وبالطبع من الممكن أن يسأل القارئ عن حقيقة الدوافع وراء ذلك ؟ أقول لأولئك المتساءلين بأن البعض ينتقد بولتون ليس لأنه يفتقر إلى الخبرة والمعلومات اللازمة لشغل هذا المنصب بل إنه وكما نعلم عمل مساعدا لوزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية في الفترة من عام 1989 وحتى عام 1993 م وقد حصل على المعلومات اللازمة عن الأممالمتحدة وكيف تعمل . في الوقت الذي كان يشغل فيه هذا المنصب , قام بالمساعدة في تحقيق عدد من الانتصارات السياسية للولايات المتحدة منها على سبيل المثال لا الحصر وقف ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي كان يفيد بأن الصهيونية هى حركة عنصرية. \r\n \r\n على الرغم من أن هناك العديد الذين يقرون بأن بولتون مؤهل من الناحية المهنية لشغل هذا المنصب إلا أن الكثير من المنتقدين يركزون على أنه أساء معاملة الموظفين التابعين له وأنه شوه عمل أجهزة الاستخبارات . كانت الانتقادات الكثيرة السبب وراء قيام لجنة العلاقات الخارجية بتأخير تصويتها على بولتون لعدة أسابيع حتى تستطيع التحقق من جدية الانتقادات والاتهامات الموجهة إليه . \r\n \r\n التحريات التي تلت ظهور هذه الانتقادات لم تكن في صالح منتقديه حيث لم يثبت أنه أساء معاملة موظفيه . الانتقادات الأخرى مثل أنه بالغ في إظهار غضبه في عدة مناسبات أو أنه وجه انتقادات غير لائقة أو تعلق في سفير لا ترقى لدرجة أن تحول دون ترشيحه . \r\n \r\n نتيجة لذلك بدأ منتقدوا بولتون في التركيز على اتهامه بأنه استغل الاستخبارات. من الواضح أن بولتون قام بتحدي الاستنتاجات الاستخباراتيه التي قُدمت له من قبل الموظفين في وزارة الخارجية والوكالات الاستخباراتية الأخرى . التصرف الذي قام به بولتون هو التصرف الواجب والمنشود من أي مسؤول في مثل هذا المنصب الرفيع ، قام بولتون بتفحص الحقائق التي قُدمت له ووصل إلى قناعات ودافع عن رأيه وفي النهاية فإن أي تصريح أدلى به بولتون في فترة عمله في وزارة الخارجية كان عن طريق الدوائر الرسمية والسليمة . علاوة على ذلك لم يثبُت أنه تم فصل أي شخص كان على خلاف مع بولتون . \r\n \r\n عدم وجود مصداقية للتهم والانتقادات التي وُجهت إلى بولتون تقودنا إلى الهدف والسبب الرئيسي وراء هذه الحملة ضده - منتقدو بولتون يختلفون معه حول أرائه بالنسبة للأمم المتحدة . \r\n \r\n من المعروف أن بولتون ينتقد بشدة سياسات الأممالمتحدة . في عام 1994 م ذكر بولتون انه إذا فقدت الأممالمتحدة عشرة طوابق كاملة بالعاملين فيها فلن يتأثر أداء الأممالمتحدة وذكر في عام 1999 م أن الأممالمتحدة هى جهة من بين العديد من الجهات التي تستطيع التعامل مع الأزمات الدولية . \r\n \r\n التصريحات التي أدلى بها بولتون كانت غاية في الصراحة والوضوح وهى ليست أول مرة يُدلي فيها مسؤول أميركي بهذا التصريح حيث أن كلا من دانييل باترك وجيان كركباتريك ذكرا تعليقات مُشابهة وهو الأمر الذي جعل السناتور كريستوفر دود يشير إلى أن عدم تعاطف بولتون مع الأممالمتحدة على الأرجح سيمنعه من القيام بمهامه كسفير للأمم المتحدة . \r\n \r\n مما لا شك فيه أن الأحداث الحالية تكشف لنا أن الولاياتالمتحدة ليست في حاجة إلى الدخول في سياسات متواءمة مع الأممالمتحدة بل هي في حاجة إلى إصلاحات جذرية . منذ انتهاء فترة الحرب الباردة , طالب عدد كبير من الدول الأممالمتحدة بالقيام بدور أكبر في حفظ السلام والعمليات الإنسانية وتوجيه البعثات الدبلوماسية للحيلولة دون حدوث نزاعات مسلحة إلا أن المخالفات التي تمت في برنامج النفط مقابل الغذاء وإساءة استغلال القيام بمهام حفظ السلام يوضح بما لا يدع مجالا للشك أن الأممالمتحدة عاجزة عن القيام بالتزاماتها بالشكل المطلوب . \r\n \r\n منذ تأسيسها في عام 1945 م وحتى الآن كانت هناك العديد من المقترحات من الولاياتالمتحدة ومن عدة دول لإصلاح الأممالمتحدة ولا يخفى على أحد أن كوفي عنان نفسه أقر بأن المنظمة فشلت في القيام بدورها كما كانت الدول تتوقع منها أنها بحاجة إلى إصلاحات واسعة . \r\n \r\n لقد تأخر الوقت كثيرا على الإصلاحات المطلوبة في الأممالمتحدة . قامت لجنة عالية المستوى تم تشكليها بناء على تكليف من الأممالمتحدة بدراسة أوجه القصور في هذه المنظمة الدولية وخرجت بأكثر من 100 توصية لإصلاح وبناء على هذه التوصيات قام الأمين العام للأمم المتحدة بوضع خطته . تجدر الإشارة إلى أن من المقرر أن تقوم الجمعية العامة بمراجعة هذه المقترحات في هذا الخريف . الولاياتالمتحدة بحاجة إلى وجود سفير في نيويورك يتفهم التعقيدات الموجودة في المنظمة ولدية القدرة على وضع أولويات الولاياتالمتحدة في هذه الإصلاحات . \r\n \r\n جون بولتون هو الشخص القادر على دعم إجراء إصلاحات في الأممالمتحدة تخدم مصالح السياسة الخارجية الأميركية . علاوة على ذلك فإن بولتون لديه استعداد ورغبة أكيدة في القيام بهذه الإصلاحات لدعم الأمن والسلام في العالم . \r\n صوتت اللجنة بفارق ضئيل بإرسال ترشيح بولتون دون أن يكون هناك توصية إلى مجلس الشيوخ حول تصويتها . على الرغم من الجدل المثير حول ترشيح بولتون إلا أنه لا خلاف بين اثنين على أن بولتون يمتلك الخبرة والإلمام الكافي بآليات عمل الأممالمتحدة . وبغض النظر عن الميول الشخصية فإن هناك إجماعا على حاجة هذه المنظمة إلى إجراء إصلاحات وساعة ولذلك في بولتون هو أنسب من يقوم بهذا الدور ويؤدي هذه المهمة . \r\n \r\n \r\n بريت شافر \r\n زميل في مركز الدراسات التجارية والاقتصادية الدولية التابع لمؤسسة هيرتاج الشهيرة .