والآن نجد أن ترشيح جون بولتون لمنصب سفير أميركا في الأممالمتحدة، قد أصبح يواجه مصاعب جمة، بسبب أن أعضاء مجلس الشيوخ الذين يعارضون هذا الترشيح يرون أن بولتون ليس لطيفا بما فيه الكفاية. \r\n \r\n ولكن هل نحن بحاجة إلى إضافة الفظاظة إلى قائمة المحظورات التي تحول دون ترشيح شخص ما لوظيفة في السلك الدبلوماسي؟.. إننا لو فعلنا ذلك، فإننا كنا سنقوم بطرد عدد كبير من أكثر دبلوماسيي أميركا كفاءة من مناصبهم التي شغلوها. فدين أتشيسون، وهنري كيسنجر، وجين كيرك باتريك، وجيمس بيكر الثالث وريتشارد هولبروك، وكثيرون غيرهم كانوا أشخاصا يتسمون بالخشونة في التعامل، فهل معنى ذلك أنه كان يتوجب علينا أن نقوم بطردهم من مناصبهم؟. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن الخشونة تحديداً هي الصفة التي يحتاجها الدبلوماسي في التعامل مع الحالات الصعبة التي تسود في أجزاء كثيرة من العالم. فنحن لسنا في حاجة إلى شخص ضعيف الشخصية كي يتقدم لشغل وظيفة سفير الولاياتالمتحدة في المنظمة الأممية، أو إلى أي وظيفة دبلوماسية أخرى صعبة. \r\n \r\n لقد كان بولتون دبلوماسيا كفؤا وموظفا بيروقراطيا نشيطا لأنه لم يحاول في أي مرة الفوز بمسابقة في الشعبية. كان الرجل من النوع الذي يقاتل دائما من أجل ما يؤمن به، وعادة ما كان يفوز في قتاله. \r\n \r\n بيد أنني لا أتفق مع بولتون في جميع أرائه. فعداوته للمحكمة الجنائية الدولية التي دفعته بدورها لمعاداة حلفاء مهمين، وإصراره على ضرورة توقيع معاهدات يتعهدون فيها بعدم القيام إطلاقا بتحويل أي جندي أميركي إلى المحاكمة، تبدو لي موقفا مبالغا فيه. علاوة على ذلك لم يعرف عن الرجل أنه من هواة بناء الأمم، أو التدخل لأسباب إنسانية، وكلاهما موضوعان أصبحا من الضرورات في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر. ولكن الرجل مع ذلك يبدو لي خيارا جيدا عندما يتعلق الأمر بالمساعدة في تطهير بالوعات الأممالمتحدة من الموظفين الفاسدين، والمسؤولين المستبدين الذين لا يخدمون إلا أنفسهم. \r\n \r\n أنا بالطبع لم أتأثر بالمزاعم غير المؤكدة، التي ساقها المناهضون لبوش ومنها ذلك الادعاء الذي ساقته إحداهن، وفحواه أنها عندما كانت مواطنة عادية قام بولتون بدق باب حجرتها في أحد الفنادق عام 1994، أو ذلك الاتهام القائل بأنه قد صاح في وجه أحد زملائه في العمل في بدايات الثمانينيات. \r\n \r\n هناك تهمة أكثر خطورة موجهة لبولتون هي أنه قد أساء استخدام الاستخبارات. ولكن هذه الاتهامات تتكسر كلها على محك التمحيص الدقيق. ففي الحالتين اللتين تم ذكرهما في هذا السياق، وهما المتعلقتان بخطب بولتون التي تحدث فيها عن الخطر الذي تمثله كوبا وسوريا، فإن الرجل قام فعلا بالدفع في البداية من أجل استخدام لغة أكثر خشونة من تلك التي تستخدمها أجهزة الاستخبارات. ولكن عندما أخبرته السي آي إي أنه يجب أن يخفف من لهجة ملاحظاته، فإن امتثل ولم يصمم على رأيه. فعدم استعداده لقبول تقديرات السي. آي. إيه المبدئية دون مناقشة، موقف يدفعنا لأن نصفق له، لا أن نلعنه من أجله. وخصوصا على ضوء ما تكشف من حقائق بواسطة اللجان العديدة التي قمنا بتشكيلها للتحقيق في مسائل معينة، والتي أثبتت كلها أن مسؤولينا يتصرفون في أحيان كثيرة دون دليل يقود خطاهم. \r\n \r\n بولتون متهم أيضا بإرهاب المحللين الذين يختلفون معه. فعلى ما يقال، أنه قد قام ذات مرة بالتهديد بطرد \"كريستيان ويسترمان\" المحلل في وزارة الخارجية الذي اختلف مع بولتون بشأن ما إذا كانت كوبا تقوم بتطوير أسلحة دمار شامل أم لا. ولكن الشيء الذي يغفل عنه المنتقدون هو أن \"ويسترمان\" قد أرسل مسودة خطاب إلى السي.آي.إيه، يدعي فيه زورا أن مكتب الاستخبارات والبحوث في وزارة الخارجية الأميركية، يختلف مع الاستنتاجات التي توصل إليها بولتون. وفي الحقيقة أنه لم يكن قد تم البت في هذا الموضوع رسميا، وأن ويسترمان حسبما قيل آنذاك، أنكر ما قام به، وقام رئيسه المباشر بالاعتذار لبولتون عن \"المسلك غير الملائم تماما\" الذي قام به. ولذلك ليس هناك ما يدعو للعجب عندما يستشيط بولتون غضبا جراء ذلك. \r\n \r\n إذا ما ساوركم الشك في أن تكون الأسباب التي ذكرناها، توجب رفض ترشيح بولتون، فإنكم ستكونون على حق. فكل هذا اللغط المثار حول كون بولتون رجلا لا يتمتع بشخصية لطيفة لا يمثل سوى أعذار واهية. أما السبب الحقيقي لعدم الرغبة في ترشيح الديمقراطيين الليبراليين والجمهوريين المتخاذلين وحلفائهم داخل وزارة الخارجية لبولتون، فهو أنهم غاضبون أشد الغضب من بولتون، لأنه كان بطلا مخلصا من الأبطال المدافعين عن نهج بوش الأحادي في السياسة الخارجية. ولكن وكما جاء في تصريح لأحد كبار الشيوخ الديمقراطيين لمجلة التايم:\"لا نستطيع أن نجادل ونقول إن هذا الشخص غير صالح للعمل في الأممالمتحدة لأنه قال ذات مرة أشياء مهينة نحوها، لأن الحقيقة هي أن معظم الأميركيين يتفقون معه فيما قاله\". \r\n \r\n لذلك، وبدلا من الجدل حول الموضوعات الحقيقية، فإن المنتقدين يجعلون شخصية بولتون هي الموضوع.. وهذا في رأيي شيء ليس\" لطيفا\" على الإطلاق.. أليس كذلك؟. \r\n \r\n ماكس بوت \r\n \r\n زميل أول بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست \r\n \r\n