الوزراء حضروا وتناولوا العشاء وأقروا قائمة من الأهداف غير المثيرة للجدل‚ فقد شجعوا الانتخابات الحرة واستنكروا الارهاب وأقروا مبدأ المحافظة على وحدة الأراضي العراقية وأكدوا أهمية تقديم المساعدة الإنسانية بعدها اختلفوا حول كيفية انجاز هذه الأهداف وعادوا الى بلادهم دون الزام انفسهم بأي شيء يمكن ان يساهم في تغيير الواقع العراقي‚ \r\n \r\n يمكن للمؤتمرات الدولية من هذه النوعية ان تكون مفيدة عندما يكون المشاركون فيها منطلقين من وجود بعض أسس الاتفاق حول طبيعة المشكلة ومحاولة الوصول الى حلول ممكنة‚ ومن الواضح انه لا يوجد اي اتفاق حتى الآن بشأن العراق‚ فبعد أكثر من 20 شهرا منذ قيام الولاياتالمتحدة منفردة بافتراض تحمل مسؤولية تحديد مستقبل العراق من خلال غزوه دون الحصول على الدعم اللازم من قبل مجلس الأمن او معظم الدول المجاورة‚ فإن الولاياتالمتحدة تجد نفسها وحيدة الى حد بعيد وغارقة في المستنقع العراقي في الوقت الذي اختارت فيه معظم دول العالم الوقوف على الاطراف ومراقبة الولاياتالمتحدة من بعيد وقد انتابتها شكوك كثيرة بالنوايا الأميركية‚ \r\n \r\n ان هذا الوضع ليس صحيا سواء بالنسبة للعراق أو الولاياتالمتحدة او الشرق الأوسط أو الأسرة الدولية‚ والكيفية التي ستتطور بها الأمور في العراق في الأشهر القليلة القادمة ستكون لها تداعيات ونتائج كثيرة على الجميع‚ \r\n \r\n والأمور من غير المحتمل ان تسير في الاتجاه الصحيح إلا إذا بدأت جميع الحكومات التي شاركت في مؤتمر شرم الشيخ بالعمل معا وبنشاط‚ \r\n \r\n وعلينا ألا نتوقع حدوث ذلك خلال وقت قريب‚ فإدارة بوش المعاد انتخابها تبدو مصممة الآن أكثر من اي وقت مضى على الاعتماد على القوة العسكرية لتحطيم التمرد السني حتى ولو تمخض عن ذلك المضي قدما في اجراء الانتخابات في يناير القادم دون مشاركة جميع العراقيين‚ \r\n \r\n معظم بقية دول العالم تبدي الشكوك بشأن هذه الاستراتيجية ولا تعتقد ان بامكانها توفير الأمن والشرعية او السيادة الفعلية وبالتالي فهي تفضل البقاء بعيدا تاركة الولاياتالمتحدة تقلع أشواكها بنفسها دون مساعدة من أحد‚ \r\n \r\n ويبدو ان الاستراتيجية المفضلة هي تمني الأفضل وتقديم بعض الايماءات على حسن النية مثل مسامحة العراق بدفع ديونه وهي ديون يعرف الجميع انها لن تدفع على أية حال ابدا في يوم من الأيام‚ \r\n \r\n وحتى اعفاء العراق من ديونه التي وافق عليها المقرضون الغربيون واليابانيون والذين سيتبعهم في ذلك المقرضون العرب مثل السعودية والكويت لن يجعل الأمور أفضل في ذلك البلد‚ \r\n \r\n فهو من الناحية الفنية شيء جميل ولكنه من الناحية الفعلية سيجعل الأمور اصعب على الحكومة العراقية للحصول على القروض التي تحتاجها لاحياء الاقتصاد العراقي واعادة بناء هذا البلد المدمر‚ \r\n \r\n وحتى الآن لم تقدم وعود بإرسال جنود للقيام بمهمة حماية عمال الانتخابات في العراق سوى من رومانيا ودولة فيجي مما يترك أميركا وحيدة معزولة في الشأن العراقي‚ فباستثناء القوات البريطانية فإن القوات المتعددة الجنسيات المتبقية هي رمزية وليست لها أي أهمية عسكرية‚ \r\n \r\n الشريك الرئيسي الآخر لواشنطن هو رئيس الوزراء العراقي المؤقت اياد علاوي الذي عجز عن الوصول للأقلية السنية‚ وهناك خطر حقيقي يواجهه وهو الخسارة أمام التحالف الجديد المعادي للأميركيين المشكل من قبل زعيم المقاومين السابقين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وحليف البنتاغون السابق أحمد الجلبي‚ \r\n \r\n قوات الأمن العراقية الجديدة التي يحلو لواشنطن الحديث عنها لا توجد باعداد كبيرة تكفي لحراسة اماكن الاقتراع في يناير‚ كما انها ليست لها القدرة على الوقوف وحدها أمام أي هجمات يشنها المتمردون‚ \r\n \r\n انه ليس بالامكان الاحتفاظ بوجود 135 الف جندي اميركي للاستمرار في احتلال العراق الى ما لا نهاية دون ان يؤثر ذلك بصورة خطيرة على مدى جاهزية ومصداقية الولاياتالمتحدة على مستوى العالم أجمع‚ \r\n \r\n ومن أجل تغيير هذا الواقع الكالح على إدارة بوش ان