\r\n فرغبة المحافظين الجدد بتغيير النظام في العراق موثقة جيدا وتعود الى اواخر التسعينيات‚ فبسبب تزايد شعورهم بالاحباط من سياسات كلينتون التي اعتقدوا بأنها ادت الى تزايد المخاطر على الامن الاميركي‚ رأوا في شخص بوش رجلا يستطيعون العمل معه‚ \r\n \r\n ففي غضون اسابيع من هجمات 11 سبتمبر‚ تم تقديم اقتراح رسمي من قبل المحافظين الجدد لغزو العراق‚ فرغم ان صدام حسين لم يكن مسؤولا عن الهجمات الارهابية في نيويوركوواشنطن الا انهم رأوا في تغيير نظامه المدخل الذي يؤدي الى دمقرطة الشرق الاوسط والقضاء على الارهاب في المنطقة الاوسع‚ \r\n \r\n بما ان هذا الاقتراح جاء في وقت كان مطلوبا من الولاياتالمتحدة ان تتصرف لمواجهة خطر الارهاب الذي انتهك حدودها لاول مرة‚ اكتسب الاقتراح موافقة الرئيس وحصل المحافظون الجدد على الحرب التي ارادوها‚ \r\n \r\n الاحتلال المثير للمشاكل \r\n \r\n تم غزو العراق طبقا لما هو مخطط له ولكن احتلال العراق تبين انه مثير للمشاكل اكثر مما توقعوا له واجبر واشنطن على التراجع عن فلسفة المحافظين الجدد واجراء مراجعة للمستقبل المباشر للسياسة الخارجية الاميركية‚ \r\n \r\n ومما غير الحراك السياسي اكثر حدوث عدد من الاستقالات البارزة من قبل كبار مفكري المحافظين الجدد مثل ريتشارد بيرل ودوغلاس فيث وجون بولتون ‚ \r\n \r\n فقد استقال بيرل من منصبه في مجلس السياسة الدفاعية داخل البنتاغون في شهر فبراير 2004‚ وبرر استقالته بقوله ان آراءه كمواطن تتعارض آراء الرئيس خلال الحملة الانتخابية‚ ولكن هذا القول يعتمد على عدم فهم الجمهور بأن مجلس السياسة الدفاعية ليس هيئة صناعة قرارات وانما منبر تناقش فيه الكثير من وجهات النظر المتعارضة‚ \r\n \r\n هذا التطور يعزز اكثر حقيقة ان رجالا من امثال ريتشارد بيرل وزملائه المحافظين الجدد يتمتعون بنفوذ وليس بسلطة وبأنهم مهرة في تسويق نوع في الفلسفة المحافظة باتت مشوهة في نظر الكثيرين‚ \r\n \r\n بعد مرور عام تقريبا استقال دوغلاس فيث في يناير 2005 من منصبه كوكيل لوزارة الدفاع لشؤون السياسة الدفاعية‚ فقد وجد فيث الاكثر عرضة للانتقاد بين المحافظين الجدد مركزه عرضة للضغوط مع تدهور الوضع في العراق في اعقاب استكمال الغزو وتزايد الخسائر البشرية في صفوف الجنود الاميركيين‚ \r\n \r\n ففي اعقاب هجمات 11 سبتمبر انشأ فيث مكتبا مثيرا للجدل لتقييم المعلومات الاستخبارية في محاولة للعثور على صلات بين صدام حسين وتنظيم القاعدة ربما تكون وكالة المخابرات المركزية قد فشلت في استخلاصها من المعلومات‚ \r\n \r\n وزعم مكتب فيث بأنه عثر على مثل هذه «الصلة» التي تربط احد رجال اسامة بن لادن يدعى ابو مصعب الزرقاوي مع الرئيس العراقي بدليل ان له معسكر تدريب مقره في العراق‚ \r\n \r\n طموحات غير واقعية \r\n \r\n اختلفت ال «سي‚آي‚إيه» مع هذا الاكتشاف وذلك لاسباب اقلها ان معسكر الزرقاوي كان مقاما في المنطقة الكردية في شمال العراق التي يسيطر عليها الاكراد وكانت خارج نطاق سيطرة صدام حسين‚ ولكن هذه الحقيقة تجاهلها مكتب فيث الذي كان مصمما على تبرير شن الحرب على العراق‚ \r\n \r\n وجاء الانتقاد الرئيسي لفيث من قبل الجنرال السابق تومي فرانكس في كتابه عن مسيرة