المشاط: توسيع التعاون مع القطاع الخاص في ظل الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين    استقرار "بيتكوين" فوق 91 ألف دولار بتعافيها برهانات خفض الفائدة الأمريكية    وزير الخارجية يجدد التأكيد على حل الدولتين ووحدة الأراضي الفلسطينية    وزير الخارجية يشارك في إطلاق "ميثاق المتوسط"    منذر طمين يقود الهجوم، تشكيل المصري أمام زيسكو في الكونفدرالية    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    إحباط محاولة جلب كميات كبيرة من الألعاب النارية وأجهزة اتصال لاسلكية ومنشطات داخل حاويتين    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    شيرر ينضم لكاراجر في هجومه على صلاح    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات تتفقد آليات إدخال المساعدات من معبر رفح    تامر حسني يكشف حقيقة تدهور حالته الصحية    تعرف على سر أعلى معدلات أعطال السباكة فى الجمعة البنيّة    أحمد الشناوي: مواجهة بيرامديز ل باور ديناموز لن تكون سهلة    ذا أثلتيك: ريال مدريد يبلغ ليفربول بقرار حاسم حول ضم كوناتي    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    الدفاع المدني السوري: عمليات الإنقاذ في بيت جن مستمرة رغم صعوبة الوصول    الأرصاد الجوية تكشف توقعات الطقس للأيام المقبلة: خريف مائل للبرودة وانخفاض درجات الحرارة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    تامر محسن يقدم ماستر كلاس في مهرجان الفيوم لأفلام البيئة    تحمل 25 ألف سيارة.. ميناء الإسكندرية يستقبل أكبر ناقلة سيارات في العالم    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    «السبكي» يلتقي وزير صحة جنوب أفريقيا لبحث تعزيز السياحة العلاجية والاستثمار الصحي    «شاشة» الإيطالي يناقش تحكم الهواتف المحمولة في المشاعر الإنسانية    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    انقطاع الكهرباء 5 ساعات غدًا السبت في 3 محافظات    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الأزهر الشريف (بث مباشر)    أسعار البيض اليوم الجمعة 28 نوفمبر    الصحة: فحص 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    مصرع فتاة وإصابة أخرى صدمتهما سيارة ميكروباص بالبدرشين    "من الفرح إلى الفاجعة".. شاب يُنهي حياة زوجته بسلاح أبيض قبل الزفاف في سوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيا ويصيب طفلة جنوبي غزة    جنوب الوادي.. "جامعة الأهلية" تشارك بالمؤتمر الرابع لإدارة الصيدلة بقنا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    البترول: مجلس المعادن الأسترالى يبدى اهتمام بالتعاون الفني في قطاع التعدين    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    بيونج يانج: تدريبات سول وواشنطن العسكرية تستهدف ردع كوريا الشمالية    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    وزير الثقافة والمحافظ يشهدان ختام الدورة ال18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع المشبوه بين السعودية وإسرائيل.. من الابتزاز الصهيونى للحليف الأمريكى إلى الإرهاب المبرمج للدول العربية (2-1)
نشر في الشعب يوم 31 - 07 - 2013

السعودية اشترت منصات صواريخ وقذائف مضادة للدروع وطائرات استطلاع و14 جسرا عسكريا صنّعتها شركة «تاس الإسرائيلية»
مشروع «الشرق الأوسط الجديد» أبرز الأطر النظرية، التى حددتها (إسرائيل) للعلاقة بينها وبين (العرب) فى المستقبل المنظورلتكون الجزيرة العربية محورها
زيادة فى الصادرات الإسرائيلية بمقدار الثلث لو استوردت (السعودية) ودول الخليج عشرة بالمائة من احتياجاتها منها
اللقاء الأول بين الرئيس الأمريكى (روزفلت) والملك (سعود) عام 1954 يهدف لاستمالة الخليج وتحالفه مع الصهاينة بغطاء أمريكى
أحد قادة إسرائيل: يجب فتح بغداد والكويت أمام اليهود كى يستقروا فى وطنهم الذى يبدأ من البحر المتوسط إلى بلاد فارس
«شارون» يطالب بتوسيع المجال الاستراتيجى والأمنى ل (إسرائيل) ليشمل تركيا وإيران وباكستان والخليج وأفريقيا
سنوات وعقود من الحلف المشبوه بين السعودية وإسرائيل.. بعضها يرتدى غطاء سياسيا وآخر يتوشح زيا عسكريا لجر الخليج إلى مصيدة التطبيع مع إسرائيل.
