\r\n ونحن نتواجد في شارع لادينيس بمحاذاة »الخط الاخضر« الذي ادى منذ الحرب التي نشبت في العام ,1974 الى قسمة نيقوسيا الى شطرين: الشطر الشمالي, والذي اصبح يسمى جمهورية شمال قبرص, التي ليس لها علاقات الا مع انقرة, يقابله ما تبقى من الجزيرة والذي يخضع لسلطة الحكومة القبرصية - اليونانية, المعترف به دولياً, وما زال الجزء الاقدم من نيقوسيا شاهد على اثار الصدامات العسكرية المسلحة, الغائرة في عمق الزمان, الا انها خلفت جراحاً عميقة في نفوس الناس, حيث يمكن لاي كان مشاهدة الاسلاك الشائكة, المتاريس, البنايات المتداعية, الخالية, وحيث اقفال الحوانيت ما زالت موصودة منذ عشرات السنين, اللهم, باستثناء بعض ورشات النجارة, واثنين من الدكاكين. \r\n \r\n وبالاشارة الى الاستفتاء الذي جرى في الرابع والعشرين من شهر نيسان الماضي, الخاص باعادة توحيد قبرص, وفشل نتيجة لرفضه من قبل ما نسبته 77% من القبارصة اليونانيين »مقابل موافقة 66% من الاتراك«. فكان قد اثبت بأن طريق المصالحة ما بين الجاليتين ما زال طويلا, وفي اثناء ذلك, وبعد انضمام قبرص الى الاتحاد الاوروبي بصفة رسمية. كان شارع لادينيس, والخط الاخضر قد اصبحا يمثلان حدود اوروبا الابعد ناحية الشرق. \r\n \r\n وكان يجلس على احدى طاولات حانة سان جورج شخصان هما البي دوردوران, ويوسف بياتاس, الاول هو زعيم الحزب القبرصي - التركي من اجل الوحدة الوطنية والثاني موظف سابق لدى الحكومة القبرصية - اليونانية. ومنذ ان تم في 23 نيسان من العام الماضي, اعادة فتح بوابة ليدرا بين شطري نيقوسيا, اصبح بمقدور بياتاس ودوردوران الالتقاء في وضح النهار, من غير انتهاك للقانون, وكان باستطاعتهما على مدى تسعة عشر عاماً مضت تبادل الاحاديث, اما في الخارج, او بطريقة سرية, معرضان نفسيهما من خلال ذلك لتهمة الخيانة, ويشتكي دوردوران من ذلك قائلاً: »لقد اصبت بخيبة امل نتيجة قول كلاّ لتوحيد الجزيرة, والتي نطق بها القبارصة اليونانيون, ومع كونها لم تمثل مفاجأة بالنسبة لي, الا انها جعلتني اشعر بألم عميق, لقد اضعنا فرصة كانت تهدف الى وضع حد لثلاثين عاماً من الانفصال وانعدام التفاهم«. \r\n \r\n ويقول بياتاس انه يشاطر صديقه تلك المرارة التي يحس بها, وهو الحليف في الكثير من المعارك السياسية. ويضيف القبرصي - اليوناني قائلاً وهو يحتسي النبيذ الاحمر: »لقد تمثلت المشكلة الكبرى في الموقف الذي اتخذه زعماؤنا السياسيون, الذين حرضوا السكان بالعلن على التصويت ضد التوحيد, ولم يكلفوا انفسهم شرح مشروع الخطة الذي تقدم به كوفي انان«. \r\n \r\n وبياتاس لا يخفي تشاؤمه, ويقول قبل ان يتجه بنظره الى العلمين القبرصيين المرفوعين الواحد قبالة الاخر, بمحاذاة »الخط الاخضر« يتوجب الامر البحث عن حل فوري, والا فاننا سوف نضطر لقضاء ثلاثين سنة اخرى, ونحن على هذا الوضع. وكأني به يعمد الى التأكيد بان النزاع سوف يستمر, ويشد كل منهما على يد الاخر بعنف: فقد حان وقت