"كن جميلًا تر الوجود جميلًا" وحرمة التعدي على الجار، موضوعات خطبة الجمعة القادمة    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    حسن غانم رئيس بنك التعمير والإسكان: تحقيق أولى خطوات تنفيذ استراتيجية 2025-2030 امتدادا لمسيرة النجاح خلال الأعوام الماضية    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    برلمانى: الصفقات الاستثمارية رفعت محفظة القطاع السياحي لأكثر من 70 مليار دولار    9 قتلى و32 مصابا في انفجار بمركز شرطة ناوجام في جامو وكشمير    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    مدير الإعلام بحكومة إقليم دارفور: المليشيات وثقت جرائمها بنفسها    جولف مدينتي يحصد جائزة World Golf Awards كأفضل ملعب في مصر وأفريقيا لعام 2025    تشكيل إسبانيا الرسمي أمام جورجيا في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    ضبط المتهمين بقيادة مركبات «الاسكوتر» بطريقة خطرة ببني سويف| فيديو    القبض على أنصار نائب لقيامهم بإطلاق النار احتفالا بفوزه في الانتخابات    المخرج الصيني جوان هو: سعيد بالأجواء في مصر وأحلم بتصوير فيلم على أرضها    صوت المهمشين ضحكًا وبكاء    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    تعرض الفنان هاني مهنى لوعكة صحية شديدة.. اعرف التفاصيل    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    المجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى يستضيف خبيرا عالميا فى جراحة وزراعة الكبد    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    تقرير: مدرب شبيبة القبائل يستعد لإجراء تغييرات كثيرة أمام الأهلي    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    «‏رجال سلة الأهلي» يواجه سبورتنج في إياب نصف نهائي دوري المرتبط    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    كولومبيا تشتري طائرات مقاتلة من السويد بأكثر من 4 مليارات دولار    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تضاؤل آمال السلام في الشرق الأوسط
نشر في التغيير يوم 23 - 07 - 2004

كنت أعتقد أنه بعد اشتعال المشاعر الوطنية في العراق، واحتدام الصراع المسلح المدفوع بدوافع دينية، الذي فقدت فيه أميركا السيطرة فعليا على خمس مدن، وأدى إلى استمرار المواجهة (لا حظوا أنني استخدم هنا كلمة مخففة) بينها وبين القوات المناهضة، فإن واشنطن سوف تصبح أكثر حرصا في التعامل مع الوضع الإسرائيلي- الفلسطيني، خصوصا بعد أن كانت قد وعدت في وقت سابق، بتحقيق ما عرف برؤية الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمان. ولكن، ونظرا للتآكل السريع للتأييد الشعبي للإدارة الأميركية، والذي يرجع جزئيا لتورطها في المستنقع العراقي، فإنه غدا من الصعب على المرء ألا يتفق مع الرأي السائد على نطاق واسع في الولايات المتحدة وبريطانيا، ومؤداه أن الاعتبارات السياسية الداخلية في سنة الانتخابات الرئاسية، هي التي قادت على ما يبدو الرئيس بوش لتبني رؤية تتناقض مع السياسات الأميركية الثابتة على مدار العشرين عاما الماضية، فيما يتعلق بوضع الأراضي التي قامت إسرائيل باحتلالها عقب حرب 1967.
\r\n
\r\n
وكون ذلك الموقف قد جاء في أعقاب اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس منظمة حماس، بواسطة صواريخ أطلقتها عليه طائرة أباتشي، أثناء توجهه لأداء صلاة الصبح على مقعده المتحرك، يعتبر في حد ذاته دليلا على سوء التوقيت الذي اختارته الإدارة لإعلان هذا الموقف. ولكن إذا ما أخذنا في اعتبارنا طبيعة التغير الكامل في موقف بوش، وقيامه بمنح تنازلات لشارون بالنيابة عن الشعب الفلسطيني، دون أن يكلف نفسه عناء القيام بالتشاور معهم.. فإننا سنتوصل إلى أن الموقف الأميركي هو الذي أدى- على ما يبدو- إلى تشجيع شارون على إصدار أوامره بقتل عبدالعزيز الرنتيسي خليفة الشيخ أحمد ياسين في قيادة حماس . لا أقصد من ذلك أن أقول إن أساليب حماس واستراتيجيتها في استخدام الإرهاب، يمكن أن تلقى قبولا من جانب أي إنسان متحضر في العالم ولكن ما أقصده هو أن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أن تؤدي السياسات الأميركية – الإسرائيلية إلى إثارة حالة من الغضب الشديد، والرغبة العارمة في الانتقام، وتفاقم الإرهاب بدلا من الحد منه.
\r\n
\r\n
والجوانب المتعلقة بهذه السياسة الأميركية الجديدة بحاجة إلى إعمال النظر من جانبنا. فقيام الرئيس بوش بتأكيد أنه لم يعد بمقدور اللاجئين الفلسطينيين، أن يتوقعوا إمكانية العودة إلى منازلهم داخل إسرائيل، يبدو كما لو كان نوعا من إضفاء الشرعية على مأساة إنسانية مستمرة منذ أمد طويل. لقد استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات على الأراضي التي كانت تابعة للعرب من قبل، والتي تم احتلالها بالقوة منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمان، وما يقوله بوش هو أن كل ما فعله هو أنه يقر بالحقائق على الأرض، تلك الحقائق التي أدت المستوطنات الإسرائيلية، وطرد الفلسطينيين من الأماكن التي كانوا يعيشون فيها إلى خلقها.
\r\n
\r\n
من ناحية أخرى، سوف تقوم إسرائيل بالانسحاب من 21 مستوطنة في قطاع غزة، تضم 7500 مستوطن يهودي في موعد غايته نهاية العام القادم. ولكن القطاع الذي يسكنه قرابة 1,3 مليون نسمة، سيظل على رغم ذلك الانسحاب بمثابة سجن كبير، لأن جميع منافذ الدخول البرية والبحرية للقطاع ستكون واقعة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، الذي سيسيطر على سماوات القطاع أيضا.
\r\n
\r\n
وإذا ما أخذنا الظروف السابقة في الاعتبار، فإننا لن نعجب إذا ما عرفنا أن اقتصاد المناطق المحتلة قد تعرض لحالة من التدهور المستمر، أدت إلى جعل معدل نمو الناتج القومي الإجمالي 15 في المئة بالسالب في عام 2002. وقد ترتب على ذلك أن أصبح 60 في المئة من سكان القطاع تقريبا يعيشون تحت خط الفقر، وإلى جعل 50 في المئة تقريبا منهم يعانون من البطالة. وفي غيبة أي سلام متفق عليه ومقبول من قبل الطرفين، فإن قيام إسرائيل بعملية إعادة انتشار أحادية الجانب لقواتها العسكرية، ومواطنيها من قطاع غزة ،لا يتوقع له أن يؤدي إلى أي تقدم في حركة عملية السلام المتوقفة منذ ثلاث سنوات تقريبا.
\r\n
\r\n
الجانب الثاني الذي يحتاج إلى تفكير هو ذلك المتعلق بالضفة الغربية. فإسرائيل تقترح الانسحاب من أربع مستوطنات يسكنها 500 شخص تقريبا مع بقاء 200 ألف مستوطن استقروا في مستعمرات جرى بناؤها في الضفة عقب حرب 1967 في أماكنهم (بالإضافة إلى 190 ألفا يقيمون في القدس الشرقية). وسوف يقوم الجدار الأمني الذي يجري بناؤه الآن بالالتفاف حول الحدود الجديدة التي سيترتب عليها تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية إلى حد كبير. تلك هي الحقيقة التي تغيرت خلال العقود الماضية، والتي سمحت بتقديم إطار جديد للمطالب الإسرائيلية المتعلقة بأراضي الضفة الغربية التي استولت عليها عام 1967، ومصادقة الأمم المتحدة على مثل تلك المطالب.
\r\n
\r\n
إن موقف واشنطن، الذي تعرض إلى انتقاد حتى من جانب بريطانيا، يغير الأسس التي يمكن أن تقوم عليها أية مفاوضات مستقبلية، ناهيك عن أية تسوية مقبولة. ومما زاد الطين بلة أن إسرائيل تطالب بتعويضات مقابل انسحابها المزمع. وعلى رغم أن هناك دلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة سوف تساعد إسرائيل في الحصول على تلك التعويضات... إلا أنه لا توجد سوى دلائل محدودة تشير إلى أنه سيجري تقديم تعويضات للعرب، على رغم أنه ومنذ أربع سنوات فقط ، قام الرئيس كلينتون بالحديث عن جمع مليارات الدولارات وتخصيصها للاجئين الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
علاوة على ما تقدم، نجد أنه ليس من الواضح في هذه المرحلة على الأقل، ما إذا كانت إسرائيل ستقوم بهدم المباني والمرافق التي قامت ببنائها في الأراضي المحتلة قبل انسحابها منها، كما فعلت في مستعمراتها في شبه جزيرة سيناء عام 1982، عندما كان شارون يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، أم لا .
\r\n
\r\n
أما ما حدث يوم السبت الماضي عندما أقدمت إسرائيل على اغتيال عبدالعزيز الرنتيسي الذي خلف الشيخ أحمد ياسين في قيادة الحركة في قطاع غزة، فإن كون ذلك الاغتيال قد جاء بعد الإعلانات الصادرة عن واشنطن، يعني أنه لن يكون له من نتيجة سوى تشجيع العنف الانتقامي بين الطرفين. وقد أدت تلك العملية بالفعل إلى انطلاق مظاهرات فلسطينية ضخمة ترددت خلالها نداءات الانتقام. وفي الوقت الذي وصفت فيه المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، تلك العملية بأنها غير شرعية، وغير مبررة، وسوف تؤدي إلى نتائج عكس المقصود منها، فإن كل ما فعلته واشنطن هو أنها طالبت الجانبين بضبط النفس، الأمر الذي أثار انتقادات مؤداها أن سياستها هي التي شجعت شارون على تصعيد استخدامه للعنف من أجل حل مشكلاته. وعلى ما يبدو أن شارون ينسى وهو يقوم بذلك، تلك الدروس التاريخية التي تقول إن الاستخدام المبالغ فيه للقوة غالبا ما يؤدي إلى مفاقمة العداء، وإلى العنف المضاد، الأمر الذي يجعل من تحقيق السلام في الأوضاع المعقدة التي تعيشها المنطقة، أمرا أكثر صعوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.