\r\n إن دافع التقدم لا بد من أن يأتي من جانب القادة والمواطنين في البلدان الإسلامية, ولكن الغرب, في المقابل, لا بد له من تعزيز جهوده ايضاً في هذا المجال. وهذا اليوم سنثير, زملائي وزراء خارجية مجموعة الثمانية وأنا, عند اجتماعنا في واشنطن, قضية الجهود المشتركة لدعم عملية الإصلاح والتنمية في الشرق الأوسط. غير انه, وفي ما عدا اجتماع هذا اليوم, فإن لدى كندا الكثير الذي يمكن ان تفعله بإمكاناتها الخاصة لدعم قوى التحديث والإصلاح. \r\n \r\n وكما خلصت اللجنة الدائمة للشؤون الخارجية والتجارة الدولية, إثر جلسات استماع في كندا وخمس عشرة دولة اخرى, فإن العالم الإسلامي مختلف ومتنوع الى أبعد الحدود. ولا يسكن الشعب المسلم الذي يبلغ تعداده 4,1 بليون مسلم في البلدان العربية والشرق الأوسط فقط, بل يتعدى ذلك الى بلدان فيها غالبية مسلمة في افريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا, وأيضاً في بلدان مثل الهند, وفيها نسبة مهمة من السكان المسلمين, وكندا وعدد آخر من البلدان الغربية. وفي هذه البلدان, كما في العديد من المناطق في العالم, يوجد تطرف ديني. ولكن في هذه البلدان ايضاً تيارات تدعم الحداثة والديموقراطية والحقوق المدنية, وحركات باتجاه الإصلاح السياسي والاجتماعي, بما في ذلك تقدم المرأة. \r\n \r\n ومن بين المزايا المهمة التي يمكننا الاعتماد عليها في تقدمنا باتجاه علاقات اوثق مع العالم الإسلامي هو وجود مجموعات اسلامية غنية ومتنوعة في بلادنا الذين يجب الاعتماد اكثر فأكثر على مهاراتهم وكفاياتهم من اجل ايصال رسالتنا وإقامة علاقاتنا وتكوين سياساتنا. ولسوف تكمل إمكانات هذه الجاليات الإسلامية علاقاتنا القائمة فعلاً مع العالم الإسلامي من خلال التجارة ومن خلال برامج التنمية التي ندعم من خلالها حقوق الإنسان والحريات المدنية والمساواة بين الجنسين والحكم الصالح. \r\n \r\n ولا غرو ان لتفهم الغرب للصراع الفلسطيني - الاسرائىلي دوراً مركزياً في تحقيق تعاون أكبر مع الدول الاسلامية. وعلى رغم ان لكندا تأثيراً محدوداً في هذا المجال, فإن بإمكاننا ان نعتمد على علاقاتنا الديبلوماسية المميزة. وان موقعنا المتميز كصديق لكل من اسرائيل والشعب الفلسطيني وموقفنا المتوازن من الصراع نفسه يعطياننا مصداقية واسعة في الاقليم, مما يسمح لنا بالشروع في بناء مبادرات لجسر الهوة سواء على الصعيد الديبلوماسي ام على صعيد المجتمع المدني. \r\n \r\n ولقد عزز موقف كندا من الحرب في العراق مصداقيتنا في العالم الاسلامي, مما يعطينا عدداً كبيراً من الشركاء الراغبين في الحوار وإقامة المشاريع المشتركة. \r\n \r\n على ان اضافة الى الوسائط الديبلوماسية وبرامج التنمية التي نتبعها من اجل الترويج للتغيير المطرد في العالم الاسلامي, لا بد لنا من ان نتبع مصداقية كندا بإظهار أن الافكار التي ندعمها هي تلك التي نعمل في شكل اصيل على تعزيزها في مجتمعنا كما نعمل على تعزيزها خارج بلادنا. وهذا يعني ان عندما نحارب الارهاب باسم الحرية, يجب ان نتأكد من ان الحقوق السياسية والمدنية الاساسية, مثل المساواة وعدم التمييز مصانة بقوة التصميم نفسه على حماية أمننا. \r\n \r\n ولهذا السبب فإن السياسة الأمنية القومية الجديدة للحكومة تدعو الى عقد طاولة مستديرة متعددة الثقافات حول موضوع الأمن, تضم رموزاً مهمة من مختلف الاعراق والمجموعات الثقافية والدينية في البلاد. \r\n \r\n وقبل كل شيء, لا بد من ان نتأكد ان مجتمعنا مجتمع يعامل فيه الكنديون القادمون من مختلف ارجاء المعمورة وفقاً لقيم المساواة واحترام التنوع. ومنذ بضعة عقود يعمق مواطنونا ومسؤولونا التزامهم بالتعددية من خلال السياسة الاجتماعية ومبدأ الهجرة وأطرنا القانونية ومؤسساتنا السياسية. ومع اننا لا نزال بعيدين من الكمال, فإن كندا في نظر الجميع في العالم هي مجتمع نجحت فيه التعديدة الى حد كبير ويتمتع بالمساواة والاحترام المتبادل. وبالحفاظ على هذا النجاح محلياً, ومشاركتنا خبراتنا في الخارج, فإننا قادرون على مساعدة التقدميين في البلدان الاسلامية الذين يشاركوننا هذه الافكار للعمل على تحقيق اهداف مشابهة في بلدانهم. \r\n \r\n * وزير الخارجية الكندي, والمقال سبق نشره في صحيفة \"غلوب اند مايل\" الكندية في 14 ايار (مايو) 2004. والنشر \r\n \r\n بالعربية خاص ب\"الحياة\".