فجّر أستاذ الإعلام بجامعتي سوهاج واليرموك بالأردن الدكتور محمود السماسيري ¢قنبلة نووية¢ بدراسته الجديدة ¢نظرية الخطاب "الفكر" الإسلامي وأحدث بها قراءة علمية تأسيسية¢ والتي صدرت في كتاب من 700 صفحة عن دار القلم ببيروت. ا يشبه ¢الزلزال¢ - كما وصفها المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة في مناقشته لرسالته في الدكتوراه - لتشكيكه في صدق ومحتوي الخطاب الإسلامي الآن. مطالباً بضرورة إخضاع ذلك الخطاب لأسس موضوعية وعلمية حتي يتأكد المُخاطب من صدق النتائج المترتبة علي مُقدّمات خطابه. أكد د.السماسيري ان أبلغ رد علي الحملات المسيئة التي يتعرض لها الإسلام ورسوله يكون بالتمسك بالكتاب والسنة في كافة شئون حياتنا اليومية وفيما يلي الحوار الذي أُجري معه: * بنظرة خبير إعلامي. كيف تنظر لوضع الأمة الإسلامية الراهن؟ ** إذا ما تأملنا الوضعية التي تعيشها أمة الإسلام في عصرنا هذا نجدها وضعية تجمع بين الضعف والتمزق علي نحو جعلها تكاد تحتل موقع المؤخرة بين أمم الدنيا.. وإذا ما حاولناپ فهم علل هذه الوضعية سوف نجد أنفسنا في حاجة للإجابة عليپ تساؤلات لثلاثة هو: أنّي لهذه الوضعية أن پتهيمن عليپ أمة الإسلام علي الرغم من أنها پأمة القرآنپ الذي جاء ليُخرج الناس من الظلمات إلي النور.. القرآن الذي وصفها الله فيه بأنها "خَيْرَ أُمَّةي أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" 110 آل عمران وكلّفها أن تقوم بالشهادة عليهمپ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَي النَّاسِ" البقرة 143. وهو ما لن يتسني لها أن تقوم به علي الوجه الأمثل إلا إذا احتلت موقع الصدارة بين أمم الدنيا؟ وبالطبع لا يمكن لمسلم عاقلپأن يماري أنپ ثمة خللا ما يقف وراء هذه الوضعية.. كما لا يمكن له أن يماري في براءة الدين من ذلك الخلل و أنّي له أن يماري في دينپ قادپ أتباعه من الصحابة والتابعين وهمپ حينئذ قلة في العدد والعتاد إلي إنارة معظم أرجاء الدنياپفي سنوات قليلة. الحملات المسيئة * وكيف تنظر للحملات المسيئة للإسلام ورسوله وآخرها الفيلم المسيء بأمريكا؟ ** مما يؤسف له ان سوء فهمنا وإدراكنا لأساليب الخطاب الحديث جعلنا عرضة للهجوم والإساءة من قبل الآخر علي ثوابتنا وأركان ديننا وسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وما حدث مؤخرا من الفيلم المسيء والذي تم بثه في الولاياتالمتحدةالأمريكية ما هو إلا حلقة في سلسلة حملات التشويه والإساءة والتطاول ولن تكون الأخيرة رغم تغير الأوضاع السياسية في الدول العربية والإسلامية لكن علينا نحن المسلمين الدور الأكبر من خلال امتلاك الأساليب الحديثة في الاتصال والمعارف والأهم من كل ذلك المبادرة باستثمار تلك الوسائل الحديثة في التعريف بسيرة سيدنا رسول الله وتقديم الإسلام الصحيح البعيد عن الغلو أو التطرف أو الإفراط والتفريط. وقبل كل ذلك ان نكون علي صورة ومنهج الإسلام حتي نستحق ان نكون مسلمين ومحمديين فالله تعالي يرشدنا إلي انه جعل لنا سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قدوتنا وأسوتنا فكيف يكون هذا ونحن لا نتمسك بسنته ولا هديه؟! الإسلام القائد * لكن إذا كان الإسلام قد قاد أتباعه في سنوات قليلة لتحقيق كل ذلك. فلماذا لا يقود أمته في عصرنا هذاپ إلي المكانة التي احتلتها سلفا.. رغمپ سلامته كدين ورغم كثرة عدد أتباعه الذي يناهز ربع البشرية .