عصر الجمعة الماضية وعلى مدخل إحدى مولات التجمع الخامس، شاءت الأقدار أن أشهد رجلا يقف مستظلا بشجرة من صهد الحر وممسكا بموبايله ليقوم من خلاله بالتوعية السياسية لشخص آخر غائب عن الصورة، لكن بدا من خلال أداء المتحدث أنه مستمع جيد، على الأقل خلال الجزء الذي استمعت إليه والذي كنت أتمنى أن يطول لولا أن إبنتي الصغرى لكزتني قائلة «بابا إحنا كده هنسيح في الحر». قال الرجل لصاحبه وهو يوعيه «ياباشا زي ما باقولك كده.. البلد اللي إسمها أثيوبيا دي خمسة وتسعين في المية منها مسيحيين.. لا وإيه مسيحيين كفاتسة زي اللي عندنا.. بياخدوا تعليماتهم من البابا اللي هيناهوه»، عندما تستمع إلى هذا المقطع ستفترض إبتداءا أن الرجل يحمل فكرا دينيا متطرفا يسعى من خلاله لتبرير تقصير الإخوان في أزمة النيل، لكن الرجل لن يجعل إفتراضك هذا يعيش طويلا، بل سيعاجلك بمنطق يجعله عصيا على التصنيف ويجعل يومك عصيا على المرور، خصوصا حين تسمعه وقد طفق يقول لصاحبه «فلما الكفاتسة الإثيوبيين لقوا البلد خربت بسبب المخروبة اللي إسمها الثورة قالك بقى نستنهز الفرصة ونخلص على المسلمين ونموتهم من العطش.. بس بعون الله بكره الجيش هيخيطهم كلهم»، تقتضي الأمانة هنا أن أشير إلى أنه استخدم تعبيرا شعبيا أكثر بذاءة لا تسمح الصحف بنشره، عندما صمت الرجل قليلا توقعت أن الطرف الآخر يناقشه مثلا في عدم معقولية أن يتم «تمويت» المسلمين فقط من العطش لأن النيل لن يفرق بين مسلم ومسيحي، لكنه عندما عاد إلى الحديث اتضح أن الشخص الآخر سأله «يخيط مين بالضبط»، فأجابه بثقة كانت تطفح من ملامح وجهه ونبرات صوته «زي ما بقولك كده.. هيخيط الكل بتوع أثيوبيا وبتوع الثورة والإخوان والمسيحيين عشان البلد دي بقى تنضف». لقراءة المقال كاملا اضغط هنا