حياته ولكن ايضا من قبل مسؤولين عسكريين آخرين‚ وملخص تلك الانتقادات تنطبق على جميع المحافظين الجدد وليس على فيث وحده‚ فنظريات فيث وتصوره لا يعطيان اهمية للجوانب العملية للعالم الحقيقي للتحديات العسكرية‚ وربما كان هذا هو سبب تحمل فيث للمساءلة اكثر من اي شخص آخر عن انزلاق العراق خارج نطاق سيطرة قوات التحالف كما ان فيث وزملاءه فشلوا في توقع اندلاع الثورة التي قتلت من الجنود الاميركيين اكثر مما قتل خلال عملية الغزو ذاتها‚ وهكذا افل نجم فيث واصبح مركزه غير قابل للحياة‚ \r\n \r\n ذكرت وكالة «رويترز» في تقرير لها من واشنطن ان وكيل وزارة الخارجية جون بولتون سيستقيل ويعود للعمل في القطاع الخاص‚ وكان بولتون قد اكتسب شهرة خلال الولاية الاولى لبوش لكونه شخصية فجة في التعامل‚ وكوزير دولة لشؤون التحكم بالاسلحة والامن القومي يمكن ايجاد العذر له على اسلوبه الخشن لان مهمته حماية الولاياتالمتحدة من المخاطر النووية وهي مهمة الفشل فيها غير مسموح به‚ \r\n \r\n ولكن اسلوب بولتون الاحادي الجانب في الامن الاميركي موقف كلاسيكي للمحافظين الجدد ليس اسلوبا ملائما لكسب التعاون الدولي لمواجهة مشكلة دولية في الاساس‚ \r\n \r\n كما يقول منتقدوه ان موقف بولتون العدواني يجعل التفاوض على اتفاقيات مع الاصدقاء والاعداء على حد سواء غير ممكنة‚ ومن الامثلة الدامغة وصفه لنظيره الكوري الشمالي بالدكتاتور المستبد قبيل بدء مفاوضات دبلوماسية حول موضوع انتشار الاسلحة النووية‚ وكان من الطبيعي ان ترد كوريا الشمالية بمطالبة واشنطن باستدعاء بولتون وارسال مفاوض غيره‚ ولكن بولتون تم ترشيحه لمنصب مساعد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس‚ \r\n \r\n التوجه الجديد \r\n \r\n احدى النقاط المركزية في ايديولوجية المحافظين الجدد كانت «حق الولاياتالمتحدة وامتياز لها بالتدخل الاحادي الجانب في العالم حتى لو جاء ذلك على حساب المؤسسات الدولية مثل الاممالمتحدة والاتفاقيات العالمية»‚ \r\n \r\n لو تم تعلم درس واحد فقط من الحرب على العراق والفشل الكامل حتى الآن لتأمين السلام ما بعد صدام هو: لم يعد بامكان اية دولة حتى الولاياتالمتحدة بكل جبروتها العسكري والاقتصادي ان تفكر في خطط مماثلة مرة ثانية من دون ان تضمن مسبقا شراكات مع دول اكثر من بريطانيا و«تحالف الراغبين» الحالي‚ \r\n \r\n تستطيع الدولة بمفردها ان تنتصر في الحروب ولكن السلام والاستقرار يحتاجان الى تعاون اكبر مع بقية الدول‚ ويبدو ان جورج بوش قد ادرك هذه النقطة الهامة ومهمة كوندوليزا رايس كوزيرة للخارجية ان تجوب العالم لمصالحة الولاياتالمتحدة مع حلفائها القدامى ولبناء الجسور التي انهارت في الفترة التي سبقت شن الحرب على العراق‚ وهذا ان دل على شيء فانما يؤكد وجود توجه جديد في السياسات الاميركية نحو التعددية في التعامل مع القضايا الدولية وهذا التوجه يعتبر من المحرمات في تفكير المحافظين الجدد‚ \r\n \r\n ان مشروع المحافظين الجدد لم يمت بعد كما ان تركته سوف تدوم الى الابد ولكن مع كل استقالة جديدة للمحافظين الجدد او ابعاد له عن المكتب البيضاوي‚ فسوف يضعف نفوذهم ويذوي وستكشف السنوات الاربع القادمة الى اي مدى سيتراجع نفوذهم‚ \r\n