من تكسير عظام المعارضة دون ان يقف احد ليستنكر او يحتج‚ فكل معارض تلصق به تهمة الراديكالية الاسلامية وضمن بالتالي عدم وجود اي احتجاجات دولية على ممارساته القمعية والمخجلة لشعبه‚ \r\n \r\n ان ما يدعيه كاريموف عن التهديد الاسلامي هو مجرد كلام في كلام وكذبة اخترعها اقرب ما تكون الى قصص الخيال العلمي‚وحتى قبل قدوم الروس الى هذه البلاد واستعمارها كان الاوزبك يتعاملون بأسلوب علماني في حياتهم اليومية قبل ان يسمعوا بالعلمانية‚ \r\n \r\n فالرحالة العرب الذين زاروا المنطقة كتبوا يقولون ان الخمر كانت تقدم بحرية كما تقدم القهوة العربية للضيوف‚ وعندما كان يحين وقت الصلاة كانت اعداد المصلين قليلة للغاية‚ \r\n \r\n ان الوحشية البالغة التي يتصرف بها كاريموف وأزلامه قد تعطي الاسلام انطلاقة جديدة وقوية في أوزبكستان‚ واذا ما استمر كاريموف في الادعاء بأن جميع معارضيه هم من الاسلاميين فانه سيحصل في النهاية على ما يقول‚ \r\n \r\n وللاسف فان الغرب يسانده للمضي في غيه وان دل هذا على شيء فانه يدل على قصر النظر‚ فمتى سيتعلم الغرب من اخطائه؟ \r\n \r\n في الاسبوع الماضي كان الرئيس الاميركي جورج بوش يسافر في انحاء الاتحاد السوفياتي السابق يكيل المديح للتغير الديمقراطي الذي حصل في دول البلطيق وجورجيا‚ لكن نفس هذا الرئيس يلتزم الصمت وضبط النفس بصورة غريبة عند اقدام القوات الاوزبكية على قتل عدة مئات من المتظاهرين في أوزبكستان‚ \r\n \r\n رد الفعل الاولي الذي صدر عن البيت الابيض ووزارة الخارجية هو هز الاصبع في وجه المتظاهرين ومطالبتهم بالتعبير عن احتجاجاتهم عبر الوسائل السلمية‚ الادارة الاميركية ليس لديها اية نصيحة حول الوسائل السلمية التي قد تكون فعالة مع نظام يلجأ الى سلق المنشقين حتى الموت‚ \r\n \r\n كاريموف الذي صعد الى قمة هرم السلطة منذ 1989 عبر انتخابات واستفتاءات شابها الكثير من التجاوزات كان أول من ادرك قيمة الهجمات التي شنت على الولاياتالمتحدة في سبتمبر 2001 فسارع لاستغلالها‚ \r\n \r\n وقد اعطى كاريموف واشنطن حق استخدام احدى القواعد الجوية السوفياتية السابقة لشن العمليات منها على افغانستان وأعلن ان جميع خصومه السياسيين ليسوا سوى ارهابيين اسلاميين وجلس مسترخيا ليحصد الجوائز‚ وتضمنت تلك الجوائز ما قيمته 500 مليون دولار قدمت كمساعدات امنية‚وقد قام كل من دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي وكولن باول وزير الخارجية الاميركية الاسبق بزيارة أوزبكستان كما حصل كاريموف على دعوة لزيارة البيت الابيض‚ \r\n \r\n وزارة الخارجية الاميركية صنفت أوزبكستان على انها «قوة مستقرة ومعتدلة» في الوقت الذي يعرف الجميع ان هذا البلد هو من ضمن البلاد التي ترسل اليها ال «سي‚آي‚إيه» السجناء لاستجوابهم وليس هناك ادنى شك في استخدام السلطات هناك لأقسى انواع التعذيب من اجل انتزاع الاعترافات‚ \r\n \r\n يمكن لكاريموف ان يسحق الاحتجاجات في شرق أوزبكستان ويبقى في السلطة‚ فالمتظاهرون اصلا لم يطوفوا الشوارع من اجل تغيير النظام كما حدث في جورجيا وأوكرانيا وفي غرغستان المجاورة‚ \r\n \r\n ويبدو ان السبب الذي دفعهم الى الشوارع هو تلك المحاكمات التي كانت تجرى ل 23 عضوا في جماعة إسلامية يدعو افرادها لتحقيق النجاح الاقتصادي والرخاء كمفتاح لحياة اسلامية رغدة‚ ولا يمكن لعاقل ان يسمي ذلك اجندة راديكالية ومع ذلك استهدف كاريموف تلك الجماعة بوحشية وتعامل معها وكأنها جماعة للمعارضة‚ \r\n \r\n وما تزال حتى الآن هناك امكانية لأن تتنامى الاحتجاجات لتتطور الى انتفاضة تدفع الكثيرين للمغادرة الى الدول المجاورة‚وقد شهدت غرغستان وصول موجة من اللاجئين وهي تحاول الآن تقوية العملية الديمقراطية فيها بعد الاطاحة برئيسها الطاغية السابق عسكر اكاييف‚ \r\n \r\n على عكس اكاييف الذي تنازل عن السلطة بصورة سلمية‚فان كاريموف ليس لديه اي مانع من فعل اي شيء يبقيه في السلطة حتى ولو ادى ذلك الى مقتل اي عدد من المتظاهرين‚ \r\n \r\n ان ادارة بوش الآن على وشك الدخول في مرحلة جديدة من تدهور جديد للعلاقات مع العالم الاسلامي وهي التي صورتها اشد ما تكون تلطيخا بسبب ممارساتها في العراق وفي الدعم اللامحدود الذي تقدمه لاسرائيل‚ لم تستنكر ادارة بوش ما قام به كاريموف بل تحدثت على استحياء عن «الاستخدام غير المميز للقوة ضد المدنيين العزل»‚ ان على الولاياتالمتحدة ان تجد الوسائل الكفيلة بوقف كاريموف عند حده فورا‚ \r\n