البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    فتح باب اشتراكات القطارات لطلاب المدارس والجامعات    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    منحة يابانية لمشروع توفير سفينة دعم الغوص بقناة السويس    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    تعرف على وسام إيزابيل لاكاتوليكا الممنوح من ملك إسبانيا للرئيس السيسي    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    الأونروا: منع السماح بدخول مساعدات الوكالة إلى غزة منذ سبعة أشهر    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    الملك تشارلز يصطحب ترامب فى جولة فى قصر وندسور بعربة ملكية.. صور    وزير الرياضة يشهد احتفالية استقبال كأس الأمم الإفريقية في مصر    كين ضد بالمر.. تعرف على التشكيل المتوقع لمباراة بايرن ميونخ ضد تشيلسي    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    الداخلية تضبط شخصين سرقا أكسسوار سيارة وهربا بدراجة نارية بالإسكندرية    دفاع المجني عليه في قضية طفل المرور في محاكمته يطالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بالبحيرة لجلسة 15 أكتوبر    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    نائب وزير الصحة: 20% من المواليد حمل غير مخطط ونسعى لخفض الولادات القيصرية    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    إنزاجي: ندرس ضم مهاجم جديد للهلال    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    وزارة الشباب والرياضة تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    بايرن ميونخ يتأهب للحفاظ على رقم مميز ضد تشيلسي في دوري أبطال أوروبا    جامعة القاهرة تحتفي بالراحلين والمتقاعدين والمتميزين في «يوم الوفاء»    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    الأكاديمية العربية تختتم فعاليات ريادة الأعمال بفرعها الجديد في مدينة العلمين    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    مسلسل سلمى الحلقة 25 .. خيانة تكشف الأسرار وعودة جلال تقلب الموازين    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الدولة الواحدة في فلسطين:
نشر في الشعب يوم 12 - 01 - 2008


د. إبراهيم علوش

يمكن أن يقودنا الحديث الدائر اليوم عن رفض ما يسمى "يهودية إسرائيل" باتجاهين: اتجاه تسووي تفريطي، وأخر جذري مقاوم.

فهناك من يجعل مناهضته ليهودية دولة "إسرائيل" مدخلاً للتأكيد على مطلب "دولة لكافة مواطنيها" أو الدولة ثنائية القومية"، باعتبار ذلك رداً على الهوية اليهودية الصافية لدولة "إسرائيل". وهذا البرنامج يعني فعلياً: 1) نفي الهوية العربية عن فلسطين، باعتبارها لكافة مواطنيها من غزاة وغير غزاة، أو ثنائية القومية، عربية ويهودية، 2) المطالبة بالتعايش مع الغزاة في فلسطين تحت عنوان "حقوق المواطنة"، وهنا تصبح "مقاومة التمييز العنصري"، لا التحرير، إستراتيجيتنا الأساسية، 3) تبني الوسائل السلمية في النضال، بالأخص تلك التي تضم "تقدميين يهود" أو أمميين!

ويطرح هذا التوجه "مشروعه" باعتباره أكثر "واقعيةً" من مشروع الدويلة الفلسطينية المسخ على أراضٍ مساوية في الحجم للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أو على 6200 كم2 كما قال محمود عباس. ويسوق أنصار "الدولة الواحدة" الأدلة والحجج على تهافت مشروع "الدولة الفلسطينية"، وكيف أنهى الجدار الاستيطاني التوسعي هذا المشروع، وكيف لا تملك الدولة المفككة إلى كانتونات مقومات الحياة، وكيف يخاف الجمهور "الإسرائيلي" من تحول الدولة الفلسطينية المنشودة إلى قاعدة للعمل ضده، الخ...

والحقيقة أن هذين المشروعين التسوويين: مشروع الدويلة ومشروع الدولة الواحدة، ليسا إلا تعبيرين عن نهج واحد هو نهج التعايش مع اليهود في فلسطين، ونهج إسقاط الحق العربي التاريخي بفلسطين، ونهج التخلي عن إستراتيجية العمل المسلح وعن هدف تحرير الأرض. والفرق ما بين هذين المشروعين بهذا المعنى لا يختلف عن الفرق ما بين الليكود والعمل في الكيان الصهيوني، أو ما بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة. فالمهم هنا أن كلا المشروعين ينبثق من غرة التناقض مع نهج المقاومة والتحرير وعروبة الأرض، وأن كليهما يبدأ بإسقاط أهم ثلاثة بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل: عروبة فلسطين، الكفاح المسلح، والمادة السادسة من الميثاق الوطني الفلسطيني التي لا تعتبر اليهود القادمين إلى فلسطين مع بدء المشروع الصهيوني فلسطينيين. وهذه المادة الأخيرة بالذات كثيراً ما تغيب أهميتها، حتى عن بعض المتمسكين بالميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، فهي تنفي حق الإقامة في فلسطين عن اليهود القادمين إليها منذ بدء المشروع الصهيوني. وهذا الوضع الطبيعي طبعاً، كما يفترض أن يكون في أي بلد مع غزاتها...

بالمقابل، من يرفض "يهودية إسرائيل" أولاً على قاعدة التمسك بعروبة أرض فلسطين، وعاشراً بعد المليون على قاعدة رفض العنصرية، يبدأ برفض حق "إسرائيل" بالوجود، ككيان وكدولة وكمجتمع استيطاني إحلالي، قبل أن يدخل في دهاليز ومتاهات "يهودية الدولة" لكي يصل بالضرورة إلى ضرورة الانخراط بقوة في النظام السياسي "الإسرائيلي" بذريعة جعله أقل عنصرية... وهي نتيجة تطبيعية بامتياز منطلقها أن المشكلة تكمن في "يهودية الدولة"، وليس في "الدولة نفسها" التي تتم مناقشة يهوديتها هنا.

وفي الحالات المتطرفة، تجد بين مناصري "إسرائيل الواحدة، الديموقراطية، غير العنصرية"، من يعتبر الإسلاميين بكافة ألوانهم المعادل العربي الفلسطيني للحاخامات اليهود، ما دامت القصة قد أصبحت قصة فصل للدين عن الدولة في "إسرائيل"، وقصة إزالة العنصرية فحسب... سلماً طبعاً... على غرار مثال جنوب أفريقيا... الذي لا ينطبق على الوضع الفلسطيني إلا بمقدار ما ينطبق مثال المهاتما غاندي على العراق. فالشعب جنوب الأفريقي لم يكن أكثر من نصفه من اللاجئين، خارج بلاده، والقضية في جنوب أفريقيا اتخذت بعداً إنسانياً أكثر مما اتخذت بعداً حضارياً ارتبط في بلادنا بقوة، منذ نهاية القرن التاسع عشر، بالصراع على هوية الأرض، وما إذا كانت عربية أم توراتية.

ومن البديهي أن من يتبنى برنامج "الدولة الواحدة" لا بد له أن يبدأ بالتخلي عن الهوية العربية الإسلامية لأنه يتمسك ببرنامج يفترض عملياً بأن فلسطين معلقة في الفضاء، في مكانٍ ما بين عُطارد وزُحل، لا جزءٌ من الوطن العربي والعالم الإسلامي. فمشروع "الدولة الواحدة" الذي يستمد كل قوته المعنوية من أخر صيحة في عالم أزياء العولمة، ونزعة الإمبريالية العالمية لتبني شعارات حقوق الإنسان والتعددية كغطاء لتفكيك الهويات والحواجز القومية أمام الشركات متعدية الحدود، لا قيمة له في فلسطين حيث تتبنى الإمبريالية العالمية المشروع الصهيوني بالكامل.

وما سبق لا يتناقض مع وجود أبعاد سياسية، مقابل الأبعاد الأيديولوجية أو العقائدية، لمقولة "يهودية الدولة". فالكيان الصهيوني يريد أن يهندس البيئة التفاوضية مع السلاطة الفلسطينية والأنظمة العربية بطريقة تفرض شروطه مقدماً، وأن يحضر الأذهان لفكرة الترانسفير، أو ترحيل فلسطينيي ال48، سواء بطردهم فعلياً عندما تكون الظروف مناسبة، أو بضم كانتوناتهم للدولة الفلسطينية المسخ. وهو يريد أن يقطع الطريق مسبقاً على أي نقاش لحق العودة، ليس لأن حق العودة مطروح على الطاولة فعلاً، بل لتخفيض المبالغ أو التنازلات المستحقة عليه في أي تسوية مهما كانت هزيلة، والتسوية لا يمكن إلا أن تكون هزيلة، فليس هناك من تسوية مشرفة مع العدو الصهيوني، وليس هناك حق بلا مطالب، وليس هناك عودة بمعزل عن مشروع التحرير. والمهم أن الكيان قد جر الجميع للتفاوض حول مطالبه القصوى بطرحه قضية "يهودية الدولة" بعد تخلينا عن طرح قضية "وجود الدولة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.