\r\n\r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n وفي يوم الأربعاء الماضي، تمحورت دعوى ياسر عصام حمدي ضد رامسفيلد ودعوى رامسفيلد ضد خوسيه باديلا، حول ما إذا كانت هناك أية فقرة في الدستور أو القانون تجيز للمسؤولين التنفيذيين حرمان شخص أميركي تم إعلانه \"مقاتلاً معادياً\" من حريته لفترة غير محددة ودون السماح له بتوكيل محام أو اتهامه بجريمة أو منحه الفرصة ليروي القصة من جانبه (إلاّ عندما يكون قيد الاستجواب). وتتصف المسائل المثارة في هذه القضايا الثلاث بأقصى درجات الأهمية، وذلك بسبب الاستخدام التعسفي، وبالتالي الاستبدادي، للسلطة التنفيذية. ففي قضية شفيق رسول، تحجج النائب العام تيودور أولسون بأن هناك سابقة متوفرة لدى المحكمة العليا- وهي قضية جونسون ضد إيزنتريجر عام 1950- تؤيد الاقتراح الذي يفيد بأن نطاق صلاحيات المحاكم الفيدرالية لا يطال الاحتجاز التنفيذي للأجانب خارج نطاق \"السيادة النهائية\" للولايات المتحدة. ففي قضية إيزنتريجر (المرفوعة ضد لويس جونسون وزير الدفاع الأميركي آنذاك)، وجدت المحكمة أنه لا يجوز إصدار أمر بالمثول أمام المحاكم الفيدرالية بشأن المواطنين الألمان المعتقلين في الصين الذين خضعوا لمحاكمة عسكرية قانونية. وفي أية حال لم تقرر المحكمة بقولها هذا ما إذا كانت القوانين الفيدرالية تمنح المحاكم سلطة قانونية صريحة للاحتجاز التنفيذي لأشخاص ذوي جنسيات أجنبية، أو ما إذا كانت للمحاكم صلاحية إصدار أمر بمثول محتجزين أجانب في غياب جلسة التحقيقات الأولية العادلة لتقرير ما إذا كانوا غرباء معادين أو متفرجين أبرياء. وفي حديثه عن قضية شفيق رسول المتهم بالقتال في أفغانستان مع منظمة \"القاعدة\" وطالبان، أشار النائب العام جون غيبونز إلى أن هناك قوانين فيدرالية تمنح المحاكم صلاحيات النظر في التماسات مقدمة بالنيابة عن أي \"سجين\" محتجز لإصدار أمر بمثوله أمام المحكمة. وإضافةً إلى ذلك، وكما أكد غيبونز، لم يتم منح أي من المحتجزين أي شيء يقترب في فحواه من التحقيقات الأولية العادلة. وإذا كانت قضية إيزنتريجر غامضة، فإن المحكمة ستحتاج إلى الفصل في القضية من حيث المبدأ. وهنا لا شك في الحصيلة. فإذا رأت المحكمة العليا أن المحاكم الفيدرالية لا تمتلك صلاحيات النظر في التحديات التي تمت إثارتها لمصلحة المحتجزين في جوانتانامو، فمن شأن ذلك أن يتيح للمسؤولين التنفيذيين خلق ثقوب سوداء قانونية على تراب البلد الأجنبي الذي يمكن فيه احتجاز الأجانب على نحو تعسفي وغير قانوني في سجون تعزلهم عن العالم الخارجي، كما يمكن تعذيبهم وتشويه أجسادهم، بل وإعدامهم أيضاً. وهذا أمر لا يجيزه الدستور، باعتبار أنه يقتضي إعطاء فرع حكومي واحد صلاحية تفسير وتطبيق القوانين على المحتجزين الأجانب. وعلى رأي جيمس ماديسون الذي كتب ذات مرة يقول \"إن تراكم كل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية في اليد ذاتها... من الممكن أن يكون تعريفاً معلناً للاستبداد بحد ذاته\". وفي حالة كل من ياسر حمدي المتهم بالقتال في أفغانستان وخوسيه باديلا المتهم بالتورط في مؤامرة لتفجير قنبلة قذرة، هناك قانون فيدرالي يحظر سجن أو احتجاز المواطنين الأميركيين \"إلا بموجب مرسوم يصدره الكونغرس\". وهنا لم يتحدّ أولسون ونائبه نطاق سلطة المحاكم الفيدرالية أو صلاحياتها التي تجيز لها الانخراط في مراجعة ل\"أمر المثول\" أمام المحكمة، لكنهما لم يستندا إلى تفويض الكونغرس الذي أجاز استخدام القوة العسكرية، والمعلن يوم 18 سبتمبر 2001، وأجاز للرئيس الأميركي احتجاز مواطنين أميركيين إلى أجل غير مسمى دون منحهم حق المثول في جلسة تحقيق أولي أمام محكمة محايدة. لكن فرانك دانهام محامي ياسر حمدي أصاب حين ردّ بأن الصلاحية الممنوحة للرئيس لا يتجاوز نطاقها \"استخدام كل القوة الضرورية ضد الأمم والمنظمات أو الأشخاص الذين يقرر أنهم خططوا أو أجازوا أو ساعدوا في الهجمات الإرهابية ( يوم11 سبتمبر) أو قاموا بإيواء تلك المنظمات وأولئك الأشخاص\". وعلى رغم ذلك، لم \"يقرر\" الرئيس ما ّإذا كان حمدي (أو باديلا) متورطاً في الهجمات بالمساعدة أو التخطيط أو التنفيذ، ولا ما إذا كان متورطاً في إيواء الأطراف المتورطة. وعلى رغم أن مقدمة تفويض الكونغرس تصرّح بأن \"الرئيس يمتلك صلاحية دستورية لاتخاذ عمل بغية ردع أو منع ممارسات الإرهاب الدولي ضد الولاياتالمتحدة\"، فإنه ليس هناك أي مبدأ للتفسير القانوني يجيز لنا قراءة هذا باعتباره تفويضاً واضحاً لا لبس فيه ويجيز احتجاز مواطنين أميركيين إلى أجل غير مسمى دون محاكمة واستناداً إلى رأي السلطة التنفيذية فقط. وكما أكّد دانهام، فإن احتجاز ياسر حمدي لم يتم بموجب تفويض صريح من الكونغرس، ويقتضي ذلك منطقياً أنه (ومعه باديلا) يجب إمّا أن يتم إطلاق سراحه أو أن يتم اتهامه بجريمة (وبالتالي يجب منحه كل أنواع الحماية المقررة له في الدستور والمتعلقة بالمتهمين بالجرائم، بما في ذلك حق توكيل المحامين والحصول على فرصة للرد على الاتهامات الموجهة إليه). قال أليكساندر هاملتون في كتاباته منذ أكثر من 200 سنة \"إن ممارسة سجن (الأشخاص) التعسفي كان في كل العصور(واحداً من) الأدوات المفضلة والأشد ترهيباً في يد الاستبداد\". وما زالت كلمات هاملتون صحيحة الآن بقدر صحتها يوم كتبها. فقد كان مؤسسو الأمة الأميركية يخشون مكائد السلطة التنفيذية غير المكبوحة، حتى وإن كانت في خدمة الصالح العام، وكان خوفهم منها يفوق خوفهم من الحرب والألم والموت. ومنذ وقت تأسيس المراجعة القضائية، لم تكن هناك أهمية أكبر مما هي الآن لكبح السلطة التنفيذية واستعادة الصلاحيات التي تصورها المؤسسون. صاموئيل ريكليس \r\n أستاذ وباحث لدى معهد القانون والفلسفة في جامعة سان دييغو- كاليفورنيا يُنشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"