إذا كان الإسلام قاد أتباعه فى سنوات قليلة.. فلماذا لا يقود أمته فى عصرنا؟ موضع الخلل والقصور لا يمكن إلا أن يكون فى فهم المسلمين الدين ذاته إذا تأملنا الوضع الذى تعيشه أمة الإسلام فى عصرنا هذا نجده وضعا يجمع بين الضعف والتمزق، على نحو جعلها تكاد تحتل موقع المؤخرة بين أمم الدنيا.. وإذا ما حاولنا فهم علل هذه الوضعية سوف نجد أنفسنا فى حاجة إلى الإجابة على تساؤلات ثلاثة هى: 1- أنّى لهذه الوضعية أن تهيمن على أمة الإسلام، على الرغم من أنها أمة القرآن الذى جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.. القرآن الذى وصفها الله فيه بأنها «خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» (آل عمران: 110)، وكلفها بأن تقوم بالشهادة عليهم «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ» (البقرة: 143)، وهو ما لن يسمح لها أن تقوم به على الوجه الأمثل إلا إذا احتلت موقع الصدارة بين أمم الدنيا؟ وبالطبع لا يمكن لمسلم عاقل أن يمارى أن ثمة خللا ما يقف وراء هذه الوضعية. كما لا يمكن له أن يمارى فى براءة الدين من ذلك الخلل.. وأنّى له أن يمارى فى دين قاد أتباعه من الصحابة والتابعين -وهم حينئذ قلة فى العدد والعتاد- إلى إنارة معظم أرجاء الدنيا فى سنوات قليلة، غير أن عدم المماراة فى هذه الحقيقة يفرض علينا طرح ثانى تلك التساؤلات.. 2- إذا كان الإسلام قاد أتباعه فى سنوات قليلة لتحقيق كل ذلك.. فلماذا لا يقود أمته فى عصرنا هذا إلى المكانة التى احتلتها سلفا، رغم سلامته كدين ورغم كثرة عدد أتباعه الذى يناهز ربع البشرية، وضخامة مواردهم الطبيعية التى تمتد على مساحة تقارب ربع مساحة الدنيا؟ ألا يدلل ذلك على أن ثمة خللا ما لا يمكن إنكاره؟ خلل يفرض علينا تساؤلا ثالثا.. 3- أين يكمن موضع ذلك الخلل؟ والواقع أنه إذا كان طرح ذلك التساؤل حتميا فإن الإجابة التى يمكن تقديمها على هذا التساؤل هى أيضا إجابة حتمية لا مجال أمام العقل المجرد أن يحيد عنها.. ألا وهى أن موضع الخلل والقصور لا يمكن إلا أن يكون فى فهم المسلمين للدين ذاته، ذلك الفهم الذى يتجلى فى كل ما تطرحه الخطابات التى تحتل ساحة الفكر الإسلامى، وهى خطابات يكاد يدعى كل منها امتلاك الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام، وهو الادعاء الذى قد يصل ببعض هذه الخطابات إلى أن تذهب إلى أنه لا مناص أمام من أراد أن يكون من الفرقة الناجية يوم القيامة من أتباع ما يمليه عليه فهم دعاة هذا الخطاب دون سواه للإسلام، والواقع أنه لو كان أى خطاب من هذه الخطابات صادقا فى ادعائه بامتلاك الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام لتمكن أتباعه -كما تمكن الصحابة والتابعون عندما امتلكوا هذا الفهم الصحيح والمتكامل- من إنارة أغلب أرجاء الدنيا فى عقود قليلة، وهم كما أشرنا سلفا قلة فى العدد والعتاد. وهكذا فإن مثل هذه الإجابة تضعنا أمام نتيجة حتمية