وفي هذا الأسبوع، كان مجلس العلاقات الخارجية هو من أطلق تلك الدعوة في تقرير من 79 صفحة، أعدّته مجموعة عمل متخصصة يرأسها المستشار الرئاسي السابق لشؤون الأمن القومي \"زبغنيو بريجينسكي\" والمدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية \"روبرت م. غيتس\". \r\n \r\n وبوجود خطورة التهديد الذي تشكله إيران، يكون هناك بالطبع ترحيب بالأفكار الجديدة التي يقدمها مجلس العلاقات الخارجية وغيره. فإيران على رغم كل شيء هي مركز ل\"الإرهاب\"، أي أنها أصبحت مقر القيادة العملياتية لأجزاء من تنظيم \"القاعدة\"، وهي تواصل رعاية كل من \"حزب الله\" وحركة \"حماس\"، إضافة إلى أن كبار مسؤوليها ما زالوا متهمين في المحاكم الأميركية باعتبارهم العقل المدبر لعملية تفجير المجمّع السكني الذي يقطنه العسكريون الأميركيون في أبراج الخُبر في السعودية عام 1996، وهي العملية التي مات فيها 19 أميركياً. ووفقاً للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين، ما زال النظام الإيراني أيضاً عازماً على الحصول على الأسلحة النووية، وهو ماضٍ في طريقه إلى بلوغ تلك الغاية. \r\n \r\n ومن الواضح أن السياسة الأميركية في إيران قد أخفقت، لأن مشكلاتها ما زالت موجودة حتى الآن على رغم تبني إدارة \"بوش\" للهجة حازمة وعنيفة على مدى أربع سنوات وعلى رغم تواصل حظر دخول الاستثمارات الأميركية إلى إيران، وكذلك على رغم تواصل الانقطاع الدبلوماسي بين البلدين. ولذلك حان الآن وقت تجريب شيء جديد؛ وعلى ذلك الأساس، يمكننا أن نتفق في الرأي مع الجماعات الداعية إلى الانخراط في محادثات مع إيران. \r\n \r\n لكن تلك هي نهاية اتفاقنا في الرأي مع تلك الجماعات. ذلك لأنها تصرّ، في وجه الأدلة التي تؤكد العكس، على أن الحوار والتبادل التجاري سينجحان حيث أخفق التشدد. فالحوار والتجارة يشكلان العلامتين المميزتين لانخراط أوروبا في العلاقات مع إيران لكن دون تحقيق نتائج. فلا امتداد العلاقات الدبلوماسية الأوروبية ولا العلاقات التجارية الودية حققتا أية نتائج. وقد فشلت أيضاً سياسة العصا والجزرة، والتي كان منها مثلاً \"اتفاق التعاون والتجارة\" المقترح في مقابل رفع حالة الإنذار حيال نشاط إيران في مسألة الانتشار النووي. ولذلك فإن الانخراط في المفاوضات هو إخفاق أكدته البراهين. \r\n \r\n والحقيقة أنه لن تتحقق نتائج في إيران لا من خلال العلاقات الودية الحازمة ولا من اللهجة الحازمة، وسبب ذلك أن صنّاع القرار في الحكومة الإيرانية- وليس فقط المتشددين، بل \"المعتدلين\" و\"البراغماتيين\" أيضاً- ملتزمون بدعم \"الإرهاب\" وتطوير الأسلحة النووية والقضاء على إسرائيل. وإن أي انفتاح من جهة الولاياتالمتحدة الأميركية سيؤدي فقط إلى إعطاء المصداقية لنظام الحكم وإلى تدمير أبدي لآمال شعب يزدري قيادته، وذلك وفقاً لاستطلاعات الرأي الجديرة بالثقة. \r\n \r\n فما العمل إذاً؟ لقد اتخذ الرئيس \"جورج دبليو بوش\" الخطوة الأولى بإيضاحه أن نظام رجال الدين الحاكم في إيران هو موضع كراهية في ميدان الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية. لكن من غير المرجح أننا سننفذ غزواً، وذلك لوجود جملة من مختلف الأسباب العملية ومن بينها نقص في القوات وغياب المعلومات الخاصة باستهداف المواقع النووية الإيرانية. كما أنه ليس في وسعنا أيضاً أن نعتمد على شعب إيران البائس والمتعب لكي يهبّ في انتفاضة للإطاحة بمن يقمعه دون أن يتلقى أية مساعدة؛ وعملياً، تتفق كل التحليلات على أن ذلك أمرٌ ليس على وشك الحدوث. \r\n \r\n وبدلاً من ذلك، هناك حاجة إلى اتباع سياسة مؤلفة من أجزاء ثلاثة. \r\n \r\n أولاً، لابد للإدارة الأميركية من أن تفي بمقتضيات الوعود التي قطعتها بدعم الشعب الإيراني. وتماماً كما قدّمنا الدعم للمنشقين السوفييت، لابد لنا من استخدام الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية الموجودة تحت تصرفنا لكي نحرج النظام الإيراني في ما يتعلق بانتهاكاته السيئة جداً لحقوق الإنسان، ولكي نحشد تأييدنا وراء الجماعات والاتحادات الطلابية الإيرانية المنشقة ونجعلها تعلم أن الولاياتالمتحدة الأميركية تدعم رغباتها في تحقيق دولة ديمقراطية علمانية في إيران. \r\n \r\n ثانياً، يجب على الولاياتالمتحدة الأميركية أن تقنع الاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ موقف حازم في مواجهاتهما المتعلقة ببرنامج إيران النووي. فإيران قدّمت تعهدات بوضع نهاية لإنتاج وتجميع أجهزة الطرد المركزي الخاصة بالمفاعلات النووية، ولكنها -أي إيران- أخلفت بوعودها تلك، ولذلك فإن الخطوة التالية التي يتعين على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تتخذها هي إحالة المسألة إلى مجلس الأمن الدولي التابع لهيئة الأممالمتحدة. ويدور الآن في العواصم الأوروبية كلام هادئ حول فرض عقوبات اقتصادية على إيران؛ ولابد للاتحاد الأوروبي من أن يعلم أن الإخفاق في متابعة ذلك حتى النهاية هو أمر من شأنه أن يعني وجود سلاح نووي إيراني في غضون سنوات قليلة. \r\n \r\n ثالثاً وأخيراً، يجب على الولاياتالمتحدة أن تكون في موقع القيادة والمبادرة بشأن احتواء إيران. وينبغي أن يجري منع تدفق الصادرات والواردات الإيرانية من الأسلحة؛ ولابدّ أيضاً من تحديد هوية التحويلات المالية إلى \"الإرهابيين\" ثم مصادرتها؛ أمّا \"الإرهابيون\" الذين يسافرون من وإلى إيران فينبغي أن تجري مطاردتهم بنشاط ودون هوادة ثم القضاء عليهم. \r\n \r\n ولن يكون من شأن هذه الخطوات أن تحقّق حلولا سريعة، غير أنها تشكّل المسار المنطقي الوحيد المتاح أمام الولاياتالمتحدة وحلفائها. وقد رأينا أن الانخراط في محادثات مع القيادة الإيرانية الحالية لن يكون من شأنه تحقيق أي تغيير في السياسة؛ ذلك أن كل ما سيحققه الانخراط في محادثات لن يكون أكثر من إعطاء \"النظام الشرير\" مهلة لكي ينجز برنامج الأسلحة النووية ولكي يقوم بإنشاء شبكة من \"الإرهابيين\" لكي تقوم بإطلاق تلك الأسلحة. \r\n \r\n دانييل بليكتا \r\n \r\n نائب رئيس معهد \"أميركان إنتربرايز\" لدراسات السياسة الدفاعية والخارجية \r\n \r\n يُنشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n