ترامب يشير إلى توقيع اتفاق مع الصين    الأجهزة الأمنية بقنا تعثر على جثة عامل بها كدمات وكسور بالرأس بجوار كوبري الملاحة بقرية الخطارة    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    جامعة عين شمس تنشئ وحدة داخلية لمتابعة ودعم جائزة مصر للتميز الحكومي    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    مستشفى الناس تُبهر مؤتمر القلب العالمي في فرانكفورت بتقنيات إنقاذ نادرة للأطفال    مفاجأة.. سعر الليمون ينخفض ل10 جنيهات| خللي براحتك    ملك بريطانيا يدعو الرئيس السيسي لزيارة لندن    بينها القضاء على 11 عالما نوويا.. الجيش الإسرائيلي يجمل محصلة هجومه على إيران    وسام أبو علي يقترب من الرحيل عن الأهلي مقابل عرض ضخم    نجم الزمالك السابق: الفريق يحتاج لصفقات قوية.. وعمر جابر قدم موسمًا مميزًا    الدورى الجديد يتوقف 5 ديسمبر استعدادا لأمم أفريقيا بالمغرب    استقرار سعر الجنيه الإسترليني اليوم الجمعة 27-6-2025    وزير السياحة يعتمد الضوابط المنظمة لتنفيذ رحلات العمرة لموسم 1447 هجرية    تحقيقات موسعة حول مصرع 3 وإصابة 10 آخرين في حادث تصادم بالجيزة    مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    كاظم الساهر ل"اليوم السابع":مصر جزء من مشوارى الفنى وأنا دائم السؤال عليها    أسعار الدواجن والبيض والكتاكيت اليوم الجمعة    حملة قومية للتبرع بالدم بجميع محافظات الجمهورية تحت شعار تبرعك بالدم حياة    جلسة علمية حول تخدير جراحة التوليد ضمن "مؤتمر الرعاية المركزة" بطب عين شمس    حالة الطقس اليوم في الإمارات    مرموش ضد بونو مجددًا.. مواجهة مرتقبة في مونديال الأندية    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    الموساد بلسان إيراني: كان فعلا "أقرب إلينا من آذاننا"    الدوسري قبل مواجهة مانشستر سيتي: لم نأتِ للمشاركة فقط.. هدفنا تشريف السعودية    أوروبا تُصعّد لهجتها.. دعوة لوقف النار في غزة ومراجعة العلاقة مع إسرائيل    ضبط المتهم بالتخلص من شقيقه ونجله وإصابة جارهما في قنا    "ياحراق اللجان".. شقيق رامي ربيعة يثير الجدل بهذا المنشور بعد خروج العين من المونديال    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    حوار| رئيس اتحاد نقابات عمال الجيزة: الاقتصاد شهد تحسنًا بعد ثورة 30 يونيو    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية الجمعة 27 يونيو 2025    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    «البنت حبيبة أبوها».. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك في عيد ميلادها    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الدولة الواحدة في فلسطين:
نشر في الشعب يوم 12 - 01 - 2008


د. إبراهيم علوش

يمكن أن يقودنا الحديث الدائر اليوم عن رفض ما يسمى "يهودية إسرائيل" باتجاهين: اتجاه تسووي تفريطي، وأخر جذري مقاوم.

فهناك من يجعل مناهضته ليهودية دولة "إسرائيل" مدخلاً للتأكيد على مطلب "دولة لكافة مواطنيها" أو الدولة ثنائية القومية"، باعتبار ذلك رداً على الهوية اليهودية الصافية لدولة "إسرائيل". وهذا البرنامج يعني فعلياً: 1) نفي الهوية العربية عن فلسطين، باعتبارها لكافة مواطنيها من غزاة وغير غزاة، أو ثنائية القومية، عربية ويهودية، 2) المطالبة بالتعايش مع الغزاة في فلسطين تحت عنوان "حقوق المواطنة"، وهنا تصبح "مقاومة التمييز العنصري"، لا التحرير، إستراتيجيتنا الأساسية، 3) تبني الوسائل السلمية في النضال، بالأخص تلك التي تضم "تقدميين يهود" أو أمميين!

ويطرح هذا التوجه "مشروعه" باعتباره أكثر "واقعيةً" من مشروع الدويلة الفلسطينية المسخ على أراضٍ مساوية في الحجم للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أو على 6200 كم2 كما قال محمود عباس. ويسوق أنصار "الدولة الواحدة" الأدلة والحجج على تهافت مشروع "الدولة الفلسطينية"، وكيف أنهى الجدار الاستيطاني التوسعي هذا المشروع، وكيف لا تملك الدولة المفككة إلى كانتونات مقومات الحياة، وكيف يخاف الجمهور "الإسرائيلي" من تحول الدولة الفلسطينية المنشودة إلى قاعدة للعمل ضده، الخ...