لا مفر منها، ألا وهى أن الخلل الذى يعرقل حركة الأمة، ويكاد يشل قدرتها على القيام بالمهام المنوطة بها فى هذا الوجود مرده إلى ذلك الفهم -الذى يطرحه هذا الخطاب أو ذاك- للسبل التى رسمها الإسلام لحركة أمته فى هذا الوجود. وإذا كان ما أصاب الأمة من ضعف وتمزق هو تجلٍّ لإخفاق تلك الخطابات على مستوى مسيرتها الكلية، فإن تجلى إخفاق هذه الخطابات على مستوى مسيرة أفرادها فى حياتهم اليومية هو أمر يصعب إنكاره ويطرح بدوره تساؤلات ثلاثة: 1- إذا كان إسلام أى إنسان لا يصح إلا إذا سلم بأن الوحى الإلهى -الذى يحدد له الملامح الأساسية لمنطلقاته وغاياته ووسائله فى تحقيق غاياته فى هذا الوجود- هو حق علوى مطلق، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلمَ لا نلمح للفهم الذى تطرحه تلك الخطابات السائدة ما ينبغى لها من هيمنة تامة على فكر، ومن ثم سلوك مَن يعتنق الإسلام دينا؟ 2- لمَ لا نجد أن كل من يعتنق الإسلام دينا يتبنى التصورات التى تطرحها هذه الخطابات للغايات التى عليه أن يسعى إلى تحقيقها فى كل حركة من حركاته وسكنة من سكناته.. وهى تلك الغايات التى تحمل أعلى قدر من المصلحة التى يمكن أن يحققها إنسان فى هذا الوجود.. فى الدنيا والآخرة؟ 3- لمَ نجد أن الهيمنة الحقيقية على مسالك أغلب من يعتنقون الإسلام دينا لغايات وأهداف لا تحقق لهم إلا مصالح ورغبات وقتية وقاصرة مستمدة فى جلها بوعى أو دون وعى -من خطاب علمانى يحصر همّ الإنسان فى حيز هذه الدنيا دون أى اعتبار لليوم الآخر؟ هل ثمة إجابة على مثل هذه التساؤلات سوى أن إخفاق الخطابات -والتى تحمل عبء التنظير لسبل تحقيق غايات الإسلام فى هذا الوجود- فى كسب التأييد للتصور الذى تطرحه، أيا كان قدره ومجاله، لحساب خطاب آخر مغاير هو دليل على ضعف ناجم عن خلل ما يدب بين أوصال هذه الخطابات.. ضعف جعل قدرتها على إقناع مستقبليها بتبنى التصور الذى تطرحه لغايات الإسلام -ومن ثم أتباع ما تمليه من مسالك لتحقيق هذه الغايات- أدنى من أن يحظى بالتبنى.. ضعف جعل خطابا واهيا فى معارفه وغاياته -هو الخطاب العلمانى بطروحاته المختلفة- يحظى بالتبنى من جل أبناء المجتمع المسلم، تبنيا حتى وإن لم يتجلَ فى أفكارهم، فإنه يتجلى على نحو لا تخطئه عين فى مسالكهم. ثمة خلل جلى فى بنية تلك الخطابات إذًا، وثمة حاجة ملحة لتلمس ملامح وعلل هذا الخلل، وثمة حاجة بعدها لترسيم سبل تجاوز ذلك الخلل، والواقع أن القيام بهذه المهام ينبغى أن ينبنى على أسس علمية رصينة حتى تنجو من وهدة الخلاف المدمر، وبالطبع لا يمكن الادعاء أن الطرح الذى نقدمه يمكن أن يحقق كل ذلك، إلا أن ما نستطيع أن نقدمه هنا هو تأصيل نظرية جديدة تسعى إلى طرح تصور لكيفية تأسيس وبناء الخطاب الإسلامى على أسس جديدة، هذه النظرية يمكنها أن تسهم فى تحقيق هدفين اثنين: أولهما- تحديد مكامن الخلل الذى يسرى فى أوصال الخطابات الإسلامية القائمة. ثانيهما- ترسيم السبل التى