والتاريخ لايكذب فيبوح بوثائقه السرية والعلنية بين فترة وأخرى، وكلها تجمع على أن المسيرة الاقتصادية عمرها سنوات من الصفقات الاقتصادية والعسكرية منذ عهد الملك سعود حتى العهد الحالى.
وقد أجمعت الدراسات السياسية والتاريخية أن هذا التطبيع الذى يرتدى غطاء سريا ممتد منذ أكثر من 68 عاما ومنذ عهد الملك سعود عندما التقى الرئيس الأمريكى «روزفلت» وأثمر عن هذا التحالف المريب، والذى يتخذ غطاء أمريكيا لخدمة الصهيونية العالمية التى تعتبر إسرائيل المكون الرئيسى لها.
ومازال الزعماء المستوطنون يعرضون أطروحاتهم وأفكارهم حول الطمع نحو دول الخليج لتصبح من مناطق تحالفاتها ليدعو أحد قادة حركة " من أجل أرض إسرائيل الكاملة "، وهو المدعو (تسفى شيلواح)، إلى " فتح بغداد والكويت لإفساح المجال أمام غالبية اليهود كى يستقروا فى وطنهم الذى يمتد من البحر المتوسط إلى بلاد فارس".
فقط أردنا بهذه الدراسة أن نكشف جوانب من هذا (التاريخ السرى) الذى يثبت أمامنا وبوضوح أبعاد المخطط وجذوره، وأن الأمر لم يكن مصادفة، وأن موقفهم تجاه لبنان- مؤخراً -- لم يكن صدفة ولكن كان امتداداً لتاريخ طويل.
وتأتى حرب الخليج واحتلال الكويت لتسيطر أمريكا على دول الخليج التى أصبحت أكبر حليف لها فى المنطقة العربية.. ليخرج هذا التطبيع من السر إلى العلانية لتطأ أقدام الصهاينة ورجال أعمال إسرائيليين ويشاركون فى بورصة دبى ويبرمون الصفقات بين دبى وإسرائيل.
وحسبما صرحت مديرة بورصة دبى- التى تتباهى بزيارتها لإسرائيل ولقائها برجال الأعمال الإسرائيليين- بأنهم مرحب بهم فى الإمارات ويستطيعون الدخول لمجرد طلبهم.
وفى دراسة قيمة ومثيرة تطرحها د.حنان الحايك عن هذا الحلف المشئوم الذى سيجر المنطقة إلى ويلات الحروب ويحول لغة السلام إلى لغة البارود، فتطرح الكثير من الرؤى والأفكاروالدراسات التى تكشف زيف هذه العلاقات وخطورتها.
تقول د.حنان الحايك فى دراستها القيمة: إن الحرب الأخيرة فى اليمن استخدمت السعودية نوعا من غاز الأعصاب اللى يعطل المقاتلين ويشلهم لفترة معينة. هذا الغاز هو إسرائيلى ولا يصنعه غيرها وهو دليل قطعى على تسلم السعودية سلاحا إسرئيليا، كذلك من دول الخليج البحرين استوردت مدافع هاون إسرائيلية عيار 120 ملم، كذلك الإمارات والبحرين استوردتا مسدسات إسرائيلية، ومن المعروف لدى الجميع أنه خلال حرب 67 وصلت الطائرات الإسرائيلية إلى قاعدتى الحبانية واتش 3 العراقيتين، وهما قاعدتان خارج المدى الجوى التكتيكى لطائرات الميراج الإسرائيلية اللى كان يبلغ 290 كلم بما يثبت أنها حطت فى مطار وتزودت بالوقود و لا يوجد غير السعودية كان بإمكانها المساهمة فى ذلك، ولكن بداية سنوضح تاريخ هذه العلاقة العريقة قبيل احتلال فلسطين.
