\r\n فقد ذكر رجل، كان يبدو ودودا، ويطلق عليه الجميع اسم الامير «رجاء فهم السبب وراء التأكد من هويتك. هناك العديد من الجواسيس هنا، وعلينا قطع رؤوسهم». \r\n وكان قد تم الافراج عن زينب، وهي مراسلة دبلوماسية لصحيفة «صباح» اليومية، في الاسبوع الماضي بعدما قضت اربعة ايام في وضع من الرعب والامل، والتعرض لضغط مزدوج حيث كانت تجادل من اجل انقاذ حياتها وحياة زميل كندي. وقضت زينب وسكوت تايلور ناشر مجلة «شؤون عسكرية» في كندا، معظم وقتهما في الأسر معا في بلدة تلعفر ومدينة الموصل، وفي مساكن عشوائية بينهما. وبعدما تم تسليمها من قبل جماعة من الخاطفين الى جماعة اخرى، انفصلت عن زميلها في 11 سبتمبر (أيلول)، وهو يوم الافراج عنها غير المتوقع وغير المفسر. وقد تم الافراج عن تايلور في اليوم الثاني. \r\n وقالت انهما خلال أسرهما كان يناقشان الموت بلا أي شعور. \r\n واوضحت زينب انها «كانت تقول فلنقتل بعضنا البعض. وكان سكوت يقول لا تجعليهم يقتلونني وانا معصوب العينين. واذكروا لابني انني لم ابك وكنت قويا». \r\n «وكنت اقول له تقدم وقف امامي قبل ان اموت لانني لا اريد ان يكون اخر شخص اراه قبل موتي هو شخص لا اعرفه». وتجدر الاشارة الى ان زينب، 28 عاما، هي ثالث امرأة اجنبية تختطف وسط عمليات الخطف التي اجتاحت العراق. \r\n ومنذ البداية، أجبرها الخاطفون على ارتداء معطف طويل واسع وتغطية رأسها بحجاب. ولم يرغبوا في النظر اليها وهي ترتدي تي شيرت وبنطلون. \r\n وكانوا يقولون لها: «انظري كم تبدين جميلة». وكانت تبكي عندما تنظر الى نفسها في المرآة. «لم اكن انا. كنت افقد ذاتي». وفي كل مكان نقلا اليه، كان الناس يرغبون في مساعدة أي شخص يعتقدون انه جزء من المقاومة. \r\n واوضحت «لقد شاهدت ذلك حول الموصل، كل شخص من المقاومة وليس من الارهابيين، غير انهم ليسوا من المدنيين ايضا. كانوا يستخدمون الاطفال الصغار لإحضار المياه، ولم يكن احد يعاملهم كأطفال. كانوا يجلسون مع الرجال الذين كانوا يتحدثون عن الذبح، وكان الاطفال يتولون الحراسة، مثل الرجال، ومن ثم فانك تصبح خائفا من الاطفال ايضا». \r\n وكانت زينب تستطيع التحدث مع خاطفيها، على الاقل مع المسلحين الذين يتحدثون التركية والذين احتجزوها حتى اليوم الاخير. وهي مسلمة ايضا، بالرغم من ان المتطرفين كانوا يعتبرونها مستقلة للغاية وانها مسلمة بالاسم فقط. \r\n ولم تنقذها كل تلك العوامل من ضربها او التهديد بقطع رأسها. ولكنهم قدموا لها نظرة مقربة لاهتمام الخاطفين بالموت، ونظرتهم للاسلام والعلاقات مع المتمردين متعددي العرقية في شمال العراق. \r\n وقالت زينب في لقاء في مقهى في انقرة لمدة اربع ساعات «هؤلاء رجال يعتقدون انهم يعيشون في زمن الحملات الصليبية. ويعتبرون انفسهم انهم يقاتلون من اجل الاسلام اولا والعراق ثانيا. ويعتقدون ان دينهم في خطر». \r\n وقد ربطت السلطات الاميركية المجموعة بالقاعدة، ووصف الخاطفون اسامة بن لادن والارهابي الاردني ابو مصعب الزرقاوي بأنهما اخوة. وقالت زينب انهم يتحدثون التركية، الا انهم ادعوا انهم من السنة العرب، وليسوا تركمان شيعة. وقالت زينب انهما كانا يتحدثان بلهجة تركية مختلفة عن لهجة التركمان الذين يعيشون هنا. وقد سلما زينب وتايلور الى مجموعة تتحدث العربية في الموصل. وقالت «ان كل الذين احتجزوهما كانوا يعادون ما يطلق عليه الكفار. وكانوا يهاجمون تايلور كثيرا ويصفونه بأنه خنزير يهودي او جاسوس اميركي». \r\n واوضحت «بالنسبة لهم لا يوجد فرق بين المسيحي واليهودي، وكندي واميركي». \r\n وكان الخاطفون الاصليون في تلعفر على استعداد للافراج عنها وعن تايلور اذا ما اقتنعا بأنهما صحفيان، ولكن مجموعات اخرى عبرت عن كراهية عميقة. \r\n واوضحت ان المجموعة الاخيرة ارتعشت