الوزير: اتخذنا عدة إجراءات بهدف تحسين حالة الرى الفلاحون: نقص كمية المياه يهدد الأمن الغذائى خبير: رفع سعر تسليم الذرة يحل مشكلة الأرز.. ويغنى عن استيراد 5 ملايين طن سنويا من «أمريكا» يبدو أن الفلاح المصرى أصبح على موعد يتجدد مع الأزمات والمشكلات التى تلاحقه وتتفاقم يوما تلو الآخر، بعد أن تحولت همومه إلى قضايا مزمنة. فمن نقص الأسمدة، إلى عدم وجود التقاوى، وتخلى الدولة عن دورها فى ذلك، كل ذلك وأكثر مشكلات يواجهها بمفرده توشك أن تعصف به. وتُعد مشكلة الرى واحدة من أهم المشكلات التى يعانيها الفلاحون وتثير مخاوفهم، خاصة مع بداية فصل الصيف كل عام؛ إذ تتوقف مياه الرى عن الوصول إلى آلاف الأفدنة فى العديد من القرى وبالتحديد تلك الواقعة منها على نهايات الترع، بالإضافة إلى نقص السولار الذى تسبب فى تعطيل آبار الرى. الفلاحون من جهتهم عبروا ل«الشعب» عن قلقهم على مستقبل زراعاتهم بسبب الجفاف الذى يهدد أراضيهم. عدالة التوزيع فى البداية أكد سيد منصور- أمين فلاحى حزب العمل بالدقهلية- أن جميع الأراضى الواقعة على نهايات الترع لا يصلها الماء نتيجة عدم تطهير الترع، خاصة من ورد النيل الذى يهدر كميات كبيرة من المياه، بخلاف المخلفات الزراعية والحيوانات النافقة، وهو ما يتسبب فى عطش الأراضى وموت النباتات، ومن ثم يلجأ الفلاح إلى الرى الارتوازى الذى يؤدى إلى رفع نسبة الرصاص والأملاح فى التربة، أو إلى الرى من المصارف والذى يعد أشد ضررا للمزارع والمحصول والمستهلك، نظرا إلى اختلاط الصرف الزراعى بالصرف الصحى فى أغلب المصارف. وأشار منصور إلى عدم وجود عدالة فى توزيع المياه، نظرا إلى تحكم مهندسى الرى والبحارة فى التوزيع، فتجد أراضى الفلاحين البسطاء تعانى نقص المياه، وأراضى المستشارين وأصحاب المناصب الرفيعة لا تنقطع عنها المياه أبدا. وقال محمد السعدى، مزارع من الإسماعيلية؛ يجب أن يُعمم نظام الرى بالرش والتنقيط فى المحافظة، ليكون بديلا عن الرى بالتغريق الذى يتسبب فى إهدار كميات كبيرة من المياه، وتكون سببا فى ارتفاع منسوب المياه الجوفية التى انتشرت فى أغلب الأراضى الزراعية بالمحافظة، وأدت إلى هلاك المحاصيل الزراعية. نقص السولار فيما أوضح محمد عبد اللطيف، فلاح من عزبة الزهار بالشرقية؛ أن نقص كميات السولار اللازمة لتشغيل ماكينات الرى تسببت فى خسائر كبيرة هذا العام، خاصة أن هذا يأتى متزامنا مع نقص المياه عند الأراضى الواقعة عند نهايات الترع، ما اضطر المزارعين إلى حصد جزء كبير من محصول القمح قبل نضوجه، وبيعه أعلافا للماشية، لأن القمح يحتاج إلى ثلاث ريات، فانخفضت إنتاجية الفدان تقريبا من إردبين إلى خمسة تقريبا. وعبر رشدى عرنوط، نقيب الفلاحين بالأقصر، وأمين الفلاحين بحزب العمل، عن استيائه الشديد قائلا: «فى ظل النقص السولار قررنا استخدام المواتير الكهربائية لرفع المياه بديلا عن الطلمبات التى تعمل بالسولار حفاظا على المحاصيل الزراعية، ففوجئنا بأن المقايسة اللازمة لذلك تقدر ب4800 جنيه، وهو مبلغ لا يستطيع الفلاحون تحمله فى ظل الأزمات التى تلاحقهم، لذلك