الإمارات الخليجية..ومصيدة النفوذ الأمريكية
يحدثنا التاريخ أنه بدأ دخول المملكة السعودية، وما يحيطها من إمارات خليجية، ضمن منطقة نفوذ أمريكية خالصة، منذ اللقاء الذى جمع بين الرئيس الأمريكى (روزفلت) و(الملك سعود) فى فبراير 1945، لم يحل دون أن يكون للحركة الصهيونية و(إسرائيل) منظورها المستقل بخصوص (شبه الجزيرة العربية)، رغم تمتع الأخيرة بذات المزايا التى وفرتها مظلة الأمان الأمريكية. ففى كتابه " أرض عظيمة وأمة عظيمة " يدعو أحد قادة حركة " من أجل أرض إسرائيل الكاملة "، وهو المدعو (تسفى شيلواح)، إلى " فتح بغداد والكويت لإفساح المجال أمام غالبية اليهود كى يستقروا فى وطنهم الذى يمتد من البحر المتوسط إلى بلاد فارس".
المصيدة الكبرى.. وحرب الخليج
وسواء عكست مثل هذه الدعوات أشكالاً من الابتزاز الصهيونى للحليف الأمريكى أو الإرهاب المبرمج للأطراف العربية، بغية انتزاع مكاسب جيواستراتيجية، فالمتتبع لمسار الدعوات الصهيونية، فى هذا الصدد، سيلاحظ تحقق بعض منها، فى الآونة الأخيرة، وخصوصا بعد الغزو العراقى ل (الكويت) فى العام 1990، والغزو الأمريكى ل (العراق)، فى العام 2003، واللذين ترتب عليهما مقدمات تفسح المجال -- فعلياً -- أمام النفوذ اليهودى، فى (الكويت) و(العراق).
تحول النفط العربى إلى نفط يهودى
وكان وزير الدفاع الإسرائيلى (أرئيل شارون) قد أعد محاضرة لحساب مركز «جافى للدراسات الاستراتيجية» بجامعة (تل أبيب)، عام 1981، أشار فيها إلى ضرورة توسيع المجال الاستراتيجى والأمنى ل (إسرائيل) بحيث يشمل «تركيا وإيران وباكستان ومناطق مثل الخليج..وأفريقيا».
وهى الدعوة التى أثارت تعليقات واسعة فى (إسرائيل)، وكان منها الحديث حول الآثار المترتبة على تحول النفط العربى إلى نفط يهودى، وذلك فى ضوء احتلال (الكويت)، حيث لن يعود النفط سلاحا عربيا، بل مجرد وقود لا أكثر، وهو ما دفع كاتبا إسرائيليا آخر، فى تلك الفترة، على تحرير مقال حمل عنوانا ذا مغزى، هو «استراتيجية لإسرائيل فى الثمانينيات» وخلص فيه إلى أن إقليم " شبه جزيرة العرب بأسره مرشح طبيعى للانهيار"، خصوصاً فى السعودية سواء بقيت قوتها قائمة على النفط أم انخفضت على المدى البعيد".
الأمنيات الصهيونية القديمة تتحول لواقع فعلى
والمثير، أنه لم تمض سنوات قليلة على تصاعد تلك الأحاديث حتى أصدرت (إسرائيل) عام 1986 قطعة نقدية معدنية، نحاسية اللون، من فئة عشرة أغورات، وتحمل على وجهها الثانى اسم (دولة إسرائيل)، باللغات العبرية والعربية والإنجليزية، ضمن خريطة نافرة، تغطى المساحة الممتدة من دلتا النيل، مرورا ب" سيناء وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق"، ثم إلى منطقة الخليج العربى، امتدادا إلى جنوب (شبه الجزيرة العربية)، والتى تجاوزت مساحتها كثيرا المساحة التى حددتها الخرائط الصهيونية السابقة، مما يعكس تقنينا لتوجه صهيونى، يبغى تحويل الأمنيات القديمة إلى أهداف فعلية على الأرض منها:
- توفير أو زيادة فرص تدخل (إسرائيل) فى شئون (شبه الجزيرة العربية)، بما يخدم مصالحها -- أى " إسرائيل " - الاقتصادية والسياسية والأمنية.
- مقاومة أى توجه إلى انخراط دول (شبه الجزيرة العربية) فى التعاون أو الائتلاف والتضامن مع دول المواجهة العربية.
