ملحمة شعب    وزير الخارجية يُشارك في المائدة المستديرة الأولي لزيادة الصادرات المصرية    عفت السادات: تحالف الأحزاب يطرح برنامجًا وطنيًا استعدادًا لانتخابات 2025    الزناتي: تصعيد الشباب وضخ دماء جديدة يقود نقابة المعلمين نحو التطوير    انتهاء إجازة الثلاثة أيام.. البنوك تستأنف نشاطها رسميًا 29 يونيو    كوبرى دمياط التاريخى من عُمر برج إيفل| «جسر الحضارة»    تداول 13 ألف طن و927 شاحنة بضائع متنوعة بموانئ البحر الأحمر    البترول: انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من منتدى مصر الدولي للتعدين 15 يوليو    حرب الأيام الاثنى عشر    مدير إعلام الأونروا: 77 % من مساحة قطاع غزة تقع ضمن أوامر الإخلاء    مستعمرون يشعلون النيران في أراضٍ زراعية شرق رام الله بالضفة    اعتراض دورية لليونيفيل بدون مرافقة الجيش في جنوب لبنان    وزير الخارجية: المياه قضية مصر الوجودية.. لا يمكن أن نفرط في هذا الملف (فيديو)    كلوب: كان بإمكاني تدريب منتخب ألمانيا    سيراميكا ينافس الزمالك على صفقة منتظرة    صدام أوروبى لاتينى بين بايرن ميونخ وفلامنجو البرازيلى    ريبيرو يتمرد على سياسة كولر فى تدريبات الأهلي    عضو مجلس إدارة الزمالك يكشف عن ميزة للأندية التي ترغب في ضم محمد شريف    أمن القاهرة يكشف حقيقة فيديو البلطجة وتجارة مخدرات بالمرج    محافظ أسوان: غلق وتشميع 35 محل وكافيه يديرها أفراد من جنسيات إفريقية    ضبط 109 عبوات أدوية بيطرية مجهولة المصدر في حملات بالشرقية    بعد ساعات من حادث الإقليمي.. وفاة زوجين وابنهما وإصابة ابنتهما في حادث تصادم بالمنوفية    مشروع توثيق تراث «فرقة رضا»    بتبادلهما الملابس.. أحمد السقا وفهمي يروجان ل «أحمد وأحمد» | شاهد    عبير صبري تُعلن طلاقها رسميًا: تم بهدوء وتفاهم    صور.. ترميم عدد من المنشآت الأثرية بمدينة الفرما بشمال سيناء    ماجدة الرومي تنشر صورا ترصد لحظة استقبالها بالمغرب قبل حفل موازين    «الطريق الإقليمي مش تبعنا».. مشادة بين لميس الحديدي ومتحدث محافظة المنوفية    لماذا تعلّم سيدنا موسى من الخضر رغم كونه نبيًا؟.. الشيخ يسري جبر يوضح الحكمة    مستشفى تلا المركزي في ثوب جديد .. طفرة طبية لخدمة أهالي المنوفية    قصر العينى يعدل مواعيد عمل العيادات الخارجية ل5 مساء    جولة مفاجئة تكشف عن إهمال جسيم في مستشفى بلبيس المركزي وقرار هام ضد 3 قيادات    الموسيقى قبل النوم: قد تخلصك من الأرق    بمجموع 223 درجة للعام و185 للخاص "المنيا" تعلن تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي    لمدة 15 يومًا.. فتح باب التظلمات لطلاب الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر    رسميًا.. موعد إجازة 30 يونيو 2025 للقطاعين العام والخاص بعد قرار الحكومة    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    وزير الرياضة: الانتهاء من تنفيذ استاد بورسعيد الجديد بالتزامن مع الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة    بنفيكا يخطط لإنقاذ جواو فيليكس من دكة تشيلسي    أحمد حلمي ينعى ضحايا الحادث الإقليمي    قبل انطلاقه غدًا.. مواعيد وقنوات عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    متحف كفر الشيخ ينظم ورشة فنية للتعريف بالآلات الموسيقية فى مصر القديمة    مصر وتركيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في قطاع الصناعات المعدنية    «طيران الإمارات» تمدد إلغاء الرحلات من وإلى طهران حتى 5 يوليو    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    انتصار السيسي توجه الهلال الأحمر بتقديم الدعم لأهالي ضحايا حادث المنوفية    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    رئيس «الرعاية الصحية»: توطين الصناعة الطبية ضرورة