انصراف دوردوران, حيث يتوجب عليه العودة للقسم التركي من نيقوسيا. \r\n \r\n تطرف القبارصة - اليونانيين السياسي: \r\n \r\n لقد تحدث مشروع الخطة الذي تقدمت به الاممالمتحدة عن اقامة فيدرالية مشكلة من دولتين, تتمتعان بنفس الثقل السياسي فالقسم من الاراضي الواقعة تحت سيطرة الاتراك, يصار الى خفضها من نسبة 37-29%, بحيث تعود قرى باكملها الى السيادة اليونانية, بحيث يسمح بعودة النازحين من عام ,1974 والمقدر عددهم بمئة وسبعة وستين الفاً, اما الرئيس القبرصي - اليوناني تاسّوس بابا دوبولوس, الذي لا يحظى بسمعة طيبة في اوروبا بسبب مساندته لدعاة الوطنية الصربية الاكثر تطرفاً باعوام التسعينات, كان قد صرح ضد مشروع الاممالمتحدة بشكل علني, وتمت الاشارة الى مؤىدي التوحيد باعتبارهم خائنين للوطن, حملة مضادة, عدوانية, لم تترك مجالاً لادارة نقاش حقيقي, كان قد شارك فيها ممثلو الكنيسة الارثوذكسية كذلك: فلم يتردد رئيس اساقفة اليونان كريستو دوولوس في وصف خطة انان على انها خطيرة, كما وصل الحال بالاسقف كيرينيا الى تهديد المؤيدين لكلمة نعمم بالخسران الابدي, اما الاحزاب بما في ذلك الحزب الشيوعي, فقد توحدت ضد مشروع الخطة الذي تقدمت به الاممالمتحدة, والذي تم فقط تسليط الضوء على الجوانب الاكثر اثارة للخلاف, مثل تواجد ستة الاف جندي تركي فوق ارض الجزيرة, وغياب عودة عشرات الاف المستوطنين, الذين الحت انقرة بشأنهم, لكي يسكنوا جمهورية شمال قبرص, وغالباً ما يحتلون املاك النازحين اليونانيين. \r\n \r\n وكانت تركيا ممثلة برئيس حكومتها رجب اردوغان, على العكس من ذلك تماماً, حيث دعمت, عن اقتناع, مشروع خطة التوحيد, بالرغم من المعارضة التي ابداها الرئيس القبرصي - التركي, رؤوف دانكتاش, وذلك لتحقيق هدف واضح يرمي الى حل نزاع يساهم في منع انقرة من الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. \r\n \r\n وتتحدث بهذا الشأن, المدرسة, ابنة النازحين, ديسبينا لامبرو, 29 عاماً, فتقول: »لقد صوت بكلا للتوحيد, حيث انني اخشى الاتراك, فليس هناك ما يجمعنا بهم. وامل ان يرحلوا جميعاً عن قبرص, بحيث لا يقتصر الامر على المستوطنين فقط, بل الاعداء جميعهم«. هذا, ومن الاجدر القول بان رغبة ديسبينا, هي عامة في نيقوسيا اليونانية وخاصة بين الشباب اليافعين... فالاجيال الجديدة هي الاكثر عداوة للاتراك, وتعترف المدرسة باتهام والدها لها بالعنصرية, وتقر بانه ربما كان محقاً في ذلك, وتبدي اعجابها به, خاصة وان اخاها كان قد قتل على يد الاتراك في العام ,1974 ويعرب على الرغم من ذلك عن استعداده للعودة للعيش الى جانبهم من جديد في حين انها لا تقدر على فعل ذلك ابداً, اما الناشط اليوناني يوسف بياتاس, فيؤكد على ان مشكلة الاجيال الجديدة هي الاخطر, ويكون من الواجب مجابهتها من قبل اليونانيين المؤيدين للتعايش السلمي, واعادة توحيد الجزيرة, ويشرح ذلك فيقول: »لم يعرف صغار السن من الشباب الاتراك عن قرب, وهم