- الإبقاء على الخلل القائم فى ميزان التسلح لصالح (إسرائيل).
سلوك سياسى بين إسرائيل والخليج
وبحسب أحد الباحثين الفلسطينيين فإن هذه الأهداف لم تكن محض خيارات نظرية، لدى دوائر صناعة القرار الإسرائيلية، وإنما برزت كأطر عامة تنظم جملة أنواع السلوك السياسى والعملى ل(إسرائيل)، تجاه دول (شبه الجزيرة العربية).
وفى هذا الإطار يعد مشروع " الشرق الأوسط الجديد " أبرز الأطر النظرية، التى حددتها (إسرائيل) للعلاقة بينها وبين (العرب) فى المستقبل المنظور، والتى تؤدى دول (الجزيرة العربية) فيها، دورا محوريا، وذلك من خلال موضوعات التعاون المشتركة، كالبنية التحتية للنقل والمواصلات، والتى تشمل:طرق السكك الحديدية، عبر المملكة العربية السعودية والخليج العربى، والطرق السريعة التى تمر خطوطها عبر أماكن فى الخليج العربى، والتى تطرح فيها مسألة التنمية والتطوير، كوسيلة للترغيب والاستدراج إلى بناء هذا المشروع الجديد من «الشرق الأوسط»، والذى سعت إدارة (بوش الابن) إلى إعادة تبنيه تحت مسمى آخر، هو " الشرق الأوسط الموسع " بغية تسويقه إقليميا، بعد تعثر الأنموذج الإسرائيلى الأصل، بفعل القمع الإسرائيلى للانتفاضة الفلسطينية الثانية، منذ العام 2000.
نقل نفط دول الخليج عبر (إسرائيل)
بيد أن مخزون الأفكار والبيانات لمتخذى القرار فى (إسرائيل) لم يعدم صياغة التصورات والمشروعات المتعلقة بالتعاون الاقتصادى بين (إسرائيل) ودول (الخليج)، خاصة الشرق أوسطية عامة، حيث يُقدر الاقتصاديون الإسرائيليون زيادة فى الصادرات الإسرائيلية بمقدار الثلث، فى حالة استيراد (السعودية) ودول الخليج عشرة بالمائة فقط من احتياجاتها من الواردات التى قدرت بأربعين بليون دولار فى العام 1991 من الدولة الصهيونية لذا بدت دول (شبه الجزيرة العربية) فى الخرائط الإسرائيلية المرتبطة بالمشروعات المقترحة جزءا من الكيان الاقتصادى الشرق أوسطى الموحد الذى يخترق الحدود بالطرق الدولية، وخطوط السكك الحديدية، وشبكات الكهرباء، وأنابيب النفط والغاز، وقنوات المياه، ومسارات الطيران وأنظمة الاتصالات؛ إذ وضع الجانب الإسرائيلى المملكة السعودية فى صدارة قائمة الدول التى يتطلع إلى التعاون الاقتصادى معها، وذلك بحسب ما أكده عام 1994 رئيس شعبة الميزانيات فى وزارة المالية (دافيد برودت) وذلك لكون السوق الأهم للصناعات الإسرائيلية بين الأسواق المستقبلية فى المنطقة هى السوق السعودية، وما يقترن بذلك من مشروعات لنقل نفط دول الخليج عبر (إسرائيل)، منها مشروع الاقتصادى الإسرائيلى (جدعون فيشلزون)، الذى عرض عدة خيارات لإنشاء خمسة خطوط نفط جديدة تربط بين (إسرائيل) و(الأردن) ودول (الخليج العربية)، هى:
أ- خط (ينبع - العقبة)، بطول (950) كلم، الذى يتفرع من خط (رأس تنورة - العقبة).
ب- خط (رأس تنورة - العقبة) بطول (1550) كلم.
ج- خط من (جنوب الكويت - العقبة) بطول (1300) كلم.
د- خط يربط أنبوب (شركة نفط العراق) بخط (الكويت - العقبة) داخل (الكويت) أو بجوارها، بطول (170) أو (270) كلم.
ه- تمديد خط (التابلاين إلى حيفا) بطول (1700) كلم من (الخليج العربى - السعودية - الأردن) بمحاذاة الخط الأصلى لأنبوب شركة نفط العراق.
دول الخليج تتساقط على أعتاب إسرائيل
وبخلاف الخيار الأخير يتم نقل النفط فى الخطوط المقترحة من (خليج العقبة - إيلات) عبر خط (إيلات - عسقلان) على البحر المتوسط، لذا جاء إنشاء ميناء فى (غزة) لاستخدامه لهذا الغرض أو لغرض تجارى مشترك، وهو خيار يتطلب -برأى (فيشلزون)- شق طريق برى يمتد من الكويت أو من ميناء سعودى على الخليج العربى إلى العقبة فى البحر المتوسط، وبذلك يدمج (فيشلزون) عملية نقل النفط بمشروع الطرق والمواصلات التى تربط بين (إسرائيل) ودول الخليج العربية، لذا فقد أقيمت بين (إسرائيل) وبعض دول الخليج العربية جسور اتصال وتفاهم متعددة، كأحد ملامح «الشرق الأوسط الجديد» منذ إعلان الملك السعودى الراحل (فهد) عن مبادرته للسلام بين العرب و(إسرائيل)، مرورا بمؤتمر (مدريد) للسلام فى عام 1992، فمبادرة الملك (عبد الله) للسلام فى (بيروت) فى عام 2002، وما صاحب ذلك من إقدام دول الخليج على إلغاء مقررات المقاطعة العربية ل(إسرائيل) من الدرجتين الثانية والثالثة فى سبتمبر 1994، ثم انخراط بعض من هذه الدول فى علاقات اقتصادية وتجارية مباشرة مع (إسرائيل) مثل: (قطر، وعُمان، والبحرين)، وهى علاقات سرعان ما تراجعت قوة الدفع لها فى السنوات الأخيرة بسبب لجوء (إسرائيل) المفرط إلى استخدام ما يسمى «الدبلوماسية الإكراهية» ضد العرب والتى تزاوج بين الضغوط السياسية والضغوط العسكرية لحمل العرب على الاستجابة لإملاءات الواقع الصراعى الذى يختل فيه ميزان القوى لصالح (إسرائيل)، وهى سياسة تستهدف دول (شبه الجزيرة العربية) خاصة، كى يؤتى أكلها ضمن الاستراتيجيات الغربية عامة والأمريكية خاصة فيما يتصل بإعادة رسم خرائط المنطقة العربية على نحو ما جرى سابقا، فى (العراق) و(لبنان).
قراءة فى أوراق التطبيع (السعودى – الإسرائيلى)
وتمتد العلاقات (الإسرائيلية - السعودية) وتتشعب، لكنها تمتد بعمق التاريخ وتحمل حقائق مذهلة، كشف بعضها د. «بشير صقر» فى دراسته الرائعة المعنونة ب(قراءة فى أوراق التطبيع السعودى - الإسرائيلى)، وجاء فيها كشف مهم لجذور العلاقات السعودية - الإسرائيلية منذ حرب الخليج الثانية؛ فتكشف الدراسة أن الصحفى الإسرائيلى (ستيف رودان) ذكر فى «جيروزاليم بوست» فى 17/9/1994 تفصيلا أدق للمسألة، عندما قال: (إن حرب الخليج عام 1991 قد شكلت منعطفا مهما بالنسبة إلى صناعات إسرائيل العسكرية لأنها مكّنتها من بيع الأسلحة الإسرائيلية على نطاق واسع للولايات المتحدة وحلفائها العرب؛ فمثلا اشترت السعودية منها منصات إطلاق صواريخ «توماهوك» وقذائف مضادة للدروع وطائرات استطلاع بدون طيار وأجهزة ملاحة، فضلا عن 14 جسرا عسكريا صنّعتها شركة «تاس» الإسرائيلية، سعر الجسر الواحد مليون دولار)، ويضيف الخبيران الأمنيّان (ميلمان، ورافيف) أن إسرائيل شحنت للسعودية مناظير للرؤية الليلية ومعدات لزرع الألغام، وقد أمرالجنرال (شوارتز كوف) قائد قوات التحالف الغربى ضد العراق، بإزالة جميع الكتابات العبرية المنقوشة على الأسلحة حتى لا يكتشف أحد منشأها.
