استرخى فى مقعده الوثير وهو يرشف مشروب الصباح ثم بدأ يكتب سخريته اليومية من الثوار وينعتهم بالحكوكيين والنوشتاء والينايرية النكسجية وغيرها من مصطلحات أيتام مبارك الذين يحاولون بها النيل من ثورة يناير ، أما هى فاضجعت فى سريرها المريح وبدأت فى التنظير والتبرير والتطبيل لما يحدث على الساحة السياسية فى مصر بمنطق ان كل انتهاك و مصيبة تحدث لها سبب وجيه وبعد وطنى ومبرر لا يفهمه هؤلاء الثوار الحمقى الذين لا يملكون سوى الاحتجاج والرفض ! الغريب أنه وأنها لم يطلب أحد منهما التطوع بهذا التبرير والتطبيل المستمر ، بل الأشد غرابة أنهما خارج دائرة التأثر بالأحداث بشكل عام فكلاهما من شريحة لا تتأثر بما يحدث فى مصر أصلا وتعيش بنفس الطريقة التى كانت تعيشها منذ زمن مبارك ولم تضرهم الثورة فى شىء ولا من تعاقب بعدها من حكام فما الذى يدفعهما لذلك؟ الأول كان ممن اتصل بأصدقاءه فى ميدان التحرير أثناء اعتصامهم قبل تنحى مبارك وحذرهم من كرات النار التى نوه عنها التليفزيون الرسمى وأخبرهم أن ما يحدث مؤامرة وأن وجودهم فى الميدان خيانة لمصر وبيع للوطن بثمن بخس وهو وجبة كنتاكى. أما هى فقد كانت من الشباب الواعد الذى ظل يراقب باشمئزاز أحداث الثورة ويسخر منها ثم ظهر عقب التنحى وعودة الثوار لمنازلهم لتتحول الى ثورية متطرفة تسب مبارك وتلعن عصره وتزايد على الثوار أنفسهم وتدافع فى نفس الوقت عن المجلس العسكرى بضراوة بمناسبة وبغير مناسبة والأن تسب نفس المجلس وتصف عنان أنه سيكون مرشح الاخوان وأن السيسى هو قدر مصر الذى أهدته السماء ليحكمها ، علما أنها كانت مصرة أن السيسى عقب توليه وزارة الدفاع فى عهد مرسى هو كادر اخوانى وخلية نائمة أخرجها الاخوان وأن زوجته مسئولة الاخوات فى مصر الجديدة وكانت تقسم على ذلك وتتحدث عنه بيقين دامغ ! وحين كان بعضهم يسخر منها كانت تقول بكل ثقة : بكرة هتتأكدوا من كلامى ! يجمع بين الاثنين أنهما ممن قالوا نعم فى استفتاء مارس الشهير وقالوا نعم لدستور الاخوان رغبة فى الاستقرار وفى نفس الوقت كانوا يهاجمون الثوار المعارضين للاخوان ويقولون قصائد المديح فى تنظيم الاخوان ومنهجية الاخوان وبعد سقوط الاخوان أصبحت صفحاتهم عبارة عن قذائف سب وقذف للاخوان تحملهم مسئولية كل الكوارث بما فيها ثقب الاوزون ! عزيزى القارىء لا بد أنك قد أصبت الأن بحالة من التلعبك العقلى بسبب هذه المتناقضات لكن فى زمن البؤس يجب أن تتعايش مع ما يحدث حولك وأن تستوعب هذه الكائنات التى تعيش بيننا وتصيبنا بالغثيان ونمسك ألسنتنا عنهم بصعوبة حتى لا نقول لهم ألفاظ خادشة يعاقب عليها القانون. يقولون لقد مشينا وراء الثوار حتى ضيعونا وهم كاذبون فكل طريق سلكه الثوار من 25 يناير كانوا ضده ، يقولون أن الثوار هم من سلمونا للاخوان رغم ان الثوار جميعا قالوا لا لاستفتاء مارس الذى دشنت موافقتهم هم عليه مجىء الاخوان الى السلطة ، يقولون أن دفاع الثوار عن حقوق الانسان معاداة للدولة وخيانة للوطن فاذا مسهم ظلم أو مس قريبا منهم أسرعوا يطلبون من الثوار دعمهم وباتوا يتمسحون بالحقوقيين للدفاع عنهم ، يقولون أنهم حريصون على مدنية الدولة التى لوثها الاخوان المتطرفون بينما يطبلون هم لعسكرتها وينظّرون عن اختلاف اللحظة والمعطيات التاريخية وضرورة المرحلة ومؤامرة فاهيتا العالمية الى تتعرض لها مصر مما يلزم اسقاط الديموقراطية وارتداء الخوذة والنزول للخنادق لمواجهة هذا الغزو الفضائى الذى يلزم معه قتل الخونة واسكات المعارضين وتخوين الرافضين حتى لا يعلو صوت فوق صوت المعركة. المشكلة فى هؤلاء أنهم ليسوا من حزب الكنبة كما يقدمون أنفسهم أحيانا فحزب الكنبة ليس بهذا البؤس ، بل هم من حزب ( اجرى يا مجدى ) وهو الحزب المعروف بحزب الزيطة الذى يبحث عن اتجاهات السلطة – أى سلطة – ويلتصق بها التصاقا يسبب تسلخات فكرية ونفسية لا يمكن علاجها ، هذه الحالة مسجلة طبيا وتاريخيا وحتى الأن فشلت كل المحاولات للعثور على علاج ناجح لها. عزيزى الثائر تقضى كثيرا من وقتك فى محاولات اقناع هؤلاء و نقاشهم وتستنزف جهدك وعاطفتك دون جدوى ولو أدركت حقيقة مرض هؤلاء الملتصقين لأشفقت على نفسك ووفرت وقتك فهؤلاء لا أمل فى شفاءهم فهم ضيوف دائمون على فراش كل سلطة ولو وصلت أنت للسلطة غدا لوجدتهم تحت لحافك يحكى أصدقائى فى أحد المحافظات عن لافتة اعلانية معدنية كبيرة مكانها ثابت فى مدينتهم منذ زمن بعيد ، وقبل الثورة كان عليها صورة جمال مبارك وأبوه وعقب الثورة كان عليها صور شهداء الثورة وعقب انتخابات الرئاسة كان عليها صورة مرسى والأن عليها صورة السيسى ، اذا فهمت مغزى هذه اليافطة الحقيقية ستفهم طبيعة هؤلاء الملتصقين راجع انشغالك بالرد على هؤلاء ونقاشهم ستجد أنك ضيعت الكثير والكثير من الوقت والجهد لاقناع بعضهم أن صورة الأطفال الذين يحملون على رؤوسهم البيادة تمثل كارثة انسانية وضميرية بينما هم يرونها منتهى الوطنية، كم حاولت كثيرا أن تقنعهم أن الدول لا تبنى على الدماء والانقسام وأن الدم يتبعه دم وليس عصير قصب ولكنهم مصرون على ضرورة التطهير العرقى للمختلفين عنهم وينتظرون أن تمطر السماء ذهبا وعسلا بعد الانتهاء من قتل هؤلاء مع هطول أمطارالاستقرار نصيحتى لك أن تتعامل مع هذه الكائنات باستراتيجية التجاهل فهم لم ولن يكونوا جزءا من معادلة التغيير ، هم أتباع وسيظلون أتباع يعرفون الانقياد فقط فدعهم وشأنهم وركز فى معركتك من أجل الحرية وارساء الديموقراطية وحين تنتصر يوما وتقود المشهد سيطبلون لك ويثنون على بعد نظرك وعمق وطنيتك وروعة نزاهتك وما ذلك ببعيد ! رابط المقال: http://masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA?view=blog&id=205045