يمكن من خلالها بناء خطاب إسلامى جديد قادر على تجاوز هذا الخلل. ورغم أن ما تطرحه هذه النظرية وليد لجهد علمى استمر أكثر من عشر سنوات متواصلة، فإنه لا يمكن الادعاء أن هذه النظرية قد بلغت حد الكمال، فهى وإن كان قد تمكن العقل المسلم من الوقوف على حقيقة الخلل الذى أصاب طروح الخطابات الإسلامية التى تحتل ساحة الفكر الإسلامى، إلا أن ما تضعه من شروط لإقامة خطاب إسلامى بديل يتجاوز ما يعترى تلك الخطابات من خلل، يحتاج إلى توافق لفيف من المفكرين والعلماء المسلمين حول هذه الشروط أولا، ثم يحتاج من هؤلاء المفكرين والعلماء أن يتآزروا معا لبناء ذلك الخطاب المتكامل القادر على تجاوز هذا الخلل ثانيا. ذلك لأن بناء مثل هذا الخطاب المتكامل الذى يرسّم -وعلى نحو برهانى- للأمة منطلقاتها وغاياتها فى هذا الوجود، والوسائل التى تمكنها من تحقيق هذه الغايات.. بشتى أبعادها الأخلاقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والإعلامية وغيرها من الأبعاد التى تغطى شتى مناحى حياة الفرد والمجتمع المسلم. إن بناء مثل هذا الخطاب لا يمكن أن يقوم به مفكر أو عالم بمفرده مهما أوتى من علم وقدرة.. وإنما يحتاج إلى قيام بنية مؤسسية تضم تحت لوائها هؤلاء المفكرين والعلماء المتخصصين فى شتى العلوم التى يتطلبها بناء مثل هذا الخطاب، بنية تجعل جهودهم جهودا مخططة، كل جهد منها يسعى إلى أن يضع لبنة محددة سلفا وبدقة فى بناء هذا الخطاب الكلى. أسباب الخلل فى الخطابات الإسلامية المعاصرة إذا ما حاولنا تأمل أسباب الخلل فى الخطابات الإسلامية المعاصرة، سوف نجد أن أسباب هذا الخلل لا تخرج عن أسباب الخلل التى يمكن أن تصيب أى خطاب من الخطابات الفكرية التى ينتجها العقل البشرى والتى لا تخرج -وكما سيتضح لنا بالتفصيل فى صلب دراستنا العلمية هذه- عن وجود خلل ما فى واحدة أو أكثر من مراحل ثلاث يظهر خلالها هذا الخطاب إلى الوجود، وهى: مرحلة تأسيس، ومرحلة بناء، ومرحلة نقل أو توصيل الخطاب. وبالطبع يتطلب تفادى الخلل فى عمليات تأسيس أو بناء أو نقل أى خطاب يطرح فى الفضاء الإسلامى امتلاك تصور مؤسس علميا لسبل عبور أى خطاب إسلامى لهذه المراحل الثلاث على نحو سليم، تصور قادر على ترسيم المنهجية التى يمكن خلالها تأسيس هذا الخطاب على معطيات معرفية متكاملة وراسخة، وقادر على ترسيم السبل التى يمكن خلالها بناء هذا الخطاب على هدى هذه المعارف على نحو منطقى سليم فى لغة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وقادر على ترسيم الآليات التى يمكن خلالها توصيل هذا الخطاب إلى الجمهور المستهدف على النحو المأمول. وثمة ضرورة لعبور الخطاب هذه المراحل الثلاث معا بسلام، ذلك لأن أى خلل فى مرحلة تأسيس الخطاب لن تجدى معها سلامة مرحلة البناء أو المهارة فى توصيل هذا الخطاب، كما أن أى إخفاق فى مرحلة البناء بشقيه المنطقى أو اللغوى لن تجدى معه سلامة تأسيس أو كفاءة توصيل هذا