منذ فجر التاريخ والعسكر يحكمون مصر فكان من الطبيعي أن يتأثر الجيش بالحياة المدنية على حساب مهمته الأساسية، الأمر الذي أدى إلى لجوء القيادة العسكرية إلى الحلول التفاوضية مع الدول الخارجية، وفي الوقت ذاته تستخدم قوة السلاح في قمع الاحتجاجات الداخلية. وواقع اليوم يصدق ما كتبه الدكتور جمال حمدان -عالم الجغرافيا السياسية الأشهر- في مؤلفه الموسوعى «شخصية مصر دراسة فى عبقرية المكان»، عندما قال إن وظيفة الجيش تلخصت في الحكم أكثر من الحرب، بينما كان الشعب تابعا للجيش ولا يكاد يشارك في الحكم. وفى ظل هذا الوضع المقلوب كثيرا ما كان الحاكم العسكري يحل مشكلة الاخطار الخارجية والغزو بالحل السياسى، وأخطار الحكم الداخلية بالحل العسكرى، أى انه كان يمارس الحل السياسى مع الأعداء والغزاة فى الخارج، والحل العسكرى مع الشعب فى الداخل. فإلى متى نظل نكرر أخطاء السابقين أبد الدهر، ولماذا نبدأ دائما من حيث بدأ السابقون، ولا نستخلص العبرة ونبدأ من حيث انتهوا، حتى نختصر الأزمنة والأموال الطائلة لما فيه خير الأجيال الناشئة؟