الرئيس السلوفاكي الأسبق يعرب عن أمله في انتهاء انقسام سلوفاكيا بعد محالولة اغتيال فيكو    لاعب الترجي: سنقاتل أمام الأهلي لتحقيق اللقب الخامس في دوري الأبطال    الهلال السعودي يتعرض لضربة موجعة قبل الديربي أمام النصر    توماس توخيل يعلن رحيله عن بايرن ميونخ في هذا الموعد    الإثنين.. مناقشة رواية بيت من زخرف لإبراهيم فرغلي بمبنى قنصلية    تعرف على شروط التقديم على وظائف العمل المتاحة في محافظة القاهرة    25 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى.. واستشهاد شاب بالضفة    الأونروا: أكثر من 630 ألف شخص نزحوا من رفح منذ السادس من مايو الحالي    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    بعد إعادة انتخابها ل4 سنوات مقبلة.. المشاط تهنئ رئيسة البنك الأوروبي: حافلة بالتحديات    عيار 21 يسجل زيادة جديدة الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17-5- 2024 بالتعاملات المسائية للصاغة    رئيس الاتحاد الفلسطيني يكشف تحركاته نحو تعليق مشاركة الكيان الصهيوني دوليًا    متابعة جاهزية اللجان بتعليم الجيزة استعدادا للشهادة الإعدادية    رئيس COP28: العالم أمام فرصة استثنائية هى الأهم منذ الثورة الصناعية الأولى    أبرزهم يسرا وسعيد صالح.. نجوم برزت عادل إمام وحولته للزعيم بعد نجاحهم فنياً    ليلى علوي في موقف مُحرج بسبب احتفالها بعيد ميلاد عادل إمام.. ما القصة؟    متحف البريد المصري يستقبل الزائرين غدًا بالمجان    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    بعجينة هشة.. طريقة تحضير كرواسون الشوكولاتة    مساندة الخطيب تمنح الثقة    مؤتمر أرتيتا عن – حقيقة رسالته إلى مويس لإيقاف سيتي.. وهل يؤمن بفرصة الفوز بالدوري؟    الإنتهاء من المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلى لمبنى المفاعل بمحطة الضبعة النووية    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    بوتين يعلن إنشاء منطقة عازلة في خاركيف بأوكرانيا    تحديث جديد لأسعار الذهب اليوم في منتصف التعاملات.. عيار 21 بكام    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    هشام ماجد ينشر فيديو من كواليس "فاصل من اللحظات اللذيذة".. والجمهور: انت بتتحول؟    دعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة.. اغتنم تلك الفترة    أوقاف البحيرة تفتتح 3 مساجد جديدة    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    تناولها أثناء الامتحانات.. 4 مشروبات تساعدك على الحفظ والتركيز    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    كيف ينظر المسئولون الأمريكيون إلى موقف إسرائيل من رفح الفلسطينية؟    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    محافظ المنيا: توريد 226 ألف طن قمح منذ بدء الموسم    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    وفد «اليونسكو» يزور المتحف المصري الكبير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    "حزب الله" يشن هجوما جويا على خيم مبيت جنود الجيش الإسرائيلي في جعتون    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. منسق المستشفى الميداني ب"رابعة" يكشف أسرار ليلة الفض
أكد أن الحصر الموثق وصل إلى 3 آلاف شهيد
نشر في التغيير يوم 09 - 09 - 2013

قال عمر الفاروق - المنسق الإعلامي للمستشفى الميداني برابعة العدوية، وأحد أعضاء فريق توثيق المجزرة - إن ما حدث يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة لم ير جريمة مثله إلا في حالة التعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين.
وأضاف في مقابلة خاصة مع "مصر العربية" أن الحصر الموثق وصل إلى 3 آلاف شهيد، أما المصابون فقد مررنا على كل مستشفيات القاهرة واستطعنا أن نسجلّ حوالي 15 ألف مصاب.
عن قصة فض المستشفى بالكامل، ودور فريق التوثيق، وكيف تتم عملية الحصر لأعداد الشهداء والمصابين والمفقودين والمعتقلين، التعامل الأمني قبل وبعد الفض، عدد الحالات التي لم يستطع ذوي الشهداء أن يحصلوا على تقرير طبي بالإصابة، وتدويل القضية، وأشياء أخرى، كان لنا هذا الحوار..
**ما هو دور المنسق الإعلامي في اعتصام رابعة؟
دورنا في المستشفى الميداني توثيق حالات الشهداء والمصابين وتصويرهم، والتواصل مع المراسلين والصحف والقنوات الأجنبية والمحلية، وكل ما يخصّ الناحية الإعلامية للمستشفى.
**كم عدد فريق التوثيق؟
فريق التوثيق عدده ليس ثابتاً حسب حالات الطوارئ، في الطبيعي كنا 10 أفراد في فريق التوثيق والفريق الإعلامي حوالي 6 أفراد، أما في قوة حالات الطوارئ يصل العدد إلى 40 أو 50 فرداً.