والحقيقة أن هذين المشروعين التسوويين: مشروع الدويلة ومشروع الدولة الواحدة، ليسا إلا تعبيرين عن نهج واحد هو نهج التعايش مع اليهود في فلسطين، ونهج إسقاط الحق العربي التاريخي بفلسطين، ونهج التخلي عن إستراتيجية العمل المسلح وعن هدف تحرير الأرض. والفرق ما بين هذين المشروعين بهذا المعنى لا يختلف عن الفرق ما بين الليكود والعمل في الكيان الصهيوني، أو ما بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة. فالمهم هنا أن كلا المشروعين ينبثق من غرة التناقض مع نهج المقاومة والتحرير وعروبة الأرض، وأن كليهما يبدأ بإسقاط أهم ثلاثة بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل: عروبة فلسطين، الكفاح المسلح، والمادة السادسة من الميثاق الوطني الفلسطيني التي لا تعتبر اليهود القادمين إلى فلسطين مع بدء المشروع الصهيوني فلسطينيين. وهذه المادة الأخيرة بالذات كثيراً ما تغيب أهميتها، حتى عن بعض المتمسكين بالميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، فهي تنفي حق الإقامة في فلسطين عن اليهود القادمين إليها منذ بدء المشروع الصهيوني. وهذا الوضع الطبيعي طبعاً، كما يفترض أن يكون في أي بلد مع غزاتها...

بالمقابل، من يرفض "يهودية إسرائيل" أولاً على قاعدة التمسك بعروبة أرض فلسطين، وعاشراً بعد المليون على قاعدة رفض العنصرية، يبدأ برفض حق "إسرائيل" بالوجود، ككيان وكدولة وكمجتمع استيطاني إحلالي، قبل أن يدخل في دهاليز ومتاهات "يهودية الدولة" لكي يصل بالضرورة إلى ضرورة الانخراط بقوة في النظام السياسي "الإسرائيلي" بذريعة جعله أقل عنصرية... وهي نتيجة تطبيعية بامتياز منطلقها أن المشكلة تكمن في "يهودية الدولة"، وليس في "الدولة نفسها" التي تتم مناقشة يهوديتها هنا.

وفي الحالات المتطرفة، تجد بين مناصري "إسرائيل الواحدة، الديموقراطية، غير العنصرية"، من يعتبر الإسلاميين بكافة ألوانهم المعادل العربي الفلسطيني للحاخامات اليهود، ما دامت القصة قد أصبحت قصة فصل للدين عن الدولة في "إسرائيل"، وقصة إزالة العنصرية فحسب... سلماً طبعاً... على غرار مثال جنوب أفريقيا... الذي لا ينطبق على الوضع الفلسطيني إلا بمقدار ما ينطبق مثال المهاتما غاندي على العراق. فالشعب جنوب الأفريقي لم يكن أكثر من نصفه من اللاجئين، خارج بلاده، والقضية في جنوب أفريقيا اتخذت بعداً إنسانياً أكثر مما اتخذت بعداً حضارياً ارتبط في بلادنا بقوة، منذ نهاية القرن التاسع عشر، بالصراع على هوية الأرض، وما إذا كانت عربية أم توراتية.

ومن البديهي أن من يتبنى برنامج "الدولة الواحدة" لا بد له أن يبدأ بالتخلي عن الهوية العربية الإسلامية لأنه يتمسك ببرنامج يفترض عملياً بأن فلسطين معلقة في الفضاء، في مكانٍ ما بين عُطارد وزُحل، لا جزءٌ من الوطن العربي والعالم الإسلامي. فمشروع "الدولة الواحدة" الذي يستمد كل قوته المعنوية من أخر صيحة في عالم أزياء العولمة، ونزعة الإمبريالية العالمية لتبني شعارات حقوق الإنسان والتعددية كغطاء لتفكيك الهويات والحواجز القومية أمام الشركات متعدية الحدود، لا قيمة له في فلسطين حيث تتبنى الإمبريالية العالمية المشروع الصهيوني بالكامل.

وما سبق لا يتناقض مع وجود أبعاد سياسية، مقابل الأبعاد الأيديولوجية أو العقائدية، لمقولة "يهودية الدولة". فالكيان الصهيوني يريد أن يهندس البيئة التفاوضية مع السلاطة الفلسطينية والأنظمة العربية بطريقة تفرض شروطه مقدماً، وأن يحضر الأذهان لفكرة الترانسفير، أو ترحيل فلسطينيي ال48، سواء بطردهم فعلياً عندما تكون الظروف مناسبة، أو بضم كانتوناتهم للدولة الفلسطينية المسخ. وهو يريد أن يقطع الطريق مسبقاً على أي نقاش لحق العودة، ليس لأن حق العودة مطروح على الطاولة فعلاً، بل لتخفيض المبالغ أو التنازلات المستحقة عليه في أي تسوية مهما كانت هزيلة، والتسوية لا يمكن إلا أن تكون هزيلة، فليس هناك من تسوية مشرفة مع العدو الصهيوني، وليس هناك حق بلا مطالب، وليس هناك عودة بمعزل عن مشروع التحرير. والمهم أن الكيان قد جر الجميع للتفاوض حول مطالبه القصوى بطرحه قضية "يهودية الدولة" بعد تخلينا عن طرح قضية "وجود الدولة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.