و ضخامة مواردهم الطبيعية التي تمتد عليپ مساحة تقارب ربع مساحة الدنيا؟ ألا يدلل ذلك علي أن ثمة خللا ماپلا يمكن إنكاره.. خلل يفرض عليناپتساؤلا آخراً- وهو تساؤل حتمي: أين يكمنپ موضع ذلك الخلل؟ ** الواقع أنه إذا كان طرح ذلك التساؤل حتميا فإن الإجابة التي يمكن تقديمها علي هذا التساؤل هي أيضا إجابة حتمية لا مجال أمام العقل المجرد أن يحيد عنها“ ألا وهي أن موضع الخلل والقصور لا يمكن پإلا أن يكون في فهمپ المسلمين للدين ذاته.. ذلك الفهمپ الذي يتجليپ في كل ما تطرحه الخطابات التي تحتل ساحة الفكر الإسلامي. وهي خطاباتپ يكاد يدعي كل منها امتلاك الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام.. وهو الادعاء الذي قد پيصل ببعض هذه الخطابات لأن تذهب إلي أنه لا مناص أمام من أراد أن يكون من الفرقة الناجيةپ يوم القيامة من إتباع ما يمليه عليه فهم دعاة هذا الخطاب دون سواه پللإسلام.. والواقع أنه لو كان أيِ خطاب من هذه الخطابات صادقا في ادعائهپ بامتلاك الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام پلتمكنپ أتباعه كما تمكن الصحابة والتابعون عندما امتلكوا پهذا الفهم الصحيحپ والمتكامل-پ من إنارة پأغلب أرجاء الدنيا في عقود قليلة.. وهم كما أشرنا سلفا قلة في العدد والعتاد. وهكذا فإن مثل هذه الإجابة تضعنا أمام پنتيجة حتمية لا مفر منها. ألا وهي أن الخلل الذي يعرقل حركة الأمة. ويكاد يشل قدرتها علي القيام بالمهام المنوطة بها في هذا الوجود مرده إلي ذلك الفهم الذي يطرحه هذا الخطاب أو ذاك پللسبل التي رسمها الإسلام لحركة أمته في هذا الوجود. ثلاثة تساؤلات * وما هي النتيجة التي أمكنك استخلاصها مما سبق؟ ** إذا كان ما أصاب الأمة من ضعف وتمزق هو تجليا لإخفاق تلك الخطابات علي مستوي مسيرتها الكلية. فإن تجلي إخفاق هذه الخطابات علي مستوي مسيرة أفرادها في حياتهم اليومية هو أمر يصعب إنكاره ويطرح بدوره تساؤلات ثلاثة : أول هذه التساؤلات: إذا كان إسلام أي إنسان لا يصح إلا إذا سّلمپ بأن الوحي الإلهي- الذي يحدد له الملامح الأساسية لمنطلقاته وغاياته ووسائله في تحقيق غاياته في هذا الوجود هو حق علوي مطلق. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . فلمَ لا نلمح للفهم الذي تطرحه تلك الخطابات السائدة پما ينبغي لها من هيمنة تامة علي فكر.ومن ثم سلوك. من يعتنق الإسلام دينا ؟ ثاني هذه التساؤلات : لمَپ لا نجد أن كل من يعتنق الإسلام ديناً يتبني التصورات التي تطرحها هذه الخطابات للغايات التي عليه أن پيسعي إلي تحقيقها پفي كل حركة من حركاته و سكنة من سكناته.. وهي تلك الغايات التي تحمل أعلي قدر من المصلحة التي يمكن أنپ يحققها إنسان في هذا الوجود..في الدنيا و الآخرة؟ ثالث هذه التساؤلات : لمَپ نجد أنپ الهيمنة الحقيقية علي مسالك أغلب من يعتنقون الإسلام دينا لغايات وأهداف لا تحقق لهم إلا مصالح ورغبات وقتية وقاصرةپ مستمده في جُلّها بوعي أو بدون وعي من خطاب علماني يحصر همّ الإنسان في حيز هذه الدنيا دون أي اعتبار لليوم الآخر؟ هل ثمة إجابة علي مثل هذه التساؤلات سوي أن إخفاقپ الخطابات والتيپ تحمل عبء التنظير لسبل تحقيق غايات الإسلام في هذا الوجود في كسب التأييد للتصور الذي تطرحه . أيا كان قدره ومجاله .پ لحساب خطاب آخر مغاير هو دليل علي ضعف ناجم عن خلل ما يدب بين أوصال هذهپ الخطابات.. ضعف جعل قدرتها علي إقناع مستقبليها بتبنيپ التصور الذي تطرحه لغايات الإسلام ومن ثم إتباع ما تمليه من مسالك لتحقيق هذه الغايات أدني من أن يحظي بالتبني.. ضعف جعل خطابا واهيا في معارفه وغاياته هو الخطاب العلماني بطروحاته المختلفة-يحظي بالتبني من قبل جُلّ أبناء المجتمع المسلم.. تبنياً حتي وإن لم يتجلَ في أفكارهم.. فإنه يتجلي. علي نحو لا تخطئه عين.پ في مسالكهم. أسباب الخلل * وما هي أسباب الخلل في الخطابات الإسلامية المعاصرة وسبل تلافيها.. من وجهة نظرك؟ ** إذا ما حاولنا تأمل أسباب الخلل في الخطابات الإسلامية المعاصرة. سوف نجدها لا تخرج عن أسباب الخلل التي يمكن أن تصيب أي خطاب من الخطابات الفكرية التي ينتجها العقل البشري والتي لا تخرج كما يتضح بالتفصيل في صلب الدراسة العلمية عن وجود خلل ما في واحدة أو أكثر من مراحل ثلاثپ يظهر خلالهاپ هذا الخطاب إلي الوجود وهي مرحلة تأسيس ومرحلة بناء ومرحلة نقل أو توصيل الخطاب.. وبالطبعپ يتطلب تفاديپ الخلل في عمليات تأسيس أو بناء أو نقل أي خطاب يطرح في الفضاءپ الإسلاميپ امتلاك تصور مؤسس علميا لسبل عبور أي خطاب إسلامي پلهذه المراحل الثلاث علي نحو سليم . تصور قادر علي پترسيم المنهجية التي يمكن خلالها تأسيس هذاپ الخطاب علي معطيات معرفية متكاملة و راسخة . و قادر علي پترسيم السبل التي يمكن خلالها بناء هذا پالخطاب علي هدي هذه المعارف علي نحو منطقي نحو سليم.پ وفي لغة واضحة لا لبس فيها و لا غموض . وقادر علي پترسيم الآلياتپ التي يمكن خلالها توصيل هذا الخطاب إلي الجمهور المستهدفپ علي النحو المأمول. وثمة ضرورة لعبور الخطاب لهذه المراحل الثلاث معا بسلام.. ذلك لان أي خلل في مرحلة تأسيس الخطاب لن تجدي معها سلامة مرحلة البناء أو المهارة في توصيل هذا الخطاب..پ كما أن أيپ إخفاق في مرحلة البناء بشقية المنطقي أو اللغوي لن تجدي معه سلامة تأسيس أو كفاءة توصيل هذا الخطاب..پ كما أن أي إخفاق في المرحلة الثالثة "عملية إيصال هذا الخطاب للجمهور المستهدف"پ كفيل أن يفسد الجهود التي بذلت في تأسيس وبناء الخطاب لكونها لن تمكن من إيصال هذه النتائج للجمهور علي النحو المأمول.