\r\n ومن أزمات برلين وكوبا الى التزامنا المشترك في كوسوفو وفي هاييتي، كما اني أكتب لك كعامل بسيط من العاملين في تحقيق وحدة أوروبا التي يعود الفضل فيها الى بلدك أيضاً، التحرير من الطغيان النازي، المساهمة الحاسمة في خطة مارشال لإعادة إعمار القارة الاوروبية، الحماية خلال عقود ضد التهديد السوفييتي ودعم تحرر أوروبا الوسطى والشرقية. \r\n \r\n هذه هي رسالة الى صديق من الولاياتالمتحدة يشارك الكثير من أبناء جيله من الاوروبيين قيم الحرية والديمقراطية والوعد الموجه للجميع بأن يتمكن من تحسين وضعه.هذه هي المرة الأولى منذ زمن طويل التي يتساءل فيها الاوروبيون عن مستقبل العلاقات بين طرفي الاطلسي، والأمر لا يتعلق بمناقشة أوضاع بلادكم. \r\n \r\n أو رؤيتكم أو الفكرة التي لديكم عن مستقبلكم، فالاوروبيون يأتون تصرفاً سيئاً إن وجهوا لكم اللوم على كونكم بلداً قوياً وديناميكياً، لكنهم يناقشون مع ذلك وجهة النظر التي تتبناها الولاياتالمتحدة حيال أوروبا والدور الذي يمكن لهذه القارة أن تقوم به مع الولاياتالمتحدة في العالم. لذلك يروق لي تذكر سلسلة من الحقائق واقتراح فكرة أو فكرتين للأشهر المقبلة. \r\n \r\n الحقيقة الأولى هي ان علاقتنا السياسية لا تعكس بشكل كاف الاعتماد الاقتصادي المتبادل بيننا، لنتذكر ان الجزء الأكبر من الاستثمارات الاجنبية في أوروبا يأتي من الولاياتالمتحدة، والعكس صحيح ايضاً، وان الجزء الأكبر من الفوائد المحققة في الخارج من قبل الشركات الاوروبية هي في الولاياتالمتحدة، والعكس صحيح ايضاً. وهذا يوجد الألوف من فرص العمل ويحافظ عليها سواء في الولاياتالمتحدة أم في أوروبا. \r\n \r\n صحيح انه في يومنا هذا يتم الحديث كثيراً عن نمو الاقتصادات الآسيوية، وعن الآفاق المفتوحة أمام السوق الصينية. لكن الصحيح ايضاً هو ان الشركات الأميركية استثمرت عام 2003 في آسيا بكاملها أكثر بقليل مما استثمرته في الاقتصاد الهولندي. \r\n \r\n وفي تلك السنة نفسها استثمرت شركات بلادي خمسة مليارات دولار في الولاياتالمتحدة. نعم اننا نعتمد بعضنا على البعض الآخر، ونعم ان النمو الأميركي يطلق النمو الاوروبي، وفي كل يوم يتعين على الاقتصاد الاميركي تمويل عجزه الكبير في ميزان المدفوعات، فإنه يجد رصيداً له في انعكاساته الاوروبية. وبالتالي بمقدورنا التساؤل عما إذا كان حوارنا السياسي بمستوى تبعيتنا الاقتصادية المتبادلة. \r\n \r\n الحقيقة الثانية هي ان الاتحاد الاوروبي يقترب من نضوجه المؤسسي، فمنذ معاهدة ماستريخت وهو يبحث عن منظمة تتلاءم مع مهماته الجديدة وامتداده الجغرافي الجديد.ما الذي يمكن ان ننتظره الآن من الولاياتالمتحدة غير تعاون يعود بالفائدة المتبادلة على الاتحاد الاوروبي الجديد والاتحاد الأميركي القديم، حسب كلمات الرئيس الأميركي الاسبق جون فيتزجيرالد كيندي، أحياناً نفهم ان مهمة الولاياتالمتحدة في العالم هي تشجيع الديمقراطية،. \r\n \r\n وبالتالي فإنها تساند بناء أوروبا أكثر قوة واتحاداً، لأن الاتحاد الأوروبي يجذب نحوه ونحو قيمه الديمقراطية عدداً متزايداً من البلدان التي تحيط به الحقيقة الأخيرة هو انه في الساعات الأكثر ملكة التي عاشها بلدك في 2001، كان باستطاعتكم الاعتماد على التضامن الكلي للاتحاد الأوروبي ولدوله الأعضاء، حيث نتبنى تدابير ملموسة ضد الارهاب. \r\n \r\n والكثير من الجنود الأوروبيين ومن بينهم الكثير من الفرنسيين والألمان عملوا ولا يزالون في أفغانستان معكم. ولدينا الكثير من الأمور التي نقوم بها معا من أجل تشجيع الديمقراطية والعدالة والتطور، ومن أجل محاربة الارهاب، ومن أجل كبح الحروب، ومن أجل توفير السلام، والتصرف على هذا النحو أيضا حيال جذور الارهاب نفسها. \r\n \r\n كما ان لدينا ما نقوم به معا