انما يشيرون اليهم فقط من خلال حكايات غزو الجزيرة الذي حدث في عام ,1974 وعليه فهم مفعمون بالحقد, يضاف الى ذلك الناحية الاقتصادية, فلقد تحسنت الاحوال المعيشية في الجزء القبرصي - اليوناني, ولدى شبابنا اليوم الكثير مما سيفقدونه في حالة حصول التوحيد, بما في ذلك جواز السفر الاوروبي, ويعتقدون ان الامر سينتهي بالاتراك الذين هم اكثر فقراً, الى امتصاص موارد الجزيرة, معرضين للخطر, تلك الرفاهية التي ينعم بها اليونانيون, وليس هذا صحيحاً, حيث من شأن عملية التوحيد مساعدتنا في الحصول على مساعدات دولية مكثفة, ولكن كان زعماؤنا قد فضلوا اخفاء كل ذلك, وتبعاً لما يقوله داعية السلام, فان بابا دوبولوس كان قد استطاع اقناع المواطنين, بان رفض موضوع التوحيد لم يكن ليترتب عليه اية تبعيات, كما انه, وعبر الانضمام الى اوروبا - الذي وعد به القبارصة اليونانيون, فسوف يكون من السذاجة بمكان التوقيع على اتفاقية مع الاتراك, لا تفي بالغرض المطلوب. \r\n \r\n التحول القبرصي - التركي: \r\n \r\n انهم يغنون للانتصار في المنطقة التركية من نيقوسيا, اكثر مما يفعلون في تلك اليونانية فمنذ ان جرى افتتاح المعابر ما بين شطري المدينة, كان الجانب التركي قد شهد تزايداً ملحوظاً في تدفق السائحين الاجانب, ومنهم اليونانيون الذين عادوا لرؤية ممتلكاتهم من جديد, التي فقدوها في عام 1974 وفي طرق ليفكوسيا المزدحمة »هذا يدعوه الاتراك نيقوسيا« تشاهد سيارات الاجرة المحملة بالزوار, ولكن النجاح الاكبر الذي حققته جمهورية شمال قبرص كان قد تمثل في اعتراف الدول الاوروبية المتتابع, بعد ان وافقت على تقديم حزمة مساعدات تشتمل على 259 مليون يورو, وانهاء المقاطعة الاقتصادية, هذا, ولقد بدأت بالظهور تلك الاثار المترتبة على هذا التحول »الصغير«. ويؤكد سافاش ألتونيل, صاحب »مقهى عمر« الواقع بالقرب من الجامع الكبير, ان الاتراك سينضمون قريباً الى الاتحاد الاوروبي, ويقول بذات الشأن: »انظروا, ان الامور في تحسن مستمر, فتجدون هنا في ليفكوسيا عملات من كافة انحاء العالم«, يتحدث وهو يمد يده في جيبه ليخرج عملة يونانية, وبعض الدولارات, واليورو اما المهندس المعماري فوزي اوزيرساي, 31 عاماً, الذي يقوم منذ عام بزيارة منتظمة الى الجانب اليوناني, فيقول بان العلاقة الحقيقية لا تتمثل في التطور الاقتصادي, بل بالمصالحة بين الجانبين, ثم يضيف الى ذلك قائلاً: »كنا نحن القبارصة الاتراك قد عشنا على مدى ثلاثين عاماً وسط اوضاع في غاية الصعوبة, من دون اية امكانية للحصول على جواز سفر معترف به دولياً, ومجبرين على الذهاب الى تركيا لفعل كل شيء ولقد ارتكب اباؤنا حماقة اختيارهم للحرب, وتلقي المساعدات العسكرية من انقرة والانفصال عن اليونانيين, ويتوجب عليهم اليوم التخلي عن تلك الحماقة من خلال مساعدتنا في اقناع القبارصة اليونانيين, بان مصيرنا مشترك وان بامكاننا, ومن واجبنا العيش سوياً«. \r\n \r\n عن: المانيفيستو الايطالية.