وطنية.. ومصر مركز إقليمي واعد    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    النيابة تحقق في إصابة طالب جامعي بطعنة نافذة في السلام    الاتحاد الإفريقي يرحب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    "الفنية العسكرية" توقع اتفاقين لدعم الابتكار في المسابقة الدولية التاسعة    توخيل يحفز شباب إنجلترا قبل موقعة ألمانيا في نهائي أمم أوروبا    طريقة عمل فاهيتا الفراخ.. تعرف على الخطوات    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشهدان من عالم منقسم على نفسه
نشر في التغيير يوم 15 - 02 - 2005


\r\n
المؤتمر الأول يسمى رسمياً \"المؤتمر الاقتصادي العالمي\"، وقد درج على الانعقاد منذ عام 1971 في منتجع يعد واحداً من أكثر منتجعات التزلج التي يؤمها أصحاب الثروة الفاحشة في سويسرا، التي تعد هي في حد ذاتها أحد أكثر البلدان تمثيلاً لرأسمالية البنوك وعالم المصارف والسندات. أما المنتدى الثاني فهو \"المنتدى الاجتماعي العالمي\"، والدورة التي نظمت مؤخراً هي الخامسة في دوراته، وتستضيفه مدينة العمال الأكبر في بلد من بلدان الجنوب الصاعدة بقوة، ونعني البرازيل. ومن الطبيعي أن يكون كبار ملاك ومديري الشركات متعددة الجنسيات في مقدمة الصفوف في مؤتمر دافوس، في حين يأتي في المقدمة في مؤتمر بورتو أليغري النقابيون، والمنظمات غير الحكومية، ونشطاء العمل الاجتماعي، ومناهضو العولمة من كل صنف ولون، هذا إضافة إلى المثقفين ذوي المسحة اليسارية وأحياناً اليسارية جداً. ولم يكن التزامن في كل مرة بين المؤتمرين مجرد صدفة بالطبع بل سعى إليه بإصرار منظمو منتدى بورتو أليغري، إذ حرصوا على جعل منتداهم مزامناً ومنافساً في الوقت نفسه لمنتدى دافوس.
\r\n
\r\n
إن الهدف المعلن من قبل اليسار العالمي وخصوم العولمة لمنتداهم هو كسر الاحتكار الثقافي الذي ما فتئ دعاة الليبرالية الاقتصادية يمارسونه في اجتماعاتهم المغلقة والنخبوية بشكل استعراضي، وأيضاً للدفع إلى الأمام بالمطالب التي يرفعها منظمو المنتدى بخصوص التجارة العالمية، ومؤدى تلك المطالب ألا تطغى الروح التجارية والرأسمالية المتوحشة وقوانين السوق العمياء على الاهتمام بالمسائل الاجتماعية، التي يرى هؤلاء ضرورة وضعها في الحسبان من قبيل مشكلة الفقر، وانتشار المجاعات، وانعدام مياه الشرب، والكوارث الناجمة عن الأوبئة والبطالة وغيرها.
\r\n
\r\n
إننا حين نتحدث عن هذين المؤتمرين نتحدث في واقع الأمر عن رؤيتين مختلفتين بشكل جذري للعولمة تقتسمان عالم اليوم، ففي دافوس، ينظر إليها ليس فقط باعتبارها قدراً محتوماً بل بصفتها نعمة من النعم الإلهية التي تشرق شمسها على الجميع. وفي بورتو أليغري ينظر عادة إلى العولمة على أنها مصدر كل أنواع البؤس والشر المستطير. ولكن التعارضات بين القمتين، التي تقبع وراءها كل تناقضات عالم منقسم على نفسه كعالمنا، هي مع ذلك أقل حدة وعمقاً مما قد يبدو لنا لأول وهلة.
\r\n
\r\n
لقد كان الشعار الذي هتف به الآلاف في بورتو أليغري، هو \"إن بناء عالم آخر أمر ممكن\" وهو شعار يلخص برنامج عمل المنتدى تقريباً. أما في دافوس فإن ما يتم تداوله هو عادة، قضايا اجتماعية لم يتم التركيز عليها بما فيه الكفاية في برامج الحكومات. وقد وصل المنظمون مع مرور الوقت إلى قناعة بأن منطق السوق لو ترك على حاله يعمل بميكانيكية عمياء يمكن فعلا أن تنجر عنه نتائج بالغة السلبية حتى على الرأسمالية نفسها. ولذا أصبح من المعتاد في دافوس أن يقع التعبير عن الاستياء من معاناة السكان الأكثر حرماناً في دول الجنوب، ويتحدث بعض المشاركين بنبرة تتظاهر بالأخلاق أحياناً، كما أصبح من عادة نادي الأغنياء هذا أن يستدعي بعض ممثلي النقابات لحضور اجتماعاته لأغراض الاستماع إلى أطروحاتهم ولسماع صوتهم أيضاً، لزوم التنويع وربما لمتطلبات العلاقات العامة.
