\r\n لقد ظلت \"كوسوفو\" تشهد المزيد من المخاطر والاضطرابات. وبعد خمسة أعوام من حالة الغموض والشكوك بشأن مستقبلها سواء داخل أو خارج صربيا فقد عجز مراقبو الأممالمتحدة عن إرساء دعائم التنمية الاقتصادية هناك. وعلى الرغم من إجراء سلسلة من الانتخابات الديمقراطية إلا أنها قد فشلت في منح حكومة \"كوسوفو\" المزيد من السلطات التي تتمكن من خلالها من إحكام قبضتها على إدارة البلاد. وقد تمخض هذا الأمر عن غضب شعبي عارم ما أدى إلى تأجيج أعمال العنف ضد الصرب في \"كوسوفو\" وتجدد الحديث عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب، بل إن الأمر برمته بات مرشحاً للمزيد من التعقيدات في ظل احتمال إجراء محاكمات في \"لاهاي\" ضد المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب ضد الصرب من بينهم \"راموش هارديناج\" رئيس الوزراء الذي جرى تعيينه مؤخراً، إذ أن عملية إرساله إلى \"لاهاي\" من شأنها أن تسفر عن غضب واضطرابات شعبية هائلة تؤدي إلى المزيد من أعمال العنف التي لن تجتاح \"كوسوفو\" فقط بل قد تمتد إلى الألبان عبر الحدود في مقدونيا المتوترة أصلاً. ولقد استمرت الأوضاع في صربيا تشهد المزيد من الانحدار والتردي بعد أن حققت مجموعة من المتطرفين مكاسب عديدة في الانتخابات الأخيرة وتمخض الأمر عن قيام حكومة عاجزة عن الاضطلاع بدورها بشكل فعال. وبات القادة السياسيون يتخوفون من الإعلان عن قبولهم بدولة مستقلة في \"كوسوفو\" حتى مع علمهم وإدراكهم الخاص بأن وجود مليوني ألباني في \"كوسوفو\" سيجعل من صربيا دولة قابلة للتداعي والانهيار. ولقد عمدوا إلى وضع خطة تقضي بتجميع الصرب في شمال وشرق \"كوسوفو\" بهدف وضع اللبنات القوية التي تؤدي إلى تقسيم الإقليم. أما صرب \"كوسوفو\" فقد رفضوا القبول بحكم ألباني والمشاركة في الحياة السياسية في \"كوسوفو\". \r\n \r\n وهناك مخاوف متنامية من أن عملية التقسيم أو الخلافات الدولية المرجح وقوعها في هذا الربيع ستأتي بالمزيد من النتائج المحبطة التي ستتمثل في الاحتجاجات الشعبية وممارسة الضغوط على قادة \"كوسوفو\" السياسيين من أجل تحقيق الاستقلال بشكل ما ومحاولات أخرى من قبل المتنفذين الأقوياء من السياسيين في \"كوسوفو\" عبر استخدام القوة لتحقيق أهدافهم. ويرى زعماء بلغراد أن مثل هذا العنف سيزيد من احتمالات تقسيم \"كوسوفو\" وقد يرغب هؤلاء في ممارسة نوع من التحريض والاستفزاز يهدف إلى فرض هذا التقسيم. \r\n \r\n على أن هذا الأمر سيؤدي إلى وضع مأساوي لشعب \"كوسوفو\" ويشكل إحراجاً كبيراً للغرب. إن استمرار حالة الغموض بشأن مستقبل \"كوسوفو\" والاحتمالات المتزايدة بتصاعد أعمال العنف ستؤدي إلى أكثر من مجرد التخلف الاقتصادي للمنطقة حيث تثير التساؤلات أيضاً عن مدى إمكانية قدرة الدول المتعددة الأعراق على البقاء وتهدد بشكل خاص مقدونيا وصربيا بكل ما لديهما من أقليات، وهو نوع من الاضطراب والفوضى لا ترغب في حدوثه بروكسل ولا واشنطن. ولكن الوضع الحالي إنما يعتبر نتيجة طبيعية للتخبط الذي ظلت تمارسه واشنطنوبروكسل وسائر العواصمالغربية. فلزمن طويل ظلت الصعوبات والعوائق تقف حائلاً دون التوصل إلى حل نهائي لمشكلة \"كوسوفو\". ومنذ عام 1999 ظلت جميع الأطراف تأمل فقط في حدوث تحول مفاجئ. وعندما لم يحدث ذلك لجأت هذه الأطراف إلى تنصيب إدارة مزيفة في \"كوسوفو\" وعدت المواطنين بممارسة سلطات حكومية نافذة ولكنها أثبتت عدم قابليتها للتطبيق على أرض الواقع. واستمرت هذه الحكومة في إيلاء القليل من الاهتمام للتنمية الاقتصادية دون أن توفر الأسباب التي تدعو للأمل في التوصل إلى حل نهائي. \r\n \r\n والآن وبعد أن أعلنت منظمة الأممالمتحدة أن عام 2005 سيمثل الوقت الحاسم لحل مشكلة \"كوسوفو\" فقد بات يتعين على الدول الغربية وروسيا العمل معاً من أجل دراسة الطبيعة الشائكة للحل حيث يجب أن تعتمد التسوية على الاستقلال بالإضافة إلى توفير الحماية للمواطنين في الإقليم وتحفيز صربيا بمنحها الإشارة الخضراء للدخول في عضوية الاتحاد الأوروبي بمجرد أن تتوصل إلى حل مشكلة \"كوسوفو\". وغني عن القول إن أي حل هناك سيتطلب توفير الموارد والقوات وعمليات المراقبة لسنوات عديدة من قبل بقية الدول في جميع أنحاء العالم. \r\n \r\n إن عملية التوصل إلى حل نهائي للمشكلة أمر تكتنفه الكثير من الصعوبات، فالطريق إلى هذا الحل يتطلب في بعض المراحل إجراء مفاوضات جدية ومكثفة بين \"كوسوفو\" وصربيا عبر إجراءات ونشاطات مكثفة من مجلس الأمن في الأممالمتحدة بحيث تؤدي في نهاية الأمر إلى اتخاذ قرار نهائي أو قيام مؤتمر دولي. لقد مضى ذلك الوقت الذي كان يرمز فيه الحضور الأميركي والأوروبي في البلقان إلى التزام وتعهد حلف \"الناتو\" بالدفاع عن قيمه ومصالحه. أما الآن فإن هذا الحضور بات يثير هذا التساؤل المهم: إذا كانت الولاياتالمتحدة وأوروبا لا تستطيعان العمل معاً بهمة قوية لحل المشكلات في أوروبا فكيف يمكن أن نأمل من أي منهما التعامل بنجاح مع مشاكل أكبر حجماً تقع خارج القارة الأوروبية؟ لذا فإن الرئيس بوش مطالب أكثر من أي وقت مضى بقيادة الولاياتالمتحدة بالتعاون مع حلفائها وأصدقائها من الأوروبيين لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في كوسوفو خلال هذا العام. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n مورتون ابراموفيتش \r\n \r\n الرئيس السابق لمنتدى \"كارنيجي\" للسلام العالمي والعضو الحالي في \"مؤسسة القرن\" \r\n \r\n هيثر هرلبورت \r\n \r\n كاتب خطابات السياسة الخارجية في إدارة \"كلينتون\" وعمل كنائب لمدير مكتب واشنطن لمجموعة الأزمات الدولية. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n