ويكفى لفضح ادعاءات البيانات السعودية شديدة اللهجة (المنادية دوما بوحدة العالم الإسلامى) ما عرضه التيلفزيون البريطانى إبان حرب (العراق - الكويت) من صور لجنود من اليهود الأمريكيين وهم فى وضع الصلاة، وما عَلّق به مقدم البرنامج على الصور قائلا: هؤلاء الجنود يُصلّون على أرض العرب من أجل أن يساعدهم ربهم على هزيمة العرب.
الريال فرس الرهان
إن المتتبع منطق السياسة السعودية يدرك أن «الريال» عندها هو فرس الرهان فى كل خطوة تخطوها؛ فهى تدفع لإسرائيل لبناء الحاجز الترابى فى صحراء المغرب، وتعلن استعداها لتمويل صفقات السلاح لإيران، وتساوم إسرائيل على رفع العلم السعودى على المسجد الأقصى مقابل عدة ملايين من الريالات، وتقترح منح الكيان الصهيونى عدة مليارات مقابل حل النزاع مع العرب... وهكذا.
ثم يأتى الخبير العسكرى (سليج هاريسون) ليبرز فى كتابه (الحرب ذات الكثافة المحدودة) أبعاد عمليات التمويل وطرقها قائلا: (إن مصدرا رفيعا فى المخابرات الأمريكية أبلغه على سبيل المثال أن المخابرات الأمريكية دفعت 35 مليون دولار عام 1986 لإسرائيل من الأموال السعودية لشراء بعض الأسلحة التى غنِمتْها إسرائيل من الفلسطينيين فى أثناء غزوها لبنان عام 1982، ثم قامت بشحنها جوا إلى باكستان لتوزيعها على المجاهدين فى أفغانستان). ( مداولات مجلس الشيوخ الأمريكى عام1987، ص203).
وتضيف «نيويورك تايمز» فى 6/3/1987، أن آل سعود يستخدمون البنك الأهلى التجارى بجدة -الذى لا يخضع لرقابة مؤسسة النقد السعودية- لتمويل ديبلوماسيتهم الصامتة فى العالم العربى والإسلامى ولخدمة المصالح الأمريكية، ويقوم البنك بالتالى بإرسال الأموال إلى ميامى فى أمريكا من خلال بنك آخر هو A.B.C فى جزر الكيمان.
النفط يغادر الموانئ السعودية إلى الإسرائيلية
أما عن عمليات التبادل التجارى فحدِّث ولا حرج.. كتب (ألكسندر بلاى) فى «جيروزاليم كوارتلى» يقول: (إن النفط يغادر الموانئ السعودية وما أن يصل إلى عرض البحر حتى يتم تغيير مسار القافلة وتفريغ حمولتها فى عرض البحر وتزييف أوراقها وتحويل الحمولة إلى الموانئ الإسرائيلية).
وتتحدث مجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية عن أن إسرائيل تقوم بحماية النفط السعودى الذى يضخ من ميناء ينبع على البحر الأحمر، وعملا باتفاق سرى (إسرائيلى - سعودى - مصرى)، فإن إسرائيل تقوم بموجبه بحماية القطاع الشمالى من البحرالأحمر، بينما تقوم مصر بحماية القطاع الجنوبى والغربى مقابل حصولهم على مساعدات مالية سعودية.
علاقات سرية فى تجارة السلاح والنفط
ولا يقتصر الأمر على علاقات سرية بهذا الاتساع والعمق فى تجارة السلاح والنفط، بل تجاوزها إلى مجالات أخرى متعددة منها قيام الشركات والحكومة السعودية باستيراد أجهزة كمبيوتر إسرائيلية ماركة (ياردين) لرىّ حدائق الأمراء والحدائق العامة.. (يديعوت أحرونوت 16/12/93)، وعقد اتفاقيات رسمية لتصدير الحمضيات الإسرائيلية (برتقال، وليمون) عبر الأردن.. (معاريف 4/1/95).
