وكانت هذه المهمة بحثا طويلا ويائسا تقريبا من أجل التخلص من سنوات من الهيمنة السياسية السورية. وقال فرانسيس الذي يعمل متطوعا في الحملة الحساسة سياسيا انه «شأن كل اللبنانيين كنا نفكر بأننا خبراء في القضايا السياسية. ولكن التقدم كان بطيئا». \r\n ثم انفجرت قنبلة يوم 14 فبراير (شباط) في بيروت وقتلت رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وسرعان ما وضعت المجموعة الاعلامية استراتيجيتها الانتخابية موضع التطبيق حيث ملأ عشرات ألوف المحتجين وسط بيروت مطالبين بانسحاب سورية من لبنان. وقد بثت خيارات المجموعة، وهي خطة اللون الأحمر وشعار الاستقلال، عبر المنطقة. \r\n وسرعان ما كان فرانسيس وزملاؤه في موقع هام من ربيع الديمقراطية في العالم العربي. \r\n وكانت الاحتجاجات التي سلطت عليها الأضواء نتيجة للقوة المتزايدة لشبكة حركات اصلاحية سياسية في العالم العربي نظمها النشطاء الشبان المتأثرون بالغرب والتقنية، والذين ظلوا يهاجمون القواعد الصارمة لمجتمعاتهم منذ سنوات من دون نجاح. أما الآن فان فرانسيس ومجموعته يرون نتائج. فاحتجاجات ساحة الشهداء ساعدت على اسقاط الحكومة اللبنانية وارغام سورية على سحب جيشها ورجال مخابراتها من لبنان. \r\n وقال وائل أبو فاعور، الزعيم السياسي الدرزي المسلم الشاب الذي ساعد في اعداد مسودة الاستراتيجية الاعلامية، انه «لن يكون أحد قادرا على انكار ان الناس أرغموا، أخيرا، حكومة عربية على الرحيل. فقد خرجت سورية وانهار النظام الأمني وباتت التسوية جزءا من عقل اللبنانيين». ولكن عبر المنطقة يستفيد الاصلاحيون السياسيون من القوى الموحدة للتقنية والاعلام الجماهيري. فالقنوات التي هي خارج سيطرة الحكومات تنقل كل شيء من مطالبة المرأة الكويتية بحقوق الاقتراع في بلدها الى مطالب المسيحيين اللبنانيين باخراج القوات السورية من بلدهم. والنشطاء المشاة في المظاهرات والاحتجاجات هم نشطاء سياسيون اسلاميون في بعض الحالات، أو من أنصار بوب ديلان، أو شيوعيون، أو قوميون عرب علمانيون في حالات أخرى. والكثير منهم موحدون فقط في رغبتهم المشتركة في إجراء انتخابات نزيهة وتحقيق حرية التعبير ونيل الحقوق السياسية. \r\n وتجسد تأثير فعال على المنطقة عبر التصوير التلفزيوني للانتفاضة في شوارع جورجيا التي سميت بالثورة الوردية والتي أدت الى الاطاحة بالرئيس بعد انتخابات تميزت بحدوث انتهاكات. ثم جاءت ثورة أوكرانيا البرتقالية التي كانت أيضا في أعقاب انتخابات لم تخل من تجاوزات. وساعدت هذه الحركات الجماهيرية على الهام استراتيجيات سياسية تعبر عن نفسها اليوم في شوارع بيروت والبحرين. \r\n وغالبا ما يرد الزعيم السياسي الدرزي أبو فاعور، الذي يفضل ارتداء الأزياء العصرية، على هاتفيه الجوالين. وهو من جيل من الزعماء اللبنانيين ممن بدأت تربيتهم السياسية في السنوات التي اعقبت حرب 1975 1990 الأهلية، عندما كان من الطلاب النشطاء في الجامعة الأميركية ببيروت. \r\n وقد تقدم السياسي البالغ 32 عاما في صفوف الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يقوده الزعيم المعارض وليد جنبلاط، من منسق لنشاط الشباب