فقد اسقط على وجه التقريب نصف التهم الثلاثين التي وجهت اليه في البداية بسبب النقائص المصاحبة لجمع البيانات، ولما وصفه محامو الدفاع عن المسلم السوري الاصل، بانه تحامل مكشوف من قبل الادعاء. وقد كشفت السلطات ان المراجعة التي قام بها خبراء من وزارة الدفاع (البنتاغون) اثبتت انه من بين 200 وثيقة كان يحملها الحلبي، فان واحدة فقط يمكن ان يقال انها تحمل أسرارا تتعلق بالأمن القومي. لكن حتى قبل ذلك التصريح، نشرت مجلة «اير فورس تايمز» في افتتاحية لها ان مسلك سلطات الادعاء العسكرية كان «غير احترافي ولا يمكن تبريره». \r\n كان الحلبي واحدا من ثلاثة مسلمين اعتقلوا العام الماضي من غوانتانامو باعتبار انهم لعبوا ادوارا في اقامة شبكة تجسس في تلك القاعدة العسكرية التي يقبع فيها نحو 600 من معتقلي تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان. \r\n كان المحققون العسكريون قد اسقطوا في مارس (آذار) الماضي التهم الموجهة الى الضابط جيمس يي، المرشد الديني المسلم، الذي قضى اكثر من شهرين خلف القضبان. وقد عبر المحققون العسكريون عن مخاوفهم من ان المحاكمة يمكن ان تكشف اسرارا قومية هامة، لكن المحللين يقولون ببساطة ان السلطات لم تكن تملك الأدلة التي يمكن ان تقدمه على اساسها الى المحاكمة. اما المتهم الثالث، وهو المترجم المدني احمد فتحي محالبة، فقد قضى في السجن ما يقارب العام ولم تحسم قضيته بعد. \r\n ويريد محامو الدفاع عن الحلبي، مباشرة بعد افتتاح محاكمته، ان يطلبوا من القاضية العسكرية، العقيد باربرا براند، شطب التهم ال 16 المتبقية، بما فيها محاولة التجسس وعصيان الأوامر. وفي حال أدين الرجل في هذه التهم فانه يواجه حكما بالسجن المؤبد. وقال المحامي المدني دونالد ريكوبف: «قلنا منذ اليوم الاول انه ليس جاسوسا. كل ذنبه انه ولد في وطن آخر ويدين بدين غير الذي ندين به». \r\n ويمنع القانون المدعين العسكريين من الادلاء بأية تصريحات أثناء المحاكمة. لكن ناطقا باسم سلاح الجو اصدر تصريحا قال فيه ان هدف الحكومة «يظل كما هو: ان يحظى الحلبي بمحاكمة عادلة غير متحيزة في اطار القانون العسكري». \r\n وكان الحلبي قد اعتقل في يوليو (تموز) 2002 في قاعدة عسكرية في جاكسونفيل بولاية فلوريدا، اثر عودته الى الولاياتالمتحدة بعد ان عمل مترجما في غوانتانامو لمدة ثمانية اشهر. وكان يحمل معه تذكرة طيران الى سورية ومبلغ 1500 دولار نقدا. ووضع المحققون ايديهم كذلك على صندوق يحوي عددا من الوثائق السرية والملابس وبعض الأغراض والمتعلقات الشخصية، والتي كان الحلبي قد أرسلها على عنوانه بالبريد قبل سفره. واتهمه المحققون بانه خطط للرحلة الى سورية حتى يسلم الوثائق السرية، وأكثر من 180 رسالة محفوظة في جهاز الكومبيوتر الخاص به، وخريطة مفصلة لمعسكر السجن المحظور على المراقبين من الخارج، فضلا عن خطوط الطيران من وإلى الجزيرة وتفاصيل عن أسماء وزنازين عدد من المعتقلين. وقال المحققون ان هذا الرجل ذا المعرفة الجيدة بالتكنولوجيا يمكن ان يكون قد أرسل بالفعل بعض هذه الأسرار عن طريق البريد الالكتروني. \r\n وقال محامو الحلبي انه بالفعل كان متوجهاً الى سورية لانه كان يعتزم الزواج. ويعتزم هؤلاء المحامون الاستعانة بشهود وعرض أدلة توضح ان التحضير للزواج كان يسير على قدم وساق. وقال المحامون ان الوثائق التي وجدت بحوزته إما انها بريئة كليا او يمكن شرح الظروف التي مكنت