**هل لديكم إحصاءات محددة وموثقة لكل حالات أحداث الحرس الجمهوري والمنصة والفض الأخير لرابعة؟
بكل تأكيد لدينا إحصاءات كاملة لكل المجازر التي حدثت بالأرقام والصور والإحصاءات وكل ما يتعلق بها، وبالنسبة لمجزرة رابعة فالأعداد كانت أكبر من كل الفريق الإعلامي لكننا وثّقنا بقدر استطاعتنا، ولكن هناك بعض الجثث التي تمت سرقتها من قِبل قوات الجيش والشرطة لم نستطع حصرها، مبدأيا حصرنا عدد الشهداء ما يقرب من 4 آلاف شهيد، و15 ألف مصاب، والحصر تقديري، لأن أثناء قيامنا بعملنا قام الجيش والشرطة بسرقة بعض الجثامين حصرنا بعض أسماء الجثامين المسروقة والبعض الآخر لم نستطع حصره.
**وماذا عن الحصر الموثقّ لفض اعتصام رابعة؟
الحصر الموثق وصل إلى 3 آلاف شهيد، أما المصابون فقد مررنا على كل مستشفيات القاهرة واستطعنا أن نسجلّ حوالي 15 ألف مصاب.
**لكن بعض المراكز الحقوقية أصدرت في توثيقها 2000 شهيد خلال 20 يوماً من وقت فضّ رابعة والنهضة وحتى الآن؟
أؤكدّ أن هذه الأرقام غير صحيحة بالمرة، لأننا كنا في قلب الحدث ونوثقّ كل شيء اما هم فتوثيقهم كان من خلال وزارة الصحة أو بالتواصل مع بعض المستشفيات والمشارح، فبعض الجثامين تمت سرقتها من المشرحة وبعضها سرق من رابعة ومسجد الإيمان وتم أخذها من قِبل قوات الجيش وحصرهم كان عن طريق زيارة بعض المستشفيت والمشارح، كما أن هناك بعض الجثامين لم تستطع دخول المشرحة فلم يستطيعوا الوصول إلى أرقام دقيقة، نحن كنا نوثق من قلب الحدث ومن قلب الميدان، وكنا نصور ونسجل الأسماء وندون أسماء الشهداء على جثامينهم باستخدام اللاصق الطبي، وبالتالي من حاول التوثيق لاحقاً لم يستطع الوصول للأرقام التي وصلنا إليها.
**ما تقديركم لعدد الجثث المسروقة؟
تم سرقة الجثامين على مرحلتين، أثناء الضرب والاقتحام كما ظهر في الفيديو المشهور لجرافات الجيش وهي تقوم بنقل جثث الشهداء، وأيضاً في يوم الخميس التالي ليوم الفضّ قامت قوات الجيش والشرطة باقتحام مسجد الإيمان وسرقة كل الجثامين بداخله، نحن قد قمنا بنقل حوالي 500 جثمان من اعتصام رابعة إلى مسجد الإيمان، بعض الأهالي كانت قد استلمت جثامين أبنائهم بالفعل وأثناء استلام البعض الآخر قامت قوات الجيش والشرطة بمداهمة المسجد وسرقة باقي الجثامين، وما سرقوه من مسجد الإيمان فقط حوالي 270 جثمانًا، أما عدد ماسرقوه من فضّ اعتصام رابعة لم نقم بإحصائه حتى الآن.
**هل تقومون بإحصاء أعداد المفقودين والمعتقلين أيضاً؟
لدينا أكثر من 4 آلاف مفقود حتى الآن لا نعلم عنهم شيئًا، لكن مع الوقت نكتشف بعض الأسماء حيث أعلنت مشرحة زينهم ووزارة الصحة بالأمس أن لديهم 35 جثمانا حتى الآن محترقة سيتم عمل لهم تحليل البصمة الوراثية للتأكدّ من هويتهم، بعض الشهداء ما زال يتضاعف لأن بعض الحالات كانت إصابتها خطيرة ومع مرور الوقت يتم ارتقاء بعض الحالات لخطورة وضعها الصحي، أما بالنسبة للمعتقلين فكانت مهمتنا الأساسية التوثيق الطبي والإعلامي.
**في يوم الفض تحديدًا هل يمكنك أن تقصّ علينا ما رأيت؟
كنت في المستشفى الميداني حوالي 45 يوماً تقريباً، الهجوم بدأ حوالي الساعة 6.45 صباحاً حيث كان لدينا أخبار متواترة عن تحركات قوات الأمن في محيط رابعة العدوية ومدينة نصر والقاهرة، فأعلنا حالة الطوارئ في المستشفى الميداني في حدود الساعة 1.30 ليلاً وذلك باستدعاء جميع الفرق الطبية والعاملين بالمستئفى من فرق توثيق والفريق الإعلامي والفريق الأمني، واستنفار المسعفين والممرضين، ففي الحالات الطبيعي يكون عدد الأطباء محدود لضيق المكان لكن في وجود حالات الطوارئ يتم استدعاء الجميع فلدينا قوائم بفريق الأطباء المتعاونين معنا والمسعفين والفريق الإعلامي والاتصال بهم.
بعد إعلان حالة الطوارئ يتم عرض خطة التعامل مع الإصابات ويتم توزيع نظارات وماسكات الغاز، ووضع خطة لإخلاء المكان لو حدث هجوم عليه، اتفقنا على كل التفاصيل، حيث كنا نتوقع هجوم لما تداولته بعض المواقع مثل اليوم السابع وبعض الأخبار التي تنشر نية الجيش لاقتحام المكان، وفي حوالي الساعة 2.30 صباحاً أعلنا عن فكّ حالة الطوارئ لوقت قصير حتى يتناول الأفراد والفرق سحورهم لصيامهم الستة البيض من شهر شواّل، وعند الفجر كانت الأوضاع لا تزال هادئة فخلد الجميع للنوم، وفي حدود 6 صباحاً أخبرنا بعض الأصدقاء عن وجود مدرعات للجيش ومجنزرات في محيط النادي الأهلي، قمنا على الفور بإخبار مدير المستشفى والفرق العاملة بها وأعلنا حالة الطوارئ مرة أخرى، وبالفعل في حدود الساعة 6.45 صباحاً بدأ الهجوم.