في الشرق الأوسط من أجل اخراج الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين من وضع حافة الموت الذي يعيشه. فذلك الصراع يشكل اليوم بالذات أهمية أكبر من أي صراع آخر، بفعل تفاعلاته ومداه العالمي، وبحكم انه مصدر صراعات أخرى، والأدهى من ذلك كله هو انه غالبا ما يستخدم ذريعة للارهابيين من كل نوع في أي مكان من العالم. \r\n \r\n لذلك يتعين علينا عدم تركه من دون حل وعدم ترك الشرق الأوسط من دون مستقبل. لنستعد خارطة الطريق من جديد، ولنسلك الطريق الذي يؤدي الى السلام. ولنعد تفعيل اللجنة الرباعية، ولنكن مستعدين لمرافقة جميع الجهود المبذولة في هذا السياق بما في ذلك حشد حضور عالمي على أرض الواقع، علما بأن الاتحاد الأوروبي لن يتمكن من القيام إلا القليل من دونكم. وهل من شك في أنكم ستتمكنون من القيام بالمزيد من الأمور معا؟ \r\n \r\n فالسلام في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا بالتزام مشترك ومحدد من جانب الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين سيتعين عليهما معا الاضطلاع بهذه المسئولية التاريخية. ومن ثم يتعين علينا ان نتحرك من أجل أفريقيا، فهذه «الحدود الجديدة» التي تشكل من القارة الافريقية اليوم هي من دون أدنى شك حدود مشتركة. \r\n \r\n وهذه القارة الأكثر شبابا وفقرا في الوقت نفسه تجسد جميع التهديدات ولكن أيضا جميع رهانات عالمنا المعاصر من تنمية ونمو وأمن وصحة وبيئة وإدارة للفضاء. ولن نتمكن إلا بأعمال تكاملية وتنسيقية من الرد على هذه التحديات، حيث يتعلق الأمر بتشجيع تنمية مستدامة أو تقليص بؤر الصراعات أو انعدام الأمن، فضلا عن وجود مسائل كثيرة أخرى ومناطق كثيرة أخرى لابد من أن تستفيد من حوارنا الجديد. \r\n \r\n وذلك كي لا يكون هناك عراق ثان وكي لا يكون هناك المزيد من الأزمات التي يعود فيها النقاش بهذا القدر من العمق حول القانون الدولي سواء فيما يتعلق بشرعيته أم نفعيته. لدينا مصالح مشتركة ونتقاسم قيما متماثلة، فلماذا لا نتعلم من جديد صياغة تطلعات مشتركة أيضا؟ لذلك أعتقد انه يجب اعطاء العلاقات السياسية الدولية دفعة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الأوروبي. وهذا هو الوضع حاليا في موضوع الدفاع. \r\n \r\n حيث يتحول الاتحاد الأوروبي في هذا الميدان الى شريك يمكن تصديقه في المستوى الثلاثي لقدراته العملياتية والتنافسية، التي سيزيدها الدستور الأوروبي، فضلا عن امكانيات التزامه على الأرض ومشاركته في مهام حلف الناتو حيث يؤدي التعاون وظيفته وتؤكد السياسات التكاملية على خير الجميع ولا سيما في اطار حلف الأطلسي. لكن يبدو واضحا في الميدان السياسي ان الحوار بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة ليس كافيا ولا عاديا بما يكفي. ما العمل من أجل تكثيفه وتكييفه مع ما آلت اليه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي؟ \r\n \r\n أقترح من الآن أن يجتمع فريق رفيع المستوى ومكون من شخصيات مستقلة ومعترف بها من كلا جانبي الأطلسي للعمل في هذا المشروع السياسي. الولاياتالمتحدة بحاجة الى أوروبا قادرة ومسئولة. وأوروبا بحاجة الى ولايات متحدة قوية وملتزمة في شئون العالم . \r\n \r\n ومناصرة للتعددية التي ساهمت بانشائها في كنف منظمة الأممالمتحدة وقانعة بأن العالم بحاجة إلى معايير تطبق على الجميع. ولقد كان حسن التفاهم بين شطري الأطلسي في تاريخ القرن العشرين شرطا جوهريا للسلام العالمي. واليوم فإن التحالف السياسي بين الاتحاد الأميركي القديم والاتحاد الأوروبي الجديد لن يكفي لضمان مستقبل أفضل في عالم أكثر زعزعة وأكثر خطورة ويواجه تحديات جمة. لكن من دون ذلك التحالف فإن ذلك المستقبل لديه القليل من امكانيات الازدهار. \r\n \r\n