* أيقنا أننا أمام حرب إبادة جماعية لمؤيدي الشرعية وليس فض اعتصام بالقوة * 120 شهيداً في أول ساعة ونصف من الهجوم ومئات المصابين * أسماء البلتاجي كان بإمكان الفريق الطبي انقاذها لو سمحت قوات الانقلاب بدخول الاسعاف * بعد 4 ساعات من الهجوم استهدفت ميليشيات السيسي المستشفى لاخفاء معالم جريمتهم
حصلت "الحرية والعدالة" على الحلقتين الأولى والثانية من شهادة عمر الفاروق، المنسق الإعلامي للمستشفى الميداني بميدان رابعة العدوية، على ما حدث خلال مجزرة فض الاعتصام التي ارتكبها الانقلابيون الدمويون يوم 14 أغسطس الجاري وأسفرت عن سقوط ما يزيد عن 3 آلاف شهيد و6 آلاف مصاب . وقال عمر إنه سيعرض في هذه الحلقات شهادته ببعض التفصيل لأحداث مجزرة الفض وما تبعها وما قبلها؛ وكيف كانت استعدادات المستشفى الميداني وكيف استمر الوضع المأساوي خلال 12 ساعة دامية من تاريخ مصر سقط فيها آلاف الشهداء من خيرة شباب وسيدات مصر الذين لم يرتكبوا جرماً سوى الخروج سليماً للدفاع عن الشرعية ورفض الانقلاب العسكري الدموي!! (الحلقة الأولى ) * ليلة مجزرة الفض كنت متواجداً بالمستشفى الميداني برابعة العدوية كالعادة؛ تواترت الأنباء عن تحركات مريبة للأجهزة الأمنية بالقاهرة ومحيط مدينة نصر؛ قمنا فوراً بإعلان حالة الطوارئ (في حدود الواحدة بعد منتصف الليل) تقريباً؛ تم إستدعاء كافة الأطقم الطبية وإستنفار جميع العاملين بالمستشفى الميداني تحسباً لفض الميدان أو حدوث أي طارئ لا قدر الله ! "بالمناسبة إعلان حالة الطوارئ والإستنفار بالمستشفى الميداني إجراء كنا نسارع إليه فور ورود إلينا أي معلومات عن تحركات لقوات الأمن أو البلطجية؛ وأيضاً عند خروج مسيرات يتوقع الإحتكاك بها واتخذ عشرات المرات قبل مجزرة الفض" * عند الثانية والنصف بعد منتصف الليل "تقريباً" تم إعلان فك حالة الطوارئ "مؤقتاً" مع بقاء الجميع في حالة تأهب لترك الفرصة لفريق المستشفى الميداني لتناول طعام السحور وأخذ قسط يسير من الراحة؛ ثم صلينا الفجر وخلد الجميع إلى النوم. * لم يتسنى لنا تناول طعام السحور في هذا اليوم وكنا نتوقع يوم عصيب ؛ صليت الفجر وبعد قليل خرجت لأول مرة لأتجول في الميدان منذ بداية الإعتصام ( لم أكن أعلم أني ألقي عليه النظرات الأخيرة وأودعه قبل أن يقتلوا فيه كل شيئ!! ) لاحظت وجود كثيف لأفراد أمن الميدان خصوصاً في محيط المنصة وسيارات البث والمستشفى الميداني؛ وتم غلق الكثير من الطرقات بشكل لافت للنظر! * بعد جولة قصيرة صحبني فيها أحد أعضاء الفريق الإعلامي بالمستشفى غادرنا الميدان من بوابة الطيران (خلف المنصة) لنبحث عن مطعم نقتات منه ! لم نلحظ أي تحركات غريبة أو إجراءات إستثنائية .. فقط بعض الحذر والترقب من الجميع !!