إن من يتابع الصحف المصرية التى صدرت أمس يلاحظ أنها تنافست على التهييج والتحريض، وبعضها أرشد عن المتهمين وقام بالمحاكمة، وأصدر الحكم بالاستئصال والإعدام. وأن غطى ذلك الموقف الأمنى، فلا استبعد أن يكون الإرهابيون الذين قاموا بتفجير مديرية أمن الدقهلية كانوا من أسعد الناس بذلك الأداء. على الأقل لأنه صرف الأنظار عنهم وحولها إلى غيرهم. لقد ظل الخطاب السياسى والإعلامى يعبئ الرأى العام طول الأشهر الستة الأخيرة ضد شيطنة الآخر، الذى صار الإرهاب عنوانا عريضا له. وبعد كل الإجراءات التى اتخذت والثمن الذى دفع مقابلها، سواء فى الضحايا الذين سقطوا أو الألوف الذين اعتقلوا، أو الشلل الاقتصادى الذى صرنا إليه، والأصداء السلبية التى ترتبت عليها، رغم كل ذلك فإننا اكتشفنا أن الإرهاب الحقيقى لايزال طليقا وقادرا على ان يرتكب جرائمه ويصعد من مواجهته وتحدِّيه للمؤسسات الأمنية. إن غاية ما أرجوه أن تقوم مؤسسات الأمن والتحقيق بدورها فى تعقب الجناة وإحباط مخططاتهم ومحاسبتهم، وان ينهض الراشدون والعقلاء بدورهم فى محاولة إطفاء الحريق وحصار نيرانه لإنقاذ الوطن مما هو أسوأ. صحيح أن الإرهاب الإعلامى نجح فى ترهيب وإسكات أصوات الراشدين، لكننا لانزال نعول على جرأة بعضهم وشجاعتهم فى الدعوة إلى التمييز بين المعتدلين والغلاة فى الساحة الإسلامية التى باتت تهمة الإرهاب لصيقة بها. علما بأن البلد لا يحتمل تفعيل هذه التهمة لكى يتحول الجميع إلى إرهابيين، لأن تلك هى الوصفة الناجحة لتوسيع نطاق الحريق وتحويل الحرب الأهلية الموهومة بين «الشعبين» إلى حرب حقيقية يكون الوطن ضحيتها الأولى. وما لم يرتفع صوت الراشدين، وما لم تسترد السياسة موقعها المغيب فإن مصر ستصبح مرشحة لأن تكون عراقا أخرى والعياذ بالله. * لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا