لماذا يتحتم علينا عدم تخفيف حدة الضغط على إيران ديفيد ميليباند هنالك ثلاثة عناصر رئيسية لإنتاج سلاح نووي : المواد القابلة للانشطار، والصاروخ الذي تُرَكَّب عليه الرأس النووية ، وعملية تحويل المواد القابلة للانشطار من أجل اكتمال تصنيع الصاروخ النووي ويستنتج التقرير التقديري الصادر عن مجلس الأمن القومي الأميركي هذا الأسبوع بشأن برنامج إيران النووي - يستنتج أن إيران قد أوقفت العمل على إنتاج ثالث هذه العناصر وهذه خطوة جيدة إن كان الأمر كذلك ولكن إيران مازالت تواصل تطوير العنصرين الآخرين في العملية ، وعلى الأخص برنامج تخصيب ليس من ورائه تطبيق سلمي واضح ، وإنما قد يُفضي إلى إنتاج مواد قابلة للانشطار بغرض إنتاج سلاح نووي ، وذلك رغم المطالب المتكررة لمجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران بالكف عن ذلك . يصور قادة إيران ذلك على أنه صراع مع المجتمع الدولي الراغب في منع شعب إيران من الحصول على حقوقه وهذا غير صحيح فنحن لا نحاول منع إيران من التمتع بمنافع الطاقة النووية - بل إننا عرضنا على إيران المساعدة في تطوير قطاع الطاقة النووية بغرض الاستخدامات المَدنية إن ما يقلقنا هو ممارسة إيران لنشاطات حساسة فيما يتعلق بنشر السلاح النووي ، وعلى الأخص برنامج التخصيب فليس لإيران حاجة بمثل هذا البرنامج وقد تعهدت روسيا بضمان توفير الوقود اللازم لتشغيل مفاعل بوشهر الذي هو محطة الطاقة النووية الوحيدة الموضوعة في خطة إيران . كما تعهدت مجموعة الدول الأوروبية ثلاثة (المؤلفة من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا زائد الولاياتالمتحدةوروسيا والصين) تعهدت بضمان توفير احتياجات إيران من الوقود النووي في المستقبل وقد ضعفت ثقة المجتمع الدولي في إيران بدرجة أكبر لأنها أخفت بعض ملامح برنامجها النووي لما يقرب من عقدين ، كما أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما يزالون غير قادرين على الحصول على القدر الكافي من الحرية التي ينشدونها من أجل القيام بأعمال التفتيش كما أن إيران تعاملت سرا مع عبد القادر خان الذي يعتبر العقل المدبر لبرنامج باكستان النووي وسيبقى غياب الثقة هذا قائما إلى أن تحل إيران بعض المسائل العالقة حول نشاطاتها السابقة وإلى أن تُوقِف برنامجها للتخصيب النووي . وفي شهر سبتمبر الماضي اتفق وزراء خارجية مجموعة الدول الأوروبية الثلاث + 3 على السعي لاستصدار إجراءات إضافية من مجلس الأمن الدولي إن لم تسفر المحادثات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية وخافيير سولانا ، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، عن نتائج إيجابية بحلول شهر نوفمبر ولقد وافتنا كلتا الجهتين بتقريريهما وتحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران في تقريرها مرة أخرى على وقف كافة نشاطات التخصيب. وأضافت الوكالة قائلة : "إن دراية الوكالة بطبيعة برنامج إيران النووي في الوقت الراهن باتت تتلاشى" كما قال د. سولانا أن مباحثاته مع الجانب الإيراني جاءت "مخيبة للآمال" وقد أصدر مجلس الأمن الدولي ثلاثة قرارات تطالب إيران بالانصياع للقواعد الدولية ، واشتمل اثنان منهما على عقوبات ضد إيران لأنها أخفقت بالالتزام وسوف نطالب بقرار آخر ينصُّ على فرض عقوبات فليس بمقدورنا أن نتردد عن اللجوء للدبلوماسية القوية لأن البدائل كلها إنما هي بدائل أسوأ. إننا لا نسعى إلى مواجهة مع إيران فمنذ عام 2002 والمجتمع الدولي يُجاهد لحل خلافاته معها بالسبل الدبلوماسية وعرضنا عليها التعاون الاقتصادي والسياسي ، بما في ذلك المساعدة في إنشاء برنامج مدني للطاقة النووية ، إضافة إلى حوافز سياسية واقتصادية لكن إيران رفضت هذه الحوافز مرارا وتكرارا ، إلا أنها في نفس الوقت قدمت المساعدات للمتمردين في العراق وحركة طالبان في أفغانستان كما أن الحكومة الإيرانية تخذل شعبها بسبب إخفاقها في احترام حقوق الإنسان والحريات السياسية . وهنا أتساءل لماذا تختار قيادات إيران المواجهة وترفض الشراكة مع المجتمع الدولي ؟ وهذا السؤال موجه لهم ولكن إن كانت الإجابة قائمة على فرضية أن أهدافنا عدائية ، فأود أن يعرف كافة الإيرانيين أن هذا افتراض خاطئ إن هدفنا هو تَغَيُّر السياسة لا تغْيِير النظام فليس من حق أحد سوى الشعب الإيراني أن يختار حكومة إيران نحن نود أن تكون إيران أمّة تنعم بالرخاء ، تتعاون مع وتحظى باحترام المجتمع الدولي نريد لها أن تمارس التأثير والزعامة في الشرق الأوسط بما يليق بموقعها الاستراتيجي ودورها التاريخي في المنطقة ولكن إيران في حاجة لأن تلمس إصرار ووحدة المجتمع الدولي فليس هناك من بلد بمقدوره أن يتجاهل تحديا للنظام الدولي ولا زعزعة استقرار الشرق الأوسط ولهذا السبب نسعى لاستصدار قرار ثالث من مجلس الأمن الدولي وعقوبات أكثر صرامة من الاتحاد الأوروبي . إن لدى إيران ما يؤهلها لأن تكون واحدة من الأمم العظمى في العالم، فهي تنعم بميزات عظيمة وحري بشعبها أن يجني ثمار تلك الميزات إلى أقصى حد، لا أن يرى بلاده تعامل معاملة الدول المنبوذة دوليا هناك خيار واضح أمام القيادة الإيرانية الأول أن تختار علاقة جديدة مع المجتمع الدولي ، بمن فيه الولاياتالمتحدة، يعود عليها بالمنافع السياسية والاقتصادية والتقنية أما الخيار الآخر فهو المزيد من العزلة وليس بمقدور أحد الاختيار بين هذين الخيارين نيابة عن زعماء إيران ولكنني آمل أن يكون لدى الزعامة الإيرانية من بعد النظر والإلهام ما يؤهلها لاختيار ما هو في صالح شعبها الذي لا يستحق أقل من ذلك. عن صحيفة الوطن العمانية 9/12/2007