\r\n ولكن هذا لا يعني انه لا يوجد أساس قانوني راسخ لجزء من التعليلات التي وصلت محكمة العدل الدولية بناء عليها الى الاستنتاج بأن مسار الجدار غير شرعي. بدلا من الاستهانة بقرار لاهاي وتعليله بتوجه القضاة المعادي لنا، يفضل ان نراقب افعالنا وان نُخضعها للتمحيص. \r\n \r\n نحن السياسيين والقانونيين الاسرائيليين عشنا طوال 37 سنة في نوع من الفقاعة القانونية القضائية التي أتاحت المجال أمام اسرائيل حتى تستمتع من عالمين اثنين في آن واحد. فهي من جهة تواصل فرض نظام يرتكز على القوة والصلاحيات العسكرية في داخل المناطق، وفي نفس الوقت تجاهلت القيود والمواثيق المفروضة على الدولة الاحتلالية وخصوصا معاهدة جنيف الرابعة مثل نقل جزء من مواطني الدولة الاحتلالية الى الدولة الخاضعة لاحتلالها، وكذلك حظر مصادرة أملاك السكان المحتلين والالتزام بالحفاظ على الأملاك العامة بصورة أمينة. \r\n \r\n التقنيات القانونية التي استخدمت للحفاظ على هذه الفقاعة كانت متنوعة. وسأتطرق هنا الى واحدة منها فقط. محكمة العدل العليا لم تقرر أبدا ما اذا كانت معاهدة جنيف الرابعة سارية المفعول على المناطق الفلسطينية ، كما يدعي خبراء كثيرون في القانون الدولي. ومع ذلك رفضت هذه المحكمة تطبيق المعاهدة التي وافقت اسرائيل عليها وأصبحت عضوا فيها، وذلك لانها لم تحصل على مصادقة الكنيست. \r\n \r\n هذا الرفض سمح لها بالتهرب من مناقشة الادعاء بأن اقامة مستوطنات على الارض المحتلة تتعارض مع معاهدة جنيف. كل قرارات المحكمة بصدد المستوطنات ارتكزت في هذه الحالة على افتراض مريب ضعيف بشأن قانونيتها حسب القانون الدولي. \r\n \r\n أنا أفهم جيدا تخوف محكمة العدل العليا من اتخاذ قرار حاسم في قضايا قانونية تتناقض مع السياسة السائدة التي احتلت مكانا مركزيا في جدول اعمال حكومات اسرائيل. ولكن امتناع العليا عن الحسم في هذه المسائل أسهم بدوره في انشاء الفقاعة. هذه الفقاعة بقيت سليمة طالما بقي الحسم القانوني بصدد سريان معاهدة جنيف ومصادرة الأملاك بيد المحاكم الاسرائيلية. \r\n \r\n الا ان فقاعتنا هذه قد انفجرت في وجوهنا عندما وصلت المسألة الى محكمة العدل الدولية في لاهاي. حتى القاضي المعارض الوحيد، توماس بورغنتال، قد كتب في وجهة نظره المنفردة ان الاستيطان الاسرائيلي في المناطق لا يتساوق مع معاهدة جنيف، وان مقاطع الجدار المبنية للدفاع عن «المستوطنات» ليست قانونية. \r\n \r\n الفقاعة القانونية هي التي أدت الى تحديد مسار للجدار لم يحصل على مصادقة محكمة العدل العليا الاسرائيلية في بعض أجزائه، وفي نفس الوقت رُفضت كل أجزائه المبنية في المناطق من قبل محكمة لاهاي الدولة. صانعو القرار اعتادوا على النظر للمناطق كمكان يملكون فيه صلاحيات واسعة جدا بوضع اليد على العقارات من دون اجراءات قانونية. \r\n \r\n واغلاق مناطق كاملة على سكانها وتزويدهم بوثائق حتى يعيشوا في منازلهم هم واقتلاع الاشجار وهدم المنازل السكنية ومنع وصول الاولاد الى مدارسهم والمرضى الى مستشفياتهم، وكل ذلك من اجل الاحتياجات العسكرية طبعا. \r\n \r\n ولكن في الوقت الذي عرفوا فيه دائما كيف يسوقون الذرائع لصلاحياتهم التي أعطوها لانفسهم لم يتحمسوا لفكرة تحديد رزمة صلاحيات مرفقة بالقيود. المناطق اعتبرت خاضعة للاحتلال من اجل صلاحية المس بحقوق السكان الفلسطينيين، ولكن عندما جرى الحديث عن عمليات الدولة العظمى الاحتلالية، ادعوا ان مكانة المناطق غير محسومة ومتنازع عليها. \r\n \r\n المستشار القضائي السابق للحكومة، الياكيم روبنشتاين، أفرط في ذلك إذ وافق على مسار الجدار ولم يُشكك في قانونيته، ولكنه وجه ملاحظة لشارون عندما تحدث عن المناطق الفلسطينية بصفتها مناطق محتلة. \r\n \r\n خسارة ان المحكمة لم تُصغ لنصيحة القاضية روزالين هيغنز، ولم تستغل رأي محكمة لاهاي لتوضيح ما كان من المفترض ان يكون واضحا وهو ان واجب عدم المس بالمدنيين يسري على الجانبين، المحتل والخاضع للاحتلال على حد سواء. محكمة لاهاي لم تنف حق اسرائيل في حماية مواطنيها، ولكن رسالتها كانت ان ليست كل الوسائل مسموحة. \r\n \r\n وجهة نظر محكمة لاهاي يجب ان تلزم رجال القانون وصانعي القرار في اسرائيل بمحاسبة النفس. من الممكن توجيه سؤال بسيط: لو كان الامر يتعلق بقيود مفروضة على مواطنيها أولم نكن لنبحث في هذه الحالة عن مسار آخر للجدار؟ \r\n \r\n \r\n عن «هآرتس» \r\n \r\n