بسم الله الرحمن الرحيم الأستاذ الفاضل محمود سلطان رئيس تحرير صحيفة المصريون التي هي من وجهة نظري - و انا أستاذ إعلام- أعظم صحيفة انترنتية عربية أتمني أن يحظي مقالي هذا بشرف النشر في صحيفتكم الغراء وهو مقال يعد السبب الوضعية غير المسبوقة التي خلقها الشحن الإعلامي الخاص بمباراة الكرة بين مصر و الجزائر.. وهو بعنوان الكرة ونشل الوعي د . محمود يوسف السماسيري أصابني بالذعر - مثلما أصاب كل عربي لا يتمني لأمته العربية إلا أن تحتل المكانة التي تليق بها بين الأمم - تلك التداعيات غير المسبوقة للحرب "أقصد المباراة " بين مصر و الجزائر وهي الحرب التي قاد ويقود لوائها في الأصل إعلاميون يرون أن عظمة بلدانهم ومكانتها بين الأمم رهن بتحقيق بطولات وهمية وانتصارات زائفة حتى لو كان بأسهم فيما بينهم.. و ليس أدل علي زيف هذه الانتصارات أن امتنا العربية لو أحرزت كؤوس العالم في كل الألعاب لن يزيد ذلك من قدرها بين الأمم شيئا ..و لن يغير من واقعها المحزن قيد أنملة . إن أية أمة لا تصنع البطولات الرياضية مكانتها بين غيرها من أمم الدنيا.. و لا تسهم في تقدمها الانتصارات العنترية عبر أقدام أو رؤوس أبنائها .. إن ما يصنع التقدم هو العقول و السواعد التي تبدع وتنفذ ما انتهت إليه هذه العقول ... أما الأقدام فلا مكان لها في هذا المضمار.. . إن لعب ألف مباراة في أية لعبة لن يمنح الحياة ما تمنحه لحظات يغرس فيها شخص نبته في الأرض يأكل الناس من ثمارها.. أو تصنع فيها يداه رغيف خبز يسد رمق إنسان جائع. سيقول البعض : إن الرياضة هي التي تبني الأجسام التي تزرع وتصنع .. ونقول ليس ثمة إشكالية في ممارسة الرياضة ذاتها .. شريطة أن تكون الرياضة وسيلة للإسهام في تقوية الأجسام على البناء .وان يكون التنافس فيها أمرا لا يخرجها عن كونها في النهاية لعب ليس له من الجد الذي يبني الوجود نصيب. أما أن يكون تحقيق النصر فيها غاية الغايات فهذا ما لا يمنحنا في النهاية إلا قبض الريح .. فما الذي يمكن أن نجنيه من انتصار موهوم؟ و إذا كان الإحساس بنشوة الانتصار في البطولات الرياضية قد يبدوا مبررا – إلي حد ما- في الدول التي حققت السبق و التفوق في كل ما هو جاد في هذه الحياة، وتسعي أن تحقق السبق أيضا في كل ما هو لعب.. فأني يكون لدول مثلنا تعاني الكثير من مظاهر التخلف و الفقر .. بل وتعاني من استعمار ثقافي و اقتصادي بل وعسكري في بعض مناطقها.. أني لها أن تنتشي طربا لانتصار مزعوم في مباراة ما ، و لديها هموم و أحزان و انكسارات لو قسمت على أهل الأرض لوسعتهم ؟ إن الإحساس بفرحة الانتصار لا يحق إلا لأمة لا ينغص عليها حياتها عند هذه الفرحة أي انكسار .. فما بالنا إذا ما كانت هذه الأمة صاحبة ذلك النصر الموهوم غارقة في الانكسارات و الهموم. وهذه – لعمرك- وضعية عجيبة ... إنها انفصام عن الواقع و ذوبان في الوهم و الخيال .. ولا يمكن لكائن عاقل أن يشخص هذه الوضعية إلا أنها تكاد تكون ضربا من الجنون و لما لا؟ و ما يكون الجنون إذا لم ينطبق على هذه الوضعية؟ قد يبرر شخص ما هذه الوضعية بأن ثمة فائدة مادية ما نجنيها من هذه الانتصارات على نحو يبرر لنا ما نعطيها من اهتمام .. وهنا يمكن الرد عليه بالقول أليس من العقل أن تقدر هذه الفائدة بقدرها ..و أن توضع في مكانها الذي تستحقه بين الفوائد التي يمكن أن يجنيها لنا اهتمامنا بكل ما هو جاد في الحياة ؟ إن شراء شخص معين لسلعة ما من متجر بسعر يزيد قليلا عن متجر مجاور له تماما يبيع السلعة نفسها بذات النوعية و المواصفات دون وجود أي مبرر لهو – دون خلاف- ضرب من اللاعقلانية .. أو لنقل ضربا من الجنون...فكيف نحكم علي من يضحي بما يحقق له المنعة و القوة و العزة مقابل ما لا يحقق له إلا انتصارا موهوما ؟ هل يمكن أن تحقق البطولات الرياضة لأمة ما يحققه لها التقدم العلمي و التكنولوجي ؟ ... هل يمكن أن يمنح أمة ما تفوقها في رياضة معينة مكانة بين الأمم مثلما يمنحها تفوقها العلمي و الاقتصادي و العسكرية ؟ ... هل ..وهل ..وهل ؟ هل أغني تفوق الأرجنتين في كرة القدم عنها من انهيار اقتصادها وعجزها عن سداد الديون التي فاقت ناتجها القومي عدة مرات ؟... هل يكمن سر تفوق وهيمنة الولاياتالمتحدة على العالم في قوة أنديتها الرياضية لاسيما فريق كرة السلة الذي يدعى فريق الأحلام .؟ ألاف الأمثلة التي تقول لنا أفيقوا أيها العرب... وكفي يا من تشعلون الفتنة في الجسد العربي و تتاجرون بعقول الأمة وتبيعونها بثمن بخس .. دراهم معدودة مقابل شهرة لكم أو لوسيلتكم الإعلامية عبر (نشل الوعي ) بحقيقة الوضعية المفجعة التي تعيشها أمتكم ... كفي يا من تنشلون الوعي لأن أمتكم تغرق و لن يحول دونها ودون الغرق لو تعلقت بكل (الكور) التي أنتجتها مصانع الدنيا ... ومنذ متي كانت (الكور) سفنا ؟ د / محمود يوسف السماسيري كلية الآداب - جامعة سوهاج- قسم الإعلام انتهت [email protected]