الخطاب.. كما أن أى إخفاق فى المرحلة الثالثة (عملية إيصال هذا الخطاب إلى الجمهور المستهدف) كفيل أن يفسد الجهود التى بذلت فى تأسيس وبناء الخطاب لكونها لن تمكن من إيصال هذه النتائج إلى الجمهور على النحو المأمول. رغم عدم يسر عملية توصيل أى خطاب إلى جمهوره المستهدف على النحو المأمول لتعقد عملية الاتصال وتعدد أطرافها والعوامل التى تتحكم فيها، فإن الصعوبة الأكبر تكمن فى عملية تأسيس هذا الخطاب -وهى الأصعب على الإطلاق- تليها عملية البناء المنطقى واللغوى لهذا الخطاب. وتتجلى صعوبة عملية تأسيس أى خطاب على نحو سليم عندما نعلم أن سلامة التأسيس المعرفى لأى خطاب لا تتطلب فقط الإحاطة بشتى المعارف التى تتعلق به، وإنما تتطلب -أيضا- سلامة الخطابات الكبرى التى تعلو هذا الخطاب، وهى التى نطلق عليها فى دراستنا هذه «الأسس المعيارية» حيث يتم على هداها: - معايرة مدى صلة هذه المعارف بذلك الخطاب من عدمه. - معايرة مدى سلامة هذه المعارف من عدمها. - تحليل هذه المعارف وتفسيرها. بالطبع فإن أى خلل فى هذه الخطابات التى تعد بمنزلة أسس معيارية سوف يجعل المعارف التى نبنى منها هذا الخطاب معارف قاصرة أو مختلة، وهو ما يعنى أن إمكانية بناء خطاب منطقى سليم -على ضوء مثل هذه المعارف- إمكانية غير قابلة للتحقق، وهو ما يعنى أيضا أن النتائج التى سوف ينتهى إليها البناء المنطقى الذى يستند إلى هذه المعارف -حتى لو تم بصورة سليمة شكلا- سوف تكون نتائج قاصرة أو بعيدة عن الصواب أو إدراك «الحق» بدرجة أو بأخرى، وبتعبير منطقى فإن هذه النتائج لن تكون نتائج برهانية ملزمة لكل من يتلقاها، وإنما نتائج إقناعية أو ظنية وهو ما يعنى عدم قدرة هذا البناء المنطقى -هذا إن صح هذا البناء وتمت صياغته فى صورة لغوية واضحة- على إلزام متلقيه بكل النتائج التى يخلص لها. (يتبع) (*) الفكر فى اللغة كما عرفه «ابن منظور» فى «لسان العرب» فى مادة (فكر) بقوله: أعمال الخاطر فى الشىء (..) والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكرى. وقال «الجوهرى»: التفكر: التأمل. أما «الفيروز آبادى» فعرفه فى القاموس المحيط بقوله: الفكر، إعمال النظر فى الشىء كالفكرة. أما الفكر اصطلاحا فهو كما يقول أبو حامد الغزالى: «إحضار معرفتين فى القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة»، وقد جعل الفكر مرادفا للتأمل والتدبر. أبو حامد الغزالى: إحياء علوم الدين، ج4 (بيروت: دار الندوة الجديدة) ص 425. والمتأمل فى تعريف الفكر لغة واصطلاحا يجد أنه يقف عند العمليات العقلية التى تدور فى عقل المرء منا، والتى يطلق عليها فى علم الاتصال عمليات الاتصال الذاتى.. غير أن وقوف المرء منا فقط عند عملية التفكير أو عملية الاتصال الذاتى دون صياغة ما ينتهى إليه هذا التفكير فى صورة رسالة لفظية أو غير لفظية لمتلق معين يعنى أنه لن يتمكن أحد خارج عقل الشخص المفكر من الإحاطة بما يفكر فيه، اللهم إلا إذا تم صياغة هذا الفكر فى صورة لفظية أو غير لفظية لمتلق ما سعيا لإحداث أثر معين فى هذا المتلقى. وعند صياغة هذا الفكر فى تلك الصورة اللفظية (أو غير اللفظية التى يفهمها المتلقى) فإن هذا الفكر ينتقل هنا من وضعية الفكر إلى وضعية الخطاب، صحيح أن الخطاب هو ثمرة هذه العمليات العقلية التى نسميها الفكر، إلا أن الخطاب فى الوقت عينه هو الذى يدلل لنا على حدوث العمليات الفكرية من عدمها. وهو ما يعنى أن الخطاب هو فكر تحول من حالة الكمون إلى الظهور كما أن الفكر هو خطاب كامن لم يظهر بعد. وإذا كان الفكر يشمل كل ما يدور من عمليات فى الذهن سواء أظهرت إلى الوجود -فى صورة خطابات ما- أم لم تظهر، فإن هذا يعنى أن الخطاب لا يمثل إلا ذلك الشق الذى يظهر إلى الوجود من الفكر، وهو لن يظهر إلا استجابة لهدف معين لدى صاحب هذا الفكر، هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا عبر التأثير فى الطرف الذى تتم مخاطبته. وهو ما يعنى أن النجاح فى التأثير فى هذا المتلقى عبر ذلك الخطاب عامل رئيس من العوامل التى تحدد ملامح الخطاب الذى تسعى العمليات الفكرية إلى صياغته وهو ما يعنى أيضا أن فهم البنية الاتصالية التى يتم خلالها طرح هذا الفكر فى صورة خطاب تسهم فى وضع اليد على الأبعاد التى تؤثر فى عمليات التفكير ذاتها. وهو ما يشير إلى أن مصطلح «خطاب» هنا لا يلفت انتباهنا إلى فكر خرج إلى الوجود فى صورة لفظية أو غير لفظية فقط، وإنما يلفت انتباهنا إلى وجود أبعاد عدة تؤثر فى عمليات التفكير ذاتها، وهو ما يعنى أن النظر إلى الفكر كخطاب يفرض علينا وضع هذه الأبعاد فى حسباننا عند أية محاولة لفهم طبيعة الفكر بصورة أكثر دقة وشمولا. وإذا كان هذا هو المعنى الضيق لمصطلحى فكر وخطاب، فإن ثمة معنى متسع لكل منهما يتجلى لنا عندما نضيف إلى مصطلح «فكر» أو «خطاب» وصف «إسلامى» - أو ليبرالى أو علمانى أو غيره من الأوصاف- حيث يشير المعنى عندما نضيف كلمة «إسلامى» إلى «الفكر» إلى كل الرسائل الاتصالية التى تطرح فى الفضاء الإسلامى، سواء التى تتعلق بأمور الدين نفسه أو التى تعالج أمرا ما من أمور الدنيا، شريطة أن تنطلق فى معالجتها لهذا الأمر من وجهة نظر إسلامية مرجعها الكتاب والسنة الصحيحة. وهكذا فإنه إذا كانت هذه الرسائل الاتصالية تشكل مجتمعة ما نطلق عليه «الفكر الإسلامى» فهى لا تعدو أن تكون خطابات تشكل مجتمعة ما يمكن أن نطلق عليه «الخطاب الإسلامى» وهو ما يعنى تطابق دلالات الخطاب والفكر فى هذا المعنى المتسع لكل منهما، وإن كانت الدراسة مالت لاستعمال مصطلح «الخطاب» دون «الفكر» لما يحمله هذا المصطلح من يسر فى عملية تشريحه ووضع اليد على شتى العوامل التى تشكل ملامحه بشكل أكبر بكثير من مصطلح الفكر، وإن كانت الدلالة فى النهاية متطابقة؛ فالخطاب الإسلامى هو ما نقصده بالفكر الإسلامى، وهو ما يعنى أن مصطلح «نظرية الخطاب الإسلامى» هو عينه مصطلح «نظرية الفكر الإسلامى».