من المعلوم من التاريخ والواقع باليقين، أن أهلي— أهل مصر قاطبة— يحيون في كنف شريعتي «الشريعة الإسلامية» ويحيون بها .. و لم يكن هناك يوما صوت منا يطالب بأن يغير ما نحيا به هويةً و مصيراً. ورغم أن التاريخ الإسلامي لم يخل من الزج بحاكمية الله فى الصراعات السياسية منذ الخوارج الذين اتهموا علياً بن أبى طالب (رض) بأنه ليس محكما لشرع الله وكفروه على إثرها .. فأؤكد بداءة أنني أثق في صدق نوايا الإصلاح لكل المستصرخين للشريعة (وهي دعوى الحاكمية الأولى) ورغبتهم في مجتمع أفضل وأنقى .. التابعين منهم أو المتبوعين. لكنني أذكرهم و نفسى بأن صدق النوايا مع سوء التقدير هو ما قد يورد المهالك. وأذكرنا جميعا أننا بنفس صدق النوايا وذات سوء التقدير .. وبنفس الأدلة الشرعية التى تساق الآن باسم تحكيم شرع الله وافتراض جاهلية المجتمع .. دفعنا ثمنا غاليا دماء لأبرياء، شبابا وشيوخا وأطفالا، وثمنا أغلى من الاستبداد والمظالم لكل أبناء المجتمع باسم دفع الإرهاب والتطرف. وشاء الله أن كثير من صادقي النوايا المتصدين للتنادي بالشريعة الآن .. هم من راجعوا أنفسهم وتياراتهم بل وأقروا بأن سوء تقديرهم لعلاقة المجتمع بدينه هو مادفعهم للشطط، وانتهى بنا إلى مآسي لم نزل نتعافى منها مجتمعيا حتى الآن وربما بعد الآن. هؤلاء كانوا من الخطائين التوابين و«خير الخطائين التوابون» .. هؤلاء كانوا أهل فضيلة حين عرفوا الحق فرجعوا إليه .. أقول لكل هؤلاء تابعين و متبوعين .. أعيدوا تقدير فهمكم لقضية الشرع وحاكميته وزنوها عقلا .. قبل أن تتزينوا بها سياسة .. وستجدون أن الوقت بحق هو وقت مراجعات ثانية .. تنقذ هذا الوطن من فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منا خاصة..! كما كنتم أوابين للحق فى مراجعاتكم الأولى، وإن أتت تحت ظروف وضغوط المحنة وفي غياهب السجون— نريدكم مسارعين إلى مراجعة أنفسكم الثانية لوأد فتنة، لا نريدكم أن تكونوا من يذكيها أو يتحمل وزر إنفاذها. «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (الأنفال: 25) المراجعات الثانية واجبة الآن .. والآن تعنى الآن.