\r\n ومع أن الدستور السوري يعطي حقوقا متساوية لكل الأقليات الإثنية في هذه البلاد المتعددة الأعراق، فان النشطاء السياسيين بين هذه الأقليات يقولون إن حقوقهم أبعد ما تكون عن المساواة في واقع الأمر. فليس من حقهم تكوين الأحزاب السياسية أو إصدار الصحف بلغاتهم المحلية. ولا يتمتع بالجنسية 150 ألف شخص ينتمون إلى أكبر الأقليات القومية وهم الأكراد. وما تزال حقوق القوميات ضمن «الخطوط الحمراء» التي تقتضي السلامة عدم الخوض فيها. \r\n ولكن ثمة تغييرا بدأ يحدث منذ سقوط صدام حسين عن الحكم في العراق. إذ أصبح النشطاء السياسيون من الأقليات القومية يتحدثون عن همومهم ومطالبهم بصورة مفتوحة، معبرين عن أملهم في أن تؤدي التغييرات في العراق إلى نتائج مشابهة في الدول المجاورة. ومن يزور منطقة الحسكة الكائنة في الجزء الشمالي الشرقي من سورية، بجوار تركيا والعراق، يشعر بهذه الآمال المشوبة بالمخاوف والقلق. وقد اندلعت في أكثر من القامشلي، على الحدود السورية التركية، في مارس «آذار» الماضي، مظاهرات صاخبة شارك فيها 3000 من مواطني المدينة الأكراد الذين اصطدموا بقوات الأمن مما أدى إلى سقوط أكثر من 25 قتيلا. \r\n وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تظاهر حوالي 2000 من المسيحيين الأشوريين في مدينة الحسكة مطالبين بالحقوق المتساوية والمعاملة العادلة من قبل الشرطة المحلية. وكانت تلك أول مظاهرة يسيرها هؤلاء المسيحيون بعد حادثتي قتل وقعتا في صفوفهم من قبل المسلمين الذين قالوا عن القتيلين أنهما أتباع الرئيس الاميركي جورج بوش ووصفوهما ب«كلاب مسيحية ضالة». \r\n وقال نمرود سليمان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري «إن قرب الحسكة من العراق، وتعدديتها الإثنية، تجعل الناس هناك يهتمون بصورة خاصة بالتطورات في العراق ويعتبرون الحريات التي نالها الناس هناك مصدرا للإلهام بالنسبة لهم». وقال سليمان: «مع أن هذه الاحتجاجات الآشورية في الحسكة كان سببها نزاعا شخصيا، إلا أن طريقة الحل التي أرادها الناس هي من وحي التجربة العراقية. فهم يرون أن التظاهر أسلوب حضاري في التعبير عن الموقف». \r\n وثمة تضامن واسع من قبل أهل الحسكة مع أخوتهم في العراق. فعندما أعلن الزعيم الكردي مسعود بارزاني أن اللغة الكردية ستكون واحدة من اللغات الرسمية في العراق، خرج أهل الحسكة متظاهرين في الشوارع. وقال طاهر سفوج، السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردستاني، المحظور «إن سورية والعراق تعتبر كل منهما مرآة للأخرى، بحكم التكوين الإثني المتشابه، والتجربة البعثية المشتركة». وقال إن سيادة الديمقراطية في العراق ستؤدي إلى سيادتها في سورية. \r\n وقال باسل دحدوح الذي دخل البرلمان السوري كمستقل، مع أنه ينتمي إلى الحزب القومي الاجتماعي السوري المحظور، أن استئناف التواصل مع العراق، يجعل كثيرا من السوريين يتساءلون عن طبيعة النظام السياسي الذي يحكمهم. \r\n وذكر عمانويل خوشابا، عضو الحركة الديمقراطية الآشورية في العراق، أن سورية لا تملك إلا أن تتأثر بالعراق. \r\n ومن الجانب الآخر فإن العنف في العراق يعتبر عامل تنفير، ويثير قلقا عميقا لدى الأقليات الإثنية السورية. وقال بشير إسحق سعدي، رئيس المكتب السياسي للمنظمة الديمقراطية الآشورية، إن الوجود الأميركي في العراق أدى إلى تعميق الشعور الإسلامي في سورية، مما يسبب مشاكل حقيقية للمسيحيين السوريين. وقال «إن المسيحيين السوريين لم يعودوا يخافون الحكومة السورية بل يخافون جيرانهم. ومع ذلك فإن حاجز الخوف قد ارتفع بصورة لم يكن من الممكن تصورها قبل عدة سنوات فقط». \r\n وقد بلغت الجرأة بكراكوس أن يترشح لرئاسة الجمهورية، مع أن ترشيحه غير دستوري لأن الدستور ينص على أن يكون الرئيس مسلما. ولكنه لا يعبأ بهذا في كثير أو قليل، حتى بعد أن فقد وظيفته كمهندس وقال إن الدستور السوري هو الذي يجب أن يتغير، وليست هويته الدينية أو الإثنية. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز» \r\n