أنا قد حضرت كل المجازر السابقة، فكانت كل الحالات التي تصلنا منها في البداية حالة اختناق بالغاز وإصابات بالخرطوش ثم تبدأ حالات إصابات بالرصاص الحيّ ثم يأتينا الشهداء، اما في مجزرة الفض الأخيرة كان الوضع يختلف تماماً فأول الحالات التي وصلتنا كانت لشهداء ارتقوا للتو نظراً لاستهدافهم من قَبل قنّاصة، وقوات الجيش والشرطة عند الهجوم بدأت باستخدام الذخيرة الحيّة، في خلال أول نصف ساعة استقبلنا 120 شهيدًا، كنا نستقبل الجثامين بعد مفارقتها للحياة وأحسسنا بالعجز الكبير فكل الإصابات كانت قنصًا مباشرًا في الصدر والرأس، في حوالي الساعة 10 صباحاً وصل العدد لحوالي 220 شهيداً.
وبعدها تم هجوم من قوات الجيش والشرطة على المستشفى من جهة الشارع الرئيسي الذي يقع به مبنى "طيبة مول" التجاري، في بداية الهجوم قامت القوات بتدمير بنك الدم بالمستشفى، وصدر قرار من إدارة المستشفى بإخلاء المبنى فوراً، فقمنا بالخروج من الباب الخلفي للمستشفى، ثم قامت القوات باقتحام المستشفى وتم ارتقاء اثنين من أمن المستشفى واثنين من المسعفين، وهنا أريد أن أسجل أن بعض الحالات كأسماء البلتاجي وأسامة حواس وعشرات من الحالات كان يمكن إنقاذ حياتهم بسهولة إذا اُتيح لنا نقل الحالات خارج المستشفى الميداني فإصابتهم كانت متوسطة فلم تكن درجة خطورتها كبيرة، حيث إن أسامة حواس أصيب بطلق ناري في الكتف وهذه ليست إصابة مميتة لكنه ظل ينزف 4 ساعات متواصلة وقام بعمل مداخلة على قناة الجزيرة وثم هاتف أهله وأخبرهم عن موقعه وأنه ينزف لكن للأسف قوات الجيش والشرطة منعت دخول سيارات الإسعاف إلى الميدان، اما بالنسبة لأسماء البلتاجي والتي شاهدنا لها فيديو يوضح إصابتها في الجهة اليسرى للصدر أعلى القلب بالإضافة إلى 3 طلقات خرطوش، ظلت أسماء حوالي ساعة ونصف الساعة على قيد الحياة لكنها كانت بحاجة ماسة لنقل دم إلاّ ان القوات كانت قد دمرت بنك الدم فلم نستطع نقل الدم لها، حاولنا التواصل معهم لطلب سيارة إسعاف إلاّ أنهم رفضوا رفضاً تاماً، فهم في أول الأمر قد أطلقوا النار عليها ومن الطبيعي يمنعوا عنها الإسعاف.
**كيف تواصلتم مع قوات الجيش والشرطة؟
ليس بالطبع تواصلا مباشرا، كنا نلوح لهم بالرايات البيضاء، ومبنى المستشفى الميداني كان معروفاً أنه مستشفى حيث يوجد أعلى المبنى رايات طبية تدل على ذلك كما توجد على جدارها لافتة أنها مستشفى ميداني، وبعض المسعفين خرجوا يلوحون لهم بالرايات البيضاء وأخبرناهم بالإشارات أن لدينا مصابين وفي حاجة ماسة لنقلهم لم يستجيبوا لنا، وعندما وجدنا أنهم منعوا الإسعاف من الدخول قام بعض المسعفين وهم يرتدون زيهم الخاص بالإسعاف بمحاولة الخروج ببعض الإصابات من المستشفى إلا أن قناصين قاموا باستهداف اثنين من هؤلاء المسعفين وتم ارتقائهم على الفور، ومسعفو المستشفى الميداني حاولوا أن يقوموا بالدور الذي كان من المنوط أن تقوم به وزارة الصحة لكنه أصابهم نفس مصير الجثامين التي أرادوا أن ينقلوها خارج المستشفى ونفس الإصابات.
**بعد الفضّ كيف كنتم تُوثقون حالات الشهداء والمصابين؟
أولاً أريد أن أكمل قضية الهجوم على المستشفى الميداني، حيث كان الهجوم قبل الساعة 11 صباحاً، حيث ظللنا ساعتين كاملتين تحت وابل النيران بدون مستشفى وكانت أي إصابة تأتينا تموت في الحال لعدوم وجود المستشفى، وبعد حوالي الساعتين استطعنا أن نتواصل مع إدارة مركز رابعة الطبي وهو مركز قائم لخدمة أهالي المنطقة يتكون من 6 طوابق ثم جعلناه المستشفى الميداني الذي نتلقّى فيه حالات الإصابة، وبدأ المستشفى والأطباء والفرق عملها مجدداً في حوالي الساعة 1 ظهراً وكان المركز مجهزاً بأفضل مما كان عليه المستشفى الميداني السابق وتم استدعاء الكثير من الأطباء مرة أخرى، وامتلأت ال 6 طوابق بالجثامين والمصابين.
