لم أكن أبدا ولن أكون من الذين يصفقون لقتلك وقمعك، مع أنك كنت ستصفق لقتلى وقمعى، لأننى أريد أن أكون أفضل منك ومن جلاديك، ليس لأننى رومانسى أبله، بل لأننى أؤمن أن التمسك بالمبادئ والبعد عن ازدواج المعايير خيار واقعى يمثل طوق النجاة الوحيد الذى يمكن أن ينقذنا جميعا، وما أودى بك إلى مصيرك المزرى هو أنه لم يكن لديك مبادئ بل كان لديك دائما مصالح تدوس على الجميع من أجلها، وسيشاركك نفس المصير المزرى حتما كل من يدوس على مبادئه من أجل تحقيق مصالحه، ليست هذه حكاية خرافية تروى قبل النوم، بل هى حكاية صعودك وهبوطك أنت ومن سبقوك، وهى حكاية واقعية مريرة لا زلنا نعيشها ومع ذلك لم يتعظ بها للأسف من حالت كراهيتك بينهم وبين ضمائرهم وعقولهم. كثيرون من كارهيك يريدون منك أن تموت فى صمت، وهو مطلب غير عادل قطعا، لكنه تماما يشبه ما كنت تطلبه من الثوار عندما كانوا يتعرضون للقتل والتنكيل ممن كانوا حلفاءك بالأمس وصاروا قاتليك اليوم، وليس عندى أدنى أمل فى أن هذه المفارقة ستؤثر فيك وستغير تفكيرك، فمن خاصم عقله وهو فى أحضان السلطة لن يتذكره وهو مدهوس تحت بياداتها. لذلك ارتكب ما شئت من حماقات وواصل إشعال الأجواء وتأزيم الأوضاع وحصد كراهية الناس، فمهما فعلت ستظل جزءا من الماضى، فقد سقطت يوم أن أهدرت دم معارضيك واستهنت بحقوقهم، وسقط قاتلوك يوم استباحوا دمك وأهدروا حقوقك، ولذلك لن يكون رهان أى عاقل عليك ولا عليهم، بل سيكون رهانه على الأجيال التى لن تتسامح مع من يصادر حرياتها وينتهك كرامتها، ستصنع هذه الأجيال مستقبلها الذى لا علاقة له بالماضى الذى كنت تريد إعادته ولا بالماضى الذى يحاول جلادوك إعادته، بالطبع ستحاول أنت وجلادوك حرمان هذه الأجيال من مستقبلها وشدها نحو الماضى، وستكون هناك معركة أشد قسوة ومرارة من سابقاتها، لكنها ستكون معركة تستحق أن تخاض، ستكون الهزيمة فيها شرفا يشعل الحماس للمزيد من الصمود، أما نصرها حتى وإن كان مؤقتا وقصيرا ككل انتصارات الحياة الدنيا، فلن يكون كمثل بهجته شىء. وإن غدا لصانعه قريبُ. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا