منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    أحمد جابر قائمًا بأعمال رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي    جماعة حزب العمال الكردستاني تعلن سحب مقاتليها من تركيا إلى العراق    الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانًا دستوريًّا بتولي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مهام رئيس السلطة الفلسطينية في حال شغور المركز    سيف عيسى يتوج بذهبية بطولة العالم للتايكوندو    يلا كووورة.. مانشستر سيتي يواجه أستون فيلا في الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي الممتاز    موقف إمام عاشور من اللحاق بالسوبر المصري    جامعة الإسكندرية تواصل جهودها في بناء الوعي الطلابي خلال ندوة خطر المخدرات ودور الشباب في المواجهة    تعليم قنا: تشكيل لجنة لفحص واقعة استغلال مدرسة خاصة للدعاية الانتخابية    «رفضت رد ممتلكاته».. المتهم بتعذيب زوجته حتى الموت بالإسكندرية يكشف سبب ارتكاب الجريمة    الأربعاء.. أحمد سعد يشارك في اختيار أحلى صوت على شاشة MBC مصر    رئيس جامعة القاهرة يستقبل رئيس جامعة جيانجنان الصينية لبحث تعزيز علاقات التعاون    خلال تعاملات اليوم .. سعر الدولار يواصل تراجعه أمام الجنيه    مصدر يكشف ل«المصري اليوم» موعد التشغيل التجريبي بالركاب للمرحلة الثانية من الأتوبيس الترددي    غدا .. الطقس مائل للحرارة نهارا وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة والصغرى 20    ضبط 5 أشخاص روعوا المواطنين بالالعاب النارية بالجيزة    التضامن تعلن استثناء السن للتقديم في حج الجمعيات الأهلية لهذه الفئة .. اعرف التفاصيل    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    الهلال الأحمر بغزة: الوضع الإنسانى بالقطاع بالغ الصعوبة والآلاف بلا مأوى    صابر الرباعي يختتم سهرات مهرجان الموسيقى.. في ليلة توزيع الجوائز على الفائزين    محافظ الإسماعيلية ورئيس قصور الثقافة يفتتحان الدورة 25 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    فيديو.. وزير الصحة: منظومة التأمين الصحي الشامل تغطي 73% من سكان السويس    محافظ الدقهلية يفاجئ عيادة ابن لقمان للتأمين الصحي بالمنصورة: تكليفات فورية بالتعامل مع أي نواقص في الأدوية    رئيس الوزراء يغير مسار جولته بمحافظة السويس ويتفقد مدرسة محمد حافظ الابتدائية    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مدرب الزمالك 2009: أعد الجماهير بتجهيز 7 نجوم للفريق الأول في نهاية الموسم    حزب التجمع بختار السيد عبد العال ممثلا للهيئة البرلمانية بالشيوخ    «هابي بيرث داي» يكتب فصلًا جديدًا في نجاح السينما المصرية    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    ضبط 105 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة في حملة بيطرية مكبرة بدمياط    محافظ بني سويف يتابع انطلاق برنامج تنمية مهارات اللغة العربية    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    الدعم السريع يعلن السيطرة على مقر للجيش بالفاشر| ماذا يحدث بالسودان؟    ماذا على جدول ترامب فى جولته الآسيوية؟.. صفقات وسلام وتهدئة لحرب تجارية    قرار وزاري يمنح موظف ب كفر الشيخ صفة الضبط القضائي (تفاصيل)    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير.. هل هي ليوم واحد أم ستصبح سنوية؟    محافظة أسوان تعطى مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى نهاية أكتوبر    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة حاملة 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غرة    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    «التضامن»: الخطوط الساخنة استقبلت أكثر من 149 ألف اتصال ما بين استفسارات وطلبات وشكاوى خلال شهر سبتمبر    رئيس جامعة المنيا: «وطن السلام» رسالة مصرية تؤكد دور الدولة في صناعة السلام    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    مصر للتأمين تسدد 200 مليون جنيه دفعة أولى للمصرية للاتصالات    «واشنطن بوست»: ترامب يصعد التوترات مع كندا برفع الرسوم الجمركية    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    أسعار الأسماك اليوم الأحد 26 أكتوبر في سوق العبور للجملة    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نادم على لا شيء
نشر في التغيير يوم 17 - 03 - 2014

مرة أخرى، يؤجج رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي النار تحت مرجل الصراعات القومية والضغائن التاريخية . فها هو ذا هذه المرة يكلف لجنة من المؤرخين بإعادة النظر في الاعتذار الرسمي المقدم عام 1993 إلى رقيق الجنس من النساء اللاتي احتُجزن في مواخير اليابان العسكرية إبان الحرب العالمية الثانية . ويتضح من التصريحات المختلفة التي صدرت مؤخراً أن بعضاً من أقرب مستشاري آبي يعتقدون أن الاعتذار لم يكن في محله، لذا فإن اللجنة ربما تنتهي إلى أن اليابان لم تكن قط متورطة على المستوى الرسمي في البغاء، ومن ثم ينبغي لها أن تسحب "ندمها الصادق" .
تُرى أي سبب أحمق قد يكون وراء سعي آبى إلى مثل هذه النتيجة؟
مما لا شك فيه أن تمويه أو إنكار الفصول السوداء في التاريخ القومي لا يقتصر على اليابان وحدها . فلا مكان مثلاً لعمليات القتل الجماعية التي ارتُكبت في عهد ستالين في ذلك النوع من التعليم "الوطني" المفضل لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . كذلك كان التجاهل الرسمي مصير مذبحة ساحة السلام السماوي، لم تكن سوى مثال للحوادث الدموية في ماضي الصين الحديث .
لكن اليابان دولة ديمقراطية تتمتع بحرية التعبير . فقد كان المحرك وراء الاعتذار الرسمي الذي قُدم عام 1993 اكتشاف مؤرخ ياباني وثائق تبين تورط جيش اليابان الإمبراطوري بشكل مباشر في إنشاء، وليس بالضرورة إدارة، ما كان يُعرف ب"محطات المتعة" . وكان أحد الأسباب الرسمية أن شيوع اغتصاب جنود يابانيين لنساء صينيات كان يستفز مقاومة شديدة للغاية بين السكان المحليين .
كانت الوسائل متنوعة لملء المواخير بالشابات . ونظراً لأنه لم يكن هناك مهرب، كان النساء يدخلن في دائرة الرق فعلياً بمجرد الإيقاع بهن في شرك منظومة البغاء .
وقد تم الاعتراف بهذا رسمياً، فلماذا يعاد إذاً فتح هذه القضية الشنيعة الآن في وقت قد يؤدي إلغاء الاعتذار إلى تدهور أكبر كثيراً في علاقات اليابان المتوترة بالفعل مع الصين وكوريا الجنوبية .
ولو كانت وجهة نظر آبي وحلفائه عالمية متحررة من الأحقاد القومية ويصاحبها فهم عميق للدول الأخرى أو اهتمام بها، لكان قرار إعادة النظر في اعتذار 399_ يصبح شاذاً حقاً . ولكنهم ككثير من القادة السياسيين، خاصة المنتمين إلى اليمين القومي، تغلب عليهم النزعة الإقليمية المتعصبة لقومياتهم ويكاد جُل اهتمامهم ينحصر في الشأن المحلي . فهم في مساعيهم لمراجعة السجل التاريخي، لا يفكرون حقيقة في الكوريين أو الصينيين، بل في خصومهم السياسيين في الداخل .
وتتسم آراء اليابانيين إزاء تاريخ بلادهم في وقت الحرب بانقسام عميق يعكس خطوط المعركة السياسية المرسومة في أعقاب الحرب مباشرة، عندما كان اليابانيون تحت احتلال الحلفاء . فالولايات المتحدة، التي أدارت الاحتلال، كانت حريصة على إصلاح المجتمع الياباني على النحو الذي يجعله لا يفكر في خوض أي حرب أخرى . فقد أٌلغيت عبادة الإمبراطور رغم بقاء هيروهيتو على عرشه . كما شهد التعليم تطهيراً من كل العناصر المتعلقة بالتربية العسكرية أو الأفكار "العدائية"، بما في ذلك الإشارات الإيجابية إلى روح الساموراي . وحَظَر دستور مسالم جديد كتبه الأمريكيون استخدام القوة المسلحة . وحوكم قادة اليابان خلال الحرب أمام قضاة من دول التحالف في طوكيو بتهم ارتكاب "جرائم ضد السلام" و"جرائم ضد الإنسانية" .