\r\n
\r\n
وهنا يصل التنافس بين دافوس وبورتو أليغري إلى قمته، فهل يمكن القول إن أحدهما مؤهل للفوز بجعل نفسه ناطقاً بلسان حال شعوب العالم أكثر من الآخر؟
\r\n
\r\n
إن أقل ما يمكن قوله هنا هو أن منتدى دافوس أعطى الانطباع خلال السنوات الثلاث الماضية بأنه قادر على الاستمرار وبنفَس جديد من واقع أهمية الموضوعات التي تناقش فيه، وخاصة لقدرته على جذب حضور هو الأكثر تميزاً في عالمنا هذا من رؤساء دول، وحكومات، ووزراء، ورؤساء مجالس شركات عالمية الانتشار، بل ونجوم استعراض ووجوه \"الشَّوْ بيزينس\"، وغيرهم ممن أصبحوا حريصين على التواجد في ذلك المنتجع السويسري، لزوم لفت الانتباه ولمتطلبات الوجاهة. أما المنتدى الاجتماعي العالمي فيبدو أنه خلال نفس الفترة فقد جزءاً ولو يسيراً من حماسه وزخمه، ولذا يسعى القائمون على تنظيمه إلى استعادة شيء من ذلك من خلال تنظيم دورته القادمة ليس في بورتو أليغري ذاتها، وإنما على امتداد ثلاث قارات في الوقت نفسه.
\r\n
\r\n
وإذا كان المجتمعون في دافوس هم من يمتلكون القرار والسلطة في عصر العولمة، فإن ناشطي بورتو أليغري وأنصارهم هم من بيدهم في النهاية توجيه وهندسة المآلات السياسية للعولمة ومشتقاتها المختلفة. فبوجود 15 ألف مشارك و2500 ورشة نقاش مختلفة وفي موضوعات متنوعة من الطبيعي أن يكون منتدى بورتو أليغري بمثابة مختبر ثقافي دولي يسمح بتشكيل تصورات لا حدود لها حول مشكلات العالم السياسية والاجتماعية بشكل لا يضاهى.
\r\n
\r\n
ولحسن الحظ يبدو أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قد جمع بعض الخيوط بين المنتديين وربما سعى بطريقة ما لتوصيل رسالة أحدهما إلى الآخر. فقد شارك في منتدى بورتو أليغري الذي ينعقد على أرض بلاده، وقدم برنامجاً عالمياً يهدف إلى الحد من الفقر يدعمه تحالف سياسي دولي واسع من النقابات والمنظمات غير الحكومية، ثم طار بعد ذلك مباشرة إلى منتجع دافوس وقدم طرحاً في نفس الاتجاه تقريباً.
\r\n
\r\n
لقد أثير في دافوس موضوع تجاري شائك هو تأثير الضرائب على التنمية العالمية، وكان مجرد حديث رموز الثروة والسلطة في هذا الموضوع اختراقاً أثبت أن المنتدى الاقتصادي العالمي لا تنقصه المرونة ولا يحجم عن مناقشة أية مسألة ذات طابع اجتماعي حتى لو كانت المصالح ووجهات النظر، مختلفة بشأنها. ولكن هذا الموضوع يعود الفضل في تبنيه أصلاً إلى منتدى بورتو أليغري حيث درجت المنظمات غير الحكومية على المطالبة بفرض ضرائب معينة تترتب على حركة البضائع ورأس المال بغية تمويل برامج التنمية في الدول الفقيرة.
\r\n
\r\n
إن التحدي الذي تواجهه الحركة المناهضة للعولمة هو مدى قدرتها على تجديد طرحها وتحديد أجندتها بشكل يبعث فيها دماء جديدة باستمرار. ومع أن بعض مطالبها أصبح تقليدياً ومعروفاً على نطاق واسع، مثل تلك الدعوة البسيطة والمشروعة في نفس الوقت إلى توفير مياه الشرب للجميع على نطاق عالمي، إلا أن بعضها الآخر لا ينال القدر ذاته من الإجماع عليه مثل سعي مناهضي العولمة للحد مما يسمونه \"الجنات الضريبية\" التي يتنعم في خيراتها الأغنياء ويعاني من جحيم قساوتها الفقراء. وأيضاً مثل دعوتهم التي تزداد يوماً بعد يوم إلى نقل مقر الأمم المتحدة من مدينة نيويورك (بسبب العداء الأميركي التقليدي للمنظمة الدولية)، إلى آخر ما هنالك من مطالب.
\r\n
\r\n
ومفهوم أن كثيراً من الدعوات والصخب الذي يقال في بورتو أليغري سيُهجر ويُنسى، وستتساقط حتماً أفكار كثيرة وحركات أكثر على جنبات الطريق. ولكن في المقابل ستتحقق أفكار عديدة مما يطرحه أولئك الحالمون الثوريون في تظاهراتهم الصاخبة، وسنراها تترجم على أرض الواقع العالمي خلال سنوات قليلة. وهنا تبدو أهمية هذا المنتدى باعتباره بمثابة مختبر عالمي مفتوح في الهواء الطلق لتجربة الأفكار واستنباطها والدعوة إليها، من خلال تعبئة شعبية عالمية هي وحدها القادرة على ليِّ أذرع الحكومات وإفهامها أن ثمة دوراً يتعين عليها لعبه لتحويل أحلام الشعوب إلى وقائع على الأرض، ومن خلال إقناعها بأن عليها أن تكون طرفاً فاعلا في الاستجابة لنداء المستقبل الإنساني.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.