أثار قرار وزير التربية والتعليم بإلغاء الشهادة الابتدائية وجعلها سنة نقل عادية، ذوبعة بين القائمين على العملية التعليمية وأولياء الأمور والطلاب، في وقت يرى بعض خبراء التعليم أنه قرار غير محسوب النتائج، ويفتح باب التسرب من التعليم. أسباب القرار فمن جهته، يبرر وزير التعليم إبراهيم غنيم هذا القرار بأنه يخفف العبء عن كاهل الأسرة المصرية، وأنه مهم لأربعة أسباب، أولها: العودة لصحيح قانون التعليم المصري 139 لسنة 1981 والذي ينص في المادة 18 منه على شهادة التعليم الأساسي ولا يوجد فيه ما يسمى بالشهادة الابتدائية. وعن الدافع الثاني، قال غنيم إن هذا التغيير يؤدي الى محاصرة الدروس الخصوصية التي تفشت في الصف السادس بوهم أنه شهادة منتهية، مما يؤدي إلى ترشيد الإنفاق بالنسبة للأسرة المصرية. وقال :"إن القرار يرشد الإنفاق بالنسبة للوزارة، حيث تتكلف إجراءات هذا الصف ملايين الجنيهات ستوجه لمواضيع أهم وأولى". وأضاف الوزير أن القرار يسهم في عودة الطالب إلى المدرسة ومعالجة نسب الغياب المرتفعة، كما يؤدي إلى منع التسرب، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن القرار يعالج مشكلات المسمى الوظيفي لمعلمي هذه المرحلة، حتى لا يستشعر الزملاء في التعليم الابتدائي أنهم أقل من زملائهم في التعليم الإعدادي بمعنى أن المسمى الوظيفي يصبح معلم تعليم أساسي. المعارضون يقول عبد الناصر إسماعيل، المتحدث باسم اتحاد المعلمين، أن هذا القرار سوف يزيد من أعداد المتسربين من التعليم؛ نظرًا للتعامل مع السنة السادسة بالمرحلة الابتدائية كعام نقل عادي مما يتيح للطالب الابتعاد عن الدراسة لسنوات عديدة للعمل أو خلافه ثم العودة مرة أخرى، والالتحاق بالمدرسة مجددًا، مما يفتح باب التسرب من التعليم، بعكس التعامل مع الابتدائية كشهادة والتي تعطي الطالب فرصتين فقط لدخول الامتحان لا يحق له بعدها استكمال الدراسة. وأشار إسماعيل إلى أن الوزير لابد أن يتخذ قرارًا موازيًا بجعل شهادة إتمام التعليم الأساسي وإلغاء الشهادة الابتدائية مطبقًا على الملتحقين بفصول محو الأمية ، من أجل الحد من التسرب من التعليم الانتظامي والالتحاق بفصول محو الأمية للحصول على الشهادة الابتدائية التي يتعثر الحصول عليها في التعليم الانتظامي. ويرى إسماعيل أن هذا القرار لن يعود بالنفع على العملية التعليمية إلا من جهة واحدة وهي ترشيد النفقات ، مشيرًا إلى أن هذا القرار سيقلل عدد الملتحقين بفصول محو الأمية والراغبين حيث كان يكتفي الكثير منهم بالحصول على الشهادة الابتدائية. ورفض المتحدث باسم اتحاد المعلمين ما وصفه بتعامل الوزير مع التعليم في مصر وكأنه ''ملكية خاصة''، على حد قوله ، مشيرًا إلى أنه كان على الوزير أخذ مشورة خبراء التعليم بالمراكز البحثية التي تصرف الدولة عليها ملايين الجنيهات من ميزانيتها ، من أجل الوقف على النتائج المترتبة على أخذ القرار قبل إصداره. قرار عشوائي وفي السياق ذاته يرى كمال مغيث ، خبير التعليم وعضو المجالس القومية المستقيل ، أن قرار وزير التعليم بإلغاء الشهادة الابتدائية قرار عشوائي فاقد الهدف والرؤية ، مضيفًا أنَّه يحول الطلاب وأولياء الأمور لفئران تجارب ويحمل المجتمع نجاح أو فشل القرار . وأشار مغيث إلى أن تحويل الصف السادس الابتدائي لسنة نقل عادية ينزع الحافز من التلاميذ التي تحتاج لمثل هذا الأمر في تلك المرحلة العمرية الهامة ، كما أن الشهادة تكون في مثل هذه المرحلة الدراسية بمثابة جرس إنذار للأسرة الغير مهتمة بالقدر الكافي بأبنائها ، لزيادة الاهتمام بهم ، كما أن هذا القرار سيفتح الباب أمام المدارس بالتعتيم على المستوى الفعلي على طلاب مدارسها ، حيث تكشف امتحانات الشهادات المستوى الفعلي لطلاب المدارس ، والتي لا يكون للمدرسة سلطة فعلية عليها أما مع إلغاء الشهادة الابتدائية سيكون هناك مساحة أكبر لكل مدرسة خاصة أو حكومية بالتعديل بالنتائج والتسهيل في الامتحانات من أجل الحصول على نسب نجاح عالية. أعمال السنة وقال مغيث إن قرار الوزارة بعودة أعمال السنة في الصف الثالث الإعدادي ليس بالقرار السييء، مؤكداً انتقاده لفكرة امتحان ''الفرصة الأخيرة''، أو ''الامتحان الواحد''، ولكن لا يمكن تفعيل هذا القرار في ظل الظروف المادية السيئة التي يعاني منها المعلم والعملية التربوية على وجه العموم من إمكانيات ودعم مادي. وأشار مغيث إلى أنه يمكن التخلص من تحكم المعلم في الطالب بدرجات اعمال السنة من خلال إعطاء المعلم نسبة بسيطة منها، وترك النسبة الأكبر في التقييم للجنة يتم تشكيلها من معلمي المادة جميعهم في المدرسة، حتى يتسم التقييم بالموضوعية ولا يترك مساحة كبيرة لتحكم المعلم بالطالب. وكان وزير التربية والتعليم قد أعلن إلغاء الشهادة الابتدائية بداية من العام المقبل وتحويل الصف السادس الابتدائي إلى سنة نقل عادية، مستندًا في ذلك إلى المادة 81، التي تقول إن الصف السادس يعتبر سنة نقل عادية وليس شهادة؛ لأنه ليس مرحلة دراسية. وتنص المادة على أنه يتم عقد امتحان من دورين على مستوى المحافظة في نهاية مرحلة التعليم الأساسي الإلزامي، ويمنح الناجحون فيه شهادة إتمام الدراسة بمرحلة التعليم الأساسي، ويصدر بنظام هذا الامتحان قرار من وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي. وتوضح المادة أنه يجوز لكل من أتم الحلقة الابتدائية وأظهر ميولاً مهنية أن يستكمل مدة الإلزام بالتعليم الأساسي بالالتحاق بمراكز التدريب المهني أو بمدارس أو فصول إعدادية مهنية وفقًا للنظام الذي يضعه وزير التعليم بالاتفاق مع الجهات المعنية ، ويمنح خريجو هذه المراكز أو المدارس أو الفصول من المديرية التعليمية شهادة في التعليم الأساسي المهني. وتشير المادة 81 إلى أنه "ويجوز لحاملي هذه الشهادة الالتحاق بالتعليم الثانوي الصناعي أو الزراعي ، وذلك وفقًا للقواعد التي يضعها وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي".