\r\n وعلى الرغم من أن بدء سحب هذه الوحدات يعود إلى ما قبل 5 أعوام، فإن مسؤولين كبارا في وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي من إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش، قالوا إنهم لم يكونوا على علم بذلك، وشعروا بالدهشة حين اطلعوا على هذه التحركات بعد مرور فترة طويلة عليها. وظلت واشنطن حتى هذا الشهر تضغط باتجاه سحب القوات الإيرانية والسورية معا من لبنان. وقالت كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية: «نحن نريد خروج كل نفوذ أجنبي من لبنان، وأنا متأكدة أن هناك مواقع نفوذ أجنبي متعددة، وجميعا نعرف أن للإيرانيين صلات مع حزب الله». \r\n ولم يكن واضحا إن كانت رايس قد أعلِمت بأن أكثر الوحدات الإيرانية المسلحة غادرت لبنان، لكن مسؤولين كبارا آخرين قدروا، حتى يوم الجمعة الماضي، بأن إيران تحتفظ ب800 مسلح في لبنان، ولم يعرفوا عن أي عملية إجلاء لهم إلى أن استفسروا عن ذلك لدى مصادر استخباراتية أميركية. كذلك فإن إيران لم تشر علنا إلى خفض وحداتها في لبنان. \r\n وكان وجود عناصر حرس الثورة الإيرانيين، الذين نشروا في لبنان ردا على الغزو الإسرائيلي لأراضيه عام 1982، أساسيا في تكوين «حزب الله» اللبناني وتدريبه على القتال. وسحب هذه الوحدات من لبنان يبدل ديناميات الأمن والوضع السياسي فيه في وقت تسحب فيه سورية وحداتها العسكرية من لبنان، على اعتبار أن احتمال عودة إيران، منفردة إلى لبنان، مستبعد جدا. \r\n في الوقت نفسه تظل إيران المزود الأساسي ل«حزب الله» وحليفه السياسي الأول. ومن ضمن ما تمنحه إيران ل«حزب الله» ملايين من الدولارات والكثير من المعدات العسكرية مثل صواريخ كاتيوشا، التي تطلق باتجاه إسرائيل، إضافة إلى الخبرة العسكرية، حسبما قال المسؤولون. ويشعر المسؤولون الأوروبيون بالقلق من النفوذ الذي تملكه إيران داخل «حزب الله» والجماعات السياسية الأخرى التي ترفض عملية السلام العربية الإسرائيلية. \r\n وحذر مسؤول أميركي رفيع من عدم جعل عدد اللبنانيين في لبنان مساويا مع حجم النفوذ الذي تملكه إيران في لبنان، منبها إلى أن الطائفة الشيعية اللبنانية ستكون واحدا من الحلفاء الثابتين لإيران، فرجال الدين الشيعة في لبنان الذين تدربوا على أيدي رجال الدين الإيرانيين، أو أنهم إيرانيو المولد لعبوا أدوارا جوهرية منذ السبعينات في تسييس شيعة لبنان، الذين يعتبرون، عدديا، أكبر طائفة منفردة بين الطوائف المعترف بها في لبنان، ويبلغ عددها 17 طائفة. \r\n ويقول مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، إن «إيران تلعب دورا أساسيا في توفير الدعم اللوجستي والسياسي والمادي وعناصر أخرى تشارك كلها في مقاومة العملية السلمية. إنها فعالة في لبنان وفي الأراضي الفلسطينية». \r\n مع ذلك وعلى عكس فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، فإن الإيرانيين الآن موجودون في لبنان كخبراء عسكريين، بل وقد يكونون موجودين بصفة شرعية باعتبارهم موظفين في السفارة الإيرانية في بيروت، بصفة ملحقين عسكريين، مما يعطيهم حقا شرعيا لكي يكونوا هناك، حسبما ذكر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون. \r\n لكن هؤلاء المسؤولين لا يعرفون سبب سحب إيران الهادئ لوحداتها من لبنان منذ منتصف التسعينات وقبل مدة من صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 في أغسطس (آب) الماضي، الذي دعا إلى سحب القوات الأجنبية من لبنان. مع ذلك فإن بعضا منهم يظن أنه بعد فترة طويلة من لعب إيران دورا رئيسيا، نشأ جيل لبناني داخل «حزب الله» قادر على الاعتماد على نفسه. \r\n وهذا الحزب الشيعي، الذي بدأ أولا كحركة سرية بعضوية سرية لينفذ عمليات متطرفة وهجمات انتحارية ويخطف رهائن غربيين في بيروت، نما بعد 23 سنة ليصبح حزبا سياسيا معترفا به، مع أعضاء منتخبين في البرلمان اللبناني وجناح عسكري منتشر على امتداد الحدود الفاصلة مع إسرائيل. \r\n وقال مسؤول أميركي على معرفة بالسياسة الإيرانية، إن ذلك قد يكون ناجما عن كون إيران تسعى إلى نشر وحداتها الخاصة في مناطق أخرى. لكن دبلوماسيا آخر يعمل في الشرق الأوسط، قال إن لإيران قوات كافية تجعلها لا تحتاج إلى سحب ما لديها من لبنان لو أرادت البقاء. \r\n وكان انسحاب الوحدات الإيرانية دراميا جدا، بحيث أن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين وصفوه بأنه أصبح لا يصلح أن يكون قضية مع استمرار مساعي الأممالمتحدة والولايات المتحدة للضغط على سورية كي تنهي هيمنتها العسكرية على لبنان. \r\n وتركز المساعي الدبلوماسية الدولية الآن على جعل إيران تستخدم نفوذها كي يكمل «حزب الله» تحوله إلى حركة سياسية وتسليم مقاتليه للسلاح، حسبما قال المسؤولون الأميركيون والأوروبيون، إذ ضمن ما تضمنه القرار 1559 الدولي حل كل الميليشيات في لبنان.