وهي تتذكر كيف ضربوهما بحزام به قطع معدنية «كانت تريد تعذيبنا من اجل لا شيء». \r\n حكت زينب قصتها على عجل وبنوع من السخرية. فهي تقول انها منذ عودتها الى بيتها اصبح الزمن يمر ببطء شديد، اذ قضت ساعات بل أياما في صمت مطبق. \r\n كانت توغرول تحب السباحة، لكنها لم تعد تستطيع وضع رأسها تحت الماء، لأنها لا تستطيع التنفس، على حد قولها. \r\n زارت زينب العراق للمرة التاسعة وكان تايلور يعتمد عليها كمترجمة. ولدى علمهما بأن هناك هجوما قيد التخطيط على تلعفر توجها الى هناك. يتطابق ما تتذكره توغرول مع ما قاله تايلور، الذي كتب تفاصيل ما جرى لهما في العراق في صحيفة كندية. \r\n استقل زينب وتايلور سيارة اجرة في طريقهما الى تلعفر. وعندما توقفا لسؤال ضابط شرطة عراقي ليدلهما على الاتجاهات ظهر ثلاثة رجال ملثمين وأمروهما بالدخول وهما لا يعرفان المصير الذي ينتظرهما. \r\n كانت زينب منشغلة بمحاولة تذكر تفاصيل ما جرى عدد الرجال وما كانوا يرتدون وألوان الجدران خلال تفاصيل القصة المثيرة التي تتوقع كتابتها حول الليلة التي قضتها وسط المتمردين في تلعفر. \r\n أوقف المسلحون تايلور في مواجهة الجدار وأمروه برفع يديه فوق راسه وأحدهم يصوب بندقيته الكلاشنكوف الى صدره. \r\n صرخت زينب: «أرجوكم... هذا الرجل لديه ابن!» إلا ان الامير، كما كان يناديه أفراد المجموعة، جلس معها ونظر اليها في عينيها، وقال لها: «اسمعي... أريد ان اتحدث معك، حديث شخص مسلم الى شخص مسلم. عندما تجهشين بالبكاء اشعر بالحزن، ولكن عندما تصرخين لا بد ان اغضب». وعد الأمير بإطلاق سراحهما، لكنه قتل في القصف الاميركي على تلعفر في نفس الليلة لينقلهم أفراد المجموعة من خلية متمردين الى اخرى. \r\n تقول زينب انها كانت تحاول جاهدة ان تتذكر كيفية أداء الصلاة، وهو ما تعلمته في المدرسة. فقد نصحها سائق شاحنة تركي اطلق سراحه خاطفون بالصلاة لأن ذلك، طبقا لنصيحته، يساعدها على كسب الزمن. وهذا ما فعلته بالضبط. تقول زينب انها تؤمن بالله وإنها عندما كانت تصلي استغفرت الله لأنها كانت تتظاهر فقط بالصلاة مجبرة. \r\n عندما نقل الصحافيان الى الموصل وتركا مع رجال يتكلمون اللغة العربية تغير كل شيء. اذ لم تعد حاجة الى مهارات زينب في اللغة. وتقول انها لم تكن تستطع ان تنظر الى أي من الرجال في عينيه. المحتجزون بدورهم كانوا ينظرون اليهما ويمررون سباباتهم على مقدمة العنق، في إشارة الى الذبح. \r\n ربط أحدهم عصابة حول وجهها على نحو محكم وباتت تشعر بأنها ستصاب بالعمى. قادوها بعد ذلك الى ردهة وبدأوا ضربها وبدأت هي تشعر بفقدان الحس. لكنها شعرت بفرح في تلك اللحظة لأنها شعرت بأنها بدأت تعود الى وعيها. قال لها احدهم ان رفيقها اعترف بكل شيء وسألها ما اذا كانت على استعداد للاعتراف. \r\n بدأت زينب تصرخ مجددا وقالت لهم انهم جاءوا الى العراق من اجلهم ومن أجل الكتابة عن اوضاعهم للعالم الخارجي، وعندما شعرت بالغضب قالت للرجل انه ليس لديها أي كلام تقوله لأمثاله. \r\n ترك أفراد المجموعة زينب ملقاة على الارض بعد ان اوسعوها ضربا. وبعد ان أزالوا العصابة من على وجهها لمحت زينب حذاء تايلور وسترته. فتح الباب ودخل شاب قال لها: «رفيقك قتل، وسيطلق سراحك». \r\n تقول زينب انها تتذكر جيدا انها نظفت فردتي الحذاء بطرف الروب الذي كانت ترتديه، ولم تعلم إلا في اليوم التالي بأن تايلور اطلق سراحه. \r\n عقب نقلها عبر عدة طرق انزلت زينب أمام مكاتب الجبهة التركمانية العراقية بالموصل، وهو تنظيم تدعمه الحكومة التركية. \r\n اطلق سراح زينب، إلا ان مجموعة تابعة لأبو مصعب الزرقاوي بثت شريط فيديو يوم 13 سبتمبر يصور عملية قتل سائق شاحنة تركي بقطع رأسه. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز». \r\n