\r\n التحدي المذكور كان مقلقاً بدرجة أدنى، عندما كانت تلك الأمم منفصلة عبر دول ترفع الراية الحمراء، مثل بولندا وسلوفاكيا والمجر، وخلال عملية الاندماج لم يعر لا الاتحاد الأوروبي ولا الطامحون اهتماماً كبيراً للدول الشرقية والجنوبية لأوروبا. لكن الوضع اختلف الآن، بسبب التحديات الجديدة، فالجيران الجدد للاتحاد الأوروبي سيحتلون مكان الصدارة في البرنامج السياسي الخارجي للاتحاد الأوروبي. \r\n \r\n أحد الأسباب واضح وبسيط ويتمثل في حجمها، حيث ان اثنين فقط من تلك البلدان، هما روسيا وأوكرانيا، لديهما من السكان ما يمثل ثلاثة اضعاف سكان جميع دول الاتحاد الأوروبي الجديدة. وفي المقام الثاني تأتي مسألة ان الدول المذكورة تمتلك موارد طبيعية تتمتع بأهمية كبرى، اذ ان الاتحاد الروسي هو المزود الأكبر للطاقة في الاتحاد الموسع. \r\n \r\n وهو ثقل موازن للشرق الأوسط غير المستقر. وفي المقام الثالث، يطرح الجيران الجدد على الاتحاد الاوروبي اهم ما لديهم من قضايا حدودية. فكر بكالينيغراد التي هي جزء من روسيا لكنها اصبحت الآن داخل الاتحاد الأوروبي وذلك بين الساحل البلطيقي وبولندا وليتوانيا. \r\n \r\n كما ان ثمة قضايا اخرى حاسمة لا تحترم الحدود، مثل الفيضانات الدائمة تقريباً لنهر تيسا في المجر، والتي لا يمكن السيطرة عليها بدون تدخل ادارة المياه في البلدان الواقعة في اعلى النهر، وهي اوكرانيا ورومانيا. وإذا لم يتعاون الاتحاد الاوروبي مع اوكرانيا وروسيا، فلن يتمكن من تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون داخل حدوده، مع الاخذ بالاعتبار ان انبعاثات ثاني اكسيد الكربون من قبل سكان هذين البلدين يمكن مقارنتها مع دول اوروبية غربية كثيرة، على الرغم من ان دخل الفرد فيهما أقل من 15 الى 30 مرة. \r\n \r\n كما سيتعين على الاتحاد الاوروبي صياغة سياسات تحكم حركة مرور الخيرات والاشخاص عبر حدودها الجديدة، تلك الحدود، التي كانت مسامية قبل التوسع، يجب ان تحد الآن من الهجرة غير القانونية وتردع النشاط الاجرامي، علما بأنه يتم الان استحداث انظمة خاصة بتأشيرات دخول ملايين الاشخاص من روسيا واوكرانيا وروسيا البيضاء ومنطقة البلقان الذين كانوا يزورون أقاربهم او يتاجرون في البلدان الجديدة للاتحاد الاوروبي بدون الحاجة الى تأشيرة دخول، اما ما يسمى جدار «شينغين». \r\n \r\n او الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي بالنسبة للهجرة، فإنه سيحد من الطابع الاجرامي للحركات الطبيعية للبضائع والخدمات والاشخاص، التي ظهرت بشكل تلقائي منذ سقوط جدار برلين، وهناك على سبيل المثال ملايين المجرمين الذين يعيشون في صربيا وكرواتيا ورومانيا واوكرانيا ومرتبطون ثقافيا وحتى اقتصاديا بالمجر، الذين يواجهون الآن حواجز لم تعترض حياتهم اليومية في السابق. \r\n \r\n الحدود الجديدة للاتحاد الاوروبي ستواجه تيارا جارفا من الايدي العاملة غير المشروعة وأشكالاً اخرى من تهريب البشر، علما بأنه من تلك المنطقة بالضبط تأتي نسبة متنامية من الهجرة غير القانونية الى الاتحاد الاوروبي، وبإمكان هذه الحركات المهاجرة ان تعقد اكثر من السابق محاولات تقليص المعدلات الخطيرة جدا لانتشار مرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» في اوروبا الشرقية. \r\n \r\n لكن هذه المشكلات، مع ذلك، ستسير برفقة فرص كبيرة بشكل متساو، فالاعضاء الجدد هم عبارة عن بلدان ذات دخل متوسط مع بنى تحتية جيدة الى حد كبير ومراكز مدنية نشيطة جدا، وعائدات العائلات والمبيعات في أسواق ال «سي.إي.أي» على الاقل قد تجاوزت معدلات نمو الاتحاد الاوروبي خلال السنوات الخمس الاخيرة، في حين لدى اوكرانيا وروسيا البيضاء قوى عاملة مؤهلة وأجور أقل من ربع مثيلاتها في جارتيهما بولندا والمجر، وتأثير اليد العاملة المؤهلة في الشرق والجنوب يمكنه تعويض الخلل السكاني المتنامي لاوروبا. \r\n \r\n وفي علاقته مع البلدان الواقعة وراء تلك الحدود الجديدة، سيحتاج الاتحاد الاوروبي الى المروءة والرؤية نفسيهما اللتين أظهرهما بالترحيب بالدول الاعضاء الجديدة، اذ يتعين على الاتحاد الاوروبي، على سبيل المثال، ان يعيد زرع سياساته التجارية، التي تقوم على حد كبير من التمييز مع اولئك الجيران الجدد، الذين هم ليسوا اعضاء في منظمة التجارة العالمية ولا يستطيعون بشكل حر بيع منتجاتهم التعدينية والنسيجية وسلة واسعة من المنتجات الزراعية في الاتحاد الاوروبي. \r\n \r\n الى ذلك لابد من ان يترافق اي تقليص للحواجز التجارية للاتحاد الاوروبي مع اصلاحات لصالح التجارة الحرة وديمقراطية اكبر داخل تلك البلدان، لكن في حال حاصرت حدود وحوافز الاتحاد الاوروبي حرية حركة البضائع والخدمات والاشخاص، فإنه ليس محتملا ان تعبأ تلك البلدان بمطالب الاتحاد الاوروبي الخاصة باقتصادات ومجتمعات مفتوحة فيها، ولاشك بأن اوروبا حصينة لن تقدم الحوافز التي يحتاجها من اجراء اصلاحات حقيقية تمهد الطريق كي تحتل تلك البلدان مكانها كشركاء كاملي الحقوق في الاتحاد الموسع. \r\n \r\n \r\n الأمين العام المساعد للأمم المتحدة \r\n \r\n ال بيريوديكو» اسبانيا