كان معظم اليابانيين الذين سئموا الحرب والجبروت العسكري سعداء بالتعايش مع كل ذلك . لكن كانت هناك دوماً أقلية يمينية شعرت بالمذلة والامتعاض لضياع الكبرياء الوطني، وما هو أهم من ذلك، السيادة الوطنية، لأن أمن اليابان بات من وقتها يعتمد كلية على الحماية التي توفرها الولايات المتحدة .
كان نوبوسوكي كيشي جد رئيس الوزراء آبي أحد القادة الرئيسيين لتلك المجموعة من القوميين الساخطين على نظام ما بعد الحرب . وكان هدف كيشي استعادة الكبرياء والسيادة اليابانية من خلال تنقيح الدستور وإحياء الوطنية المحافِظة، ومن ثم إلغاء بعض الإصلاحات التعليمية التي أدخلتها الولايات المتحدة . وقد فشل في مساعيه لأن أغلب اليابانيين كانوا لا تزال لديهم حساسية تجاه أي شيء تفوح منه رائحة العسكرية .
وحتى وقت ليس ببعيد، كان هناك تيار يساري قوي في التعليم وبعض وسائل الإعلام، حيث استخدم هذا التيار سجل وقت الحرب الرهيب كحجة ضد أي نوع من التعديل أو التنقيح . لكن استخدام اليسار الياباني للتاريخ لبيان هذه الحجة السياسية كان يواكبه دوماً رد من القوميين الذين زعموا أن القصص عن الفظائع التي ارتكبت وقت الحروب مبالغ فيها بشكل مفرط .
حتى إن الكتب التي صدرت عن مذبحة نانكينغ المشينة عام 1937 أو استرقاق "نساء المتعة" في المواخير العسكرية تم التنديد بها على أنها "ماسوشية تاريخية" أو رفضت بوصفها "رؤية للتاريخ من منظور محاكمات طوكيو" . واتُهم اليساريون بالتورط في نشر الدعاية الأجنبية، أي التي تعكس وجهة النظر الصينية أو الكورية أو الأمريكية .
هذه إذاً النسخة اليابانية الحديثة من الشعبوية: حيث تسببت "النُخَب الليبرالية"، بتشويهها تاريخ حرب اليابان المجيدة من أجل "تحرير آسيا"، في تقويض النسيج المعنوي للشعب الياباني . ولأن الانهيار الإيديولوجي للسياسة اليسارية في اليابان كان سريعاً ومفاجئاً كما في كثير من دول العالم الغربي، فقد خسر من سُموا بالصفوة الليبراليين قدراً كبيراً من نفوذهم السابق . ونتيجة لذلك، أصبح صوت القوميين أعلى في السنوات الأخيرة .
ولهذا فقد ينجح آبي في تنفيذ مخططه الرامي إلى تعيين مقربين له في مجلس إدارة هيئة الإذاعة اليابانية، أو شركة الإذاعة الوطنية، التي تزعم علناً أن المواخير العسكرية كانت بالكامل مشروعاً خاصاً، وأن مذبحة نانكينغ كانت كذبة أجنبية ملفقة . فالحقيقة التاريخية ليست هي الغاية وإنما السيطرة السياسية .
إن رئيس الوزراء الياباني يمارس لعبة بالغة الخطورة . فهو يثير غضب حلفائه في آسيا ويسبب إحراجاً للولايات المتحدة ويهوي بعلاقات بلاده مع الصين من سيئ إلى أسوأ . وهو بذلك ينهج نهج بوتين في دفع نفسه وبلده إلى المزيد من العزلة لأسباب محلية محضة . وفي إقليم تتزايد فيه هيمنة القوة الصينية، سوف يجد آبي نفسه بلا أصدقاء آسيويين .
وهنا تتضح تماماً حماقة سلوك آبى . فاليابان المعزولة في آسيا سوف تكون على أية حال أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة، المنتصرة وقت الحرب، والتي يُحملها آبي وحلفاؤه القوميون المسؤولية عن نظام ما بعد الحرب الذي يسعون إلى تعديله .
نوع المقال:
سياسة دولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.