الى عضو في المكتب السياسي للحزب. غير أن ما هو أهم في الأشهر الأخيرة هو دوره في مجلس المعارضة الذي يسمى «لجنة المتابعة».. وقد تشكلت في الخريف الماضي بعد أن مدد البرلمان اللبناني، تحت ضغط سوري، ولاية الرئيس اميل لحود. \r\n وظلت اللجنة، المشكلة من أحزاب الدروز والمسيحيين والمسلمين السنة ممن يعارضون الوجود السوري في لبنان، تجري لقاءات لفترة اشهر في مقرات حزبية خافتة الأضواء في محيط بيروت. ولكن العمل كان يتقدم بصورة بطيئة وفقا لأبو فاعور الى ان حدث تفجير الكورنيش الذي أودى بحياة الحريري. وبعد التفجير اجتمع أبو فاعور وممثلو المعارضة الآخرون داخل قصر الحريري في قريطم. وخلال لقاءات ليلية كانت حزينة احيانا وضعت خطة للمعارضة بتحفيز من اغتيال الحريري وعواقبه. وقال أبو فاعور ان «الحدث نفسه حرك كل شيء». \r\n وخلال أشهر كان الحريري، الملياردير الحذر الذي انخرط في السياسة بعد الحرب الأهلية، يعارض علنا الانضمام الى معارضة سورية، على الرغم من أنه يشارك هذه المعارضة اهدافها سرا. ولكن قبل ثلاثة اشهر من رحيله بدأ الحريري ارسال أعضاء من حزبه، الذي يسمى حركة المستقبل، الى اجتماعات لجنة المعارضة. \r\n كما بدأ الاعداد لحملة اعادة انتخاب برلمانية. ووفقا لعدد من مسؤولي المعارضة كان قد اعد شعارا يتحدى، بصورة علنية، الوجود السوري في لبنان. \r\n وبعد أسبوع من اغتيال الحريري كان من المقرر أن تعرض مجموعة من مديري الاعلان، المتطوعين خارج وكالاتهم، على جنبلاط وكبار زعماء المعارضة الآخرين سلسلة من الاعلانات التلفزيونية كانوا قد اعدوها لحزب سياسي عراقي قبل انتخابات ذلك البلد في يناير (كانون الثاني) الماضي. وكان بينهم فرانسيس من ساتشي ورودي كامل من كوانتوم كوميونيكيشنز. وتتقاسم ساتشي وكوانتوم بناية فاخرة في بيروت. \r\n وكان كامل، الرجل الطريف المتحمس الذي يحدد جيم موريسون وبوب ديلان كملهمين، قد اعد 10 اعلانات للانتخابات العراقية دعما لأحد الأحزاب القومية. وشددوا وحدة بلد مزقته التوترات الطائفية، وهي رسالة أكدها جنبلاط وآخرون في لبنان وهم يشكلون تحالف المعارضة من أحزاب تعتمد الدين وكانت قد قاتلت بعضها بعضا خلال الحرب. \r\n وأدى اغتيال الحريري الى تأخير الاجتماع مع جنبلاط. ولكن قرارات أساسية أخرى كانت قد اتخذت وبدأ إعداد وتطبيق الخطط خلال ساعات بعد التفجير حيث تجمعت الحشود. وخلال أيام بدأ اضراب طلابي في ساحة الشهداء. وفي كل يوم منذ رحيل الحريري كان الصحافي سمير قصير يتلقى طلبات من زملاء في دول عربية أخرى بالتعرف على انطباعاته عن الانتفاضة التي كانوا يراقبونها على قناتي العربية والجزيرة. وكان الاضراب هو النجاح الفعلي الوحيد حتى ذلك الحين. \r\n خلال اشهر من إعداد الاستراتيجية استقر الفريق الاعلامي على اللونين الأحمر والأبيض كلونين للمعارضة في انتخابات الربيع المقبل. غير انه بعد اغتيال الحريري واجه أعضاء الفريق تحديا مفاجئا تمثل في كيفية مزج الألوان وتحويلها الى تعبير غاضب يمنح الحركة تميزا اثبت انه ناجح جدا في أوكرانيا. \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» خاص ب «الشرق الأوسط»