اختار صلاح سلطان القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية وقتا أقل ما قد يوصف به أنه أخطر وقت في حياة الثورة المصرية للاعتذار عن ما بدر من "الجماعة" من أخطاء سياسية خلال فترة حكمهم البلاد، على الرغم من أنه لا يعد السابقة الأولى من نوعها، إذ سبق لأعضاء بارزين في الجماعة تقديم ذلك النوع من الاعتذارات. ويحاول سلطان من خلال هذا الاعتذار فتح صفحة جديدة في حياة الثورة المصرية ربما من خلال إعادة اللحمة بين رفقاء ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة والتي أصابها شقاق كبير. فقد وجه صلاح سلطان رسالة اعتذار للشعب المصري عما وصفها بالأخطاء السياسية لجماعة الإخوان المسلمين منذ ثورة يناير، وقال سلطان إنه يوجه رسالته لل"الشعب المصري العظيم" بصفته الشخصية، ويتمنى أن تناقشها قيادة "التحالف الوطني لدعم الشرعية" وجماعة الإخوان، وما وصفها بالقوى الوطنية الراغبة في إنقاذ مصر. وتضمنت الرسالة اعتذارا عن "أخطاء في الاجتهاد السياسي لا القصد الجنائي لا قدر الله ضد مصرنا"، ومن الأخطاء التي تضمنت الرسالة الاعتذار عنها "قبولنا كما فعل الكثيرون للحوار بدل المسار الثوري لتحقيق مقاصد ثورة 25 يناير". وأضاف سلطان :"أننا قبلنا الاستمرار في تحمل المسؤولية مع استمرار الفلول في هدم أي مشروع إصلاحي، بدل مصارحة الشعب ليتحمل معنا الأعباء، كما شمل الاعتذار عدم الاستيعاب الكافي للشباب والنساء، مما دفع المخلصين منهم إلى البحث عن منافذ أخرى، فشاركوا في ما لم يحسبوا مآله على مصر". وتعليقا على هذا الاعتذار، قال عضو جبهة الإنقاذ المصرية ياسر الهواري إن هذا الاعتذار صدر بصورة شخصية ولم يصدر ممن كانوا يديرون جماعة الإخوان، لكنه أضاف مع ذلك يشير إلى أن ما سماها "ثورة 30 يونيو" قامت في ظل أخطاء واضحة. ومن جهته، رأى عضو ائتلاف شباب الثورة سابقا محمد عباس أن هذا الاعتذار جاء متأخرا، وهو يمثل اعترافا بخطأ بتحالف الإخوان مع ما وصفها بالدولة العميقة في مصر. وردا على سؤال عن الخطوة التالية، أجاب أنه بعد أربعة آلاف قتيل ومئات المعتقلين فإن الحل يكمن في لم الشمل والعمل على عودة ما وصفها بدولة الكرامة والشرعية. وأثارت الرسالة جدلا بشأن ما إذا كانت تمثل تراجعا عن مواقف الإخوان وتحالف دعم الشرعية، وهو جدل كان قد حسمه المتحدث الرسمي باسم الإخوان جهاد الحداد المعتقل حديثا في مقال قريب له بألا تنازل عن ثلاثية الشرعية "الرئيس والدستور والبرلمان". أما الأستاذ حمزة زوبع فقد أكد أنه من لم يتعلم من أخطائه فهو أحمق، ومن لم يتعلم من أخطاء غيره فهو غبي لا يمكن أن يتعلم أبدا، معترفا بأن الجماعة أخطأت، والرئيس مرسي كذلك أخطأ. وقال زوبع: إن الخطأ الكبير هو أننا وبرغبة أو على غير رغبة وقعنا في فخ الانفراد بالحكم ولو مضطرين بعد أن تركنا الآخرون برغبة منهم أو مكرهين، لكن المسئولية عادة ما تقع على من بيده مقاليد الحكم وهو نحن. وأكد في الوقت نفسه أن السلطة في مصر اليوم ليست مغنما، بل سلامة الوطن هي الهدف والغاية والمنى والأمل، وعلى الجميع أن يفكر بطريقة تلم الشمل وليس تحقيق مكاسب سياسية ولو كانت على حساب المبادئ والقيم العليا التي نؤمن بها جميعا. وأضاف: نحن جميعا بحاجة إلى التقاط الأنفاس؛ لأن الوطن يحترق فعلا، وهناك من يزين الأمر على أنه حرب على فصيل سوف تنتهي بالانتصار متغافلا عن مجموعة من الحقائق على الأرض تنفي حدوث ذلك، وإن حدث فبكلفة عالية لن يطيقها من قام بها وسيحاسب عليها. وكان الأستاذ خالد منصور نائب رئيس حزب الإصلاح قد كشف عن قصة بيان اعتذار الإخوان عن أخطاءهم في الفترة الماضية، والذي لم يكتب له الخروج إلى النور بسبب حدوث مجزرتي رابعة والنهضة. وقال منصور: تحدثنا مع قيادات الاخوان حول ضرورة خروج بيان اعتذار يشمل نقاط محددة فوافقوا على ذلك وطلبوا إطارًا محددًا، فتحدثت مع بعض شباب الثورة لنتفق على أهم هذه النقاط وبالفعل عرضناها على الاخوان بحضور المهندس فاضل سليمان، وتم إقرار النقاط المطلوبة. وأضاف نائب رئيس حزب الإصلاح أنه قام بكتابة الاعتذار في سياق محدد تمهيدا لفتح باب للحوار، ثم جاء الرد بالموافقة على كل ما جاء به بل وتحمس الدكتور أحمد عارف لقراءته على المنصة، لكنه تعطل بسبب الاختلاف داخل مكتب الإرشاد على آلية الإعلان وليس على محتوى البيان، وبعدها حصل حدثت المجزرة. وأردف منصور أنه وجد من باب الأمانة أن ينشر هذا العمل بغض النظر عن النتيجة لأن الحقيقة أن الاخوان اعتذروا، من أجل جمع شمل التيار الثوري مرة أخرى لاستعادة الثورة المسروقة، لكن ما حدث بعد ذلك أوقف كل شيء. خالد منصور نائب رئيس حزب الإصلاح وفيما يلي نص البيان الذي تأهب عارف لتلاوته، لكن البطء في التوصل إلى آلية الإعلان حال دون ذلك:- بسم الله الرحمن الرحيم في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد في ظل كل المخاطر المحيطة لثورتنا المجيدة التي راح ضحيتها أغلى الشباب من أجل حرية الوطن من قبضة الاستبداد والظلم الذي حكمه لسنوات وجب على الجميع أن يراجع مواقفه بدقة ويقف أمامها بشجاعة أمام الله والوطن. بعد ثورة يناير المجيدة كان اجتهادنا هو عدم الصدام بمؤسسات الدولة العميقة ومحاولة إصلاح هذه المؤسسات ودمج العناصر الصالحة التي يمكن أن تغير مسارها مع الزمن فنكون حققنا أهداف ثورتنا ولكن بمسار إصلاحي يحقق أهدافه مع الوقت. وبعد عامين من التجربة الواقعية ثبت لنا أننا لم نوفق في اجتهادنا وأن المسار الأصوب لثورتنا كان خيار الشباب الذي ألهم الجميع في يناير 2011. نعم لقد أخطأنا حين قررنا عدم التطهير بشكل مباشر وعاجل وتركنا استراتيجية الشباب وانحازنا الى استراتيجية إصلاحية أثبتت عدم جدواها مع مؤسسات ملأها الفساد والاستبداد. لأجل ذلك لم نوفق فيما ذهبنا اليه في مواقف عدة منها محمد محمود وغيرها من المواقف الذي أثبت الزمن خطأ قرارنا. نشهد الله ثم الوطن أن اجتهادنا كان لصالح هذه الأمة وان كنا قد أخطأنا المسار ولكن لدينا الشجاعة الكافية لكي نعتذر لجميع التيارات الثورية ورفقاء الميدان وشعب مصر العظيم على ما اقترفناه وقد دفعنا ثمن هذا الخطأ من دمائنا وشهدائنا المئات في جميع ربوع مصر. الآن ندعو الجميع الى التوحد والالتفاف حول راية الثورة التي تضيع منا ويسلبها النظام القديم وزبانيته مرة أخرى فتضيع علينا هذه الفرصة التاريخية لتحرير الوطن من أيادي من استبدوا به لسنوات. رابعة ليس ميدان الاخوان رابعة ميدان ثورة من جديد لتحقيق ما أخفقنا في تحقيقه خلال عامين مضيا ونحن على استعداد لفتح الحوار مع الشباب حول آليات وسبل إدارة المرحلة المقبلة. حفظ الله مصر وحفظ أبنائها ورحم الله الشهداء