نطالب السادة وزراء الرى والكهرباء بتخفيض هذه الرسوم». مساق جديدة ومن جانبه أكد الدكتور زكريا الحداد الخبير الزراعى أن وزارة الرى كانت تتبنى مشروعا لتطوير المجارى المائية والمساقى والترع الفرعية منذ عام 1980، عن طريق إعادة بناء المساقى مرة أخرى باستخدام الخرسانات أو المواسير لتكون بديلة عن المساقى الحالية التى يضع الفلاحون على الواحدة منها أكثر من 15 طلمبة، فيحدث تصارع بين الفلاحين على أولوية الرى، وكذلك لا تصل المياه إلى نهايات الترع الفرعية. وأضاف: وبموجب هذا المشروع الذى يسير ببطء شديد، فقد تم تنفيذه فقط حتى الآن فى 600 ألف فدان فى البحيرة والغربية وجزء من محافظة المنيا؛ سيتم استخدام طلمبة واحدة توضع على رأس كل مسقى - بعد إعادة بنائها- ويكون الرى من خلالها فقط، وهو حل ممتاز يضمن العدالة فى توزيع المياه. وحول مطالبة البعض بتطبيق نظام الرى بالرش والتنقيط ليكون بديلا عن الرى بالغمر، قال دكتور «حداد»: إن هذا النظام لا يصلح للمحافظات الشمالية، ولكن يصلح لإقليم القناة، نظرا إلى طبيعة التربة والدورة الزراعية هناك، والقانون يلزم المزارعين بذلك فى هذه المحافظات. ولكن نتيجة عدم المعرفة الكاملة بهذا النظام، أساء المزارع استخدامه، وحوله إلى شبه رى بالغمر، فالمزارع فى حاجة إلى التدريب الجيد على هذا النظام. وحذر الخبير الزراعى من عدم وجود صيانة حقيقية لأجهزة الرى، والهدارات والقناطر، فى المراحل التى تم الانتهاء منها فى مشروع تطوير المجارى المائية والمساقى، والتى تعرضت للصدأ والتآكل، مطالبا بضرورة التزام الفلاحين بالحد الأقصى المسموح به لزراعة الأرز، والذى حددته وزارة الرى بمليون فدان على مستوى الجمهورية، نظرا إلى تسببه فى إهدار كميات كبيرة من المياه. وأكد «حداد» على أهمية اهتمام الدولة بتشجيع الفلاح على زراعة الذرة بديلا عن الأرز فى الدورة الصيفية، عن طريق الإعلان عن رفع سعر تسليم الإردب إلى 250 جنيها، وتوفير التقاوى بسعر مدعم، وبذلك يتحول الفلاح عن زراعة الأرز، ويهتم بزراعة الذرة الذى نستورد منه أكثر من 5 ملايين طن من الولاياتالمتحدةالأمريكية سنويا، بسعر 280 دولارا للطن. ماكينات غسيل وفى تصريحات خاصة ل«الشعب» أكد الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والرى أن الوزارة قامت خلال الفترة الماضية باتخاذ عدة إجراءات بهدف تحسين حالة الرى؛ فقد قامت بتنفيذ عقود لضمان تطهير ترع التوزيع والترع الرئيسية، استعدادا للموسم الصيفى، وأشار إلى أن هناك خطة جارى تنفيذها لإحلال جميع المصارف المكشوفة وصيانة المصارف المغطاة، مضيفا أن الوزارة قامت بشراء ماكينات غسيل لمعالجة الخطأ الذى يرتكبه الفلاحون فى موسم الأرز، فيقومون بسد مسار الصرف المغطى حتى تظل المياه فى «الغيط» أطول فترة ممكنة، وهو ما ينتج عنه ارتفاع منسوب المياه الجوفية فى الأراضى بعد موسم الأرز. وأوضح «بهاء الدين» أن الوزارة بدأت فى صرف الزيادة التدريجية من مياه النيل خلف السد العالى، لتوفير المطلوب من الاحتياجات اللازمة للزراعات الصيفية، وعلى رأسها الأرز.