المتهم من الحصول عليها. وعلى سبيل المثال، فان المحققين سمحوا للحلبي بان يطبع الرسائل المترجمة التي يكتبها المعتقلون على الكومبيوتر المحمول لان السلطات العسكرية ليست لديها اجهزة كومبيوتر حكومية كافية يمكن ان توزعها على العاملين. \r\n قضى الحلبي تسعة اشهر في السجن، لكنه نقل في مايو (ايار) الماضي الى القاعدة العسكرية حيث صار يمارس عمله كمسجل للمواد الواردة. وباعتباره مسلما، فقد طلب نقله خارج القاعدة حتى يتمكن من اداء صلاة الجمعة في احد المساجد، لكن قائد القاعدة رفض ذلك الطلب. ولد الحلبي في سورية ووصل الى الولاياتالمتحدة وعمره 15 سنة. والتحق بوالده واخوته الكبار الذين وصلوا الى هناك طلبا للعمل وبحثا عن حياة افضل. وقد درس المدرسة الثانوية في ديربورن بولاية ميشيغن، وهي منطقة يقطنها الكثير من المسلمين بضواحي ديترويت. وبعد ان عمل في المطعم الذي تملكه العائلة، فضل الالتحاق بالجيش حتى يتمكن من الحصول على دراسة جامعية. ووجدت قضية الحلبي تعاطفا واسعا وسط المسلمين في كاليفورنيا وميشيغن. وقد كونت مجموعة بمقاطعة اورانج، حيث تسكن شقيقة الحلبي، منظمة غير ربحية لجمع اكثر من 50 الف دولار من اجل قضيته. وقالت تشرين ثابت الناطقة باسم «جمعية الحلبي من اجل العدالة» انهم يدعون دائما لإسقاط جميع التهم الموجهة ضده. \r\n وقال محامو الدفاع، وهم على أعتاب افتتاح المحاكمة ان قضية الحلبي نبعت من ادعائه بوقوع خروق لحقوق الانسان في معسكر غوانتانامو. وهي نفس المخاوف التي عبر عنها جيمس يي. وتقول وثائق المحكمة ان الحلبي ويي أثارا الانتباه لأن الشكاوى التي عبرا عنها اعتبرت تصرفات لا تتصف بالولاء لأميركا. ومع ان المحققين العسكريين اثاروا شكوكا جدية حول اعتقال الحلبي، فان القضية شابتها سلسلة من الاخطاء البشرية. \r\n اشرف على التحقيق في البداية الضابط الفني مارك بالموسينا، لكنه اعتقل بعد ذلك بتهمة اساءة التصرف في وثائق سرية مما سبب حرجا كبيرا لسلاح الجو. وواجه الضابط كذلك تهما بالاغتصاب والاعتداء على طفل عمره 12 سنة. وركز لانس ويغا، الذي خلف بالموسينا في الاشراف على القضية، على ان الحلبي ربما نقل اسرارا عن طريق الانترنت، وذلك في تجاهل تام لشهادة خبير كومبيوتر قال فيها انه لا يوجد اي دليل على ان مواد سرية نقلت من خلال كومبيوتر الحلبي. وقد ترجمت خطأ رسالة تلقاها الحلبي من السفارة السورية في واشنطن، وفهم منها المحققون ان المتهم في طريقه الى دولة قطر لمقابلة عملاء «أعداء» للولايات المتحدة. لكن محامي الدفاع قالوا ان الرسالة ليست سوى موافقة السفارة على توجهه الى سورية لإكمال مراسم زواجه. \r\n ويتهم المحققون كذلك باساءة التعامل مع المواد التي ارسلها الحلبي من غوانتانامو. وعندما فتش ويغا وزملاؤه الصندوق للحصول على ما سموه «سلاح الجريمة»، احتفلوا باعتبار انهم عثروا على ذلك الدليل. لكنه كان احتفالا قصيرا لانه كان من المفترض ان يرتدوا قفازاتهم اثناء التفتيش. وتقول وثائق المحكمة انهم اغلقوا الصندوق وارتدوا القفازات وفتشوه من جديد، لكن بعد فوات الأوان بالطبع. \r\n وقد احتج المحامون اثناء جلسات الاستماع التي جرت في الآونة الاخيرة، من ان المستشار المساعد للمحكمة، النقيب دينيس كو، مارس ضغطا على مترجم الادعاء ليحجب أدلة يمكن ان تساعد الحلبي في دفاعه. \r\n \r\n * خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص ب«الشرق الأوسط»