\r\n فقد ملأ عدنان فيصل مظهر شاحنته بالطعام وتوجه الى الفلوجة لمساعدة السكان الذين باتوا مشردين بسبب القصف الأميركي. وتبرع عمه واثنان من أبنائه بالدم للجرحى. ويقول عدنان «أردنا مساعدة الناس هناك. كانوا عراقيين وكانوا يعانون». \r\n ولكن المدينة الواقعة غرب بغداد لم تعد موضع تعاطف بالنسبة ل«مقاومة» عراقية موحدة. وينظر اليها الآن باعتبارها تدار من جانب رجال الدين السنة المنعزلين والمتعصبين ممن يسعون الى تحويلها الى ملاذ لأنصار «القاعدة». وتبرز الفلوجة رمزا للطبيعة المتباينة لعموم التمرد داخل العراق. فقد أوقف كثير من الشيعة من أمثال عائلة مظهر دعمهم لها. \r\n ومنذ أن تعرض اشقاء عدنان وأربعة من ابناء عمه، وكلهم سائقو شاحنات، الى التعذيب والقتل في معقل المقاومة قبل ثلاثة اسابيع، فقد غير رأيه بشأن الكيفية التي عالج بها الأميركيون الوضع في الفلوجة. \r\n ويقول عدنان انه «كان عليهم أن يفعلوا ما يتطلبه الأمر من اجل استعادة ذلك المكان. فقد ترك بأيدي اشخاص يسمون أنفسهم مسلمين وهم ليسوا كذلك. انهم، ببساطة، وحوش». \r\n وقد هز حادث القتل والتمثيل بجثث سائقي الشاحنات الستة الكثير من العراقيين. وبينما كان لبعض العراقيين مشاعر مختلطة بشأن حادث القتل والتمثيل بجثث أربعة من متعاقدي الأمن الأميركيين في ابريل الماضي، فان أعمال القتل الأخيرة أثارت الشيعة هنا وأبعدت آخرين. \r\n ويقول شاب من الفلوجة شارك في الهجمات ضد القوات الأميركية العام الماضي ولكنه تخلى منذئذ عن التمرد «من العسير علي قول إنه لو لم يكن الأميركيون هنا لتقاتلنا في ما بيننا»، مشيرا الى انه يشعر بالاحباط بسبب ازدراء بعض المتمردين للمدنيين. \r\n وقد أزعجه كثيرا قتل سائقي الشاحنات الشيعة والتمثيل بجثثهم، وقال إنه «لا يمكن أن نقتنع بهذه الجماعة الجديدة. فهم يقتلون جواسيس مشتبها فيهم في الشوارع من دون توفر دليل على الاطلاق، وفي بعض الحيان لا يتعدى الأمر ارتكاب عمل القتل المدفوع الثمن بسبب نزاع شخصي. كان أولئك الشيعة رجالا أبرياء». \r\n ويقول هذا المسلم المتمسك بالدين ان المقاتلين الموجودين في الفلوجة حاليا منقسمون انقساما حادا بين أشخاص مثله يعارضون الاحتلال لأسباب وطنية ومن يسميهم «السلفيين المتطرفين»، وهو مصطلح يعبر عن المذهب الذي تدين به منظمة «القاعدة». \r\n ويقول ان معظم الرجال في الحركة هم من أهل الفلوجة، ولكن هناك جيوبا صغيرة من السعوديين والسوريين واليمنيين الذين يقاتلون معهم. ويعتقد مسؤولون أميركيون وعراقيون أن ابو مصعب الزرقاوي، المتطرف الأردني الذي يتمتع بصلات مع «القاعدة»، جعل من المدينة قاعدة للعمليات. \r\n ويضيف ان «شبح البعث يطاردنا الآن. فهؤلاء الأشخاص الذين اعتادوا على خدمة صدام أطالوا لحاهم وهم يرتدون أغطية للرأس ويقولون انهم يريدون دولة اسلامية. وفي ابريل كنا جميعا نقاتل جنبا الى جنب ولكن الآن يدور الأمر حول مصالحهم السياسية الخاصة». أما من أعطى أوامر باعتقال وقتل الشيعة فمسألة غير واضحة حتى الآن. فالمدينة يحكمها الشيخ عبد الله الجنابي ومساعده ظافر العبيدي، إمام جامع الحضرة المحمدية. وقد كلف العبيدي، الذي يلقب بالدليمي احيانا، من جانب الشيخ الجنابي لادارة المدينة بعد انسحاب القوات الأميركية منها في ابريل الماضي. \r\n وقد ترك الأميركيون أمن الفلوجة بيد أفراد من السكان المحليين ووحدة عسكرية عراقية شكلها الأميركيون في ابريل الماضي. ولكن مصادر في المدينة يقولون ان الشرطة وأفراد الوحدة يأخذون أوامرهم من جماعات المتمردين، أو يبقون بعيدين عنهم في أحسن الأحوال. \r\n وكان الشيعة الستة قد قتلوا بعد اسبوع من اعتقالهم، وقد وفر التفاصيل عن ذلك الصبي محمد خضير وهو ابن عم عدنان وكان مع ابن عم آخر له هو سائق الشاحنة أحمد علي هلال، وقد أطلق سراح محمد لاحقا لصغر سنه. \r\n وبعد انزال حمولة من الخيام في معسكر للحرس الوطني العراقي الجديد في ضواحي المدينة هوجمت الشاحنة. وقد نجوا وذهبوا الى الشرطة ليجدوا طريقا آمنا للخروج من المدينة. وقد اخذ رجال الشرطة الأشخاص للقاء بالعبيدي في جامع المحمدية. \r\n ويقول عدنان «أخذوا في قافلة الى هناك وكانت سيارات الشرطة أمامهم وخلفهم. ان الجنابي يشبه أميرا لتلك المدينة حاليا». وخلال الأسبوع التالي ناشدت العائلة العبيدي والجنابي إطلاق سراحهم. \r\n ويضيف ان الشيخ الجنابي أبلغهم ان الأشخاص يخضعون للتحقيق وان اطلاق سراحهم سيكون مقابل فدية. ولكن في النهاية جرى ابلاغ العائلة بأن بوسعها أخذ جثث ابنائها. \r\n وفي بيت العائلة في مدينة الصدر كان عدنان ووالده يحثان المعزين على النظر الى صور الضحايا التي تظهر التعذيب الذي تعرضوا له، مسيرين الى الطبيعة الطائفية للجريمة. وقال عدنان ان «الجنابي مسؤول عن ذلك ونحن نريد العدالة». \r\n وقبل وقت قصير من حل سلطة الاحتلال يوم 28 يونيو (يونيو) الماضي اصدر السفير بول بريمر أمر اعتقال بحق الشيخ الجنابي والعبيدي، ولكن لم يتخذ أي اجراء من جانب السلطات العراقية. وفي مقابلة من محطة «العربية» التلفزيونية قال الجنابي انه لا صلة له بحادث القتل. \r\n ويقول مسؤولون في وزارة الداخلية انهم يدرسون شروط عفو عن المتمردين في العراق. ويقول وزير الداخلية فلاح حسن النقيب «نجري حوارا مع بعض الشخصيات الهامة في الفلوجة. نعرف أن هناك بعض الانقسامات في المدينة. ونعتقد أن معظم المشاكل تحدث على يد الأجانب هناك». \r\n ومع ذلك فان مسؤولين آخرين في وزارة الداخلية يقولون ان الأغلبية الساحقة من المقاتلين الذين في عهدتهم هم من العراقيين وبينهم أربعة ممن اعتقلوا بتهمة قطع رأس الأميركي نيكولاس بيرغ في مايو (مايو) الماضي. ويقول مسؤولون أميركيون وعراقيون ان الفلوجة أصبحت ملاذا للمجموعة الصغيرة من المقاتلين الأجانب في البلد، وهي تسعى الى استغلال العراقيين الذين يريدون اقامة دولة اسلامية. وبينما تعتبر شعبية مثل هذه الأفكار محدودة، فان اقامة موطئ قدم محصن نسبيا قد عزز من حركتهم. \r\n \r\n * خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص ب «الشرق الأوسط»