في أول ساعة ونصف من الهجوم وصل العدد إلى 120 شهيدًا والمستشفى لم يستوعب كل هذا العدد فقمنا بنقل الشهداء في غرفة ملحقة بمبنى المستشفى وعندما أخلينا المستشفى قبل اقتحامه لم نستطع نقل هؤلاء الشهداء معنا وتركناهم خلفنا لكننا قد قمنا بتوثيق كل ما يتعلق بهم والتقنا صورهم، ذهبنا إلى مركز رابعة الطبي وظللنا نعمل فيه حتى الساعة 5.30 عصراً تقريباً، وأثناء عملنا دخلت قوات الهجوم حتى مركز رابعة الطبي، تم استهداف المبنى عن طريق قناصة -الذي كانت واجهته من الزجاج- حيث كان هناك اثنان يمارسان أداء عملهم المهني والإنساني في الطابق الثاني والثالث وتم استهدفهم بالقنص المباشر من قِبل قوات الجيش والشرطة، ثم تم الهجوم على المستشفى كله بالغاز وقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحيّ وتم إجبار طاقم المستشفى الطبي على الخروج بالكامل منه، أخبرناهم أننا سنخرج لكننا سنأخذ معنا جثامين الشهداء والمصابين لأن هناك الآلاف منهم فرفضوا رفضاً قاطعاً وأخبرونا أنه مَن أراد الخروج فليخرج منفرداً، فخرجنا حتى نواصل عملنا في مكان آخر، ثم قام قائد العمليات الذي قاد الهجوم على المستشفى بإخبار المصابين أن امامهم مهلة 3 دقائق للخروج، إلاّ أن بعض المصابين لم يكن يستطيع الحركة نظراً لإصابته الخطيرة والبعض الآخر رفض الخروج قائلاً: نحن لن نترك إخواتنا سنخرج جميعً أو نبقى جميعاً.
بعد 3 دقائق قام بإشعال النيران في مبنى المستشفى وقام بحرق كل الجثامين من شهداء ومصابين، وبعد نهاية يوم الفضّ عدنا مرة أخرى للميدان واستطعنا نقل الكثير من الجثامين المحروقة إلى مسجد الإيمان وهناك صور كثيرة توضح ذلك تم تداولها على مواقع إنترنت عديدة كما تد تداولها على موقع الفيس بوك، سجلنا عددًا كبيرًا للغاية من الجثامين المحروقة، إلاّ أننا لم نستطع الحصول على الجثامين التي نقلناها سابقاً إلى الغرفة الملحقة بالمستشفى الميداني ثانيةً حيث تم سرقتها، وأريد هنا أن أُؤكد أن الكثير من حالات الشهداء لم تصلنا إلى المستشفى، كان يتم قنصها خارج الميدان ومع وجود صعوبة شديدة لإيصال الحالة إلينا فيتم سرقتها من قِبل قوات الهجوم بدون أن نقوم بتوثيقها، لذلك دائماً أقول أننا مع مرور الوقت سنكتشف أن المذبحة كانت كبيرة للغاية أكبر مما نتوقع أو نتصوّر، وسنكتشف أعدادًا بالآلاف مفقودين وستضاعف أعداد الشهداء والمصابين بكثرة، فكل يوم يمرّ نستطيع أن نصل لمعلومة جديدة، نستطيع أن نعرف أماكن بعض المفقودين، نستطيع أن نعرف أماكن بعض المحتجزين، نستطيع أن نتّعرف بعض جثامين الشهداء مجهولة الهوية الموجودة بالمستشفيات.
**لم تُجب.. كيف كنتم توثقون الحالات بعد الفضّ؟
بعد الفضّ كانت مهمتنا في التوثيق مستمرة لم تنقطع، فعندما قمنا بنقل جثامين الشهداء إلى مسجد الإيمان قمنا بالتقاط صور لهم جميعاً ولبطاقاتهم الشخصية، وكان بعض الشهداء لا يحمل هُويته الشخصية فوثقناه على أنه مجهول لم نستطع التعرّف عليه، وكان بعض الأهالى يزورون المسجد ويتعرّفون على جثامين ذويهم والبعض الآخر لم نتعرّف عليه حتى قيام قوات الجيش والشرطة بسرقتهم، وذلك نظراً لأمرين أن الجثمان كان محروقاً والآمر الآخر أن الشهيد لم يحمل بطاقة هُويته، بالطبع وثّقنا جميع جثامين مسجد الإيمان، وفي ذات التوقيت كان لدينا فريق يلفّ على جميع مستشفيات القاهرة لتوثيق أسماء الشهداء والمصابين ويعرف تقارير مبدأية عن حالتهم، كانت بعض المستشفيات تتعاون معنا إلاّ أن أغلبها لم يتعاون إطلاقاً.
**من أبرز ما رفض التعاون معكم ومن تعاون معكم؟
أريد أن أسجّل أن وزارة الصحة ذاتها لم تكن متعاونة معنا بشكل كامل، حتى هيئة الإسعاف لم تكن متعاونة معنا، وحتى إذا ما سمح الجيش بدخول سيارات الإسعاف الوضع لم يكن ليتغير كثيراً حيث كانت ستدخل سيارة أو اثنان من دفعهم العامل الإنساني لخدمة المصابين أما باقي سيارات الإسعاف فهو مسيّس ويعتقدون أن هؤلاء يستحقون الموت والقتل ولن نسعفهم حيث إن بعض السيارات كانت تقف وتشاهد دون أن تحرك ساكناً، فإذا كانوا حتى أعداءً ويموتون فمن واجبي الإنساني أن أسعفهم لأنني أؤدي دور إنساني ومهني بعيداً عن السياسة فدوري هنا إنساني ومهني وطبي وليس لي دخل في توجهاته السياسية، إلاّ أن الإسعاف كان قد أخذ تعليمات بعدم التحرّك، المستشفيات لم تتعاون معنا لكن كان يتم التعاون معنا من خلال بعض الأفراد داخلها، فإدارة المستشفى لم تتعاون معنا لكننا كنا نستطيع التواصل مع بعض الأطباء داخلها، لكنني لن أستطيع أن أذكر أسماء الأطباء أو المستشفيات التي يعملون بها حتى لا يتعرضون للضرر، كان هؤلاء الأطباء يسربون لنا الأسماء من الداخل وبعضهم يأخذنا في جولة داخل المستشفيات والمشارح لنقوم نحن بالتوثيق وتسجيل الحالات، حتى هذه اللحظة عملنا مستمر، وكان عدد المصابين أكبر من أن يحصى في فترة قصيرة ثم بعد ذلك حدثت مذبحة رمسيس، وقمنا بزيارة مسجد الفتح ومسجد التوحيد ووثقنا الحالات بهما وتصويرهم.
**ما أبرز المعلومات الجديدة التي تأتيكم وكيف تأتيكم؟
أبرز المعلومات التي تأتينا أن نستطيع أن نوّصل بعض أهالي الشهداء بذويهم، وذلك عندما استطعنا العثور على اسماء ذويهم بالكامل وربطها بهم بعد مجهود كبير رغم أننا مجموعة من المتطوعين من مختلف الانتماءات السياسية إلاّ أننا نقوم بعمل إنساني بحت وبالتالي لا نملك أي إمكانات مثل التي تمتلكها الدولة لا أحد يساعدنا ولا أحد يمدنا بالمعلومات، وبالتالي يمكن أن أحصل على معلومة في 5 أيام في الوقت الذي يمكنني أن أحصل عليها من الدولة في 5 دقائق فقط، فعندما أجد اسم الشهيد نذهب لمنطقته لنحاول أن نستدل على أهله أو بيته فالأمر شاق جدا ومرهق للغاية، ومن خلال المعلومات التي تأتينا نستطيع أن نحصل على أسماء المصابين وحالتهم الصحية، وهناك جمعيات خيرة ونقابات تحاول أن تساعد في تكلفة علاجهم وبالتالي نوصل هذه المعلومات لهذه الجمعيات والمؤسسات الحقوقية أو الخيرية، كما أننا نستطيع أن نعرف بعض أماكن المفقودين وهل هم معتقلين أم لا عن طريق التواصل مع الفريق الحقوقي، وأن إذا كانوا مصابين في المستشفيات لكن لم يسأل عنهم ذويهم بنقوم بتوصيلهم لذويهم.
**تتعاون من أجل مساعدة المصابين والمعتقلين وذويهم.. هل هناك توفير مساعدة لذوي الشهداء وإعانهم؟
طبعاً هناك تحركات لكفالة أسر الشهداء وتوفير علاج للمصابين لكنها كلها تحركات شبابية وفردية وليس من قِبل الدولة فهي خارج المشهد ولا يستحقون في نظرها أدنى رعاية، ولا يوجد في الواقع أي مجهود رسمي يساهم في هذه التحركات بأي حال من الأحوال.
**هناك إجراءات تتعاملون فيها مع الدولة كاستخراج التقارير وإثبات حالات الوفاة للشهداء.. كيف تتم؟
قمنا بالتواصل مع فريق قانوني مهمته التواصل مع أهالي الشهداء ويسهلّ عليهم إجراءات استخراج شهادة الوفاة وتصريح بالدفن وما إلى ذلك، لكن هناك تدّخل كبير في استخراج التقارير بين المستشفى وبين النيابة التي تعطي التصريح، إلاّ أن بعض ذوي الشهداء أُجبروا على التوقيع أن أبناءهم من الشهداء منتحرين، حيث إن عدد الجثامين في مشرحة زينهم كان أكبر من استيعابها فظلت بعضها خارج الثلاجات إلى أن تعفنت وبالتالي كان على أهاليهم أن يسارعوا في دفنهم من باب إكرامهم، حاولوا بشتى الطرق أن يُسجل التقرير الطبي شكل الإصابة بالضبط لكن بعض مفتشي الصحة والأطباء رفضوا وكان لديهم تعليمات بعدم تسجيل الإصابة، وقد شاهدتُ في بعض الحالات متروكة في خانة سبب الوفاة فارغة، والبعض الآخر منتحر، إلاّ أن بعض الأماكن استطعنا بفضل الله أن نحصل على تقرير طبي موافق لإصابة الحالة.
**كم عدد الحالات التي لم يستطع ذوو الشهداء أن يحصلوا على تقرير طبي بالإصابة؟
حوالي أكثر من 50 : 60% من الشهداء لم يستطيعوا إثبات سبب الوفاة الحقيقي بتقرير رسمي من وزارة الصحة.
**هل هناك إجراءات تعامل مع وزارة الداخلية؟
بالطبع لأن لكي يتم دفن الجثمان واستخراج تصريح يجب عمل محضر بالحالة في قسم الشرطة التابع له المتوفيّ وبالتالي فإن الداخلية تجبرك في بعض الأحيان بالتوقيع على محضر إنك ترفض تشريح الجثمان وقد حضرت إحدى الوقائع حيث إن معاون المباحث يطرح سؤالا هل تتهم أحدا بقتل هذا المتوفيّ؟ فإذا كان ردك نعم أتهم الداخلية بقتله فإنه يخبرك أن تترك الجثمان حتى يتم التحقيق في أمر الداخلية ويأمر بإعادة الجثمان إلى مشرحة زينهم مجدداً والطب الشرعي، وعند إعادته للمشرحة فإنها ترفض تسلّمه ثانيةً، وقد شاهدنا مهازل كثيرة على ذات الواقعة، وبالتالي كان يُجبر اهل الشهيد أن يوقعوا على أمرين أنهم لا يرغبون في تشريح الجثمان وأنهم لا يتهمون أحداً بقتله فيضطر أن يقبل رغم أنه يعلم أنه إبنه قد تم قنصه لكنه يريد أن يدفنه إكراماً لجثمانه.
**قلت إن هناك نية لعمل تحليل ال DNA لجثث المحروقة.. ما هي الإجراءات التي تقومون بها من أجل ذلك؟
لسنا نحن مَن أعلنا النية إنما هي وزارة الصحة ومشرحة زينهم بأن لديها 35 جثمانًا مجهولة الهوية نظراً لاحتراقها الشديد وسيتم عمل تحليل البصمة الوراثية لها فنحن لسنا لدينا الإمكانيات لعمل ذلك.
** لكن الطب الشرعي ومشرحة زينهم أعلنا أن الجثامين المجهولة ستظل لديهم لمدة 3 أشهر وإن لم يتم التعرف عليها فسيتم دفنها؟
هذا الصحيح إنهم صرحوّا بذلك، لكن يبدو أن هناك حراكًا وضغطًا من أسر الشهداء والمؤسسات الحقوقية فاضطروا أن يستجيبوا لبعض الطلبات وأعلنوا عن قيامهم بتحليل البصمة الوراثية ل 35 جثة لديهم.
**بما لديكم من صور وتوثيقات هل لديكم النية لأي قضايا تٌرفع داخليا أو تدويل القضية، وما هي الطريق التي ستتبعونها في هذا المجال؟
منذ يوم الفضّ وحتى هذه اللحظة قمنا بالتواصل مع كافة المؤسسات الحقوقية والمحلية والدولية المهتمين بمثل هذا الشأن وقمنا بمدهم بكل ما لدينا من توثيقات، كما قمنا بالتواصل مع جميع القنوات والصحف المحلية والأجنبية، بالطبع أغلب الصحف المحلية لا تتعاون معنا، لكننا نتحدث عن بعض القنوات الخاصة كالجزيرة والقدس والحوار، لكن القنوات المصرية جميعها تُسيّس القضية ولا تتعاون معنا إطلاقاً بل كانت تدعم وتحرضَ على قتل معتصمي رابعة وبالتالي لا تنشر لنا أي معلومات أو إحصاءات أو بيانات هي فقط تنشر ما يدعم الجيش والشرطة من أخبار كاذبة.
**هل دوركم ينتهي بأن تسلموا هذه التوثيقات للمنظمات الحقوقية والإعلام المحلي والدولي؟
نحن نسلمها للمؤسسات الحقوقية والإعلام المحلي والدولي، لكننا أيضاً نسلمها للنقابات المهنية والجمعيات الخيرية لتتابع حالات أسر الشهداء والمصابين والمراكز الحقوقية التي ستتابع القضايا القانونية الخاصة بالشهداء والمعتقلين، نحن لدينا مرونة شديدة للتعاون مع أي فرد أو مجموعة ستقدم الخدمات لصالح القضية الإنسانية مع التأكّد من نيتهم الحقيقية لذلك سواء للمعتقلين أو المصابين أو أسر الشهداء وسنمدهم بالمعلومات اللازمة.
**هل هناك نية في تدويل القضية؟
نحن لسنا الفريق الحقوقي، لكن يتعاون معنا المحامين والمؤسسات التي تسعى لتدويل القضية، فدورنا أن نمدهم بالمعلومات والتوثيقات فقط، لكننا لا نتحرك في هذا الإطار كمجموعة شبابية متطوعة.
**قلت سابقاً إن الجيش والشرطة أمهلت المصابين 3 دقائق للخروج قبل حرق المبنى، لكنك لم تخبرني كيف خرجتم أنتم فريق عمل المستشفى بالكامل؟
كنا نحن آخر الأفراد في الميدان، ويمكنك القول إنه حدث لديهم حالة من التشّبع لكمية الدماء والشهداء الذين قتلوهم والإصابات والمعتقلين، فعندما خرجنا قاموا باحتجازنا وقت قصير ثم سمحوا لنا بالمرور في الشوارع الضيقة ولم يتعرضّوا لنا، لكن مَن كان يرتدي قناع الغاز قاموا بانتزاعه منه، ومن يملك أشياءً ثمينة تمت سرقتها، والسبب في تركهم لنا لأنهم قبضوا علينا في آخر اليوم اما إذا ما كانوا قد قبضوا علينا في أوله كنا لاقينا ما لاقاه سابقينا إما بالقتل أو الإصابة أو الاعتقال.
**أبرز الإصابات كانت بالقتل.. هل هناك إصابات غريبة فالبعض يقول إنه تم استخدام أسلحة محرمة دولياً؟
إنني لستُ طبيباً، لكنني أستطيع أن أحدد بشكل قاطع أن هناك استخدام سلاح غير الذي كان يُستخدم في كل مرة فبعض الإصابات غريبة للغاية، وبعض فتحات الإصابات كانت كبيرة للغاية، وهناك إصابات في حال دخول الرصاص جسد الضحية ينفجر، شاهدنا إصابات كنا نراها لأول مرة، انفجارات في الجمجمة والمخّ، وكانت الحالات في المستشفى الميداني تشبه ما كنا نراه في الحرب الصهيونية على غزة وفي مستشفى الشفاء، لولا أننا كنا متواجدين ونعلم أن هذه المشاهد من مصر ما كنا نصدق أنها كذلك.
**كيف تتعامل المستشفيات مع المصابين المنقولين إليها من اعتصام رابعة؟
بشكل عام فإننا نعمل أن المستشفيات في مصر يوجد بها إهمال كبير، روي لي أحد ذوي المصابين أنه عندما وصل أخوه لأحد مستشفيات التأمين في القاهرة قال طاقم المستشفى بالحرف: ده تبع رابعة سيبوه يموت، واستخدموا سباب أتعفف عن ذكره الآن، فاضطروا لإسعافه في مستشفى آخر، وهناك أحد غيره قام مستشفى آخر بإسعافه ببرود بعد أن تركوه ينزف.
**معنى ذلك ان المصابين تعرضوا لمضايقات؟
بالطبع المصابون يتعرضون لمضايقات سواء لمضايقات أمنية أو علاجية فبعض المصابين تم اعتقالهم من المستشفى كما حدث مع د.حسام البخاري، حيث إنه أُصيب في صباح يوم الفضّ برصاصة في فكّه فنُقل لأحد مستشفيات التأمين فقامت قوات الأمن باعتقاله منها، فالمصابون ليس لديهم آمان إماّ من تعنت طبي أو يتم اعتقاله أثناء علاجه.
**الأطقم الطبية التي كانت بالمسشتفى الميداني هل خرجت سليمة أم تمت إصابتهم أو اعتقالهم؟
ما أصاب الجميع أصابهم لأن المستشفى جزء من الاعتصام، فبالأمس فقط كنت أزور أحد أسر الشهداء وهو طبيب تكليف لم يكن إخوانياً كما أخبرتني والدته كما لم يكن في الاعتصام لكنه استيقظ صباح يوم الفضّ في تمام الساعة 8 صباحاً وعندما شاهد ما حدث من مجزرة بشعة في رابعة ارتدى ملابسه وأخبرها أنه سيذهب للميدان فحاولت أن تمنعه لكنه أخبرها أن هذا هو دوره الإنساني والمهني ويجب عليه أن يؤديه وقال لها بالحرف: لو لم أخرج اليوم لأمارس دوري فمتى سأخرج، وبالفعل ذهب هذا الطبيب إلى المستشفى واستشهد وهو يمارس عمله عند اقتحام قوات الجيش والشرطة للمستشفى.
وبالطبع بعض الأطباء تم اعتقالهم سواء من المستشفى الميداني برابعة أو بالمستشفى الميداني الذي حاولنا إقامته في مسجد الفتح برمسيس، أذكر مثلاً د.إبراهيم ----- كان معنا في مستشفى رابعة وتم اعتقاله بمسجد الفتح برمسيس، كما أن هناك طبيب قد أُصيب بطلق ناري في الصدر ومازال إلى الآن في المستشفى، الكثير من الطباء إما مصابين أو معتقلين أو شهداء.
**في فضّ اعتصام النهضة حدث مثلما حدث في فضّ رابعة لكن كل وسائل الإعلام سلطت الأضواء على رابعة فقط، هل لديكم توثيق لفضّ اعتصام النهضة؟
نظرا لموقع اعتصام النهضة الجغرافي وعدد المعتصمين لم يتعرض لمذبحة كما تعرض اعتصام رابعة، كان بالفعل مذبحة لكنها لا تُقارن بعدد شهداء ومصابي ومعتقلي اعتصام رابعة، وبالتالي يتم تسليط الضوء على رابعة لكننا لا ننكر وقوع مذبحة حدثت في اعتصام النهضة بذات الأسلحة والطيران، وتم توثيق بعض الحالات ولم يتم توثيق البعض الآخر، نظرا لتواجدنا جميعاً في رابعة وحرب الإبادة كانت الأقوى فكان تركيزنا في التوثيق هناك.
**أعطني أرقاماً محددة وما تم توثيقه في كل الحالات إن شهيدًا أو مصاباً أو معتقلاً؟
عدد المصابين والشهداء الذي حصرناه إجمالياً ومبدأياً هو ما ذكرته لك سابقاً كان لكلا الاعتصامين، وكيفية توثيقنا كالآتي أحدنا يعلم أن لديه 50 جثمانًا يجب توثيقها يعمل جهده سريعاً لكن هجمت علينا قوات الجيش والشرطة ولم يستطع إكمال التوثيق فهو يؤكد ان العدد لديه 50 جثمانًا لكن معلوماته ليست كاملة فلا أستطيع أن اخبرك بأسماء ال 50 جثمانًا، وبالتالي فإن الجثامين الموثقة بالأسماء أكثر من 3 آلاف شهيد، لكن بالتحديد لا أستطيع أن أخبرك رقماً نهايئاً، كما أن لدي بعض أسماء الشهداء لكنني لا أستطيع أن أصل لجثامينهم مثلما حدث في مسجد الإيمان وتم سرقتهم.
**كم اسم شهيد لديكم حتى الآن موثقون؟
العدد تجاوز ال 3آلاف شهيد، لا أستطيع أن أعطيك رقماً محدداً ك 3آلاف ومائتين أو هكذا هذا ما استطعنا توثيقه، اما ما لم نستطع فيكون العدد قد تجاوز ال 4 آلاف شهيد، وهناك أكثر من 4 آلاف مفقود ومصيرهم ليس سهلاً أيضاً ومع الوقت سنكتشف إما انهم شهداء أو معتقلون لم نستطع الوصول إليهم أو مصابين في أحد المستشفيات فهم ليسوا أحسن حالا من الآخرين.
**يتحدث الإعلام المصري أن الفضّ تم وفقاً للمعايير الدولية وفي إطار حقوق الإنسان.. كيف ترى ذلك؟
أي معايير دولية !!. هل للقتل معايير دولية، اعتصام شهد الجميع له بأنه اعتصام سلمي حيث زارنا على مدار أيام الاعتصام وفد من الإتحاد الأوروبي ووفد من الاتحاد الأفريقي كما زارنا بعض المؤسسات الحقوقية المحلية وأكد الجميع رغم اختلافهم السياسي معنا على أن الاعتصام خال من الأسلحة وأنه سلمي بامتياز، كل الدول التي يتم فضّ الاعتصامات فيها لم نسمع عن مثل تلك الكمية من القتل هذا يحدث في الدول المتخلفة فقط، من أجل ان أفضّ اعتصام أقتل 4 آلاف شهيد !. أين يحدث ذلك؟ كما أنه كانت لديه النية للقتلن فعندما بدأ بالفضّ كان يمكنه استخدام الغاز أو الماء كما خرج علينا وزير الداخلية في بيان كاذب بأنه لم يستخدم سوى الماء، هو لم يستخدم الماء إطلاقاً، هل الماء الذي إستخدمه إستطاع أن يقتل به 4 آلاف، وحتى يُبرأ كذبه يحدثنا عن سقوط 43 قتلى من الشرطة وما إلى ذلك نحن نقول له أين جثامينهم؟ أخرج لنا توثيق كما فعلنا نحن يُثبت لنا أنهم بالفعل من الشرطة وأخرج لنا التوثيق الذي يثبت أننا قتلناهم، وأذكر أنه في مذبحة المنصة قام بسرقة بعض جثامين الشهداء ووضع عليها علم مصر وصورهم أنهم شهداء من الشرطة !!.
**كفريق توثيق وتحقيق هل فقدتم أحدًا أو استشهد منكم أحد؟
لا كفريق إعلامي وتوثيق لم نفقد أحدًا، لكنه تم اعتقال بعض الأفراد لكن لم يُصب أحد منهم أو يستشهد.
**هل هناك شيء أخير تود أن تقوله عن رابعة او الأحداث كلها؟
نعم أريد أن أُنوه سريعاً عن قضية المعتقلين لأنها قضية مهمة للغاية، حيث إنني كنت أول امس في زيارة لسجن أبو زعبل والتقيت بعض المعتقلين هناك، حيث كانت أوضاعهم جميعاً سيئة للغاية، لا أحدثك عن رعاية طبية واهتمام فهذا من الرفاهيات فلا يوجد أي رعاية طبية هناك وغير مسموح بدخول أدوية، وكما تعلم أنهم سجناء سياسيون لكنه يتم وضعهم مع السجناء الجنائيين والبلطجية داخل السجون وهذا يعرضهم للاعتداء عليهم، وسجلنا أكثر من حالة تم الاعتداء عليها من قَبل الجنائيين في قضايا قتل أو مخدرات، هذا إن الزيارة تتم بشكل غير آدمي حيث تتم عن طريق سلك شائك يفصل بين المعتقل وذويه ويكون وقتها دقيقتان فقط، كما أن النيابة تعاندنا في استخراج تصاريح الزيارة، وأصدروا قرارا الآن أن يجعلوا الزيارة شهرياً بعد أن كانت أسبوعياً وذلك للضغط على أسر المعتقلين حتى لا يشاركوا المظاهرات المستمرة، كما أن الوضع الإنساني والصحي والتهوية والطعام صعب وسيئ للغاية.
وأود أن أتحدث عن قضية اعتقال القُصّر والفتيات، حيث سجلنا في الفترة الماضية اعتقال فتيات صغار السن على مستوى الجمهورية واعتقال الشباب القُصّر، حيث سجلنا أعماراً تتراوح 11 و14 و17 سنة، ومعروف قضية حفصة عباس ووالدتها فالفتاة المعتقلة عمرها 17 سنة وتوجيه إليها تهمة حيازة آر بي جي، لك أن تتخيل فتاة عمرها 17 عاما تحمل آر بي جي المعروف أنه سلاح ثقيل للغاية!! كما سجلنا أيضاً انتهاكا آخر كاعتقال سمية الشواف من بيتها بأكتوبر بتهمة مثيرة للغاية وهي إهانة رموز داخلية بالسب والقذف، ثم قاموا بتحويل الموضوع لقضية فبعد عرضها على النيابة لأول مرة كانت أولى جلسات قضيتها في 4 سبتمبر، مَن هم رموز داخلية ؟!. هي تهمة لأول مرة أسمع عنها ولن نسمع عنها في أي بلد آخر !!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.