؛ عدنا للميدان في حدود السادسة تقريباً؛ تركني صديقي أمام المركز الإعلامي بقاعة 2 واضطر ان يغادر الميدان لأمر هام؛ واصلت طريقي للمستشفى وبعد دقائق بسيطة هاتفني صديقي ليخبرني أن مدرعات الجيش تتحرك الآن أمام مقر النادي الأهلي بمدينة نصر ثم قام بإلتقاط صورة وأرسلها لي عبر الواتساب! * على الفور أخبرت المنسق الطبي للمستشفى وبدوره قام بإيقاظ الجميع وإعلان حالة الطوارئ؛ في خلال دقائق بسيطة للغاية كان الجميع على أتم الإستعداد وتم مراجعة الأطباء والتمريض والفريق الإعلامي وفريق التوثيق والأمن.. الجميع يؤكد على جهازيته التامة .. تم توزيع أقنعة الغاز والنظارات على الجميع .. استمعنا لكلمة قصيرة من أحد منسقين المستششفى .. المعنويات كانت في السماء .. الكل يعرف دوره جيدا .. الآن نتنفس الصعداء .. المستشفى على إستعداد تام لإستقبال الحالات ! (الحلقة الثانية) * قبل ال 6:15 صباحاً كانت المستشفى الميداني بالكامل على أتم الإستعداد لإستقبال الحالات؛ كنا نعلم أن مبنى المستشفى الميداني برابعة العدوية سيكون من ضمن بنك الأهداف التي ستقوم قوات الأمن بإستهدافها حتى لا تترك لنا فرصة لتوثيق جرائمهم وفضحهم؛ لم يخفينا ذلك .. تعاهدنا على الثبات والعمل لأخر لحظه! * في حدود ال 6:45 صباحاً "تقريباً" بدأ الهجوم على الميدان من كل الإتجاهات؛ كنت حاضراً في أغلب المجازر السابقة عن مجزرة الفض؛ كنا نبدأ في إستقبال حالات الإصابة بالغاز والخرطوش ثم الرصاص الحي؛ في مجزرة الفض اختلف الوضع تماماً ! * فور بداية الهجوم تم إستخدام الذخيرة الحية؛ في خلال الدقائق الأولى استقبلنا العشرات من الشهداء؛ كانت تصلنا الجثامين وقد أسلمت الروح؛ كانت الإصابات عبارة عن إستهداف مباشر وقنص في الرأس والصدر؛ أحسسنا بالعجز وتيقنا أننا أمام حرب إبادة منظمة وليست مجرد مجزرة عابرة كسابقتها ! * في أول ساعة ونصف من الهجوم كنا قد تجاوزنا ال 120 شهيد "تقريباً" والمئات من الإصابات المختلفة "الكثير منها في حالة خطيرة" ؛ قمنا بفتح غرفة ملحقة بمبنى المستشفى الميداني وتم نقل جثامين الشهداء إليها نظراً للتكدس الشديد وعدم وجود مكان بالمستشفى. * في هذه الأثناء كان الفريق الإعلامي وفريق التوثيق يواصلان "قدر الإمكان" دورهما في احصاء الشهداء والمصابين وإلتقاط الصور لهم وتدوين بيانات الشهداء على جثامينهم بإستخدام البلاستر الطبي بعد الرجوع للبطاقة الشخصية للشهيد. * واصلنا العمل على هذا المنوال؛ عدد الشهداء الان تجاوز ال 220 شهيد والالاف من الجرحى؛ أصوات الرصاص تصم الاذان وتقترب بشدة والغاز يملئ المكان؛ نجد صعوبة بالغة في العمل؛ دقائق وبدأ إستهداف مبنى المستشفى بالرصاص الحي والغاز من قبل قوات الجيش والشرطة؛ في حدود ال 10 صباحاً صدر قرار من إدارة المستشفى بإخلاء المكان فوراً.! * كان من بين الشهداء الذين استقبلناهم بالمستشفى الميداني قبل إخلائها نظراً لإقتحامها من قبل قوات الأمن عبدالرحمن خالد الديب وأسماء محمد البلتاجي؛ عبدالرحمن وصلنا مفارقاً للحياة .. كنت قد إلتقيته لأول مرة قبل إستشهاده بأيام لهذا استطعت التعرف عليه بسهولة وقمت بتصويره وتوثيق الحالة. أما أسماء فقد وصلتنا وهي على قيد الحياة وكانت اصابتها بالصدر .. وهنا أريد أن أسجل شهادة نقلاً عن الأطباء المعالجين لأسماء .. كانت أسماء في حاجة ماسة لنقل دم وكان من الممكن إنقاذ حياتها لو سمحت قوات الجيش بدخول الإسعاف واتيح لنا نقلها لإحدى المستشفيات القريبة!.