تبدأ بالعمل بصورة أكبر على بناء الجسور عالميا بصورة أكبر مما فعلته في فترة الرئاسة الأولى‚ فالجهود الحالية لا تضمن حشد الدعم الدولي الكافي للسياسات الأميركية‚ ويتوجب على واشنطن ان تعيد النظر ايضا في بعض تلك السياسات كجزء من عملية لتجديد التشاورات الدولية‚ ان هذا قد يؤدي الى عقد مؤتمرات دولية بناءة وأكثر ايجابية في المستقبل‚ \r\n \r\n لقد قصد من مؤتمر العراق الدولي ان يكون منتدى ضخما يساعد في وضع الحلول لمشاكل العراق الدموية المتزايدة والنتيجة كانت عقد لقاء سريع اتخذ مواقف سامية ولكن مقابل القليل من الفعل‚ \r\n \r\n مع نهاية المؤتمر ترك العالم وعلى وجه الخصوص المواطنون العراقيون ليتحسسوا ما الذي أنجز فعلا‚ \r\n \r\n الحقيقة ان ممثلي القوى الغربية ومعظم دول العالم الإسلامي المشاركة والصين واليابان وروسيا والأممالمتحدة لم تمض سوى ثلاث ساعات في اليوم الثاني والأخير للمؤتمر على نفس الطاولة لاقرار البيان الختامي الذي سبق وان عملوا عليه قبل انعقاد المؤتمر بأيام‚ وان دل هذا على شيء فانه يدل على ان عقد هذا المؤتمر جاء من أجل الدعاية والاستعراض فقط لا غير‚ \r\n \r\n البيان أعلن عن دعمه لاجراء الانتخابات العراقية المقرر تنظيمها في 30 يناير القادم‚ \r\n \r\n ولكن لم تقدم اي تفاصيل حول الكيفية التي ستساهم بها الأسرة الدولية لتسهيل اجراء الانتخابات في بلد ترك فيه الجيش الأميركي يحارب مقاومة لا تلين لها قناة في الوقت الذي لا تمتلك فيه الأممالمتحدة اي موظفين هناك بسبب فقدان الأمن في الوقت الذي تهدد فيه الأقلية السنية بمقاطعة الانتخابات‚ \r\n \r\n وكتبت صحيفة خليجية معلقة على افتتاح المؤتمر تقول «ان مناقشة موضوع اعادة التعمير في العراق في الوقت الذي يمر وفي هذه الظروف المرعبة هي كمن يذر الرمل في عيون الناس‚ كيف يمكنك ان تناقش موضوع اعادة الاعمار في اوقات الفوضى وفي الوقت الذي يقتل فيه المئات من العراقيين يوميا؟»‚ \r\n \r\n مراقبون آخرون تدعم بلادهم بهمة ونشاط جهود الولاياتالمتحدة في العراق كانوا لا يقلون عن غيرهم شكوكا‚ \r\n \r\n فقد كتب مراسل صحيفة «ذي اوسترالين» في الشرق الأوسط معلقا على نتائج المؤتمر قائلا «انها رقيقة وواهنة وهن خيط العنكبوت‚ فالاستراتيجية الأميركية كما وصفها باول تتمثل في تعليق كافة الآمال على الشرعية الديمقراطية والالتزام بالجدول الزمني الخاص بالانتخابات بالرغم من استمرار العنف في البلاد»‚ \r\n \r\n وقد حاولت فرنسا اخفاء خيبة أملها تجاه النتيجة التي خرج بها المؤتمر‚ \r\n \r\n وقد أشار وزير الخارجية الفرنسي مايكل بارنيير أكثر من مرة الى الوضع في العراق على انه «مأساة» وقال ان بلاده شاركت في المؤتمر لانها ارادت ان يكون لها دور نشط في العثور على حل سلمي في العراق‚ وقال وزير الخارجية الفرنسي «ان الانتخابات نفسها ممكنة ولكنها صعبة في ظل الأوضاع الأمنية المستعصية والمزمنة»‚ \r\n \r\n ومعظم النقاشات الجانبية التي جرت كانت تدور حول قضايا أخرى مثل الأمل بميلاد جديد لعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية في اعقاب وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والتخوف من ان تصبح ايران لاعبا اقليميا كبيرا إذا ما نفذت طموحاتها النووية‚ \r\n \r\n وصرح وزير الخارجية الايراني كمال خرازي ان بلاده راغبة في رؤية الانتخابات العراقية وهي تجرى في موعدها المحدد‚ ولا تخفي تصريحات الوزير الايراني الآمال التي تعلقها بلاده على نتائج تلك الانتخابات من تحقيق الشيعة لنصر انتخابي وهو أمر سيجد بالتأكيد ترحيبا من قبل شيعة ايران الذين يرغبون في تصدير نمط حكومتهم الاسلامية الى غيرهم‚ \r\n \r\n ان قبول اهداف المؤتمر من قبل ايران والعديد من الدول العربية لا يمكن ان يقال عنه انه يصب في مصلحة واشنطن التي أملت ان تؤدي الاطاحة بنظام صدام الى زرع النمط الأميركي للديمقراطية في الشرق الأوسط‚ \r\n \r\n هذه الآمال هي التي دفعت العراق الى هذه المأساة التي دفعت أميركا لدخول مستنقع عجزت حتى الآن عن الخروج منه‚ \r\n