بينما تذكر صحيفة «معاريف» فى 29/10/93 أن شركة سعودية اتصلت بمكتب المجلس المحلى لمستوطنة (كرنى شمرون) وأبدت استعدادها لشراء شقق سكنية بالمستوطنة، ليس هذا فحسب، بل إن المفاوضات التى جرت مع دولة قطر لتزويد إسرائيل بالغاز الطبيعى قد خلقت تنافسا بين رجال الأعمال العرب بحيث أبدى رجال الأعمال السعوديون الموجودون حاليا فى زيارة لإسرائيل اهتماما على ما يبدو ليس بعقد صفقات نفط فحسب، بل أيضا ببيع الغاز الطبيعى.. (دافار 1/2/94).
وعن المجال الرياضى فقد نشرت صحيفة البوست فى 24/7/1989 أن فريق نشْء وادى شارون الإسرائيلى لكرة البيسبول قد التقى الفريق السعودى فى دورة رياضية فى قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية المقامة فى ألمانيا الغربية.
وتتعدد المعلومات وتتوالى عن تاريخ وأسرار العلاقات السرية الإسرائيلية السعودية، فتذكر مجلة «الفجر» التى تصدر فى «القدس» فى 14/5/1992 أن رئيس بلدية القدس (تيدى كوليك) قد اجتمع مع الشيخ (إسحق إدريس) مستشار الرابطة الإسلامية العليا بالرياض، الذى وصل على طائرة شركة «العال» الإسرائيلية قادما من القاهرة، وهى أول زيارة تقوم بها شخصية دينية إسلامية على هذا المستوى، وقد سلم كوليك للشيخ إدريس تمثالا من النحاس لقبة الصخرة، وعبّر له الشيخ إدريس عن رغبته فى الحصول على صورة تشتمل أيضا على حائط المبكى.
من تهريب الفلاش إلى تاجر سلاح
لكن الدهشة من كل ما سبق تتراجع إزاء ما ذكره (مليمان، ورافيف) فى كتاب لهما بعنوان (كل جاسوس أمير) يقولان فيه: إن جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» قد فوجئ بتحركات مستقلة للثلاثى«خاشوقجى، ونيمرودى، وآل شويمر) مع العديد من المسئولين الإسرائيليين.. وكانت تلك التحركات عن طريق شارون الذى صار وزيرا للدفاع وعَلا نجمه وأعلن فى خطاب فى ديسمبر 1981 عن امتداد مصالح إسرائيل الأمنية والاستراتيجية من أواسط إفريقيا وشمالها.. وحتى باكستان، وقد حصل الثلاثى على وثيقة سرية كتبها ولى عهد السعودية آنذاك الأمير فهد اسمها (خطة فهد للسلام) لتسليمها للسلطات الإسرائيلية، وهى بالطبع تختلف عن مبادرة الأمير عبد الله الأخيرة التى عرضها فى بيروت عام 2002.
وتزداد الدهشة تراجعا عندما يعترف «خاشوقجى» -فى عيد ميلاده ال55 والذى احتفل به فى مدينة السينما «كان»- لمراسلة صحيفة «يديعوت أحرونوت» بالقاهرة (سامدار بيرى) أن (عملية موسى) لتهجير يهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل والتى نفّذتها الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان عبر الأراضى السودانية قد تمت فى منزله خلال اجتماع سرى عُقد فى مزرعته الخاصة بكينيا عام 1982 وحضره كل من: (جعفر النميرى وشارون وزوجته، ونيمرودى وزوجته، وآل شويمر، ورئيس المخابرات الإسرائيلية ناحوم إمدونى).. (مجلة الدستور20/8/1990).
التعاون الأمنى بين «خاشوقجى» والإسرائيليين
وتواصل (سامدار بيرى) حديثها عن التعاون الأمنى بين (خاشوقجى) والإسرائيليين قائلة: إن خاشوقجى نصح الإسرائيليين بقوله: أقترح أن تُسلّموا السلطة إلى صديقى «إريك» (يقصد أريئيل شارون)، وعندئذ سيكون كل شئ على مايرام.
وهكذا بعد 20سنة من هذا الحديث تولى شارون السلطة.. وأصبح كل شىء فى منطقتنا على ما يرام!
والطريف المؤلم أن شارون قد تولى بعد 14 عاما الحكم بالفعل ورأينا ورأى الشعب الفلسطينى على يديه المجازر والعدوان، فهل هذا هو ما أراده خاشوقجى وآل سعود؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.